ما هي أهداف نتنياهو من استئناف الحرب على غزة وإلى أين تتجه المنطقة؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
أعطت الأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة التصعيد الإسرائيلي سياقًا مختلفًا عما كان عليه الحال في 8 أكتوبر/تشرين الثاني 2023 غداة شن حماس هجوم طوفان الأقصى. ما يدفع لطرح عدة أسئلة: كيف اختلفت ظروف حرب إسرائيل على غزة عما كانت عليه سابقًا؟ ما هي أهداف نتنياهو من الحرب؟ وإلى أين تتجه المنطقة؟
أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باستئناف الحرب على غزة والانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار، وعلل قراره بعدة أسباب منها تكثيف الضغط العسكري على حركة حماس التي رفضت، بحسبه، مقترح مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف للمرحلة الثانية من المفاوضات، والذهاب لتحقيق أهداف الحرب المتمثلة في إطلاق سراح جميع الرهائن.
فالأحداث السياسية والعسكرية في المنطقة أعطت التصعيد الإسرائيلي سياقًا مختلفًا عما كان عليه الحال في 8 أكتوبر/تشرين الثاني 2023 غداة شن حماس هجوم طوفان الأقصى. وهو ما يدفع لطرح عدة أسئلة محورية: كيف اختلفت ظروف حرب إسرائيل على غزة عما كانت عليه سابقًا؟ ما هي أهداف نتنياهو من الحرب؟ وإلى أين ستؤول المنطقة؟
في 8 أكتوبر الماضي، قالت إسرائيل إن الحرب على غزة هي ردة فعل لهجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، ووضعت أهدافًا عالية السقف تمثّلت في القضاء على الحركة عسكريًا وسياسيًا، والتخلص مما وصفتهم بـ"أذرع الشر ووكلاء إيران"، بدءًا بحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، ونظام بشار الأسد في سوريا، وطهران نفسها. وأعلنت الدولة العبرية أن الحرب ستغير "وجه الشرق الأوسط" وفق تعبيرها. طيلة 15 شهرًا من الحرب، شهدت المنطقة سلسلة من الأحداث الجيوسياسية المتسارعة غيّرت من موازين القوى وأعطت سياقًا مغايرًا للصراع، ومنها:
تغيّر مزاج المجتمع الدولي بشكل جزئي إثر مقتل أكثر من 48 ألف فلسطيني في الحرب، وعقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارًا باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، في نوفمبر 2024، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة والضفة الغربية.
تراجع القوة والتنسيق بين الحركات المسلحة في ما يُسمى بـ "جبهات إسناد غزة" أو "محور المقاومة" ككل، بقيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بسبب تراجع قوة حزب الله العسكرية، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، خط الإمداد الأساسي للسلاح، وتشديد العقوبات الأمريكية على طهران، ووضع واشنطن الحوثيين على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، مما يزيد من الضغوطات الاقتصادية على اليمن، فضلًا عن تنفيذ البنتاغون هجمات ضد مواقعهم.
تولي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية لولاية ثانية، وانعكاس ذلك على موقف اليمين المتطرف في إسرائيل، حيث ازداد الدعم لنتنياهو في مخططاته بشأن تهجير سكان غزة، والسيطرة الكاملة على الضفة الغربية، وحتى في استئنافه للحرب على القطاع حاليًا.
التغير في هيكل قيادات الجيش الإسرائيلي، واستبدال المسؤولين السابقين بشخصيات أقرب لنتنياهو، وذلك بعد إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هيرتسي هاليفي ورئيس الشاباك رونين بار وغيرهم من القادة.
استعادة الدولة العبرية غالبية الرهائن (192 رهينة حتى الآن) من أصل 251 إسرائيلي محتجز لدى حماس، ما يجعل الخطاب الرسمي في هذا السياق أقل توترا، وإن كانت هنالك معارضة من ذوي الرهائن على استئناف الحرب.
تشديد الحصار الإنساني على غزة بعد إغلاق المعابر ومنع دخول شاحنات الإغاثة، وحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في البلاد. ما يجعل ذهاب حماس نحو تصعيد مماثل مكلفًا للحركة.
Relatedعائلات الرهائن الإسرائيليين تتظاهر أمام مقر الحكومة تنديدًا بعودة الحرب على غزةحرب غزة تتجدد... مئات القتلى الفلسطينيين وصاروخ يمني يستهدف قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية"مفاوضات تحت النار'"... نتنياهو يقول إن استئناف الحرب على غزة "ليس سوى البداية"ما هي أهداف نتنياهو من استئناف الحرب على غزة؟يقول نتنياهو إن حربه الحالية أتت كنتيجة لرفض حماس المتكرر لإطلاق سراح الرهائن ولجميع المقترحات التي قدمها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والوسيطان القطري والمصري. غير أن عدة مراقبين يعتقدون أن هنالك أهدافًا غير معلنة للحرب تتمثل في:
تهرّب حكومة إسرائيل من التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار التي وقعت عليها مع حماس، وأبرزها الانسحاب من محور فيلاديلفيا.
محاولة نتنياهو إطالة عمره السياسي من خلال إعادة إيتمار بن غفير وفصيله اليميني المتطرف "عوتسما يهوديت" إلى الحكومة، وتمرير الميزانية وتثبيت الائتلاف.
تهرّب نتنياهو من جلسات الاستماع في قضايا الفساد المتهم بها، والتي كان يتذرع بانشغاله في القضايا الداخلية والخارجية، وتوليه قيادة الحروب على "سبع جبهات" حتى يدفع القضاء لتأجيلها.
صرف انتباه وسائل الإعلام عن الاحتجاجات المتجددة ضد الحكومة الإسرائيلية بسبب إقالته رئيس الشاباك رونين بار، وإجراءات عزل المستشارة القضائية غالي بهاراف ميارا، بعد خلافات واسعة معها.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية أن موجة الغارات الواسعة في غزة، والتي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 430 فلسطينيا، وجرح أكثر من 500 آخرين، كانت تهدف للضغط على حماس حتى تظهر ليونة في المفاوضات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية وعسكرية إسرائيلية قولها إن الدولة العبرية قد تضطر في أي وقت لوقف القتال في غزة بهدف التوصل إلى صفقة مع حماس. ولفتت إلى أن ضغط عائلات الرهائن لإيقاف الحرب قد يجعل هذا الخيار مرجحًا. وهنا يُمكن طرح أسئلة عديدة: ما طبيعة التفاهم السياسي الذي سيقبل به الطرفان؟ وكيف سيوفّق نتنياهو بين إرضاء اليمين المتطرف وتلبية مطالب عائلات الأسرى المحتجزين؟
الذهاب نحو مواجهة عسكرية: قد يوحي موقف حماس بالتروي، لكنه لا يعني أن الفصيل المسلح يستبعد تمامًا الخيار العسكري، أو لم يكن يتهيأ له منذ مدة. ففي وقت سابق، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية عن مصادر خاصة قولها إن الحركة بدأت في اتخاذ سلسلة من التدابير تحسبًا لعودة المعركة، بما في ذلك تعيين قادة جدد في "كتائب القسام" الجناح العسكري لحماس، وإصلاح شبكة الأنفاق تحت الأرض، وتدريب مقاتلين جدد على القتال في حرب العصابات ضد إسرائيل. في المقابل، تعي الحركة أن ظروفها العسكرية باتت مختلفة، فـ"جبهات الإسناد" توقفت باستثناء الحوثيين، كما أن أهالي القطاع يرزحون تحت ضغوطات اقتصادية وإنسانية هائلة. من جهة ثانية، فإن رضوخ حماس لشروط إسرائيل كلها، دون إظهار القدرة العسكرية على مواجتها، قد يعني نهاية سيطرة حماس السياسي على غزة، وفرض رقابة شديدة على خط إمداد الأسلحة إليها في حال خسرت ممر فيلاديلفيا، وهو ما لن يكون بالأمر السهل.Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سرقة لا تصدق.. محكمة أكسفورد تدين لصوص المرحاض الذهبي "أمريكا" الذي سرق من مسقط رأس تشرشل مظاهرة حاشدة أمام سفارة واشنطن في تشيلي احتجاجًا على عودة الحرب على غزة الحد الأدنى للأجور: ما هي الدول الأوروبية التي شهدت أعلى الزيادات؟ حركة حماسغزةإسرائيلاليمنحزب اللهبنيامين نتنياهوالمصدر: euronews
كلمات دلالية: حركة حماس ضحايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إتفاقية سلام واشنطن غزة حركة حماس ضحايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إتفاقية سلام واشنطن غزة حركة حماس غزة إسرائيل اليمن حزب الله بنيامين نتنياهو حركة حماس ضحايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إتفاقية سلام واشنطن غزة ألمانيا إسرائيل روسيا الاتحاد الأوروبي الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي استئناف الحرب على غزة یعرض الآنNext عما کان فی غزة
إقرأ أيضاً:
سري للغاية.. خطوات نتنياهو ودوافعه لاستئناف الحرب
نسفت إسرائيل اتفاق وقف النار الذي أبرمته قبل حوالي شهرين بعد أن دأبت على انتهاكه طوال الوقت وعادت لشن حربها البشعة على قطاع غزة وبدعم أميركي. وخلافا لبداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تحظى الحكومة لإسرائيلية بدعم داخلي واسع لهذه الحرب، بل إن الكثيرين في المعارضة وأهالي الأسرى يعلنون شكوكهم القوية في دوافعها. وثمة في إسرائيل من يرى أن استئناف الحرب وانتهاك الاتفاق قد يفضي إلى حرب طويلة، وأنها قرار بإعدام من بقوا على قيد الحياة من الأسرى الإسرائيليين بعد 16 شهرا على الحرب.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها قررت استئناف الحرب على غزة بعدما شعرت أن جولة المحادثات الأخيرة في القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع كانت بمثابة الحلقة الأخيرة في المساعي الدبلوماسية المشتركة التي تبذلها إسرائيل والولايات المتحدة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وفق مقترح ويتكوف أو أي مقترح مشابه. وكان الخلاف شديدا بين ما اقترحه ويتكوف بإطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات كدفعة أولى ومواصلة التفاوض للتوصل بعدها لاتفاق وما عرضته حماس من إطلاق سراح الأسير الأميركي الحي و4 جثامين أخرى. وبعدها عرض ويتكوف الإفراج عن 10 أحياء من بين 22 أسيرا يعتقد أنهم على قيد الحياة، ثم نزل العدد إلى 8 وبعدها 5. وكانت كل هذه الاقتراحات تتجه نحو الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من دون ربطه، لا بإنهاء الحرب ولا بإعادة الإعمار، وفقط مقابل أيام هدنة ودخول مساعدات. وقد رفضت حماس كل هذه المقترحات وأصرت على الالتزام بالاتفاق المبرم والذي ضمنت أميركا في الأصل تنفيذه.
إعلانوواضح أن إسرائيل بقرارها استئناف الحرب واصلت منطقها الذي بدأت فيه قبولها مرغمة هذا الاتفاق في آخر أيام إدارة بايدن. ولم تتعامل مع الاتفاق على أنه مقبول خصوصا أن مكونات هامة من حكومة نتنياهو رفضته، ليس فقط إيتمار بن غفير وحزبه ولا بتسلئيل سموتريتش وحزبه وإنما أيضا أجنحة في الليكود نفسه. ولم يكن نتنياهو ولا حكومته في وارد البحث عن مخرج يوقف الحرب ويمنع استمرار تدهور مكانة إسرائيل الدولية خصوصا بعد اتهام المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو ووزير حربه السابق بارتكاب جرائم حرب وإصدار مذكرات اعتقال دولية لهما. ولم تكن الحكومة الإسرائيلية تنوي قط تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في الأسبوع الأخير من إدارة بايدن بشكل كامل، لكنها انتهكته بشكل أكبر مما كان متوقعا. فقد نصّ الاتفاق على أن يبدأ الطرفان، في اليوم الـ16 من وقف إطلاق النار، مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي تشمل الانتقال إلى إنهاء الحرب. رفضت إسرائيل ذلك، وعرقلت إجراء أي مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق خلال الشهرين الماضيين. كما سعت إسرائيل لإقناع إدارة ترامب بالتخلي عن الخطوط العريضة للصفقة التي تم التوصل إليها من خلال وساطة إدارة بايدن رغم تباهي ترامب بأنه كان وراء هذا الاتفاق. وعمد نتنياهو لحث الأميركيين على تقديم مقترحات جديدة للتحايل على الالتزام المركزي في الاتفاق الأصلي بإدارة مفاوضات لإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة.
وفي هذه الأثناء حاولت إدارة ترامب إجراء اتصالات مباشرة مع حماس لإطلاق سراح الرهائن الأميركيين الخمسة والتوصل إلى اتفاق سياسي أوسع ولكن اكتشاف إسرائيل لهذه الاتصالات قاد إلى إجهاضها. وبعد تراجع أميركا عن هذه الاتصالات، بلورت مع إسرائيل اقتراحات ربط تمديد وقف النار بإطلاق سراح أسرى إسرائيليين، وتم الانتقال إلى منهج إطلاق التهديدات والسعي لتنفيذها. وتقلب ترامب وإدارته بين إطلاق الوعود بإنهاء الحروب في العالم وفي المنطقة، وبين التهديد بـ"جحيم" و"جهنم" ليس أقل من تبني منطق نتنياهو في "الحرب الأبدية".
وفي نظر الكثيرين من الإسرائيليين وخصوصا الساسة السابقين وأغلب رجالات الجيش والأمن السابقين والحاليين كانت الحاجة ماسة لاتفاق وقف النار وإنهاء الحرب وإعادة الأسرى. ولم يكن هذا أبدا رأي نتنياهو وأنصاره فقد كانت الحرب، ولا تزال، جزءا من مخطط إبقاء الحكومة وحمية رئيسها وتنفيذ الانقلاب القانوني حتى لو كانت النتيجة هدم المعبد. وبقيت حكومة نتنياهو وأنصارها يدعون إلى "الحرب الأبدية" التي تحقق "النصر المطلق" و"أهداف الحرب". وكان عنوان ذلك هو استمرار الضغط العسكري وتصعيده رغم كل القرائن على أن هذا الضغط قاد في الجوهر إلى قتل الأسرى وليس إعادتهم أحياء وأن الأحياء عادوا فعلا بفضل اتفاقات سياسية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى جملة أسباب جعلت استئناف الحرب ضرورة لنتنياهو وحكومته. وبديهي أن بين أول هذه الأسباب الدعم الأميركي الأعمى لإسرائيل والإيمان بأن أهدافها في الحرب هي ذاتها أهداف أميركا وأن هذه الأهداف تقود تحقيق مطامح أميركا في الشرق الأوسط. وثاني هذه الأسباب الورطة الكبيرة التي وجدت حكومة نتنياهو نفسها فيها: أزمة وزارية حادة مع الحريديم بسبب قانون التجنيد وأزمة وزارية بسبب مواقف سموتريتش من وقف الحرب وأزمة حكومية بسبب العجز عن إقرار الميزانية وأزمة فقدان الثقة مع من يعرفون في إسرائيل بـ"حراس العتبة". وحراس العتبة هم في إسرائيل كبار المسؤولين المهنيين في الدولة وخصوصا في سلك الجيش والأمن والقضاء. وتقريبا تصادم نتنياهو وحكومته مع كل هؤلاء؛ وهذا أدى مؤخرا إلى إقالة وزير الحرب السابق يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وإعلان نية إقالة رئيس الشاباك رونين بار وبدء إجراءات إقالة المستشارة القانونية للحكومة جالي بهراب ميارا.
وليس مستبعدا أن بين أسباب استئناف الحرب على غزة إدراك حكومة نتنياهو لبعض التغييرات في الموقف الأميركي تجاه خطة إعادة الإعمار المصرية العربية والتي باتت تكتسب زخما دبلوماسيا. وهذا ينذر باحتمال ضياع الفرصة التي ألهبت خيال اليمين الصهيوني بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة وفق رؤية الرئيس ترامب.
إعلانوثمة سبب آخر يتمثل في تعيين إيال زامير رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي وبهدف تحقيق أهداف الحرب؛ ما دعاه إلى تسهيل اختبار نفسه وقواته على وجه السرعة. وكان أعلن أنه يمكن هزيمة حماس في عملية برية مختلفة خلال شهرين خلافا لموقف سلفه الذي شن حربا لأكثر من عام وبضعة شهور ولم يحقق الأهداف التي حددتها حكومة نتنياهو. وخطة زامير تتجاهل الوضع المتأزم داخل قوات الخدمة الاحتياطية والانهاك الذي يعيشه جيش يخوض حربا منذ حوالي عام ونصف. ولا يمكن استثناء الظروف العامة والخاصة بنتنياهو ومنها محاكمته الجارية بتهم الفساد واستعداد الكثير من الهيئات الشعبية والنقابية والأكاديمية استئناف الاحتجاجات الشعبية سواء ضد الانقلاب القانوني أو من أجل إنهاء الحرب وتبادل الأسرى.
ويساعد في تعاظم هذه الاحتجاجات إيمان الكثيرين بأن دوافع استئناف الحرب شخصية وحزبية وأنها مسعى يهدف للالتفاف على الإرادة الشعبية وتمرير قرارات معادية للديمقراطية. ويرى هؤلاء في عودة بن غفير إلى صفوف الائتلاف ومقاعد الحكومة دليلا على العوار الكبير في دوافع استئناف الحرب خصوصا أن هذا كان بين اشتراطات بن غفير إضافة إلى إقالة كل من رئيس الشاباك والمستشارة القانونية للحكومة. وطبيعي أن يرى كل هؤلاء أن استئناف الحرب لا معنى له سوى التخلي تماما عن استعادة الأسرى بعد أن لم يعد هدفا قيميا ساميا.
واستبقت إسرائيل استئناف الحرب بإطلاق سلسلة من العمليات العسكرية والتضليل الإعلامي. وتقريبا حاولت في الأيام الأخيرة أن تلصق بكل عملية اغتيال نفذتها ضد مدنيين في شمال ووسط وجنوب غزة صفة إجهاض عمليات زرع ألغام وعبوات ضد قوات الاحتلال. وأشاعت أن حماس والمقاومة تستعد لشن هجوم بري واسع على المستوطنات في غلاف غزة. وكثير من مثل هذه الادعاءات وآخرها تجريم مشروع مأدبة إفطار في بيت لاهيا وقتل 6 مدنيين بينهم صحافيون بدعوى تسيير درون لاستهداف قوات إسرائيلية. وكانت كل هذه العمليات مجرد تسخين ميداني وبهدف إدارة مفاوضات تحت النيران وفق سياسة باتت معلنة على كل الجبهات تقريبا.
وفي كل حال أرفقت إسرائيل استئنافها للحرب وهجومها الواسع على قطاع غزة بإعلان أنها لن تقبل بواقعٍ تشارك فيه حماس في مفاوضات للتبادل، في حين يُجهّز جناحها العسكري لهجومٍ على إسرائيل. وبحسب موقع "والا" فإن إسرائيل أبلغت حماس عبر الوسطاء المصريين أن قواعد اللعبة تغيرت وأنه لا وقف لإطلاق النار من دون التقدم في مسار إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين. كما أن يديعوت أحرونوت نشرت أن إسرائيل رفضت طلبا مصريا لوقف إطلاق النار مشترطة قبول حماس التقدم في محادثات الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين.
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أن استعدادات الجيش الإسرائيلي للهجوم المفاجئ على غزة صُنفت على أنها "سرية للغاية"، لدرجة أن قادة فرقة غزة والقيادة الجنوبية فوجئوا بها. وكتب المعلق العسكري لموقع والا أن هذا حقق المفاجأة التي أصابت قيادة حماس، بينما كانت وسائل التواصل الاجتماعي تستعد لاحتمال شن هجمات على إيران، كان الطيارون الإسرائيليون يستعدون لشن هجمات على قطاع غزة. واعتبر المعلقون الإسرائيليون أن عنصر المباغتة تحقق وأن نتيجته كانت استشهاد عدد كبير نسبيا من قادة حماس وفصائل مقاومة أخرى.
إعلانوتهدد إسرائيل بأن خطة زامير العسكرية لسحق حماس في غزة، تتحدث عن تقدم القوات داخل القطاع، و"تطهير" منطقة معينة، ونقل السكان المدنيين منها إلى ما تسميه "مناطق إنسانية، مع تفعيل برنامج مساعدة الهجرة الطوعية من القطاع لجميع الراغبين. وتأمل إسرائيل هذه المرة أن تبقى القوات الإسرائيلية في المناطق التي تحتلها وأن تتولى بنفسها إدارة أمر توزيع المساعدات الإنسانية بما يقتضيه الأمر كذلك من إدارة لحياة السكان. وتعتقد أنها بذلك تخلق بديلا لحماس تختاره بنفسها ويضمن منع تراكم خطر يكرر ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
عموما كل ما يتطلع إليه نتنياهو اليوم هو ضمان تصويت بن غفير وحزبه إلى جانب الحكومة عند عرض الميزانية العامة على الكنيست قبل نهاية الشهر الجاري. فضمان هذا التصويت يوفر أنبوب أكسجين يطيل عمر حكومة نتنياهو في مواجهة التحديات الداخلية. ولكن أمام عواصف منتظرة ليس مؤكدا إن كانت مقامرة نتنياهو هذه ستنجح هذه المرة في إزالة العقبات والعوائق التي تعترض طريقه وتمنع انهيار حكومة اليمين.