العلاقة بين إيران وحماس: هل يصلح هذا النموذج لمواجهة الفتنة اليوم؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
صدر قبل فترة كتاب جديد حول العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحركة حماس للباحثة الأردنية الدكتورة فاطمة صمادي بعنوان: "إيران وحماس من مرج الزهور إلى طوفان الأقصى- ما لم يُرو من القصة"، وهو صادر بالتعاون بين مركز الجزيرة للدراسات في الدوحة والدار العربية للعلوم (ناشرون) في بيروت، وأهمية هذا الكتاب هي في توقيت صدوره في ظل ما تواجهه القضية الفلسطينية والمنطقة العربية والإسلامية اليوم من تحديات كبرى.
فكيف يمكن الاستفادة من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لمواجهة كل هذه التحديات؟
وهل يصلح هذا النموذج اليوم من أجل مواجهة العودة إلى الفتنة المذهبية والطائفية في المنطقة؟
بالعودة إلى كتاب الدكتورة فاطمة الصمادي حول إيران وحماس، فهو كتاب تاريخي ووثائقي مهم يشرح في 380 صفحة من الحجم الكبير كيف تطور موقف إيران من القضية الفلسطينية منذ حوالي 150 عاما إلى اليوم، وهو يستعرض تاريخ هذه العلاقة منذ نشوء المشروع الصهيوني ومن ثم قيام هذا الكيان، وقبله صدور وعد بلفور، ويتضمن عرضا تاريخيا مهما وخصوصا حول مواقف السلطات الإيرانية ولا سيما في عهد الشاه رضا البهلوي وأبيه، نواجه تحديات كبرى جديدة، سواء من خلال عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبدعم أمريكي مطلق وصريح، وكذلك العدوان الأمريكي على اليمن بسبب دعم اليمن وشعبه لفلسطين وشعبها، إضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا، والتهديدات بشن حرب أمريكية وإسرائيلية على إيران، والمشروع الأمريكي- الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطينيوكذلك مواقف القيادات الإيرانية الدينية والسياسية والحزبية من أيام آية الله كاشاني ونواب صفوي وصولا للإمام الخميني وآية الله الخامنئي، وطبعا مواقف الثورة الإسلامية في إيران من القضية الفلسطينية، وكيف تطورت العلاقات بين إيران والقوى الفلسطينية سواء حركة فتح أو حركة الجهاد الإسلامي إلى حركة حماس اليوم.
الكتاب مليء بالمعلومات والوثائق المهمة، وهو يشرح بالتفصيل كيف نشأت العلاقة بين إيران وحركة حماس، وأهم المراحل التي مرت بها سواء الخلافية أو الإيجابية، وأين تلتقي إيران وحماس فكريا وسياسيا ودينيا.
ولا يمكن في هذا المقال استعراض كل ما تضمنه الكتاب من معلومات ومعطيات مهمة لأن ذلك يتطلب قراءة مفصلة وكاملة ونقدية، لكن النقطة الأهم التي أود الاستفادة منها اليوم من هذا الكتاب المهم هي حول كيفية تجاوز الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحركة حماس كل الخلافات العقائدية والسياسية والفكرية؛ من أجل التعاون لمواجهة المشروع الصهيوني ودفاعا عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وقد تكون المحطة الأبرز في هذه الخلافات الازمة السورية وتداعياتها الخطيرة والمستمرة إلى اليوم، وفي الكتاب تفاصيل هذا الخلاف وأسبابه ومن ثم كيفية تجاوزه من أجل التعاون في سيبل قضية أسمى وأكبر، إضافة إلى ما جرى في معركة طوفان الأقصى إلى اليوم من تداعيات ومتغيرات كبرى في كل المنطقة والعالم.
واليوم نواجه تحديات كبرى جديدة، سواء من خلال عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وبدعم أمريكي مطلق وصريح، وكذلك العدوان الأمريكي على اليمن بسبب دعم اليمن وشعبه لفلسطين وشعبها، إضافة إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا، والتهديدات بشن حرب أمريكية وإسرائيلية على إيران، والمشروع الأمريكي- الإسرائيلي بتهجير الشعب الفلسطيني من غزة والضفة الغربية والأراضي المحتلة في العام 1948، وذلك إلى مصر والأردن وسوريا والعراق والصومال وليبيا، وكل ذلك في ظل تداعيات التطورات في سوريا وما يجري على الحدود اللبنانية- السورية من أحداث مقلقة..
نحتاج اليوم إلى مشروع وحدوي عربي- إسلامي- مسيحي من أجل التعاون لمواجهة كل هذه التحديات وللدفاع عن وجودنا، فليست فلسطين وحدها في خطر، بل كل المنطقة والدول العربية والإسلامية في خطر، ونحن إزاء إما نكبة فلسطينية جديدة كما جرى في العام 1948، أو مشروع أخطر من ذلك يسعى إلى تهجير كل الفلسطينيين وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وفرض الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية على كل المنطقة
إزاء كل ذلك نحتاج اليوم إلى مشروع وحدوي عربي- إسلامي- مسيحي من أجل التعاون لمواجهة كل هذه التحديات وللدفاع عن وجودنا، فليست فلسطين وحدها في خطر، بل كل المنطقة والدول العربية والإسلامية في خطر، ونحن إزاء إما نكبة فلسطينية جديدة كما جرى في العام 1948، أو مشروع أخطر من ذلك يسعى إلى تهجير كل الفلسطينيين وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية ومذهبية وفرض الهيمنة الأمريكية- الإسرائيلية على كل المنطقة.
على ضوء ذلك نحتاج أن نتجاوز خلافاتنا المذهبية والطائفية والسياسية ونعود إلى القواسم المشتركة بين كل القوى العربية والإسلامية وإلى تعاون عربي- تركي- إيراني، واستنفار كل الأحرار في العالم، وإلا فإن وجودنا في خطر كبير. وحسب أكثر من مصدر قيادي إسلامي في بيروت فإن الاتصالات بين القوى الإسلامية مستمرة، كذلك هناك مساع لتجاوز بعض الخلافات بين إيران وتركيا بسبب الوضع السوري، كما أن القمة العربية الأخيرة التي عقدت في القاهرة وما نتج عنها من مقررات يمكن أن يشكل مدخلا لتعاون عربي إسلامي في المرحلة المقبلة.
فهل نستفيد من تجربة العلاقة بين إيران وحركة حماس لتجاوز كل الخلافات ونتفق على رؤية مشتركة اليوم؟ أم أننا سنغرق في الصراعات المذهبية والطائفية والعرقية والحدودية ويكون المشروع الإسرائيلي- الأمريكي هو المنتصر؟
إنها مرحلة خطيرة ودقيقة، فهل سنكون بمستوى هذه التحديات؟
x.com/kassirkassem
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإيرانية حماس الفلسطينية سوريا لبنان إيران سوريا لبنان فلسطين حماس مقالات مقالات مقالات سياسة تفاعلي سياسة اقتصاد اقتصاد رياضة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العربیة والإسلامیة القضیة الفلسطینیة العلاقة بین إیران الإسرائیلیة على من أجل التعاون هذه التحدیات تحدیات کبرى إیران وحماس کل المنطقة وحرکة حماس الیوم من فی خطر
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط على صفيح ساخن والعالم يترقب: إيران ترفض التصعيد وواشنطن تتوعد
بغداد اليوم - بغداد
في ظل التوتر المتزايد بين إيران والولايات المتحدة، تظهر رسائل متناقضة بين تهدئة معلنة وتصعيد ميداني مستمر.
طهران، عبر وكالة "نور نيوز" المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني، عبرت عن عدم رغبتها في التصعيد، مؤكدة أن أي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى نتائج كارثية على الجميع.
في المقابل، تتخذ واشنطن خطوات تصعيدية، أبرزها الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، ورسائل التحذير المباشرة إلى إيران، مما يعزز احتمالات الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.
في ظل هذه المعادلة المعقدة، يبقى التساؤل قائمًا: هل يمكن احتواء التصعيد عبر الوساطات، أم أن الصدام أصبح خيارًا لا مفر منه؟
إيران بين خطاب التهدئة واستراتيجية الردع
رغم التأكيدات الإيرانية بعدم الرغبة في التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية تحمل إشارات مزدوجة. المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، شدد على أن بلاده لن تخضع للضغوط الأمريكية، ولن تقدم تنازلات تحت التهديد. في السياق ذاته، أكد رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، أن واشنطن تحاول فرض معادلة قوة جديدة في المنطقة، لكن طهران مستعدة للرد على أي استفزاز.
وفي خطوة تعكس توجّهًا نحو استراتيجية الردع، أعلنت إيران رفع مستوى التأهب في منشآتها النووية، كما أجرت مناورات بحرية في مضيق هرمز، وهو شريان الطاقة العالمي الذي قد يصبح ساحة رئيسية لأي مواجهة عسكرية.
واشنطن تصعّد وترامب يهدد برد "سريع وساحق"
على الجانب الأمريكي، لم تترك واشنطن أي مجال للغموض في موقفها، إذ جاء التصعيد الأمريكي بعد الضربات التي استهدفت مواقع الحوثيين في اليمن، حيث توعّد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إيران بـرد عسكري غير مسبوق إذا استمرت في تهديد القوات الأمريكية أو حلفائها.
وقال ترامب في مؤتمر صحفي عقب الضربات: "لقد بعثنا برسالة واضحة إلى طهران: لا نبحث عن الحرب، لكننا لن نقف متفرجين إذا تعرضت قواتنا أو شركاؤنا لأي هجوم. ردّنا سيكون سريعًا وحاسمًا".
وبالتزامن مع هذا التصعيد، عززت واشنطن وجودها العسكري في المنطقة عبر إرسال حاملات طائرات ومدمرات إلى الخليج العربي، بالإضافة إلى زيادة الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق المواقع الاستراتيجية الإيرانية.
ماذا لو اندلعت المواجهة؟ السيناريوهات المحتملة
إذا انهارت جهود احتواء الأزمة، فإن أي مواجهة مباشرة بين واشنطن وطهران ستؤدي إلى اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية واسعة، تمتد آثارها إلى الشرق الأوسط والعالم. ومن أبرز التداعيات المحتملة:
1. العراق.. الخط الأمامي للمواجهةنظرًا للوجود العسكري الأمريكي والنفوذ الإيراني الواسع، سيكون العراق أحد أولى الساحات التي تشهد تصعيدًا. قد تستهدف الفصائل المسلحة المدعومة من إيران القواعد الأمريكية، مما يدفع واشنطن إلى تنفيذ ضربات مباشرة داخل العراق، مما يضع البلاد في قلب المواجهة.
2. الخليج العربي.. اضطرابات في أمن الطاقةقد تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، مما سيؤدي إلى انهيار إمدادات النفط العالمية وارتفاع أسعاره بشكل جنوني. السعودية والإمارات والبحرين قد تجد نفسها مضطرة للرد عسكريًا، في حين تحاول دول أخرى مثل الكويت وعُمان التزام الحياد.
3. الاقتصاد العالمي.. موجة صدمات جديدةأي مواجهة عسكرية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والذهب، واضطراب الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية، خاصة للدول الصناعية الكبرى مثل الصين وألمانيا واليابان.
4. روسيا.. دعم سياسي أم تورط عسكري؟موسكو قد تتبنى موقفًا داعمًا لإيران على المستوى السياسي والدبلوماسي، لكن التدخل العسكري المباشر يظل خيارًا غير مرجح. في المقابل، قد تستغل الأزمة لتزويد طهران بمنظومات دفاعية متطورة.
5. إسرائيل.. ضربات استباقية؟في حال تصاعدت المواجهة، قد تبادر إسرائيل بشن هجمات جوية على المنشآت النووية الإيرانية، في محاولة لمنع إيران من استغلال الحرب لتوسيع قدراتها النووية.
6. تركيا.. موقف مزدوج بين التوازن والمصالحأنقرة قد تتبنى موقفًا متوازنًا في العلن، لكنها قد تتحرك سرًا لدعم الطرف الذي يحقق لها مكاسب إقليمية، خاصة في سوريا والعراق.
7. الصين.. المستفيد الاقتصادي من الأزمة؟الصين قد تتجنب التدخل المباشر، لكنها قد تعزز علاقاتها التجارية مع إيران، وتستخدم الأزمة كفرصة لتقويض النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.
هل لا تزال هناك فرصة لتجنب الصدام؟
رغم التصعيد المتبادل، لا تزال بعض الأطراف تحاول إبقاء قنوات الدبلوماسية مفتوحة. الإمارات وروسيا تلعبان دورًا نشطًا في محاولة تقريب وجهات النظر، فيما تسعى دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا إلى إعادة إحياء مسار التفاوض حول الاتفاق النووي، رغم معارضة واشنطن لذلك.
وفي الوقت ذاته، يدرك الطرفان أن أي مواجهة مباشرة ستكون مكلفة، مما قد يدفعهما إلى الاستمرار في لعبة حافة الهاوية دون الانزلاق إلى حرب شاملة.
وفي ظل المعادلة المعقدة، تبقى المنطقة رهينة للتطورات غير المتوقعة. وبينما تؤكد إيران رغبتها في تجنب التصعيد، فإن تحركاتها الميدانية قد تزيد من احتمالات المواجهة. في المقابل، تواصل واشنطن تصعيد الضغط العسكري والسياسي، مما يجعل مستقبل العلاقات بين الطرفين مفتوحًا على كل السيناريوهات.
فهل ستنجح الدبلوماسية في تفادي الحرب، أم أن المنطقة تقترب من مواجهة قد تعيد تشكيل توازنات القوى في الشرق الأوسط؟
المصدر: قسم الرصد والتحليل في "بغداد اليوم"