في قلب اليمن المنتصر، حيث تتكرر مشاهد الانتصار، وتُكتب فصول العزة من جديد، يقف اليمن اليوم كما وقف أجدادهم الأنصار من الأوس والخزرج في صدر الإسلام، يجدد وعده وعهدة، ويثبت أن الإيمان الراسخ في القلوب، يصنع رجالًا لا تهزهم العواصف ولا ترعبهم قوى طواغيت الأرض.
اليمن.. الذي ظنّوه ضعيفًا فواجه، وحاصروه فصمد، وقاتلوه فتجلّد.

. هو اليوم خرج في موعد مع التاريخ، يكتب في ساحاته أبلغ الردود، ويرسم في ميادينه ملحمةً لا يخطّها إلا الأحرار.
خرج اليمنيون، تلبيةً واستجابةً لله ورسوله وللسيد القائد انتصارًا لقضيةٍ فلسطين التي تخلّدت في وجدانهم إيماناً، وحباً، والتزاما بقول لله تعالى “وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر”.
في قلب صنعاء، وفي أرجاء المحافظات الحرّة، كان الشعب على موعد مع الوفاء، هادرًا كالبحر، متدفقًا كالسيل، يرفع راية الحقّ عاليًا، ويهتف لفلسطين وكأنها قطعةٌ من روحه، بل هي كذلك.. كيف لا، وهو الذي حملها قضيةً، واحتضنها وجعًا، وقدم لأجلها التضحيات دون حساب؟
في هذا اليوم التاريخي، لا يُسمع في صنعاء إلا صوت العهد، ولا يُرى إلا لواء العزّ مرفوعًا، من الحديدة إلى صعدة، ومن ذمار إلى تعز، ومن إب إلى البيضاء، خرجت الجموع عن بكرة أبيها، تقول لأمريكا ومن معها: “إن سلاحكم لن يرهبنا، وإن ضرباتكم لن تخيف فينا حتى أطفالنا، وإن مؤامراتكم لن تثنينا، وإن فلسطين، كل فلسطين، حقٌ لن يُساوَم عليه، وعهدٌ لن يُنقَض.
خرج اليمنيون وهم يستلهمون ما قاله أجدادهم من الأنصار “لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك”.. هكذا قال الأنصار لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وهكذا يقول اليمنيون اليوم لقائدهم، ولسان حالهم: نحن على العهد، لم نتراجع رغم الحصار، ولم نضعف رغم الحرب، ولم تهن عزائمنا رغم المؤامرات، بل اشتد عودنا، وازددنا ثباتًا، لأننا آمنا أن النصر وعدٌ الله، وأن من يحمل راية الجهاد لا يعرف الانكسار.
هنا اليمن، حيث تُصنع المواقف كما تُصنع الملاحم، وحيث لا صوت يعلو فوق صوت العزة، في هذا البلد الذي لم يسجد إلا لله، لم يعرف الشعب من هو الخوف، ولم يألف سوى درب الجهاد، كيف يخاف شعبٌ قدّم في وجه العدوان أسمى معاني الصبر والتضحية؟ كيف يتراجع وهو الذي جعل من الحصار فرصةً للاكتفاء، ومن الحرب مدرسةً للثبات؟
خرجت هذه الحشود المليونية في كل الميادين لتؤكد أن الموقف اليمني ثابت مع فلسطين لأنه موقف من جوهرٌ إيماني، ممتدٌ عبر التاريخ، ضاربٌ بجذوره في القلوب، فكما كان الأنصار أول من نصروا رسول الله في حروبه على الكفار واليهود، ها هو اليمن، بامتداده الإيماني، ينتصر لفلسطين في محنتها، ويعلن موقفًا عمليًا في زمنٍ خرسَت فيه الألسن، وضعفت فيه القلوب، وتخاذلت فيه الأمم.
وخرج ليوصلها رسالةً تُدوّي في كل أرجاء العالم: أن فلسطين ليست وحدها، وأن القدس لن تكون لقمةً سائغةً في فم المحتلّ الصهيوني، وأن اليمن، برغم الجراح، سيبقى السند الذي لا يتخلى، واليد التي تمتد بالعون، والقلب الذي يخفق حبًا لغزة، حتى النصر أو الشهادة.
اليوم، يرتفع الصوت عاليًا: “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. النصر للإسلام”، ليس شعارًا يُردَّد، بل عقيدةٌ راسخةٌ في نفوس هذا الشعب، وحقيقةٌ تؤكدها مواقفه وتضحياته.
فعلى خطى غزوة بدر، وعلى درب العظماء الذين لم يبدّلوا تبديلا، يمضي اليمن في مساره الواضح: مواجهة الطغاة، مقارعة المستكبرين، ورفض كل مشاريع الاستسلام، فمن غزوة بدرٍ الأولى إلى غزوة بدر اليوم، ومن عظمة الجهاد إلى وعد الفتح، يقف اليمن ثابتًا، وأن النصر لن يكون إلا للمؤمنين الصادقين.
هنا اليمن.. حيث تكون فلسطين أقرب.. وحيث يُكتَب التاريخ لا بالحبر، بل بدماء الصادقين، وصمود الثابتين، وإيمان لا يتزعزع بأن الوعد قادم، والنصر قريب، بإذن الله.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟

وحول هذا الموضوع، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة السجدة: "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ ۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يُوقِنُونَ" (الآية 24).

وعن دور علماء المسلمين عبر العصور المختلفة في أداء هذه المهمة الجليلة، يقول الدكتور عبد العظيم إن الله سبحانه وتعالى جعل مهمة بلاغ الدين وتعليم الناس وتقديم النموذج والأسوة والقدوة رسالة ووظيفة الأنبياء، وكان العلماء في الأمم وفي المراحل السابقة تحت إمرة الأنبياء، الذين كانوا هم القادة الحقيقيين.

ولما بعث الله سبحانه وتعالى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، وقدر أن تنتهي النبوة وترتفع، جعل علماء الأمة هم ورثة الأنبياء. وقد قال صلى الله عليه وسلم إن" العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر" أخذ سهما من سهام النبوة.

وبعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، أصبحت وظيفة العلماء أن يملؤوا شيئا من الفراغ الذي تركه في الأمة وأن يقوموا ببعض وظائف النبوة.

ويعدد وظيفة العلماء في قيادة الناس إلى إنكار المنكر وإلى منع الفساد في الأرض، وإلى إقامة الدين ونظامه العام، ويقول إن العلماء إذا غرقوا في المسائل الفرعية وضيّعوا القضايا الأصلية، تركوا واقع الأمة الحضاري ونهضتها ووحدتها ومنع سرقة ثرواتها لخصومها.

إعلان

وتتجاوز عبودية العلماء لله سبحانه وتعالى -كما يقول الدكتور عبد العظيم- إقامة الصلوات وأداء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت إلى تحمل الأمانة الكبرى التي ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وبينما يتسلط الأمراء والحكام على الناس، جعل الله سبحانه وتعالى للعلماء ولاية على قلوب الناس وعقولهم، مشيرا إلى أن العلماء في الأمة الإسلامية ليسوا مجرد أفراد متناثرين، بل مؤسسة اعتبارية اسمها مؤسسة العلماء، وتتجلى في الأمة بأشكال مختلفة، صورة المذهب أو العالم الكبير أو الشيخ والمريد.

ويبيّن أستاذ الفقه الإسلامي -في حديثه لبرنامج "الشريعة والحياة في رمضان"- أنه خلال مراحل التاريخ الإسلامي، كان منوطا بالعالم أن يكون رقيبا للأمة على الحكام، وعينها الباصرة ولسانها ويدها الطائلة في الإنكار على الحكام إذا انحرفوا أو أفسدوا، ولم يخذلوا الأمة فيما انتدبته لهم.

فتنة كبرى

ولما جاءت هيمنة الدولة والحكام على مؤسسات العلماء وسلبت منهم استقلاليتهم وحولتهم إلى موظفين عموميين دخلت الأمة -يتابع الدكتور عبد العظيم- في فتنة كبرى وصار من العلماء من يباهي بأنه موظف عند الدولة يتقاضى راتبه منها.

وكان العلماء في السابق فطنا لمسألة أن العالم لا يجب أن يكون من أدوات الحاكم، ويضرب الدكتور عبد العظيم مثالا على ذلك بالإمام مالك الذي دعاه أبو جعفر المنصور إلى قصره ليسمع منه العلم، فرد عليه بالقول: "العلم يؤتى إليه ولا يأتي.. من يريد يتفضل إلى مجالسنا ويسمع من العلم..".

ويتأسف أستاذ الفقه الإسلامي لكون العلماء في هذا الزمن صاروا تابعين أحيانا للحكام وأحيانا للأحزاب أو المدارس أو التيارات الفكرية التي نشؤوا فيها أو تربوا عليها، و"أحيانا تكون تبعية العالم للرأي العام الضاغط".

والعالم المسلم هو الذي قال الله سبحانه وتعالى في حقه في سورة الأحزاب: "الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (الآية 39).

إعلان

ويذكّر الدكتور عبد العظيم بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قد أنذر كل عالِم وحذره حين أخبر أن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة 3 أشخاص، وأن من هؤلاء الثلاثة عالِما تعلم العلم وقرأ القرآن فيوقفه الله يوم القيامة للحساب.

19/3/2025

مقالات مشابهة

  • رمضان شهرُ القرآن ونصر الإسلام
  • ما دور العلماء وكيف ينبغي أن تكون علاقتهم بالحكام؟
  • رسائل اليمن للعدوان الأمريكي في ذكرى غزوة بدر
  • صفارات الإنذار تدوي في جنوب فلسطين بسبب صاروخ أطلق من اليمن
  • صفارات الإنذار تدوي في جنوب فلسطين المحتلة بسبب صاروخ أطلق من اليمن
  • كيف تكون السماء في ليلة القدر؟ وما هي علاماتها؟
  • وزير الأوقاف يشهد احتفال الجامع الأزهر الشريف بذكرى غزوة بدر
  • من رحاب مسجد السيد البدوي.. محافظ الغربية: غزوة بدر درس في النصر والإرادة
  • موفق طريف الحفيد الذي خلف جده في زعامة دروز فلسطين