قمة بريكس 2023: هل تنجح في تحدي الهيمنة الأميركية؟

تتمتع بريكس بإمكانات هائلة، فمعدل نمو الصادرات بين دولها، ومستوى الاستثمار الأجنبي المباشر فيها، أعلى من المتوسط العالمي.

جدول أعمال القمة يضم قضايا مهمة مثار جدل وتباين في الآراء بين مجموعة بريكس: تأثيرات حرب أوكرانيا، وانضمام دول جديدة، والعملة الموحَّدة.

حتى لو تمّ الاتفاق على مبدأ إنشاء عملة موحدة هذا العام، فإن الانتقال اليها يحتاج إلى حدوث تحوّل كبير في اقتصادات دول المجموعة، وهذا يحتاج إلى وقت.

تطمح عدة دول من العالم الثالث للانضمام إلى بريكس والمساهمة في ترسيخ قدرة الجنوب العالمي على مواجهة وتغيير النظام العالمي الرازح تحت سيطرة آليات وقواعد الغرب.

اطلاق بريكس عملة مدعومة بالذهب لن يهدد هيمنة الدولار إذ تمثل الديون الأميركية لدول بريكس 30 تريليون دولار كسندات حكومية أميركية وأسهم وحسابات جارية.

* * *

تفتتح القمة الخامسة عشرة لدول بريكس في جوهانسبرغ هذا العام، بمشاركة رؤساء الدول المؤسسة للمجموعة وحضورهم، ومنهم بالإضافة إلى رئيس الدولة المضيفة الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، لكن بغياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب التخوف من أن يقوم القضاء في جنوب أفريقيا بتنفيذ مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

ويبدو في جدول أعمال القمة هذا العام، بالإضافة إلى مناقشة الأمور التقليدية السابقة، قضايا مهمة، هي مثار جدل وتباين في الآراء بين الدول المنضوية، ومنها: تأثيرات الحرب الأوكرانية، وانضمام دول جديدة إلى المجموعة، والعملة الموحَّدة. فما المتوقَّع من هذه القضايا، وما تأثيرها؟

1. تأثير حرب أوكرانيا

يتفاوت تأثير حرب أوكرانيا في الدول المشاركة في قمة بريكس، فبينما ازدادت تجارة روسيا مع كل من الصين والهند، تراجعت الصادرات الروسية إلى دول أخرى بسبب العقوبات الغربية الواسعة النطاق، والتي تمّ فرضها على صورة حِزم عقوبات غير المسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية.

ويتطلع القادة الأفارقة إلى تلك القمة لاتخاذ قرارات مفيدة تساعد دول القارة الأفريقية على تحقيق التنمية وتطوير إنتاجها، زراعياً وصناعياً، كما يتطلع هؤلاء إلى الوعود التي قطعها كل من الرئيسين بوتين وشي للقادة الأفارقة، وخصوصاً الوعد الروسي بتأمين حاجات تلك الدول من الحبوب والأسمدة مجاناً.

2. انضمام دول جديدة

تتمتع مجموعة بريكس بإمكانات هائلة، فمعدل نمو الصادرات بين دولها، ومستوى الاستثمار الأجنبي المباشر فيها، أعلى من المتوسط العالمي، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة. وتجدر الاشارة إلى أن حصة دول بريكس من الناتج الاقتصادي العالمي ارتفعت من 18% إلى 26% بين عامي 2010 و2021.

هذه المؤشرات الاقتصادية جعلت عدداً من الدول تطمح إلى الانضمام إلى المجموعة، بحيث أعربت 23 دولة عن رغبتها في الانضمام، منها السعودية والجزائر وإندونيسيا وإيران والأرجنتين وإثيوبيا وغيرها.

يشكّل انضمام السعودية والجزائر تحوّلاً نوعياً في عمل المجموعة، بسبب الاحتياطيات النفطية الهائلة التي تتمتع بها الدولتان، بالإضافة إلى الحلف التاريخي الذي يربط السعودية بالأميركيين، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الضغوط الأميركية على ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وتطمح كل من الصين وروسيا إلى توسيع المجموعة وضم دول جديدة، بسبب ما في ذلك من تحدٍّ للإدارة الأميركية، وتوسيع لنفوذهما وقدرتهما على فك العزلة التي تحاول الولايات المتحدة أن تفرضها على الدولتين، في إطار الصراع العالمي الجديد.

كما يطمح عدد من دول العالم الثالث إلى الانضمام إلى المجموعة والمساهمة في ترسيخ قدرة الجنوب العالمي على مواجهة وتغيير النظام العالمي السائد، والذي تسيطر عليه الآليات والقواعد الغربية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو الأمر الذي منع تلك الدول من تحقيق التنمية، ولم يساعد على نمو دول الجنوب التي تتهم الدول الغربية بازدواجية المعايير.

في المقابل، نجد أن عدة دول أخرى مؤسِّسة، كالهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، تبدو متحفظة بشأن دخول أعضاء جدد بامتيازات كاملة، وخصوصاً أن فتح باب الانضمام بصورة واسعة سيؤدي إلى كثير من التباين، فكرياً ومصلحياً، ضمن المجموعة الواحدة، الأمر الذي سيحدّ قدرتها على اتخاذ القرارات أو السير وفق أجندة ثابتة الأهداف.

كما يخشى البعض أن يقوم الروس بالسيطرة على قرارات المجموعة بعد إدخال عدد من حلفائهم، فيكون لهم الرأي الراجح في أي عملية تصويت مقبلة.

وعليه، قد تتأخر عملية الاتفاق على دخول أعضاء جدد للمجموعة هذا العام، والاكتفاء بمناقشة المعايير الواضحة والشفافة، والتي يجب أن يتم قبول الأعضاء الجدد على أساسها، على أن يتاح لمن يشاء الانضمام إلى بريكس بلاس.

3. العملة الموحَّدة الجديدة

ستناقش قمة بريكس، هذا العام، مسألة إنشاء عملة موحدة للتداول بين أعضائها، وهي فكرة، إن نجحت، يعدّ كثيرون أنها ستساهم، إلى حدّ كبير، في زعزعة هيمنة الدولار على التحويلات العالمية.

وفي رأي مغاير، يَعُدّ بعض المحللين الاقتصاديين الغربيين أن اطلاق بريكس عملة مدعومة بالذهب لن يشكّل تهديداً كبيراً لهيمنة الدولار، إذ تمثل الديون الأميركية الهائلة لمعظم دول بريكس نحو 30 تريليون دولار على شكل سندات حكومية أميركية وأسهم وحسابات جارية.

وعليه، فإن أي اضطراب في الأسواق سيعني إقبالاً على شراء الدولار الأميركي لأنه ما زال العملة العالمية الأكثر ثباتاً لغاية الآن، وما زال يتمتع بالثقة التي تجعله مرغوباً فيه كعملة احتياطية عالمية.

في كل الأحوال، حتى لو تمّ الاتفاق على مبدأ إنشاء عملة موحدة هذا العام، فإن الانتقال اليها يحتاج إلى حدوث تحوّل كبير في اقتصادات دول المجموعة، وهذا يحتاج إلى وقت.

فعلى سبيل المثال، احتاج الأوروبيون إلى كثير من الإجراءات الاقتصادية داخل الدول الأوروبية، وكثير من الإجراءات على صعيد المجموعة الأوروبية ككل، من أجل التوصل إلى إنشاء عملة اليورو، وهذا الامر احتاج إلى عقد من الزمن تقريباً.

*د. ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: بريكس البرازيل الهند الصين روسيا جنوب أفريقيا الولايات المتحدة العملة الموحدة انضمام دول جديدة حرب أوكرانيا النظام العالمي الجنوب العالمي إنشاء عملة هذا العام یحتاج إلى دول جدیدة دول بریکس قمة بریکس

إقرأ أيضاً:

أرباحها بلغت 1.7 مليار دولار.. الخطوط القطرية تحقق أفضل أداء مالي في تاريخها

حققت مجموعة الخطوط الجوية القطرية أرباحا صافية بلغت 6.1 مليارات ريال (1.7 مليار دولار) للعام المالي 2023-2024، وفق ما أعلنت اليوم الثلاثاء.

وقالت المجموعة، عقب إصدار تقريرها السنوي للعام المالي 2023-2024، إن الأرباح السنوية المحققة أعلى بنسبة 39% مقارنة بالعام الماضي، وتعكس أفضل أداء مالي للقطرية في تاريخها الممتد لـ27 عاما.

الإيرادات

وأوضحت الخطوط القطرية أن إجمالي عائدات المجموعة خلال الفترة نفسها بلغت قيمتها 81 مليار ريال (22.2 مليار دولار)، محققة بذلك زيادة قدرها 4.7 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) ونسبتها 6% مقارنة بالعام الماضي.

وأشارت إلى تحقيق المجموعة هامشا للأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضريبة والاستهلاك والإيجار بنسبة بلغت 24%، أي 19.1 مليار ريال (5.2 مليارات دولار)، بقيمة أعلى من العام الماضي بمقدار 1.2 مليار ريال (0.3 مليار دولار).

وأضافت أن النتائج عكست هذه المجموعة الراسخة والمتعلقة بالارتقاء بتجربة العملاء والابتكار واعتماد الرقمنة والاستدامة، والتي أدت إلى تعزيز كفاءة العمليات التشغيلية على جميع الأصعدة.

وأكدت أن كل تلك العوامل أسهمت في ترسيخ الأسس الثابتة لضمان مستقبل مزدهر للمجموعة، إذ قدمت الناقلة الوطنية لدولة قطر خدماتها المتميزة لأكثر من 40 مليون مسافر خلال العام المالي 2023-2024، بزيادة بلغت 26% مقارنة بالعالم الماضي.

وارتفعت عائدات المسافرين بنسبة 19%، مع زيادة في الطاقة الاستيعابية 21%، وذلك نتيجة زيادة إشغال المقاعد بنسبة بلغت 83%، التي تعد بدورها النسبة الأعلى في تاريخ الناقلة القطرية، مما أدى إلى زيادة حصتها السوقية.

طائرة للخطوط الجوية القطرية (وكالات)

وقال المهندس سعد بن شريدة الكعبي، وزير الدولة لشؤون الطاقة ورئيس مجلس إدارة مجموعة الخطوط الجوية القطرية، "يظهر الأداء السنوي الباهر لمجموعة الخطوط الجوية القطرية مدى ثباتها ومرونتها في التعامل بكل كفاءة ونجاح مع قطاع السفر العالمي الذي يتسم بالتطور والتغيير المستمرين، كما يشير هذا الأداء القوي إلى تعافي المجموعة بشكل مستدام من التحديات التي واجهها قطاع الطيران العالمي في السنوات الأخيرة".

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية المهندس بدر محمد المير "تعد هذه النتائج المالية المبهرة مؤشرا واضحا وجليا على طموح المجموعة وتوجهها الواضح والراسخ نحو التطور والازدهار طوال العام المالي 2023-2024".

وأضاف "اعتمدت المجموعة على تحقيق الأرباح وتطوير الكفاءة التشغيلية والارتقاء بتجربة العملاء، وذلك من خلال اعتماد إستراتيجية تختص بتنمية شبكة وجهاتها العالمية، وتعزيز أسطول طائراتها والتي أدت إلى تحقيق أعلى نسبة عائدات وهامش أرباح في تاريخ الخطوط الجوية القطرية. ومن هذا المنطلق، نجحنا في ترسيخ مكانتنا العالمية كشركة طيران رائدة تتصدر قائمة شركات الطيران المفضلة لدى ملايين المسافرين من مختلف أنحاء العالم".

وأوضح المير أن الفضل في هذا الإنجاز يعود إلى جهود ومساعي كافة موظفي مجموعة الخطوط الجوية القطرية الذين عملوا بكل تفان لتحقيق هذه النتائج المبهرة التي ستمهد الطريق نحو تحقيق المزيد من النجاحات غير المسبوقة في المستقبل.

القطرية للشحن الجوي

يشار إلى أن شركة القطرية للشحن الجوي سجلت نموا في قيمتها السوقية بنسبة 7.1% في العام 2024-2023 بزيادة 0.04% على أساس سنوي.

أما القطرية لطائرات رجال الأعمال بوصفها الشركة الوحيدة للطائرات الخاصة في العالم التي تملكها وتشغلها بالكامل شركة طيران تجارية، فقد واصلت تقديم أداء مميز قوي في سوق يتسم بالتنافسية العالية.

وحققت نموا للعام المالي 2023-2024 ظهر في الزيادة البارزة في عائدات المبيعات التجارية بنسبة تزيد على 17%، وإجمالي ساعات الطيران بأكثر من 21%، مما يشير إلى نمو قوي في قاعدة عملائها، لاسيما في أوروبا والولايات المتحدة وآسيا.

وخلال العام المالي 2023-2024، نمت شبكة وجهات الخطوط الجوية القطرية العالمية إلى أكثر من 170 وجهة في مختلف أنحاء العالم، وذلك من خلال تدشين وجهات جديدة، كما أعادت الخطوط الجوية القطرية تشغيل رحلاتها الجوية إلى 14 وجهة.

مقالات مشابهة

  • في رحاب اليوم العالمي لمكافحة المخدرات
  • المدرسة الفائزة بالمركز الأول في تحدي القراءة العربي: التعاون مع ولي الأمر ساهم في الفوز
  • بن غفير: الشاباك والمدعي العام يحاولان القيام بضربات تستهدفني وهي محاولة لن تنجح
  • العراق في مقدمة الدول العربية.. الخارجية الأميركية تحذر من السفر إلى 19 دولة
  • بن جفير: الشاباك والمدعي العام يحاولان تنفيذ "اغتيال" ضدي وهي محاولة لن تنجح
  • أرباحها بلغت 1.7 مليار دولار.. الخطوط القطرية تحقق أفضل أداء مالي في تاريخها
  • مركز المعلومات: الحراك العالمي بدأ نحو تبني مشروعات الممرات الخضراء
  • «معلومات الوزراء»: مصر من الدول الرائدة بمجال الهيدروجين الأخضر خلال 2021- 2023
  • حروب 2023 تضع الأمن الغذائي العالمي على المحك.. ما علاقة المناخ؟
  • ارتفاع قياسي للإنتاج العالمي للوقود الحيوي