شهدت الليرة التركية تراجعا حادا خلال الساعات الأخيرة، ما دفع البنوك المحلية إلى التدخل وبيع نحو 8 مليارات دولار للدفاع عنها، وفقًا لما نقلته وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر مطلعة.

يأتي هذا التراجع في أعقاب اعتقال عمدة إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، المنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، ما أثار حالة من القلق في الأسواق المالية التركية.

تدخلات مصرفية واسعة لوقف النزيف

وبحسب "بلومبيرغ"، قامت البنوك التركية ببيع حوالي 8 مليارات دولار حتى منتصف اليوم الأربعاء في محاولة لدعم الليرة، التي شهدت انخفاضًا بنسبة 11% في بعض الأوقات قبل أن تقلّص خسائرها إلى 5.5% عند مستوى 38.8565 مقابل الدولار الأميركي بحلول الساعة 12:45 ظهرًا في إسطنبول. وكان مستوى إغلاق العملة التركية أمس الثلاثاء سجل 36.67 ليرة للدولار.

البنوك التركية ببيع حوالي 8 مليارات دولار حتى منتصف اليوم الأربعاء في محاولة لدعم الليرة (رويترز) وقف سياسة التيسير النقدي

وفي ظل هذا التراجع الحاد، توقّع خبراء اقتصاديون أن يضطر البنك المركزي التركي إلى تعليق دورة التيسير النقدي في اجتماعه المقرر في أبريل/نيسان المقبل.

ووفقًا لتحليل نشرته منصة "إنفستينغ"، فإن انخفاض الليرة بنسبة وصلت إلى 11% في بعض مراحل اليوم يضع صانعي السياسات النقدية في مأزق، إذ من المتوقع أن يؤدي إلى تسارع التضخم خلال هذا الشهر.

إعلان

وأوضح محللون في "كابيتال إيكونوميكس" أنه "في الأجل القريب جدًا، يشكل هذا التطور معضلة كبيرة للبنك المركزي، إذ سيضطر على الأرجح إلى إيقاف دورة تخفيف الفائدة بدلاً من خفضها بمقدار 250 نقطة أساس كما كان متوقعًا سابقًا."

المخاوف تتزايد

إضافة إلى التأثيرات الاقتصادية المباشرة، أثارت عملية اعتقال إمام أوغلو تساؤلات حول مستقبل الإصلاحات الاقتصادية في البلاد. ويرى خبراء أن هذه الخطوة تشير إلى تزايد المخاطر السياسية وتقديم الاعتبارات السياسية على القرارات الاقتصادية، وهو ما قد يضعف المؤسسات التركية ويقوض جهود استعادة الاستقرار الاقتصادي.

الاضطرابات السياسية أثرت سلبًا على أداء الأسواق المالية التركية (الأناضول)

وكان المستثمرون يعوّلون على فترة هدوء سياسي بعد الانتخابات الأخيرة (جرت في مايو/أيار 2023)، ما كان من شأنه أن يمنح الحكومة الفرصة لتنفيذ إصلاحات مالية واقتصادية ضرورية. لكن التطورات الأخيرة بددت هذه الآمال وألقت بظلال من الشك على قدرة أنقرة على تنفيذ أي سياسات إصلاحية جادة في المستقبل القريب بحسب إنفستنغ.

ردود فعل الأسواق المالية

وأثرت هذه الاضطرابات السياسية سلبًا على أداء الأسواق المالية التركية، حيث شهدت الأسهم تراجعًا حادًا، وارتفعت عوائد السندات الحكومية، مما يعكس مخاوف المستثمرين بشأن مستقبل الاقتصاد التركي.

من جهتها أعلنت بورصة إسطنبول توقف التداول مؤقتا بعد انخفاض المؤشر الرئيسي 6.87% في التعاملات المبكرة، وتم تفعيل آلية فاصل التداول على مستوى السوق.

وتراجعت السندات السيادية لأجل عشر سنوات، مما أدى إلى ارتفاع عوائدها بمقدار 175 نقطة أساس لتصل إلى 29.94%.

وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن السياسات الاقتصادية التركية تواجه تحديات معقدة تتطلب استجابة سريعة من قبل صناع القرار، سواء في البنك المركزي أو الحكومة، للحفاظ على استقرار الأسواق واحتواء تداعيات الأزمة السياسية على الاقتصاد الوطني.

إعلان

يأتي اعتقال أوغلو بعد سنوات من المعارك القانونية ضده، ويواجه أوغلو دعاوى قضائية متعددة، قد تؤدي أخطرها إلى عقوبة بالسجن لأكثر من 7 سنوات ومنعه من تولي المناصب العامة.

من جانبه، أكد وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك أن السياسة الاقتصادية للحكومة لا تزال بلا تغيير، وقال في تغريدة على موقع إكس: "يستمر البرنامج الاقتصادي الذي نطبقه بعزم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان الأسواق المالیة

إقرأ أيضاً:

اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو

اعتقلت السلطات التركية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو ومستشاره الإعلامي، حسبما أفاد مراسل "سكاي نيوز عربية" صباح الأربعاء.

وجاء أمر الاعتقال إثر "تحقيقات في قضية فساد"، وفق مراسلنا.

وكان مراد أونجون المستشار الصحفي لإمام أوغلو، أعلن في منشور على منصة "إكس" أن رئيس بلدية إسطنبول "محتجز"، من دون إبداء أسباب.

وأظهر بث مباشر لقناة "سي إن إن ترك"، وجود العشرات من قوات الأمن أمام منزل إمام أوغلو، وذكرت القناة أن قوات الشرطة تفتش منزله في إطار التحقيق.

وقال إمام أوغلو على منصة "إكس"، إن مئات من رجال الشرطة موجودون أمام منزله، مؤكدا أنه "لن يستسلم وسيواصل صموده في وجه الضغوط".

وكانت جامعة إسطنبول أعلنت الثلاثاء إبطال شهادة إمام أغولو، أحد أبرز معارضي الرئيس رجب طيب إردوغان، مما قد يحول دون خوضه انتخابات الرئاسة المقبلة.

وذكرت الجامعة عبر منصة "إكس"، أن الشهادات التي حصل عليها 28 شخصا من بينهم إمام أوغلو "تم إبطالها بسبب الغياب وخطأ واضح".

وسارع رئيس البلدية للتنديد بهذا القرار، وكتب على منصة "إكس": "القرار الصادر عن مجلس إدارة جامعة إسطنبول غير قانوني"، مشيرا إلى أن القرار بشأن شهادته يعود لمجلس إدارة كلية تجارة الأعمال التي تخرج منها.

ويتوجب على من يسعى لخوض انتخابات الرئاسة في تركيا أن يكون حاملا لشهادة جامعية.

وتولى إمام أوغلو رئاسة بلدية إسطنبول للمرة الثانية، منذ فوزه بانتخابات محلية في مارس 2024.

ونشر مكتب إمام أوغلو نسخة من شهادة إدارة الأعمال التي حصل عليها من الجامعة عام 1995، بعدما ادعى صحفي أنه لا يحملها.

ويواجه رئيس بلدية إسطنبول سلسلة من التحقيقات والقضايا، قبل انتخابات الرئاسة المقررة عام 2028.

وسبق أن صدر بحقه حكم بالسجن لعامين و7 أشهر وحظر مزاولته الأنشطة السياسية عام 2022، لإدانته بـ"إهانة" أعضاء اللجنة الانتخابية العليا، واستأنف إمام أوغلو هذا الحكم.

مقالات مشابهة

  • السلطات التركية تتهم رئيس بلدية إسطنبول بالفساد
  • بعد اعتقال عمدة إسطنبول.. تقييد وسائل التواصل الاجتماعي وانهيار الليرة التركية
  • الليرة التركية تهبط لمستوى قياسي بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول
  • الليرة التركية تهبط لأدنى مستوى بعد اعتقال عمدة إسطنبول
  • الليرة التركية تهوي بشدة عقب حملة اعتقالات طالت رئيس بلدية إسطنبول
  • انهيار الليرة التركية وتراجع بورصة إسطنبول بعد اعتقال إمام أوغلو
  • السلطات التركية تأمر باعتقال رئيس بلدية إسطنبول
  • الليرة التركية تهبط لأدنى مستوى لها مقابل الدولار بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول
  • اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو