عربي21:
2025-05-01@23:16:28 GMT

في مكارثية ترامب

تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT

يمكن لأي كان أن يصبح فلسطينيا!
"لم يعد يهوديًا. لقد أصبح فلسطينيًا".
بهذه الكلمات، لم يكتفِ دونالد ترامب بإهانة تشاك شومر—بل كشف شيئًا أكثر خطورة.
في عالم ترامب، “فلسطيني” ليست مجرد جنسية. إنها اتهام. حكم بالنفي. وصمة تجريد من الشرعية.

جريمة شومر؟
تساؤله عن حكومة نتنياهو المتطرفة وسلطويتها المتزايدة.


شومر، الصهيوني المتشدد، الذي طالما قدّم نفسه كأحد أشد المدافعين عن إسرائيل، تجرأ على الإشارة إلى أن تطرف نتنياهو يضر بمستقبل إسرائيل.
كان ذلك وحده كافيًا لترامب كي يجرده من يهوديته، ويصنّفه كشيء آخر—شيء يُقصد به الإهانة.
هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها ترامب “فلسطيني” كإهانة.
لقد أطلقها على بايدن، على شومر سابقا، على كل من يجرؤ على التشكيك في سياسات إسرائيل.

الرسالة واضحة:
أن يُطلق عليك لقب “فلسطيني” يعني أن تُنفى.
يعني أن يُلغى صوتك.
أن تُسحب شرعيتك.
أن تُمحى حقوقك.
طبعا، لو لم يكن شومر يهوديًا، لنعته ترامب بمعادي السامية.
الأمر لم يعد يتعلق بهويتك—بل بولائك.

في هذا النظام السياسي الجديد، يمكن لأي كان أن يصبح فلسطينيًا.
وأن تكون فلسطينيًا في عالم ترامب يعني ألا حقوق لك.
يمكن تجويعك، قصفك، طردك.

يمكن محوك من التاريخ- كما فعل ترامب وجاريد كوشنر حين هندسا اتفاقيات أبراهام، متجاهلين الفلسطينيين كما لو لم يكونوا موجودين.

يمكن تجريد الفلسطيني من أي حماية قانونية، حتى لو كان يحمل إقامة قانونية في الولايات المتحدة، حتى لو لم يرتكب أي جريمة.

محمود خليل، طالب في جامعة كولومبيا، يواجه الترحيل فقط لأنه عبّر عن آرائه السياسية.
يمكن اعتقال الفلسطيني إذا احتج، فصله من عمله إذا تحدث، وضعه على القوائم السوداء إذا رفض الخضوع.

والآن، يمكن التعامل مع أي شخص بالطريقة ذاتها.
هذه هي الرسالة الحقيقية في هجوم ترامب.
لا تحتاج أن تكون فلسطينيًا لتعامل كفلسطيني.
لا تحتاج أن تكون عربيًا أو مسلمًا.
كل ما عليك فعله هو الخروج عن الخط.
حتى يهوديتك لم تعد درعا يقيك.

هويتك أصبحت مشروطة. تاريخك أصبح قابلاً للإلغاء.
يمكن أن يُطلق عليك لقب “خائن”، “عدو من الداخل”، “شخص فقد مكانه”.
بمجرد أن تشكك في إسرائيل، تصبح فلسطينيًا—ليس بالولادة، بل بالمرسوم.
ففي هذا العالم، الفلسطيني لا حقوق له.
ولا حقوق لمن يدافع عنه.

مكارثية جديدة تتجذر في أمريكا، لكنها هذه المرة لا تستهدف الشيوعيين، بل كل من يرفض الانصياع لأجندة إسرائيل.
في الخمسينيات، كان القمع مبررًا بأنه حملة ضد التخريب، تطهير لمن يعتبرون “أعداء الدولة”.
اليوم، نفس آلة القمع تعمل، تحت غطاء “مكافحة معاداة السامية”.
المقصود منها ليس حماية اليهود من الكراهية.
بل تجريم انتقاد إسرائيل.
إسرائيل والولايات المتحدة لم تكتفيا بانتهاك القانون الدولي لشن حرب إبادة على غزة. الآن، تدوسان على الحقوق والحريات داخل أمريكا نفسها، وتقمعان كل من يفضح جرائمهما، وتجرّمان المعارضة.
إنها حملة لإسكات الطلاب والصحفيين والأكاديميين والنشطاء—أي شخص يجرؤ على انتقاد الاحتلال والفصل العنصري والتطهير العرقي.
والنفاق صارخ لأبعد الحدود.
ترامب وحلفاؤه بنوا صورتهم على الهجوم على “الصوابية السياسية”.
يدّعون أنهم مدافعون عن حرية التعبير، محاربون ضد الرقابة.
قبل أسابيع فقط، وقف نائبه جاي دي فانس في مؤتمر ميونيخ الأمني، موبّخا القادة الأوروبيين بزعم أنهم يقيدون حرية التعبير.
تباكى فانس على تراجع الغرب عن التزامه بالنقاش الحر.
ولكن في أمريكا، تحت حكم ترامب ومن يؤمنون بأيديولوجيته، حرية التعبير تُلغى عندما يكون الموضوع هو إسرائيل.

الطلاب المؤيدون لفلسطين يُعتقلون، يُطردون، تُلغى شهاداتهم.
الأساتذة الذين يتحدّون سياسات إسرائيل يُفصلون.
الصحفيون الذين يكشفون جرائم الحرب الإسرائيلية يُحظرون ويُضطهدون ويُسكتون.
الأفلام التي توثق معاناة الفلسطينيين تُلغى.
المنظمات الحقوقية تُشوّه سمعتها وتُصنّف ”متعاطفة مع الإرهاب”.

الجامعات والكليات- التي كانت يومًا حصونًا للفكر الحر- تتعرض لهجوم.
إدارة ترامب تهدد بقطع تمويلها الفيدرالي إذا لم تقمع النشاط المؤيد لفلسطين.
المؤسسات التي كانت ذات يوم تحتفي بالنقاش المفتوح، تغدو، في مناخات الترهيب هذه، أدوات رقابة وقمع فكري.

والعواقب تتجاوز الجامعات.

وزارة التعليم الأمريكية، التي من المفترض أن تحمي الطلاب من التمييز، تلقت أوامر بإعطاء الأولوية لقضايا “معاداة السامية”—رغم أن العديد منها ذو دوافع سياسية—على حساب الأطفال المستضعفين.

أولياء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يكافحون للحصول على الدعم الذي يحق لهم قانونيًا، لأن موارد الحقوق المدنية قد حُوّلت لمراقبة الخطاب حول إسرائيل.

النظام الذي كان مصممًا لحماية الفئات المهمشة، أصبح أداة لتحصين حكومة أجنبية من النقد.
والأمر لا يتوقف هنا.

وكالة فيدرالية أخرى، إدارة الهجرة والجمارك (ICE)، أُعيد توجيهها—ليس لمحاربة الاتجار بالبشر أو تهريب المخدرات، بل لمطاردة الطلاب الذين يعبرون عن تضامنهم مع فلسطين.

بحسب صحيفة هآرتس، أوقفت الوكالة تحقيقات رئيسية حتى يتمكن عملاؤها من مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وتعقب الطلاب المؤيدين لفلسطين بناءً على منشوراتهم وإعجاباتهم.
هذا ليس تطبيقًا للقانون. إنها حملة مطاردة سياسية.

والآن، الخطوة التالية: من القمع القانوني إلى العنف الصريح الذي ترعاه الدولة.

ترامب يستعد لتفعيل “قانون الأعداء الأجانب” الصادر عام 1798، وهو قانون طوارئ يسمح للرئيس باحتجاز وترحيل غير المواطنين دون أي إجراءات قانونية.

بموجب هذا القانون، يمكن احتجاز وترحيل حاملي البطاقة الخضراء، الطلاب، أزواج المواطنين الأمريكيين—أي شخص لا يحمل الجنسية—بمجرد قرار من الرئيس.

تم سن هذا القانون لاستخدامه في أوقات الحرب ضد مواطني الدول المعادية.

لكن ترامب يعيد استخدامه، محولًا وضع الهجرة إلى أداة للقمع السياسي.
وقد بدأ بالفعل.

ترامب قام بترحيل الدكتورة رشا العلوية، جراحة زراعة الأعضاء اللبنانية وأستاذة في جامعة براون، مقيمة قانونية تحمل تأشيرة عمل H1B صالحة.
لا تهمة، لا محاكمة، لا إجراءات قانونية.

طبيبة موقّرة، طُردت بجرّة قلم، لأنها تناسب معايير النظام ل“غير المرغوب فيهم”.
هذا ليس نظامًا قانونيًا. إنه تطهير عرقي وسياسي مقنّع تحت ستار قوانين الهجرة.

من سيكون التالي؟
الجواب معلوم.
الفلسطينيون. العرب. المسلمون.
كل من تظاهر. كل من تحدث. كل من صار مجرد وجوده “تحديًا”.
القمع يتصاعد.

أولًا، التشهير. ثم القوائم السوداء. والآن، التهديد بالترحيل دون محاكمة.
هذه الطريق لتدمير الحقوق—ليس دفعة واحدة، بل على مراحل، كل خطوة تمهد للأخرى.
يبدأ الأمر بمجموعة بعينها. ثم يمتد. قريبًا، سيصبح مجرد التعبير عن الرأي جُرما يستوجب العقاب.
التاريخ أرانا كيف يحدث ذلك.

بدأت المكارثية بمطاردة الشيوعيين، لكنها لم تتوقف عندهم.

امتدت إلى الصحفيين والأكاديميين والنقابيين ونشطاء الحقوق المدنية—كل من اعتُبر “خطرًا”.
حُطّمت حياتهم، دُمّرت سمعتهم، طُهّرت مجالات كاملة من العقول المستقلة.
والآن، يتكرر السيناريو ذاته.

يبدأ بالفلسطينيين. ثم الطلاب. ثم الأساتذة. ثم الصحفيين. ثم الشخصيات العامة.
ثم أي شخص يرفض إعلان ولائه المطلق لدولة إسرائيل.

هذه ليست مجرد أزمة للفلسطينيين. إنها أزمة للديمقراطية نفسها.
إسرائيل والولايات المتحدة لم تكتفيا بانتهاك القانون الدولي لشن حرب إبادة على غزة.
الآن، تدوسان على الحقوق والحريات داخل أمريكا نفسها، وتقمعان كل من يفضح جرائمهما، وتجرّمان المعارضة.

تفكّك حرية التعبير باسم “محاربة معاداة السامية”— التي صارت سلاحا، أداة سياسية.
والحال أن ما يجري  يغذي معاداة السامية، بقرن القمع لا بإسرائيل فقط، بل باليهودية نفسها.
بمجرد أن نقبل بأن انتقاد إسرائيل جريمة، نفتح الباب لشيء أشد قتامة.
اليوم، الفلسطينيون هم من يُسلبون إنسانيتهم.
وغدًا، كل من يجرؤ على المعارضة.
ذلك أنه في عالمٍ يغدو فيه مجرد قول الحقيقة كفيلا بتجريدك من حقوقك، ومن هويتك، ومن مكانتك في المجتمع- يمكن لأي كان أن يصبح فلسطينيًا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب شومر الفلسطينيين امريكا الفلسطينيين التطهير العرقي ترامب شومر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة تفاعلي سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معاداة السامیة حریة التعبیر فلسطینی ا أی شخص

إقرأ أيضاً:

700 ألف فلسطيني بلا طعام وتحذيرات من تحول غزة إلى مقبرة جماعية

#سواليف

أكد برنامج الغذاء العالمي أن الوضع الإنساني في قطاع #غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مبينا أن مخزون البرنامج من المساعدات الغذائية نفد بالكامل، مع استمرار إغلاق سلطات الاحتلال للمعابر ومنع دخول الإمدادات الإنسانية.

وأفادت المتحدثة باسم البرنامج عبير عطيفة، بأن نحو 700 ألف فلسطيني في #غزة كانوا يحصلون يوميا على وجبات غذائية من البرنامج، إلا أن تعذر إدخال #المساعدات أدى إلى توقف هذا الدعم، في وقت تتكدس فيه #شاحنات محمّلة بالإمدادات عند المعابر بانتظار السماح لها بالدخول.

وحذرت من أن استمرار هذا الوضع ينذر بوقوع وفيات نتيجة #سوء_التغذية، مؤكدة أن البرنامج تمكن خلال فترات التهدئة السابقة من إدخال ما بين 30 و40 ألف طن من #المساعدات إلى القطاع.

مقالات ذات صلة عاصفة رملية تضرب غزة وتقتلع الخيام / شاهد 2025/04/30

وفي السياق ذاته، وصفت منظمة “أطباء بلا حدود” الأوضاع في غزة بأنها “كارثية على كافة المستويات”، نتيجة الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول الإمدادات الإغاثية والطبية.

وأكدت المنظمة أن العالم يشاهد هذه الكارثة الإنسانية دون أن يتحرك لوقف ما وصفته بـ”الوحشية العشوائية والمروعة”.

وقالت رئيسة شؤون الطوارئ في المنظمة، كلير نيكوليه، إن الحظر الكامل المفروض منذ مطلع مارس على دخول المساعدات إلى غزة يخلف عواقب مميتة، ويقوض قدرة الطواقم الإنسانية والطبية على تقديم الاستجابة اللازمة.

وأكدت نيكوليه أن الاعتماد على المسارات القانونية، مثل إجراءات محكمة العدل الدولية بشأن التزامات الاحتلال كقوة احتلال، قد يستغرق وقتا لا يملكه الفلسطينيون، الذين يواجهون خطر الموت يوميا نتيجة #الحصار.

وحذرت من تحول غزة إلى “مقبرة جماعية”، مشددة على أن حكومة الاحتلال تستخدم المساعدات كسلاح حرب ووسيلة للعقاب الجماعي، ودعت الدول إلى ممارسة ضغط فعلي وفوري على السلطات الإسرائيلية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات بشكل عاجل، لتفادي المزيد من المعاناة والخسائر في الأرواح.

مطلع مارس، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس والاحتلال بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي.

وفي 18 مارس/آذار الماضي، تنصلت حكومة الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.

وبدعم أمريكي مطلق يرتكب الاحتلال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • غزة: إسرائيل تفرج عن مسعف فلسطيني بعد نحو شهرين من مقتل 15 من زملائه وتحظر عليه الكلام
  • ترامب الآمر الناهي .. مصادرٌ فلسطينيّةٌ وأمريكيّةٌ: الشيخ لوحده بأولّ زيارةٍ للسعوديّة استعدادًا لوصول ترامب
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • هارفارد ترصد انتشارا للتعصب والكراهية ضد الطلاب المؤيدين للفلسطينيين
  • إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل فلسطيني بالتعليم
  • 700 ألف فلسطيني بلا طعام وتحذيرات من تحول غزة إلى مقبرة جماعية
  • أردوغان: ما تقوم به إسرائيل في سوريا استفزاز لا يمكن القبول به
  • جامعات أمريكا تنتفض ضد ترامب.. 400 رئيس يعارضون قمع مناصري فلسطين
  • البيت الأبيض: ترامب يركز على تراجع معدلات التضخم التي خلفتها إدارة بايدن
  • رئيس مجموعة ضغط يحذر من خطر نتنياهو على مستقبل إسرائيل