لا تزال قضية التجديد في مسارات الأمة، يكتنفها الكثير من التردد وعدم النظرة الإيجابية لمنطقه في إصلاح واقع الأمة، صحيح أنه لا أحد يعترض على فكرة التجديد، كونه له خلفية فكرية إسلامية أصيلة منذ العصر الأول، لكن الإشكال أن الأمة أثرت فيها المصطلحات والمفاهيم الغربية، المنبثقة من التشريعات الغربية أثناء فترة الاستعمار، لذلك نرى أن أمتنا لن تتقدم وتنهض بتقليد الغرب وسبل نهضته دون أن تبدع من ثقافتها، أو من خلال المنهج الذي اتبعه الآخر فيما سلك طريق النهضة والتقدم، مثلما أخذ الغرب المنهج من الحضارة الإسلامية، في أوج عزها ونهضتها وتفوقها العلمي.

وكل الحضارات استفادت من الحضارة التي سبقتها، لكن ليس بالتقليد بل بالإبداع، والحفر في الفكر من داخل الأمة ومن هويتها الذاتية؛ لأن التجديد لن يتحقق بالتقليد من الآخر، بل إن التقليد يعني الاتباع، كما أن التجديد في مفهومه العام، هو قرين الإصلاح المنشود، مسألة مطلوبة وأساسية، والحاجة له بدأت منذ الخليقة كمطلب للتجديد في المتغيرات الحياتية، وإيجاد وسائل للإصلاح عندما تتراكم بعض الآراء المتناقضة، وتخالف الثوابت الفكرية عندما تأتي أشياء أخرى تخالف الفكر الذي استقرت عليه أمة من الأمم وصار جزءًا من ثقافتها، وهذا مقصد التجديد وروحه، خاصة وعندما يستحكم التقليد والجمود على الآراء الثابتة دون الإصلاح في القضايا الاجتهادية، وإدخال آراء وأفكار بعيدة عن أصولها الصحيحة لما هو أدق وأجدر بالاتباع والاقتداء، والإشكالية أن الأمة منذ قرنين، ومع ما سميّ بـ(صدمة الغرب)، وتعني أن الفارق الكبير مع الغرب في النهوض والتقدم في كل المجالات، بعد اكتشاف أوروبا من خلال بعض البعثات الدراسية لأوروبا في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، شكّل ما قيل عنه بـ«متاهة الوعي الجديد» الذي جعل الفرق بيننا وبينهم كبيرًا وضخمًا، بين ما يعيشه الغرب من تقدم على كل المستويات، وخاصة الصناعة، وبين وضع العرب والمسلمين من تخلف وتراجع علمي ونهضوي.

وهذا ما دعا بعض من أن يطلق صيحة لوعي الأمة للخروج من وضعها المتخلف في النهضة العلمية ومجال العمران وغيرها من أسباب التقدم، مما نحن فيه من ترد وتراجع ومن أزمات من المهم الخروج منها، ولا نزال نحتاج إلى أن نعيد النظر ونجدد في أفكارنا وفي عقولنا، وهو ما أشار إليه شكيب أرسلان في كتابه (لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم)، هذه الصيحة الواعية بالظرف القاهر لوضع الأمة الحضاري والقيميّ، كان مدار اهتمام المصلحين من أبناء الأمة، على مختلف مدارسهم الفكرية، والإشكالية أن البعض بدلًا من يجعل تقدم الآخرين، مراجعة لنا في الوعي الأمة لاستنهاضها، أنهار للواقع الذي رآه، إلى حد الانبهار، والدعوة إلى تقليده في حياته وملبسه وثقافته، وهذا الانبهار والاستسلام لا يحقق نهضة ولا يصنع تقدمًا، بل إنه مجرد استهلاك لما فعله الآخر والذوبان في نهضته، حتى وصل فيما وصل إليه..

ففي كتابه (تجديد الوعي) للكاتب والأكاديمي المعروف الدكتور عبدالكريم بكار، أشار في مقدمة هذا الكتاب إلى أهمية السعي الدائم إلى فهم المتغيرات والتحولات الفكرية، بحيث التعرف على ما يجري من تطورات علمية وتقنية، ومحاولة استقراء التحديات التي تقف حائلًا وراء تراجعنا وتخلفنا «فبعد أن يتعرف المرء وضع الأمور في نصابها الصحيح بتجرده عن مغريات الهوى، وتهويمات الظنون يضحي لزاما عليه أن ينظر في آليّات استيعابه للواقع، وفي تنظيم ردود فعله عليه. إن التجديد -كما يشير بكار- يعني السعي المستمر إلى اكتشاف توازنات جديدة داخل فكرنا وثقافتنا بما يدعم وجودنا القيميّ». ولا شك أن أزمة الوعي التي وقعت فيها الأمة، بسبب تخلفها أدت إلى ارتباكها في تحديد الأولويات، وكيف نتخذ موقفًا حضاريًّا للخروج من هذا الواقع الصعب، الذي نتج عنه التراجع في كثير من المجالات، وهذا بلا شك سبب انقسامًا في الوعي، كيف نبدأ في ترتيب الأوضاع؟ وكيف يتم انتشالنا مما نحن فيه؟ وهذا حقيقة إشكالية فكرية، تجاه وعينا وارتباكه، فكانت كما هي التي جعلت هذا التمزق لنا والتشتت من قرون، وبقي عقلنا عاجزًا عن المراجعة الجادة لواقعنا الراهن.

وهذا ما اهتم به علماء ومفكرون منذ العصور الأولى للإسلام، ومن هؤلاء الإصلاحيون في القرن التاسع عشر من أمثال المصلح جمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وتلاميذهم في القرن العشرين، وهذا ما أسهم في فتح آفاق التجديد في الفكر الإسلامي، وإبعاد الجمود الذي استشرى في الأمة وأضاف إليها الاحتلال الأجنبي من إشكالاته ومساوئه الكثيرة، بهدف تحقيق أهدافه لتغريب المجتمعات، ولذلك تطلب الأمر مواجهة التغريب الذي يريد أن يتجاوز ما هو مستقر من الثوابت في فكرنا العربي الإسلامي، وهي بلا شك تحتاج إلى رؤية تجديدية وإصلاحية لتخطي واقع الأمة في راهنها القائم، وهناك مسائل ليست في أصل الدين، وبعض هذه الأفكار دخيلة عليه، وقد عبّر الدكتور برهان غليون عن هذه القضية بقوله: «ليس الحديث في تجديد الفكر الإسلامي من الموضوعات الحديثة أو الراهنة في العالم العربي أو الإسلامي. فقد كان تاريخ المسلمين حافلًا بمحاولات الإصلاح والتجديد والإحياء.

ولعل المحاولة الأكثر شهرة في العصر الحديث هي ما قامت به المدرسة السلفية في نهاية القرن الماضي والتي استمر الفكر الإسلامي المعاصر يسير عليها في اعتقادي إلى يومنا هذا. ونستطيع أن نقول: إن جميع محاولات الإصلاح الماضية والحاضرة ما زالت تستقي من مفهوم رئيس واحد هو العودة إلى الأصول. والعودة إلى الأصول تعني في الواقع إعادة الحياة إلى القيم والمعاني السليمة التي تعيد الإسلام إلى ما كان عليه وقت نزوله، أي إلى حقيقته».

لذلك أصبح تجديد الخطاب الديني ملحًّا ومهمًّا خاصة في ظل تصاعد الكثير من الخطابات الفكرية في عصرنا الراهن في ظل التحولات الفكرية وتصاعد مد العولمة وإرهاصات الاختراق الفضائي عالميًّا، مع بروز بعض الخطابات الدينية المتطرفة، التي لا تمثل فكرًا إسلاميًّا مستمدًا من الرؤية الصحيحة للإسلام، ويقابله من جانب آخر بعض الخطابات الأخرى التي تطرح خطابًا تغريبيًّا بعيدًا عن قيم الأمة وتراثها، ولا ينبعث من واقع فكرنا الإسلامي ولا يلامس قضاياه الصحيحة في ظل وجود خطاب ديني تقليدي سكوني وثابت على مقولات وخطابات وتراث السابقين الذين خاطبوا عصرهم بظروفه ومشكلاته، لكنها -أي هذه الخطابات- في بعض مضامينها لا تتناسب وراهننا الحالي بتحدياته المتعددة، مع تقديرنا واحترامنا لهذا التراث، ومكانته في فكرنا الإسلامي.

من هنا أصبح من الضروري تجديد الخطاب الإسلامي بما يلامس واقعنا، ويحرك الساكن الفكري؛ لأن مهمتنا الأساسية ليس القبض على التاريخ وقضاياه، بل إصلاح الواقع مع توظيف ماضي الأمة العريق والقويم في النهوض بالواقع وإصلاحه، وعلينا أن نوضح في مسألة تجديد الخطاب الديني أن نفرق بين الفكر الإسلامي البشري، وبين نصوص الوحي وقطعياته الثابتة، فالمحدد في الخطاب الإسلامي في عمومه هو التزامه بالمرجعية الإسلامية، وضرورة أن لا يحيد عن منهجها في الرؤية والهدف، لكن عليه أن يكون الخطاب الساكن الجامد غير المتابع والراصد لكل التحولات الراهنة، لا يستطيع أن يضع الخطاب المناسب والعميق لما يدور حوله ويظل رهين آليات الفهم التقليدية في الخطاب الذي لا يجد الاستجابة والتأثير في الداخل، أو الإقناع والتفهم في الخارج.

لذلك على أمتنا أن تعي أهمية تجديد الخطاب الإسلامي لواقعها، وللتحديات التي تحيط فيها من كل جانب، فالمهمة الأساسية لنا ليست فهم التاريخ وإعادة إنتاجه، وإنما إصلاح الواقع ومشكلاته وتحدياته، فالانشغال بالماضي ومحاولة فهمه من الأمور التي تستهلك الكثير من طاقاتنا وأوقاتنا، فإذا وصلنا إلى النقطة الجوهرية في الموضوع، وهي كيفية توظيف الماضي في النهوض بالواقع، وكيفية استخدام التاريخ أداة لتربية الأجيال الجديدة -وجدنا أذهاننا مرتبكة وطاقاتنا مستنفدة.

وفي بعض الأحيان أشعر أننا لا نبحث عن مستقبل بل هو تطوير للواقع -كما هو الشيء البدهي- وإنما نبحث عن مستقبل الماضي متجاهلين المعطيات الملموسة التي تحيط بنا من كل جانب! وهذا ما جعل بعض منافسي الخطاب الإسلامي يصفونه بأنه خطاب ماضوي أو تراثي.

إننا ونحن نقرأ التاريخ قد نتجاوز مسألة استلهامه أو أخذ العبرة منه إلى محاولة تكرير وقائعه وتجاربه وما ذاك إلا لأننا نظرنا إلى الأحداث التاريخية وكأنها سلعة يمكن نقلها من مكان إلى آخر. وهذا طبعًا غير صحيح، فالتاريخ لا يعيد نفسه، والممارسة الجيدة والجهد المتواصل والمنظم هو الذي يسمح -بعد توفيق الله تعالى- للانتصارات الكبرى والمنجزات العظيمة بالظهور؛ لكنها إذ ذاك لا تحمل صور المنجزات القديمة، وإنما روحها ورمزياتها.

صحيح أن الأزمة الحضارية للأمة قد حالت دون انطلاقتها كما ينبغي لها، وأن التخلف جعل الأمة تتشبث بتراثها وهويتها باعتبارهما الملاذ الأخير من الذوبان والانسحاق أمام الاختراق الثقافي والفكري، لكن هذا الواقع المتأزم لا يعفي هذه الأمة من الصمود والنهوض لتغيير ظرفها الطارئ، ولا تستسلم لهذه الأزمة التي لها أسبابها الكثيرة، وعلى الخطاب الإسلامي أن يواجه بصلابة طغيان الفكر الغربي الغازي والمستورد، نرى أن عليه أن يجعل من قضية إصلاح مناهج الفكر وإسلامية المعرفة قضيته الرئيسية والأساسية، قصده من ذلك تحقيق الأصالة الإسلامية المعاصرة -وتمكين الأمة من الشهود النهضوي الحضاري، من خلال استلهام الأصالة وهضم الحداثة، وتقديم ذلك في مشروع معاصر موحد كامل متحرر من السلبيات، يقوم على فكر سليم دون أزمات، ومنهج واضح دون خطأ أو انحرافات، وثقافة بانية دون آفات، وحضارة شاهدة دون قصور أو معوقات..

ويناقش الباحث زكي الميلاد من خلال رؤيته في تجديد فكرنا العربي/ الإسلامي، من النظرة لذلك لا يتحقق إلا من خلال النظرة الواعية لقراءة التراث العربي، فالتراث الذي يعيش فينا، لا بد من إعادة النظر إليه «في إطار جدلية التراث والمعاصرة، بمعنى أن التجديد في الفكر الإسلامي لا يمكن أن يتحقق دون إعادة قراءة التراث من جديد، وبمنهج العقل النقدي، وعلى أساس فلسفة التواصل وليس الانقطاع، وبخلفية الهضم والاستيعاب، وسعيًا نحو التجاوز والإبداع.

كما لا معنى للتجديد، إذا لم يبدع الفكر الإسلامي معاصرته وحداثته في إطار شروطه التاريخية والثقافية، ويبرهن على قدرته في مواكبة العصر، والانخراط في تجربة الحداثة العالمية، والمشاركة في إنتاج المعرفة الإنسانية».

ولا شك أن الأستاذ زكي الميلاد، استوفى في طرح هذا الجانب المهم، بصورة تعدت الكثير من الأطروحات التي ناقشت قضية التجديد في الفكر الإسلامي، وبصورة شاملة وكلية، من حيث تحليل الواقع العربي الإسلامي الراهن، منذ أن بزغ الحديث عن أهمية وضرورة التجديد، خصوصًا أن الأستاذ الميلاد، ركز على قضية المنهجية والعلمية في طرح قضية التجديد، إلى جانب بسط الرؤى التي تسهم في أفكار نيّرة ومتوازنة، ومنها التفاعل مع العصر ومستجداته، دون التفريط بالتراث وبحسب الأستاذ الميلاد «لا يمكن أن نواجه علوم العصر بعلوم التراث، كما لا يمكن أن نواجه علوم العصر بالتخلي عن علوم التراث، وهذا ما يريد أن يدفعنا إليه البعض على خلفية أن من دون التخلي عن علوم التراث لن نقترب من علوم العصر، وهذا هو الوهم بعينه، فليست هناك أمة حية تقطع صلتها بذاكرتها، وتفصل نفسها عن تراثها، وتمحو علاقتها بتاريخها».

وهذا القول الأخير هو زبدة رؤية الأستاذ الميلاد في هذا الكتاب، من حيث الموازنة الحصيفة بين الانفتاح على العصر وعلومه الجديدة، وتحولاته الفكرية، وبين الأخذ والاستفادة من تراثنا الضخم، مع ضرورة التجديد باعتباره سنة كونية وطبيعية في حياة الأمم، وهذا ما فعلته الكثير من الحضارات والثقافات، عندما تعرفت على حضارات الشعوب الأخرى، من خلال الفرز والانتقاء، بما يحقق نهضتنا وتقدمنا، وليس القطيعة والارتماء في فكر الآخر وثقافته.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الخطاب الإسلامی الفکر الإسلامی تجدید الخطاب التجدید فی الکثیر من فی الفکر من خلال وهذا ما

إقرأ أيضاً:

ذكرى تولي الإمام الطيب مشيخة الأزهر.. 15 عاما من التطوير ونشر الفكر الوسطي

تحل علينا الذكرى الخامسة عشرة للإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، في مشيخة الأزهر الشريف، الإمام الأكبر الذي طاف العالم شرقا وغربا لتصحيح صورة الإسلام ونشر الوسطية وصحيح الدين.

شيخ الأزهر: الإيمان باسم "الرقيب" يدفع المسلم إلى التزام التقوى واجتناب الفواحششيخ الأزهر في خطاب بالأمم المتحدة: الإسلاموفوبيا نتاج للجهل بحقيقة الإسلامالسيرة الذاتية لشيخ الأزهر

ولد الإمام أحمد محمد أحمد الطيب الحساني، بقرية القرنة التابعة لمحافظة الأقصر بصعيد مصر، في 3 صفر 1365هـ الموافق 6 يناير عام 1946، لأسرة صوفية زاهدة، وبيت عِلم وصلاح، ويعود نسب أسرته إلى سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.


تربَّى في ساحة والده الشيخ محمد الطيب -رحمه الله-، وحَفِظ القرآن الكريم في صغره، وأتقن العديد من المتون العلميَّة على الطريقة الأزهرية الأصيلة.

التحق الإمام الأكبر، بمعهد إسنا الديني، ثم بمعهد قنا الديني، ثم بشُعبة العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بالقاهرة، وتخرَّج فيها بتفوق عام: 1969م، ثم عُيَّن معيدًا بالكلية.

المسيرة العلمية

▪️ حصل فضيلة الإمام على درجة الماجستير شعبة العقيدة والفلسفة، عام: 1971م.
▪️ حصل على الدكتوراه من الشعبة نفسها، عام: 1977م.
سافر في مهمة علميَّةٍ إلى جامعة باريس بفرنسا عام: 1977م، وظل بها مدة ستة أشهر، ويُجِيد فضيلتُه اللغة الفرنسية إجادةً تامَّةً، ويترجم منها إلى اللغة العربية.
▪️ حصل على درجة أستاذ بالكلية، عام: 1988م.
▪️ انتُدِب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، عام: 1990م.
▪️ انتُدِب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية بنين بأسوان، عام: 1995م.
▪️ درَّس فضيلته بعددٍ من جامعات العالم الإسلامي في الرياض، والدوحة، والعين، وإسلام آباد.
▪️ عُيِّن عميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، في العام الدراسي 1999/ 2000م.
▪️ عُيِّن مفتيًا لجمهورية مصر العربية من مارس 2002م، حتى سبتمبر 2003م.
▪️ عُيِّن رئيسًا لجامعة الأزهر، من سبتمبر 2003م، حتى مارس 2010م.
▪️ وفي مارس 2010م تولى فضيلته إمامة مشيخة الأزهر الشريف حفظه الله ومتَّعه بالصحة والعافية.
▪️ ويشغل فضيلته رئاسة هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والمجلس الأعلى للأزهر، واللجنة الدينية باتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومجلس أمناء بيت الزكاة والصدقات المصري، وغير ذلك من عضويات المجامع والمجالس والجمعيات والمؤسسات واللجان؛ مما لا يتسع المقام لذكره.

مؤلفات شيخ الأزهر

▪️ لفضيلة الإمام مؤلفات عديدة منها: (مقومات الإسلام - آداب وقيم - البحث عن السلام - الجانب النقدي في فلسفة أبي البركات البغدادي - مباحث الوجود والماهيَّة من كتاب المواقف، عرض ودراسة - مدخل لدراسة المنطق القديم - بحوث في الفلسفة الإسلامية، بالاشتراك مع آخَرين - تعليق على قسم الإلهيات من كتاب تهذيب الكلام).
▪️ وأبحاث منشورة في مجلات علمية مُحكَّمَة، منها: (أسس علم الجدل عند الأشعري - التراث والتجديد، مناقشات وردود - أصول نظرية العلم عند الأشعري - مفهوم الحركة بين الفلسفة الإسلامية والفلسفة الماركسية).
▪️ بالإضافة لتحقيقاته، والتي منها: تحقيق رسالة «صحيح أدلة النقل في ماهية العقل» لأبي البركات البغدادي، مع مقدمة باللغة الفرنسية، نشرت بمجلة المعهد العلمي الفرنسي بالقاهرة.
▪️ ولفضيلته مترجمات عديدة من الفرنسية للعربية، منها: (ترجمة المقدمات الفرنسية للمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي - ترجمة كتاب: Osman Yahya, Histoire et classification de l'oeuvre d'Ibn Arabi من الفرنسية إلى العربية، بعنوان: «مؤلفات ابن عربي تاريخها وتصنيفها».
▪️ أبحاث قُدِّمت للمؤتمرات والنَّدوات، منها: (نظرات في قضيَّة تحريف القرآن المنسوبة للشيعة الإماميَّة - ضرورة التجديد - الشيخ مصطفى عبد الرازق المفتَرى عليه).

دور الأزهر العالمي

وللأزهر الشريف مكانة عالمية مرموقة في دول العالم كافة شرقًا وغربًا؛ لعراقة تاريخه، ووسطية منهجه، وعظم مكانته في الوجدان الإسلامي، واشتباكه الدائم مع القضايا المُجتمعية والدولية بما يدعم السَّلام والأُخوة والعدالة؛ فهو أحد أهم ركائز قوة مصر الناعمة؛ محليًّا، ودوليًّا.

ومنذ اليوم الأول لتولي فضيلة الإمام الطيب مشيخة الأزهر الشريف، حرص فضيلته على اضطلاع الأزهر الشريف بدوره الرائد عالميًّا، بما يؤدي رسالته الوسطية في أنحاء العالم على أتمِّ وجهٍ، في ظل تحديات عُظمى إقليمية، وعالمية.
فكان الآتي:
▪️ ترأس فضيلته مجلس حكماء المسلمين منذ عام 2014م؛ بهدف توحيد جهود الأمة الإسلامية؛ لتعزيز قيم المواطنة، والعيش المُشترك، ومُواجهة التَّطرف.
▪️ طوَّر -حفظه الله- تعليم الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف من خلال إنشاء «مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين»؛ خدمةً لـ 40 ألف طالب من 110 دول، وإنشاء معاهد أزهرية في دول قارة أفريقيا، وافتتاح المقر الإقليمي لاتحاد جامعات شمال إفريقيا بجامعة الأزهر.
▪️ عَقد مؤتمرات عالمية كبرى حظيت بحضور دولي رفيع من النخب الدينية والفكرية والسياسية والثقافية من مختلف دول العالم؛ لمناقشة أهم القضايا العالمية وطرح حلول لمشكلاتها، ومنها: ندوة الأزهر الدولية «الإسلام والغرب .. تنوُّع وتكامل» التي شارك فيها 13 رئيسًا ورئيس وزراء سابق من قارتي آسيا وأوروبا، ومؤتمر «الأزهر العالمي لنصرة القدس» الذي حظي بحضور مشاركين من 86 دولة، ومؤتمر «الحُرية والمُواطنة .. التَّنوع والتَّكامل» الذي شهد أرفع حضور للقيادات والنُّخب الإسلامية والمسيحية في الشرق، و«مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي» بمشاركة نخبة من كبار القيادات والشخصيات السياسية والدينية البارزة على مستوى العالم، وممثلين من وزارات الأوقاف ودور الإفتاء والمجالس الإسلامية من 46 دولة من دول العالم الإسلامي.
▪️ قاد فضيلته التَّقارب الإنساني بين الأديان بالتعاون مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، ووقعا معًا «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي تعد الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين الأزهر الشَّريف وحاضرة الفاتيكان، كما تُعد من أهم وثائق تاريخ العالم الحديث.
▪️ ترأس فضيلته العديد من جولات الحوار بين الشرق والغرب، ووصلت جولاته الخارجية إلى ما يزيد على 34 زيارة شملت 21 دولة هي: الأردن، سلطنة عمان، السعودية، الكويت، البحرين، الإمارات، إندونيسيا، أوزبكستان، كازاخستان، الشيشان، سلطنة بروناي، سنغافورة، نيجيريا، موريتانيا، بريطانيا، إيطاليا، البرتغال، ألمانيا، سويسرا، الشيشان، فرنسا، الفاتيكان.
▪️ استقبل فضيلته العديد من قادة وزعماء العالم في مشيخة الأزهر الشريف، من أبرزهم: المستشارة الألمانية «انجيلا ميركل»، والرئيس البرتغالي «مارسيلو دي سوزا»، وقداسة البابا «فرانسيس» بابا الفاتيكان، والرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون»، والعاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، والعاهل البحريني الملك «حمد بن عيسى آل خليفة»، والرئيس الفلسطيني «محمود عباس»، وولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سليمان»، وولي عهد أبو ظبي الشيخ «محمد بن زايد»، إضافة لرؤساء كل من: سنغافورة، وبوركينا فاسو، وتوجو، والصومال، ولبنان، وأوروجواي.
▪️ شارَك فضيلتُه في العديد من المؤتمرات واللقاءات الإسلامية والدولية، في الأردن، وإندونسيا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وسويسرا، وروما، والولايات المتحدة الأمريكية.
▪️ وسَّع فضيلته من حجم التَّواجد العالمي لـ«المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف» في مصر والعالم؛ حيث وصل عدد فروعها إلى 20 فرعًا حول العالم، خلال عام 2019م؛ لتمتد خريطة انتشار المنظمة وتشمل 20 فرعًا في: (نيجيريا - جزر القمر - جنوب أفريقيا - كينيا - تنزانيا - كوت ديفوار - تشاد - مالي - الصومال - الكاميرون - غانا - بروناي - السودان - إندونيسيا - ماليزيا - الهند - باكستان - تايلاند - ليبيا - بريطانيا)، كما قدم أزهريون من دول مختلفة طلبات لتأسيس فروع للمنظمة في دولهم، بالإضافة إلى انتشار فروع لها في 17 محافظة مصرية.
وغير ذلك من جهود فضيلة الإمام الأكبر في تعزيز عالمية الأزهر الشريف.

تجديد الفكر الديني

وكان الأزهر الشريف طيلة ما يزيد على ألف عام مُجدِّد علوم الأمة الإسلامية، وحامل لواء الوسطية والتيسير؛ بما ينفع الناس، ويحقق مصالحهم؛ دون تنكُّر للدين ومُسلَّماته، وهذه حِرفةٌ صعبة تحتاج لعلماء أفذاذ راسخين؛ زَخَرَ بهم الأزهر الشريف طيلة هذه الفترة.
وإن الإمام الطيب -حفظه الله- لواحد من رجالات هذا الفن، المهتمون به، المتميزون فيه، ومن أبرز جهود فضيلة الإمام في هذا الشأن:
▪️ تطوير مناهج الأزهر الشريف بما يُناسِب روح العصر، ويجمع بين أصالة النص، ومعاصرة تطبيقه في واقع الناس، من خلال إنشاء «اللجنة العليا لإصلاح التعليم»، و«لجنة إعداد وتطوير المناهج»، وهي لجنة تضم علماء مُتخصِّصين، وخبراء تربويين.
▪️ استعادة دور «هيئة كبار العلماء» الرائد في تجديد الخطاب الديني، والحفاظ على الثوابت الإسلامية في كثير من القضايا المُجتمعية والثقافية، من خلال أبحاث ومُؤلفات ومُلتقيات فكرية شبابية.
▪️ إنشاء «مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية»؛ متابعةً لمستجدات الواقع المعاصر، وتجديد الرؤية الشرعية للعديد من القضايا الفقهية المستحدثة.
▪️ إنشاء «مركز الأزهر للتراث والتجديد»، وهو مركز مُتخصص يُعنَى ببحث مسائل وقضايا الفقه الإسلامي، ويجدد النظرة الشرعية لها؛ بما يحفظ أصالة النص، ويواكب مُستجدات الواقع المُعاصر؛ وفق شروط التجديد، ودواعيه، وضوابطه، وثبات بعضِ أحكام الشَّريعة، وتغَيُّر بعضها.
▪️ تطوير برامج «الرّواق الأزهري» في الجامع الأزهر وفروعه في محافظات الجمهورية؛ ليؤدي دوره التعليمي والدعوي للمصريين والأجانب من الناطقين بالإنجليزية، والفرنسية، والألمانية؛ وفق منهج الأزهر الوسطي والمُستنير.
▪️ إطلاق مشروع «الاستكتاب العلمي» التابع لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، والذي تديره لجنة عليا بالأزهر الشريف، في إطار خطته الشاملة لمواكبة المستجدات المعاصرة، ومسايرة ركب التقدم، والاستمرار في عملية التجديد التي يقوم بها؛ لا سيما في صناعة الفتوى.
▪️ استحداث وحدة «التنمية والاستثمار» التابعة لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية؛ لتقديم الفتاوى الاقتصادية المتخصصة لجمهور المستفتين حول الاقتصاد وفقه المال والأعمال بما يواكب مستجدات الواقع ويراعي مصالح الناس.
وغير ذلك من جهود الإمام الأكبر في إرساء دعائم التجديد، ومواكبة مستجدات الواقع.

مقالات مشابهة

  • «الصحفيين» تشكر مجلس الدولة لموافقته على الإشراف على انتخابات التجديد النصفي للنقابة
  • أول تعليق لـ بنتايج بعد التجديد للزمالك| ماذا قال؟
  • رئيس جامعة القاهرة يفتتح أعمال التجديد والتطوير في مستشفى الأمراض الباطنة
  • كروم كاست رجع زي الأول.. جوجل يطلق تحديثًا لإصلاح كل المشاكل
  • ذكرى تولي الإمام الطيب مشيخة الأزهر.. 15 عاما من التطوير ونشر الفكر الوسطي
  • بعد فتح ملف العمارات المتهالكة بالنواب.. ما ضوابط التجديد والترميم؟
  • التداعيات المناخية والديون.. دعوة لإصلاح شامل للعدالة المالية وحقوق الإنسان
  • الحكومة تعرض تصورها لإصلاح أنظمة التقاعد بعد العيد
  • على مائدة الفكر