تواجه الحكومة المصرية تحديا جديدا ناجما عن الأزمة الاقتصادية، وهو توفير السلع الأساسية في الأسواق بأي ثمن؛ الأمر الذي انعكس بالسلب على أسعارها التي قفزت إلى مستويات قياسية وسط تراجع قدرات المصريين على الشراء.

هذا التحول في سياسة الحكومة المصرية والذي ينصب على توفير السلع وخاصة الغذائية منها بغض النظر عن أسعارها يحمل في طياته الكثير من الدلالات إلى جانب العديد من الآثار السلبية.

. فهل يصبح الفقراء ومحدودو الدخل ضحية سياسة الحكومة الجديدة؟

وجه وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، رسالة للغاضبين من ارتفاع أسعار السلع، وقال في مؤتمر صحفي، قبل يومين، إن "أهم شيء هو وجود السلع وإتاحتها، وهناك أناس سوف تغضب مني، ثم يأتي موضوع ضبط الأسعار في مرحلة لاحقة".

وأضاف الوزير، في معرض حديثه عن أزمة ارتفاع أسعار السكر في مصر من متوسط 16 جنيها للكيلو إلى 29 جنيها بنسبة ارتفاع أكثر من 80%، "لو السلع اختفت تعلمون ماذا سوف يحدث"، في إشارة إلى حدوث اضطرابات اجتماعية.



تسببت الأزمة الاقتصادية المتمثلة في نقص العملة الأجنبية، وخروج استثمارات أجنبية بأكثر من 20 مليار دولار في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع قيمة الجنيه بأكثر من 75% في السوق الموازية، في تباطؤ كبير في حركة الواردات سواء المنتجات كاملة الصنع أو مدخلات الإنتاج وارتفاع أسعارها بأكثر من ما بين 100% و 200%.

واضطرت الحكومة المصرية إلى رفع أسعار السلع المتاحة على البطاقات التموينية المدعمة بشكل دوري، وبرر وزير التموين استمرار تحريك الأسعار بهدف توفير السلع وإتاحتها في السوق والقضاء على الفروق السعرية بين سلع بطاقة التموين المدعمة والحرة بالمنافذ.

ويعتمد المصريون على مجموعة من السلع الأساسية، ولكن أسعارها قفزت بشكل كبير وتشمل الزيت والسكر والأرز والمكرونة، والعدس والفول بالإضافة إلى سلع أخرى متنوعة، مثل الألبان الجافة، والجبن، والصلصة، والخل، والدقيق، والتونة، والمربى.


وقفز المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 41% في حزيران/ يونيو 2023 مدفوعا بارتفاع واسع النطاق في أسعار معظم بنود الرقم القياسي لأسعار المستهلكين نتيجة لاستمرار صدمات العرض، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

من المتوقع أن تصل معدلات التضخم إلى ذروتها في النصف الثاني من عام 2023، بحسب بيان لجنة السياسات بالبنك المركزي، وذلك قبل أن تعاود الانخفاض نحو معدلات التضخم المستهدفة والمعلنة مسبقاً، مدعومة بالسياسات النقدية التقييدية حتى الآن.



"سياسة حكومية"
ألقى مستشار وزير التموين المصري الأسبق عبد التواب بركات، باللوم على "أجهزة الدولة الرقابية في تمكين المحتكرين من أسواق السلع في مصر، وعودة احتكارها من خلال مجموعة من المتنفذين أو ما يطلق عليهم بالحيتان ويعملون لصالح النظام".

وأضاف الأستاذ المساعد بمركز البحوث الزراعية بالقاهرة، في حديثه لـ"عربي21" أن "تركيز الحكومة على إتاحة السلع بغض النظر عن سعرها يضر الطبقات المجتمعية كلها باستثناء الأغنياء، ويحرم ملايين الأسر من حقها في الحصول على سلع بأثمانها وقيمتها الحقيقية".

وأكد بركات أن "شركات الجيش هي التي تسيطر على واردات السلع الأساسية والإستراتيجية في مصر بداية من القمح وحتى لبن الأطفال وبالتالي ترى في الأزمة الاقتصادية فرصة كبيرة للتربح على حساب المواطنين، بدليل أن أسعار السلع زادت ضعفي سعر الدولار، وعلى شركات الجيش أن ترفع يدها عن استيراد السلع والتحكم فيها".

وأشار إلى أن "سياسة الحكومة الجديدة في توفير السلع بغض النظر عن ثمنها هي سياسة فاشلة ومؤقتة، لأنه بمرور الوقت تختفي بعض السلع ويتراجع مخزونها الاستراتيجي، مثل ما حدث مع الأرز والزيوت في وقت سابق، ولكن هذه السياسة تجنبها الغضب الشعبي ويحول الغضب إلى الأسعار وليس إلى الحكومة".
 


"تحول النظام إلى تاجر"
وصف رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، الباحث مصطفى خضري تصريحات وزير التموين بأنها "كارثة سياسية، ولو قيل هذا التصريح في بلد يحكمه نظام يمتلك الحد الأدنى من الوطنية والعدل؛ لأقيل وقدم للمحاكمة، هذا التصريح هو معبر حقيقي عن وجه النظام الظالم، فسلعة مثل السكر هي سلعة حكومية ويبلغ إنتاج مصر من السكر 3.1 ملايين طن، تشمل 1.945 مليون طن من سكر البنجر، و900 ألف طن من قصب السكر، و250 ألف طن من سكر الفركتوز المنتج من حبوب الدرة".

وأضاف لـ"عربي21": "في المقابل، فإن حجم الاستهلاك المحلي من السكر 3.25 ملايين طن سنويا، ويتم استيراد ما لا يزيد على 150 ألف طن لتغطية العجز البالغ 5% فقط، وتمتلك الحكومة 87٪ من الطاقة الإنتاجية لتصنيع السكر وبالتالي فهي المحتكر الأكبر لصناعة السكر، كل جنيه ارتفاع في قيمة كيلو السكر؛ يزيد من إيرادات الحكومة بما يقارب 3 مليارات جنيه، لذلك هي من تقف وراء الغلاء كما يساعدها على ترويج بيع تلك الشركات لاحقا".

ورأى الباحث المصري أن النظام المصري يتعامل مع المصريين بصفتهم عملاء يبيعهم السلع والخدمات؛ وليس بصفتهم مواطنين لهم حقوق في عنق هذا النظام وفقا للدستور والقانون، وقد تمادى هذا النظام في غيه، وأصبح تاجرا جشعا يحتكر السلع والخدمات ويضارب في أسعارها، تلك السياسات هي تعليمات صندوق النقد والبنك الدولي، حيث تصبح مصر سوقا للعمالة الرخيصة من جهة وللسلع والخدمات التي ستديرها الشركات الأجنبية من جهة أخرى، وما النظام وحكومته إلا وسيط ينفذ الأمر وعندما ينتهي دوره سيتم الاستغناء عنه واستبداله بغيره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المصرية السكر مصر السيسي سكر سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزیر التموین توفیر السلع

إقرأ أيضاً:

أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى منذ 4 سنوات بعد صدمة أوبك ورسوم ترمب


هوت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، بعد زيادة مفاجئة في إنتاج تحالف "أوبك+" وتصاعد مخاوف الحرب التجارية العالمية والتي هوت أيضاً أسواق السلع الأساسية من المعادن إلى الغاز.

بدأت أسعار النفط التراجع يوم الخميس تحت وطأة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والتي تهدد الاقتصاد العالمي واستهلاك الطاقة. وبعد ساعات، رفع تحالف "أوبك+" حجم زيادة الإنتاج المخططة في مايو ثلاث مرات، فيما وصفه المندوبون بأنه جهد مقصود لخفض الأسعار لمعاقبة الأعضاء الذين يضخون أكثر من حصصهم.

تراجعت أسعار عقود خام غرب تكساس الوسيط الآجلة حوالي 14% في يومين فقط -لتتم تسويتها بالقرب من مستوى 61 دولاراً للبرميل في ما يشبه الخسائر الحادة التي تكبدتها أثناء الوباء- بينما أنهى سعر خام برنت التعاملات عند أدنى مستوى له منذ 2021. وتفاقم الهبوط يوم الجمعة بسبب الرد الانتقامي من جانب الصين على الرسوم الجمركية الأميركية، بما في ذلك فرض تعريفات بنسبة 34% على جميع الواردات من الولايات المتحدة بعد أسبوع.

ذعر يضرب أسواق السلع

تراجعت أسعار السلع الأساسية الأخرى أيضاً مع هبوط الأسواق المالية الأوسع وتزايد المخاوف بشأن ضعف الطلب على المواد الخام. انخفض سعر النحاس 67.7% ليصل إلى أدنى مستوى له منذ يناير، بينما تراجعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي المرجعية في أوروبا في وقت ما بأكثر من 10%. وتراجعت أسهم "غلينكور" بنحو 9%، كما هبطت أسهم شركتي التعدين الرئيسيتين الأخريين، "بي إتش بي" و"ريو تينتو".

هبوط أسعار النفط أدى إلى كسر النطاق السعري البالغ 15 دولاراً، والذي تحركت بداخله الأسعار وحفز الرهانات على التقلبات المنخفضة خلال معظم الأشهر الستة الماضية. خلال تلك الفترة، وفرت تخفيضات "أوبك+" دعماً للسوق، بينما شكّلت الطاقة الفائضة الوفيرة للمجموعة سقفاً للأسعار. وهذا الأسبوع، تثير الزيادة غير المتوقعة في الإنتاج تساؤلات حول ما إذا كان التحالف سيواصل الدفاع عن الأسعار.


إعادة تقييم توقعات أسعار النفط

الضربة المزدوجة التي تلقتها أسعار النفط من "أوبك+" والرسوم الجمركية دفعت المتداولين وبنوك وول ستريت إلى إعادة تقييم توقعاتهم للسوق. ومن بين المصارف التي خفضت توقعاتها للأسعار، مجموعة "غولدمان ساكس" ومجموعة "آي إن جي"، مشيرين إلى المخاطر على الطلب وزيادة الإمدادات من التحالف.

وكتب محللو "غولدمان"، بمن فيهم دان سترويفن، في مذكرة: "إن المخاطر السلبية الرئيسية التي أشرنا إليها بدأت تتحقق: وهي تصعيد التعريفات الجمركية وزيادة إمدادات (أوبك+) إلى حد ما. ومن المرجح أن تظل تقلبات الأسعار مرتفعة في ظل تصاعد مخاطر الركود".

وفي أدنى مستوى له يوم الجمعة، انخفض سعر خام برنت بأكثر من 10 دولارات على مدار اليومين الماضيين، وهو ما كان سيعتبر بين أكبر 10 نسب هبوط على الإطلاق، ويتساوى مع بعض الانخفاضات الحادة السابقة أثناء الوباء وعندما تراجعت الأسعار دون 100 دولار بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

رهانات قياسية على هبوط أسعار النفط

كان للتراجع تأثير أوسع نطاقاً على مؤشرات السوق الرئيسية. إذ تراجعت الفروق الزمنية، في إشارة إلى توقعات بتقلص التوازنات بالسوق، لا سيما في العقود الآجلة. في الوقت نفسه، ارتفعت أحجام خيارات النفط المراهنة على هبوط الأسعار إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق أمس. كما دخل سعر النفط إلى منطقة ذروة البيع على مؤشر القوة النسبية على مدى تسعة أيام، مما يشير إلى أن الانعكاس قد يكون وشيكًا.

في هذه الأثناء، تحول مستشارو تداول السلع الأساسية، الذين يميلون إلى تضخيم تقلبات الأسعار، إلى البيع على المكشوف بنسبة 73% في خام غرب تكساس الوسيط، مقارنة بـ 9% فقط قبل يوم واحد، وفقاً لبيانات من مجموعة "بريدجتون ريسرش". وأضافت المجموعة أن مثل هذا التحول الدرامي في المراكز لم نشهدها إلا في حالات حدوث انهيار اقتصادي كبير، كان آخرها انهيار مصرف "سيليكون فالي" في 2023.

مع ذلك، لا تزال بعض المخاطر المتعلقة بالإمدادات قائمة، حيث هددت إدارة ترمب بتطبيق سياسة "الضغط الأقصى" على الدول المنتجة للنفط الخاضعة للعقوبات الأميركية، مثل إيران وفنزويلا. ومن شأن أي تراجع في الأسعار أن يمنح الولايات المتحدة فرصة أكبر لتقييد إنتاج تلك الدول دون التسبب في ارتفاع تضخمي حاد في الأسعار.

يقول موكيش ساهدف، رئيس أسواق السلع العالمية في "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy): "مع وجود احتمالات لاضطراب الإمدادات نتيجة العقوبات والرسوم -على كل من البائعين والمشترين- من غير المرجح أن تبقى أسعار النفط دون مستوى 70 دولاراً لفترة طويلة".

مقالات مشابهة

  • أسعار السلع الغذائية بأسواق الوادي الجديد اليوم .. تفاصيل
  • أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق الوادي الجديد اليوم الإثنين
  • حكومة الاستقرار: الحكومة منتهية الولاية أنفقت 500 مليار دون سند قانوني لتنفّذت مشاريع وهمية
  • ارتفاع جديد في أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي
  • تراجع أسعار النفط عالميا.. برنت يصل لـ63 دولارا
  • المشري: المشكلة سياسية، ويجب خفض الإنفاق وتشكيل حكومة واحدة
  • السفير غملوش: مواقف بعض الوزراء اللبنانيين تتعارض مع سياسة الحكومة حول اعتداءات اسرائيل
  • أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى منذ 4 سنوات بعد صدمة أوبك ورسوم ترمب
  • من بين أكثر 5 دول تضررا.. ما جهود الحكومة العراقية لمواجهة الجفاف؟
  • أسعار السلع التموينية شهر أبريل 2025 وموعد الصرف