بغداد اليوم -  بغداد

في ظل التوتر المتزايد بين إيران والولايات المتحدة، تظهر رسائل متناقضة بين تهدئة معلنة وتصعيد ميداني مستمر. 

طهران، عبر وكالة "نور نيوز" المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني، عبرت عن عدم رغبتها في التصعيد، مؤكدة أن أي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع. 

في المقابل، تتخذ واشنطن خطوات تصعيدية، أبرزها الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، ورسائل التحذير المباشرة إلى إيران، مما يعزز احتمالات الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبقى التساؤل قائمًا: هل يمكن احتواء التصعيد عبر الوساطات، أم أن الصدام أصبح خيارًا لا مفر منه؟


إيران بين خطاب التهدئة واستراتيجية الردع

رغم التأكيدات الإيرانية بعدم الرغبة في التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية تحمل إشارات مزدوجة. المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، شدد على أن بلاده لن تخضع للضغوط الأمريكية، ولن تقدم تنازلات تحت التهديد. في السياق ذاته، أكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أن واشنطن تحاول فرض معادلة قوة جديدة في المنطقة، لكن طهران مستعدة للرد على أي استفزاز.

وفي خطوة تعكس توجّهًا نحو استراتيجية الردع، أعلنت إيران رفع مستوى التأهب في منشآتها النووية، كما أجرت مناورات بحرية في مضيق هرمز، وهو شريان الطاقة العالمي الذي قد يصبح ساحة رئيسية لأي مواجهة عسكرية.


واشنطن تصعّد وترامب يهدد برد "سريع وساحق"

على الجانب الأمريكي، لم تترك واشنطن أي مجال للغموض في موقفها، إذ جاء التصعيد الأمريكي بعد الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، حيث توعّد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران بـرد عسكري غير مسبوق إذا استمرت في تهديد القوات الأمريكية أو حلفائها.

وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقب الضربات: "لقد بعثنا برسالة واضحة إلى طهران: لا نبحث عن الحرب، لكننا لن نقف متفرجين إذا تعرضت قواتنا أو شركاؤنا لأي هجوم. ردّنا سيكون سريعًا وحاسمًا".

وبالتزامن مع هذا التصعيد، عززت واشنطن وجودها العسكري في المنطقة عبر إرسال حاملات طائرات ومدمرات إلى الخليج العربي، بالإضافة إلى زيادة الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق المواقع الاستراتيجية الإيرانية.


ماذا لو اندلعت المواجهة؟ السيناريوهات المحتملة

إذا انهارت جهود احتواء الأزمة، فإن أي مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران ستؤدي إلى اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة، تمتد آثارها إلى الشرق الأوسط والعالم. ومن أبرز التداعيات المحتملة:

1. العراق.. الخط الأمامي للمواجهة

نظرًا للوجود العسكري الأمريكي والنفوذ الإيراني الواسع، سيكون العراق أحد أولى الساحات التي تشهد تصعيدًا. قد تستهدف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران القواعد الأمريكية، مما يدفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات مباشرة داخل العراق، مما يضع البلاد في قلب المواجهة.

2. الخليج العربي.. اضطرابات في أمن الطاقة

قد تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، مما سيؤدي إلى انهيار إمدادات النفط العالمية وارتفاع أسعاره بشكل جنوني. السعودية والإمارات والبحرين قد تجد نفسها مضطرة للرد عسكريًا، في حين تحاول دول أخرى مثل الكويت وعُمان التزام الحياد.

3. الاقتصاد العالمي.. موجة صدمات جديدة

أي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب، واضطراب الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية، خاصة للدول الصناعية الكبرى مثل الصين وألمانيا واليابان.

4. روسيا.. دعم سياسي أم تورط عسكري؟

موسكو قد تتبنى موقفًا داعمًا لإيران على المستوى السياسي والدبلوماسي، لكن التدخل العسكري المباشر يظل خيارًا غير مرجح. في المقابل، قد تستغل الأزمة لتزويد طهران بمنظومات دفاعية متطورة.

5. إسرائيل.. ضربات استباقية؟

في حال تصاعدت المواجهة، قد تبادر إسرائيل بشن هجمات جوية على المنشآت النووية الإيرانية، في محاولة لمنع إيران من استغلال الحرب لتوسيع قدراتها النووية.

6. تركيا.. موقف مزدوج بين التوازن والمصالح

أنقرة قد تتبنى موقفًا متوازنًا في العلن، لكنها قد تتحرك سرًا لدعم الطرف الذي يحقق لها مكاسب إقليمية، خاصة في سوريا والعراق.

7. الصين.. المستفيد الاقتصادي من الأزمة؟

الصين قد تتجنب التدخل المباشر، لكنها قد تعزز علاقاتها التجارية مع إيران، وتستخدم الأزمة كفرصة لتقويض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.


هل لا تزال هناك فرصة لتجنب الصدام؟

رغم التصعيد المتبادل، لا تزال بعض الأطراف تحاول إبقاء قنوات الدبلوماسية مفتوحة. الإمارات وروسيا تلعبان دورًا نشطًا في محاولة تقريب وجهات النظر، فيما تسعى دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا إلى إعادة إحياء مسار التفاوض حول الاتفاق النووي، رغم معارضة واشنطن لذلك.

وفي الوقت ذاته، يدرك الطرفان أن أي مواجهة مباشرة ستكون مكلفة، مما قد يدفعهما إلى الاستمرار في لعبة حافة الهاوية دون الانزلاق إلى حرب شاملة.

وفي ظل المعادلة المعقدة، تبقى المنطقة رهينة للتطورات غير المتوقعة. وبينما تؤكد إيران رغبتها في تجنب التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية قد تزيد من احتمالات المواجهة. في المقابل، تواصل واشنطن تصعيد الضغط العسكري والسياسي، مما يجعل مستقبل العلاقات بين الطرفين مفتوحًا على كل السيناريوهات.

فهل ستنجح الدبلوماسية في تفادي الحرب، أم أن المنطقة تقترب من مواجهة قد تعيد تشكيل توازنات القوى في الشرق الأوسط؟


المصدر: قسم الرصد والتحليل في "بغداد اليوم"

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الشرق الأوسط أی مواجهة

إقرأ أيضاً:

محمد اليمني: مخطط الشرق الأوسط الجديد بدأ بالفعل.. ولولا الدعم الأمريكي لإسرائيل لسقطت

أكد الدكتور محمد اليمني، رئيس قسم الشئون العربية والدولية لمركز بحوث زايد للدراسات، أن  منطقة الشرق الأوسط أرض خصبة للنزاعات، مشيرا إلى أن أمريكا هددت ايران بسبب دعمها للحوثيين.

مصطفى بكري: مصر نجحت في إظهار موقف موحد لرفض التهجيرمستشار الرئيس الفلسطيني: مصر من اللحظة الأولى موقفها صارم ضد التهجير

وقال محمد اليمني، خلال لقاء له لبرنامج “حقائق وأسرار”، عبر فضائية “صدى البلد”، تقديم الإعلامي مصطفى بكري"، أن مخطط الشرق الاوسط الجديد بدأ بالفعل، مؤكدا أن ما حدث في سوريا واليمن والعراق خير دليل على ذلك.

وتابع  رئيس قسم الشئون العربية والدولية لمركز بحوث زايد للدراسات، أن إسرائيل لديها رغبة في أن يكون هناك مواجهة مع مصر، ولكن الداخل الاسرائيلي يعلم قوة الجيش المصري والتحديث الذي تم وتنوع مصادر الأسلحة.

لمواجهة الأحداث القادمة

وأشار محمد اليمني إلى أنه لولا الدعم الأمريكي لسقطت إسرائيل، مؤكدا أنه على الدول العربية التعاون لمواجهة الأحداث القادمة.

مقالات مشابهة

  • حضرموت على صفيح ساخن: صراع سعودي-إماراتي يدفع نحو الانفجار
  • الجيش الأمريكي ينقل منظومة باتريوت للشرق الأوسط عبر 73 طلعة جوية
  • قبيل مفاوضات السبت.. إيران ترفض التهديد الأمريكي وتضعُ خطوطاً حمراء
  • بهدف تفادي التصعيد.. إيران تقترح على واشنطن اتفاقاً نووياً مؤقتاً
  • النفط يتراجع والذهب يحلّق.. الأسواق العالمية على صفيح ساخن!
  • الحاسي: «بوغدادة» يضع طرابلس على صفيح ساخن
  • حضرموت على صفيح ساخن.. صراع نفوذ بين أدوات العدوان ينذر بانفجار مسلح
  • صنعاء تُسقط ثالث طائرة أمريكية خلال 10 أيام وواشنطن تقر بالعجز رغم التصعيد الجوي
  • محمد اليمني: مخطط الشرق الأوسط الجديد بدأ بالفعل.. ولولا الدعم الأمريكي لإسرائيل لسقطت
  • عقوبات وتوعّد مباشر.. أمريكا وإيران على صفيح ساخن