بروكسل تطرح استراتيجيتها الدفاعية التي طال انتظارها.. ولكن من أين سيأتي التمويل؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
كشفت المفوضية الأوروبية عن "كتابها الأبيض" المنتظر بشأن الدفاع، والذي يهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية لدول الاتحاد الأوروبي، لكنه لم يحدد بشكل واضح مصادر التمويل الجديدة لهذا التوجه الطموح.
يقترح الكتاب، الذي يأتي تحت عنوان "إعادة تسليح أوروبا" (ReArm)، أن تضخ الدول الأعضاء ما يصل إلى 800 مليار يورو في قطاع الدفاع خلال السنوات الأربع المقبلة عبر تنسيق عمليات شراء المعدات.
وصفت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس هذه الخطوة بأنها "لحظة محورية"، مؤكدةً خلال مؤتمر صحافي أن العمل المشترك بين الدول الأعضاء يوفر "ميزة تنافسية لا مثيل لها".
وتعتمد الخطة بشكل أساسي على تفعيل ما يُسمى بـ"بند الإفلات" في ميثاق الاستقرار والنمو الأوروبي، وهو ما يسمح للدول بتجاوز القيود المالية الصارمة التي تفرض سقفًا للعجز بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وحدًا للدين عند 60%.
وعبّر مسؤول في المفوضية الأوروبية، طلب عدم الكشف عن هويته، عن أمله بأن تقدم جميع الدول الـ27 طلبات لتفعيل هذا البند بحلول نيسان/أبريل، على أن تتم مراجعة الطلبات والانتهاء منها قبل العطلة الصيفية.
وأوضحت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين سابقًا أن تفعيل هذا البند سيتيح للدول الأعضاء ضخ استثمارات دفاعية تعادل 1.5% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الأربع المقبلة، ما يعني توفير نحو 650 مليار يورو.
لكن مسؤولًا آخر في الاتحاد الأوروبي، تحدث أيضًا من دون الكشف عن هويته، أشار إلى أن المفوضية تأمل في تحقيق مستوى استثمارات أعلى من هذا الرقم.
وإلى جانب ذلك، تطرح المفوضية خيار تمويل آخر عبر إنشاء أداة SAFE، التي تهدف إلى جمع 150 مليار يورو من أسواق رأس المال لإقراضها للدول الأعضاء، إلا أن استخدام هذه الأداة يتطلب تقديم طلبات التمويل في غضون الأشهر الستة المقبلة، وهو ما يفرض ضغطًا زمنيًا على الحكومات الراغبة في الاستفادة منها.
أولويات دفاعية واستثمار في التقنيات المتقدمةوحددت المفوضية عدة مجالات ذات أولوية في خطتها الدفاعية، أبرزها:
أنظمة الدفاع الجوي والصاروخيالمدفعية والذخائر والصواريخالطائرات المسيّرة والأنظمة المضادة لهاالذكاء الاصطناعي والتقنيات الكميةالحرب الإلكترونية والسيبرانيةوأكد مسؤول أوروبي أن المفاوضات بشأن تمويل هذه المجالات بين المفوضية والدول الأعضاء "يجب أن تكون سريعة"، نظرًا إلى أن الأموال المقدمة ستكون على شكل قروض يتعين سدادها، وليس منحًا مالية.
خيارات تمويل محدودة وانتقادات لغياب البدائلوفيما يتعلق بخيارات التمويل الجديدة، فإن فإن التدبير المالي الوحيد المدرج بـ "الكتاب الأبيض" يتمثل في إمكانية إعفاء مشتريات الدفاع المشتركة من ضريبة القيمة المضافة عند إجرائها من خلال أداة SAFE، لكن لا يزال من غير الواضح حجم الوفر المالي الذي قد ينتج عن هذا الإجراء.
وقد دافع أحد المسؤولين في المفوضية عن غياب مقترحات تمويل إضافية، مشيرًا إلى أن "إعادة تسليح أوروبا" تمثل بحد ذاتها "إجابة كبيرة على كيفية دعم الدول الأعضاء في زيادة الإنفاق الدفاعي".
ومن المتوقع أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي هذه القضايا في القمة الأوروبية المقررة في حزيران/يونيو، حيث دعا بعض الزعماء، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى استخدام سندات اليوروبوندز واستغلال الموارد المالية الخاصة، مثل الضريبة الرقمية، كوسائل تمويل إضافية.
وقد تمكنت فرنسا من تحقيق مكسب بارز في هذا الملف، إذ أدرجت المفوضية في خطتها الأولوية الأوروبية لضمان أن تكون نسبة 65% من المشتريات الدفاعية ضمن الاتحاد الأوروبي، بينما تبقى 35% تحت سيطرة الشركات الأوروبية. ويهدف هذا الشرط إلى الحيلولة دون قدرة أي طرف ثالث على التحكم باستخدام المعدات العسكرية الأوروبية في المستقبل.
آليات مشتركة وتعزيز المخزون الاستراتيجييتضمن الكتاب الأبيض أيضًا مقترحات لتعزيز التعاون الدفاعي، مثل إنشاء آلية المبيعات العسكرية الأوروبية، التي تتيح للدول الأعضاء تنسيق الطلبات وشراء المعدات بشكل مشترك. كما يقترح إطلاق خارطة طريق تكنولوجية أوروبية للتسلح، بهدف تحفيز الاستثمار في التقنيات المتقدمة ذات التطبيقات العسكرية، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمية.
إضافةً إلى ذلك، تدعو المفوضية إلى إنشاء مخزونات استراتيجية وصناعية للدفاع، وهو ما سيتم تيسيره من خلال لائحة برنامج صناعة الدفاع الأوروبية (EDIP)، التي طال انتظارها، والتي قد تتضمن دعمًا ماليًا مباشرًا للمخزونات العسكرية.
ومن جانبه، قال البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي إنه سيعمل على تسريع إقرار اللائحة لضمان تنفيذ هذه المبادرات في أقرب وقت ممكن.
واعتبر مفوض الدفاع في الاتحاد الأوروبي، أندريوس كوبيليوس، أن "الكتاب الأبيض هو مجرد بداية، لكنه ليس طريقًا سهلًا"، مشددًا على أن الأولوية الآن هي "التنفيذ، ثم التنفيذ، ثم التنفيذ".
وأضاف كوبيليوس في تصريح يحمل رسالة مباشرة إلى موسكو: "لن يرتدع بوتين بمجرد الاطلاع على الكتاب الأبيض، لكنه سيتراجع إذا حولنا هذه الاستراتيجية إلى أفعال، وعملنا على تعزيز قدراتنا الدفاعية بطائرات مسيّرة ودبابات ومدفعية فعالة".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية المفوضية الأوروبية تطرح حزمة دفاعية شاملة في يونيو 2025 دون موافقة البرلمان.. المفوضية الأوروبية تقر خطة لتسليح أوكرانيا بـ800 مليار يورو رئيس المفوضية الأوروبية السابق ليورونيوز: لاعضوية كاملة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي تعاون عسكريدفاعالمفوضية الأوروبيةالاتحاد الأوروبيبزعامة أندريوسأورسولا فون دير لايينالمصدر: euronews
كلمات دلالية: حركة حماس إتفاقية سلام ضحايا غزة إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس إتفاقية سلام ضحايا غزة إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تعاون عسكري دفاع المفوضية الأوروبية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لايين حركة حماس غزة إتفاقية سلام ضحايا إسرائيل بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فولوديمير زيلينسكي واشنطن روسيا الاتحاد الأوروبي وقف إطلاق النار فی الاتحاد الأوروبی المفوضیة الأوروبیة الدول الأعضاء الکتاب الأبیض یعرض الآنNext ملیار یورو
إقرأ أيضاً:
ورقة بيضاء أوروبية لإعادة تسليح القارة
قدّم الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء خطة ترمي إلى إعادة تسليح القارة بحلول 2030، في ظل التهديد الروسي وتبدل النهج الأميركي، في حين دعا دبلوماسيون أوروبيون لتسريع إجراءات ضم أوكرانيا للاتحاد.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس "إنها لحظة حاسمة للأمن الأوروبي".
وكان لتبدّل الموقف الأميركي من الدعم الموفر إلى أوروبا والمساعدة المقدمة إلى أوكرانيا منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وقع كبير على هذا القرار.
وتشير أجهزة استخبارية أوروبية عدة إلى احتمال وقوع هجوم روسي ضد أحد بلدان الاتحاد قبل نهاية العقد. لذا من الضروري "إعادة تسليح أوروبا"، وفق ما جاء في خطة تحمل هذا العنوان قدمت في الرابع من مارس/آذار في بروكسل.
وقال المفوض الأوروبي لشؤون الدفاع أندريوس كوبيليوس إن "سكان الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم 450 مليونا ينبغي ألا يعوّلوا على الأميركيين المقدر عددهم بحوالي 340 مليونا في مواجهة 140 مليون روسي يعجزون عن هزيمة 38 مليون أوكراني".
"ورقة بيضاء"
وارتفعت النفقات العسكرية للدول الأعضاء الـ27 بأكثر من 31% منذ 2021 لتصل إلى 326 مليار يورو في 2024، وهي نسبة "أفضل لكنها ليست كافية"، وفق ما قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمس الثلاثاء.
إعلانوقدمت المفوضية الأوروبية الأربعاء "ورقة بيضاء" بشأن الدفاع هي بمثابة دليل موجّه إلى الدول الأعضاء لمساعدتها على تعزيز قدراتها الدفاعية.
ويتضمن المستند الخطوط العريضة للخطة التي عرضتها فون دير لاين قبل أسبوعين بقيمة 800 مليار يورو لترسيخ الدفاع في القارة.
ولا شك في أن المبلغ المطروح كبير جدا، لكن تنفيذ الخطة يعتمد خصوصا على الدول الأعضاء في الاتحاد، بحسب دبلوماسيين في بروكسل.
وتريد المفوضية الأوروبية أن تسمح للبلدان الأعضاء بتخصيص 1.5% من ناتجها المحلي الإجمالي للنفقات العسكرية لمدة 4 سنوات من دون أن تخشى الأخيرة انتهاك قواعد الميزانية بشأن العجز العام.
وحددت المفوضية الأوروبية مجالات إستراتيجية لا بد من إعطاء الأولوية للاستثمار فيها، وذلك بغية سدّ الثغرات، خصوصا في مجال الذخائر والدفاعات الجوية والمسيّرات والصواريخ البعيدة المدى.
وتنص خطة "إعادة تسليح أوروبا" أيضا على تعاون وثيق مع أوكرانيا في مجال الدفاع.
انضمام أوكرانيا
في السياق نفسه، دعا كبار الدبلوماسيين من السويد وفنلندا والدانمارك ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا إلى تقديم مقترحات ملموسة بشأن كيفية المضي قدما في عملية انضمام أوكرانيا بشكل حاسم للاتحاد الأوروبي.
واستنادا لرسالة حصل عليها موقع "بوليتيكو"، فإن أوكرانيا أحرزت تقدما وصفته بالملحوظ في الإصلاحات، وإن الوقت الحالي هو المناسب لحشد الجهود اللازمة، ومساعدة أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وتقدمت كييف بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مباشرة بعد بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وأحيت الحرب الروسية مع أوكرانيا مسعى الاتحاد الأوروبي لاستقبال دول أعضاء جدد، بعد سنوات لم تحرز خلالها بلدان، خصوصا في غرب البلقان، تقدما يُذكر لتحقيق تطلعاتها للانضمام.
إعلان