مثلت غرف الطوارئ في السودان، مصدر أمل لصحة وسلامة المواطنين المتضررين من الحرب بعملها لتقليل المعاناة وتعزيز الاستقرار وتوفير بيئة آمنة.

الخرطوم: التغيير

على أعقاب حرب 15 ابريل 2023م بين الجيش وقوات الدعم السريع، والمعاناة التي يقاسيها السودانيون، أنشئت غرف طوارئ بهدف توفير الدعم الضروري والاستجابة السريعة لحاجات المواطنين، وهي مبادرات إنسانية مهمة وملهمة نحو تعزيز الاستقرار وتوفير الدعم اللازم للمتأثرين.

ولتخفيف معاناة السكان المتضررين من النزاع في الولايات المتأثرة بالحرب، والمناطق الآمنة التي نزح إليها الفارون من جحيم البنادق، ظهرت مبادرات غرف الطوارئ الشبابية كأحد أهم الأساليب الفعالة لتوفير الدعم اللازم.

المساعدة وتعزيز الاستقرار

وتهدف هذه المبادرات إلى تقديم المساعدات الغذائية والطبية والنفسية للمتضررين، مع التركيز على تعزيز الاستقرار في المناطق المتأثرة وتوفير بيئة آمنة للمواطنين.

وتعتبر غرف الطوارئ الشبابية رمزًا للإرادة والصمود في مواجهة التحديات التي يعاني منها السودان، من خلال عملها الدؤوب، إذ تقدم هذه الغرف الدعم المطلوب لمئات الآلاف من النازحين والمحتاجين في مختلف أنحاء البلاد.

وتعمل الغرف على تقديم المساعدات الإنسانية الفورية، مع التركيز على بناء القدرات المحلية للشباب المتطوع من الجنسين وتعزيز الاستقرار في المناطق المتأثرة.

وتسهم غرف الطوارئ الشبابية في تحسين الأوضاع الإنسانية وتعزيز الأمل في قلوب السكان المتضررين.

وتتمثل أهداف غرف الطوارئ بالسودان في ثلاثة أهداف رئيسية أولها توفير الدعم الضروري حيث تقدم الغرف الدعم الغذائي والطبي للمتأثرين بالحرب والمعاناة، ما يعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز صحة وسلامة المواطنين.

وتعمل غرف الطوارئ على الاستجابة السريعة لحاجات المواطنين، وتوفير الدعم اللازم في الوقت المناسب، مما يساعد في تعزيز الاستقرار وتقليل المعاناة.

كما تهدف الغرف إلى تعزيز الاستقرار في المناطق المتأثرة، والعمل على توفير بيئة آمنة ومستقرة للمواطنين، مما يساعد في تعزيز الثقة والاستقرار.

أنشطة وتحديات

ومن أنشطة غرف الطوارئ في السودان توفير الدعم النفسي حيث يقدم الأطباء والمختصون والمتطوعون الدعم النفسي للمتأثرين بالحرب والمعاناة.

لكن تواجه غرف الطوارئ في السودان عدة تحديات أهمها التمويل، حيث تعاني الغرف غالباً من نقص في الإمداد، مما يؤثر في قدرتها على توفير الدعم اللازم للمتأثرين.

وواجه المتطوعون أحياناً تحديات تتمثل في الوصول إلى المناطق المتأثرة بصورة مباشرة بالحرب والعمليات العسكرية الدائرة، مما يؤثر في قدرتها على توفير الدعم المطلوب للمحتاجين.

وأدى الصراع المسلح الذي اندلع في السودان في أبريل 2023 إلى دفع البلاد إلى واحدة من أشد الأزمات الإنسانية حدة في العالم.

ونزح أكثر من 11 مليون شخص قسراً منذ بدء الصراع، ويحتاج ما يقرب من نصف سكان السودان إلى المساعدة.

وكافح النظام الدولي لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة، مما دفع شبكات المساعدة التطوعية التي تقودها المجتمعات المحلية في السودان إلى التدخل وتقديم خدمات منقذة للحياة لملايين النساء والرجال والأطفال.

احترام وتقدير

ومن المبادرات الجديرة بالملاحظة غرف الاستجابة للطوارئ، التي تقدم الرعاية الطبية وغيرها من الخدمات للأشخاص المتضررين من الصراع.

وتعمل هذه المجموعات في إطار هيكل لا مركزي، حيث تقدم المساعدات الإنسانية الأساسية للمجتمعات في بيئة صراع معقدة للغاية، مع وصول محدود إلى الموارد الخارجية والخدمات اللوجستية.

وكثيراً ما يعمل المتطوعون في مناطق غير آمنة، ويواجهون تهديدات بالمضايقة والعنف والاعتقالات، بينما يجد هؤلاء في  غرف الاستجابة للطوارئ التقدير والاحترام عالمياً، عطفا على الأهمية الحاسمة لهم للوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة في أوقات الصراع.

الوسومالجيش الدعم السريع الدعم النفسي السودان المساعدات الإنسانية حرب 15 ابريل 2023م غرف الطوارئ

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع الدعم النفسي السودان المساعدات الإنسانية حرب 15 ابريل 2023م غرف الطوارئ توفیر الدعم اللازم المناطق المتأثرة تعزیز الاستقرار

إقرأ أيضاً:

السودان الجديد والدينكاتوكرسي (2-2)

بدا من فرح اجتماع نيروبي بـ"السودان الجديد"، وهو على ما رأينا منه مطبقاً (أو منسياً) في جنوب السودان كمثل علاقة دوريان قري وصورته في الرواية المشهورة للكاتب الإنجليزي أوسكار وايلد. فاختار دوريان قري لصورته أن تأخذ عنه وطء اطراد العمر ووخطه بالتجاعيد وخطاياه في حين يبقى هو شاباً نضراً عظيم الحلاوة. وبالمثل اختار الهامش ومناصروه أن يبقوا على وسامتهم السودانية الجديدة كما في مؤتمر نيروبي بينما تشيخ صورة السودان الجديد في جنوب السودان وتذبل.

من رابع المستحيلات نسبة الدعم السريع لرية السودان الجدي إذا صحت نسبة غيره في نيروبي إليه على علاته. فلا يجتمع الدعم والسودان الجديد حتى في آدم وحواء. فالأصل في تلك القوات أنها نشأت ضمن خطة "دولة الإنقاذ" للقضاء بـ"أرخص كلفة" على السودان الجديد كما تمثل في حركات الكفاح المسلح في دارفور وجبال النوبة، وحتى المقاومة الشعبية في المدينة مثل هبة الخرطوم في سبتمبر (أيلول) عام 2013. فإذا كان غيره خلع القبح عنه لتبتلي به صورته في السودان الجديد فقوات "الدعم السريع" هي من حرشته "الإنقاذ" لإراقة الدم على هذه الصورة. وزادت تضريج الصورة بتبنيها للرؤية في نيروبي وهي من كان كبد من نهض بها الأمرين.
وليس مثل يوسف عزت، مستشار محمد حمدان دقلو السابق، من يحسن اكتناه هذا القبح المستجد. فقال في كلمة أخيرة ناضجة إن "الدعم" تبنت السودان الجديد في سياق ارتباك زجها أبداً في تحالفات لم تزد عندها على كونها أدوات مرحلية فرضتها الحرب عليها من دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات. وليصدق التزامها بالسودان الجديد، في قول عزت، فلا بد لها من إزالة التناقض بين مثل هذا الالتزام وبين التركيبة الأسرية والاجتماعية لـ"الدعم السريع" التي تقوم حالياً على قيادة الأسرة والولاءات القبلية. وعلى رأس هذا الإصلاح، في قوله، "هيكلة ’الدعم السريع‘ كمؤسسة قومية ديمقراطية". وأضاف عزت أن الحشد القبلي الاجتماعي لـ"الدعم السريع" تفوق على التزام المشروع المدني، مما "أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية".
وربما كان عزت هنا حسن الظن بـ"الدعم" لا يزال. ولكن كسب "الدعم السريع" في نيروبي لم يكُن في ميثاق "تأسيس" ولا دستور الدولة المنتظرة ولا السودان الجديد، بل في العهد الخاص الذي وقعه مع عبدالعزيز الحلو للعمل العسكري المشترك ضد دولة 56. ولا يبدو أن الحلو اكترث، لكي يبقى شاباً حدثاً حلو الوجه، لتقاطيع البؤس والقبح التي اندلقت على صورة السودان الجديد من ذلك العهد.
وجهان للسودان الجديد
تغاضت الصفوة الليبرالية واليسارية في السودان التي تعاقدت مع الحركة الشعبية منذ عام 1986 عن العطب الذي ألمّ بصورة السودان الجديد بوجهين. أما الوجه الأول، فهو استدبارها النقد الذي صوبته أقلام مشغولة ومسؤولة للحركة الشعبية في طور نضالها من أجل السودان الجديد، فصدرت منذ التسعينيات كتب عن بؤس ذلك النضال ممن انشرحوا للفكرة والتحقوا بجيشها وجاهدوا لها حق جهادها، فسرتهم، ولكن عادوا بغصة بآخرة منها. فأنذرت هذه الكتب عن مآل الحركة إن لم تلجم السياسة العسكرية فيها. فصدر للأكاديمي وعضو القيادة العليا في "الجيش الشعبي" لام أكول كتابه "الحركة الشعبية لتحرير السودان: داخل ثورة أفريقية" عام 2001، وهو عبارة عن يوميات صراعه لبث الديمقراطية في هيكل الحركة التي التحق بها عام 1988 وانشق عنها عام 1991. كما صدر لمحمد هارون كافي، المؤلف في تراث جبال النوبة الذي انضم إلى الحركة في 1986 وخرج عليها في 1996، كتابه "نزاع السودان". وصدر للأكاديمي بيتر أدوك نيابا كتابه "سياسات التحرر في السودان: نظرة من الباطن" عام 1997، وكان انضم إلى الحركة عام 1986 وغادرها نهاية العقد. ولم تكتفِ الصفوة الليبرالية واليسارية باستدبار تلك الكتب فحسب، بل حملت على مؤلفيها كما فعل منصور خالد. فذنّب لام أكول في كتابه "نداء من أجل الديمقراطية" لخروجه على قرنق في 1991 تذنيباً لم يبارح فيه حرفاً من أدب التخوين اليساري. وكانت عزائم الصفوة الليبرالية صمدية في امتناعهم عن أن يروا القبح الذي بدأ يرين على صورة السودان الجديد. كانوا يريدون لوجههم الوسامة وليقبح وجه السودان الجديد في الإطار.
الدينكا و"الإثنوكراسية"
أما الوجه الآخر للصفوة الليبرالية التقدمية فهو في استدبارهم للسودان الجديد بعد استقلال الجنوب في دولته. فما رأوا منه في التطبيق وفي بلد المنشأ أزهدهم فيه بالكلية. ووجدوا العزاء عن ذلك في مصرع العقيد قرنق عام 2005. فلو لم يغادر الدنيا، في عقيدتهم أو إيمانهم، قبل الاستفتاء في 2011، لما انفصل الجنوب ولكان اهتدى برؤية السودان الجديد. فحملوا الدمامة إلى صورة السودان الجديد وخلص له وجههم وسيماً. وكانت دمامة السودان الجديد في بلد المنشأ فاحشة فحشاً هو موضوع كتاب للأكاديمية كليمنسي بنيود بجامعة إنديانا بالولايات المتحدة له عنوان مرعب "الحرب والتطهير العرقي في جنوب السودان" (2021)، وقرأت فيه وقائع التطهير العرقي التي خضع لها شعب النوير وغيرهم في 2013 وما بعدها وردتها إلى شرور دولة جنوب السودان التي سمتها "الإثنوكراسية" أي التي تقوم عليها عرقية صفوة الدينكا حصرياً، وهي عرقية تطابقت فيها القومية جنوب سودانية والانتماء إلى شعب الدينكا. وتمت هذه المطابقة خلال حرب التحرير. فوقفت المؤلفة عند منعطفاتها التي غلبت فيها الدينكا عدداً في الحركة الشعبية واستأثرت صفوتها العسكرية بمراكز القيادة فيها والمنافع المترتبة على ذلك. وابتليت هذه الصفوة بعزة الشعب السيد، فهم من جاؤوا باستقلال جنوب السودان دون غيرهم. فصارت حرب التحرير الوطني أسطورة المنشأ لامتياز صفوة الدينكا في "الإثنوكراسية". وبلغت بهم هذه النعرة مبلغاً حددوا بها وطناً غير جنوب السودان لشعوبه الأخرى، فجعلوا قبلة النوير مثلاً إثيوبيا لأصولهم فيها، إذ لا تزال جماعة من تلك القبيلة هناك. وجعلوا قبلة شعب الشلك السودان لأن لهم أصل أثري في ولاية النيل الأبيض الحالية في السودان. واستباحت هذه الصفوة أرواح الجنوب سودانيين غيرها وأرضهم إلى يوم يغادرون جنوب السودان غير مأسوف عليهم.
بدا ممن عرضوا بالسودان الجديد في نيروبي أنهم كمن يتوعدونا به، ولا يبشرون ما دام أن وجهوهم أشرقت به طرية شابة في حين وخطت تجاعيد الدمامة عليه في بلد المنشأ.

ibrahima@missouri.edu

   

مقالات مشابهة

  • أسوان في 24 ساعة.. بدء صرف الدعم الإضافى للتموين.. ومتابعة مبادرات التجميل بإدفو
  • محافظ اللاذقية يبحث مع وفد برنامج الأغذية العالمي تعزيز التعاون وتنفيذ المشاريع الإنسانية
  • المصرف المركزي يؤكد استمراره في توفير النقد الأجنبي حفاظاً على استقرار سعر الصرف
  • 16 ألف سلة غذائية تصل للمحتاجين في كوردستان.. الحملة الإنسانية مستمرة (صور)
  • عمران في قلب الأزمة الإنسانية يوثق فراغ سلة الغذاء بشرق السودان
  • جسر الحياة لغزة.. جهود مصرية مستمرة لدعم الفلسطينيين بالمساعدات والعلاج
  • تعزيز الزراعة التعاقدية.. مبادرات تمويلية وتسويقية لدعم الفلاحين في بني سويف والمنيا
  • محافظ أسيوط: توفير مزيد من الدعم والرعاية لأطفال دور الأيتام والفئات الأكثر احتياجا
  • السودان الجديد والدينكاتوكرسي (2-2)