أذكار ختم الصلاة.. احرص عليها في شهر رمضان
تاريخ النشر: 20th, March 2025 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه:"ما حكم الشرع الشريف في ختم الصلاة بقول: أستغفر الله العظيم (3 مرات). يا أرحم الراحمين ارحمنا (3 مرات).قراءة آية الكرسي. قراءة سورة الإخلاص (3 مرات).قراءة سورة الفلق. قراءة سورة الناس. سبحان الله (33 مرة). الحمد لله (33 مرة). الله أكبر (33 مرة).
لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة، انه وَرَدَ الأمرُ الرباني في الذكر عقب الصلاة مطلقًا في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: 103].
قال الإمام علاء الدين السَّمَرْقَنْدِي في "تفسيره" (1/ 384، ط. دار الكتب العلمية): [﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ﴾ قال بعضهم: فإذا فرغتم من الصلاة ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ﴾ بالقلب واللسان على أي حال كنتم ﴿قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ إن لم تستطيعوا القيام] اهـ.
وكذلك دلت ظواهر الأحاديث الشريفة على التسبيح والأذكار المطلوبة بعد الصلوات، ومن أصرحها حديث ثَوْبَان رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وأما بخصوص قراءة آية الكرسي فإن فَضْلها عظيم، ونَفْعها عميم، وهي لِمَن قرأها حِصنٌ حَصِين، وقراءتها بعد كلِّ صلاة سببٌ مِن أسباب دخول جنات النعيم، كما أخبر بذلك سيد الأوَّلِين والآخِرين، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثَ مِرَارٍ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ» أخرجه الأئمة: الرُّويَانِي في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى"، وابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة"، والطبراني في مُعجَمَيه "الكبير" و"الأوسط".
وفي الباب عن الحسن بن علي رضي الله عنهما، عن أبيه رضي الله عنه، عن جده سيدنا رسول الله صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ فِي ذِمَّةِ اللهِ إِلَى الصَّلَاةِ الْأُخْرَى» أخرجه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير"، وقال الحافظ الهَيْثَمِي في "مجمع الزوائد" (10/ 102، ط. مكتبة القدسي): إسناده حسن.
وفي خصوص قراءة المعوذتين (سورَتَي الفلق والناس) والإخلاص، وجميعها مِن أعظَم سُوَر القرآن الكريم، وتتضمن معاني عدة مِن التوحيد والإخلاص لله تعالى، والتعوُّذ به من الشرور، والالتجاء وتفويض الأمر إليه سبحانه، وحُسن التوكُّل عليه، وقراءتُها دُبُر كلِّ صلاة وارِدٌ في السُّنَّة، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: «أمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي والنَّسَائِي في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
وقد ذكر الإمام النووي جملة مما يُقال من الذكر والأدعية وقراءة القرآن بعد الصلاة وعلق على الحديث بعد ذكره بأنه ينبغي أن يقرأ بعد كل صلاة: قل هو الله أحد مع المعوذتين، كما في "المجموع" (3/ 486، ط. دار الفكر).
كما أنَّ ذكر الله بعد الصلاة أو ما يطلق عليه "ختم الصلاة" مِن تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل وغير ذلك من الأذكار له فضل عظيم، حيثُ يكفِّر الذنوب، ويغفر الخطايا ولو كانت مثل زبد البحر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ الله ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
وأما بخصوص الصلاة على النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بعد الصلاة فإنها من أفضل القربات، وأعظم الطاعات، وأَجَلِّ العبادات، وهي مفتاح لكلِّ خير، وفيها امتثال لأمر الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
وخِتامُ كلِّ ما سَبَق بالدعاء كطلب الرحمة بقول: "يا أرحم الراحمين ارحمنا" أو غيره من الدعوات مشفوعًا بقراءة الفاتحة لا مانع منه شرعًا، ولا يخفى أن أفضل الأدعية ما يكون في أفضل الأوقات، ومِن أفضل الأوقات أدبارُ الصلوات، وقراءةُ الفاتحة بعد الدعاء أَرْجَى لقَبُوله، فقد نصَّ أكثرُ الفقهاء على أن قراءة الفاتحة أَرْجَى لقَبُول الدعوات؛ لِمَا قد تعارَف الناسُ عليه من قراءتها لقضاء الحاجات، وحصول المُهِمَّات، وإقالة العَثَرات، وتفريج الكُرُبات، إضافةً إلى أنَّ سورةَ الفاتحة يُتَعَلَّمُ منها كيفيةُ التضرُّع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بالدعاء، وذلك بالثناء عليه سبحانه أوَّلًا، وإظهار الانقياد له، ثم يلي ذلك سؤالُه تبارك وتعالى والطلبُ منه.
وقد رجَّحَ الإمام أبو سعيد الخَادِمِي في "بريقة محمودية" (1/ 98، ط. مطبعة الحلبي) مشروعيةَ قراءة الفاتحة بعد الدعاء أدبار الصلوات؛ لكثرة القائل بذلك مِن الفقهاء، ونَفَى كونَ ذلك مِن البِدَع الممنوعة، بل هي بدعة مستحسَنة، حيث إن المنع إنما هو فيما لا يكون له إِذْنٌ مِن إشارة أو دلالة، فقال: [وأما قراءة الفاتحة أدبار المكتوبات: فكثير فيها أقاويل الفقهاء، فعن "معراج الدراية" أنها بدعة، لكنها مستحسَنةٌ؛ للعادة، ولا يجوز المنع.. وفي "فصول الأُسْرُوشَنِي": وقراءة الفاتحة أَوْلَى مِن الأدعية المأثورة في أوقاتها، وفي "هامش الوسيلة" وفي كتاب "الثواب" لأبي الشيخ ابن حِبَّان عن عطاء قال: إذا أَرَدْتَ حاجةً فاقرأ الفاتحةَ حتى تَخْتِمَها تُقضى إن شاء الله تعالى. انتهى. وهذا أصلٌ لِمَا تعارَف الناسُ عليه مِن قراءة الفاتحة لقضاء الحاجات وحصول المُهِمَّات كما في "موضوعات" عليٍّ القَارِي انتهى. والذي تَحَرَّر مِن هذه النُّقول: ترجيح جانب الجواز؛ لكثرة قائله، وإنَّ البدعة الممنوعة ما لا يكون لها إِذْنُ إشارةٍ ودلالةٍ، وسورةُ الفاتحة سورةُ تعليمِ طريقِ الدعاء، وسورةُ المسألة، وسورةٌ نَزَلَت لبيان طريق الأفضل مِن الدعاء، فأفضلُ الأدعية إنما يليق ويجري في أفضل الأوقات، ومِن أفضل الأوقات أدبارُ الصلوات] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اذكار الصلاة المزيد العشر الأواخر من رمضان قراءة الفاتحة أفضل الأوقات رضی الله عنه ى الله ع ل ی قراءة سورة ن أفضل
إقرأ أيضاً:
روح رمضان تتجسد في ساحة مسجد السيدة نفسية.. رمز الكرم والعطاء
في رحابها تشعر براحة نفسية وسعادة غامرة، بكل ليلة من ليالي رمضان يمتلئ الميدان بآلاف من المواطنين، أجواءً روحانية في ساحة السيدة نفيسة بمصر القديمة، وصلاة التراويح تجمع المصلين من كل بقاع مصر، وذكر الله يعلو في ساحتها والدعاء في ليالي رمضان بصوت شيخ مسجدها الدكتور علي الله الجمال.
أسس مسجد السيدة نفيسة في 1314 هجرية الموافق 1897 ميلادية، ويقع ضمن الطريق المشهور بطريق أهل البيت، وسط توسعات، وترميم وتجديد للمسجد في عام 2025 ما يعكس اهتمام القيادة السياسية بتطوير مساجد آل البيت حيث يشهد المسجد حركة إعمار كبيرة ومازالت أعمال التطوير والتحديث تجري لتطوير المسجد والميدان بشكل أكثر جمالًا لما تحمله تلك المنطقة من تجليات، وروحانيات لوجود مقام نفيسة العلوم بها، فهي رمز للكرم والعطاء.
بساحتها تجد كل أشكال التكافل، الموائد ممتدة وآلاف الأسر ينهلون من بركاتها في الشهر الكريم خاصة وطوال العام، وعلى منوالها يستمر العطاء في تلك البقعة المباركة فهي العفيفة الزاهدة، الساجدة الراكعة، نهلت من علوم بيت النبوة، هي واحدة من أعظم سيدات العلم في العالم الإسلامي، هي نفيسة المصريين لحب أهل مصر لها، أجمع أهل السير والتاريخ على وفاة السيدة نفيسة بالقاهرة، كما أجمعوا على أنها عندما توفيت وصل زوجها في ذلك اليوم وأراد حملها إلى المدينة لدفنها بالبقيع، فاجتمع أهل مصر إلى أمير البلاد، واستجاروا به ليرد زوجها عما أراد، وقد دفنت فعلاً بالقاهرة.
ولذلك كان المصريون يسمونها بنفيسة المصرية، هي حفيدة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه، وكانت تتعلم الفقه والحديث على يد كبار العلماء، مما أكسبها لقب نفيسة العلم، رحلتها كانت مليئة بالعلم والعبادة، وكانت قدوة في الاجتهاد والصيام والقيام.
كان الجميع يحبها ويأتي إليها لطلب العلم وطلب حل مشكلاتهم، لكن مع تزايد عدد الزوار، شعرت السيدة نفيسة أنها قد لا تستطيع متابعة عبادتها بنفس الوتيرة، فقررت العودة إلى المدينة، إلا أن وجودها في مصر كان جزءً من رؤية واضحة، إذ رأت في منامها الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لها: "ابقِ في مصر إنكِ ستموتين هنا".
وعلى إثر هذه الرؤية، قررت البقاء في مصر، لم تقتصر علاقتها بالعلم على زوارها فقط، بل كان الإمام الشافعي، أحد كبار علماء الإسلام، يزور قبرها، ويصلي في مسجدها خلال شهر رمضان، ويطلب دعاءها.
كما شرعت في حفر قبرها بنفسها، وختمت القرآن الكريم حوالي 190 مرة، حتى جاءت لحظة وفاتها في عام 208 هجريًا، وهي راضية عن حياتها التي كانت مليئة بالعطاء والعلم ودفنت السيدة نفيسة في القاهرة، في المكان الذي حفرته بنفسها، وبقيت خالدة في ذاكرة المصريين والعالم الإسلامي، انتقلت لربها يوم 26 من رمضان من العام 208هـ، وهو نفس اليوم الذي وصلت فيه إلى مصر عام 193هـ.
والسيدة نفيسة ولدت بمكة في 11 ربيع الأول سنة 145هـ، وتزوجت من إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي، ثم جاءت لمصر في عهد هارون الرشيد، وفي العريش استقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل، وصلت القاهرة يوم السبت 26 رمضان 193هـ، ونزلت بدار سيدة من المصريين تدعى أم هانئ، وكانت دارًا رحيبة، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم، توفيت وهي تقرأ قول الله تعالى: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"، ولما ماتت عزم زوجها على حملها إلى المدينة ليدفنها هناك، فسأله المصريون بقاءها عندهم، فدُفنت بذات المكان الذي به المسجد حاليًا.
وجمال شهر رمضان بكل تفاصيله يشعر بها من يزور مقامها رضي اللّه عنها، لينال فيضًا من التجلي ومنحة من الطاقة الإيجابية لسليلة بيت النبوة.
اقرأ أيضاًالطرق الصوفية تحتفل بالليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة
نجوم الفن يغيبون عن جنازة الفنان محمد نصر بالسيدة نفيسة (صور)