إلتمس النائب العام بالغرفة الجزائية الأولى لدى مجلس قضاء الجزائر اليوم الأربعاء، تشديد العقوبة في حق المتهمين غير الموقوفين. وهم الرئيس المدير السابق لفندق الأوراسي المدعو “أ.ع. القادر”. ومدير المالية بالفندق سابقا المدعو ” ك.ح” لمتابعتهما من طرف نيابة محكمة سيدي أمحمد. بجنحة إساءة استغلال الوظيفة وتبديد أموال عمومية، والتزوير واستعمال المزور في محررات إدارية.

ويكشف ملف الحال، أن السلطات القضائية فتحت تحقيق في القضية سنة 2019، إثر شكوى مصحوبة بادعاء مدني أمام قاضي التحقيق. قيّدها عمال الفندق كل من المدعو “و.عبد العزيز”، و “خ. سيد علي”، لوقوع تجاوزات خطيرة بمنبى الفندق الذين يزاولان عملهما به. في إطار إعادة تهيئته ومباشرة أشغال تجديده سنة 2009 لكي يصبح الفندق بمواصفات 5 نجوم تماشيا والخانة المصنف بها.

لتكشف التحريات الأولية، بأن الدولة “الخزينة العمومية “، خصصت غلافا ماليا ضخما لانطلاق المشروع وجعل أفخم فندق بالجزائر غير صالح. غير أنه تبخر بطريقة مشبوهة، دون تحقيق المشروع على أرض الوقائع كما جرى الاتفاق عليه. بسبب نهب مبالغ مالية معتبرة، بالعملة الصعبة ” الاورو”، وهذا في إطار صفقة تم إبرامها مع رجل أعمال تركي “مقاول”، قدرت قيمتها بـ67 مليون أورو، بما يعادل 49 مليار سنتيم. غير أن التحقيقات القضائية توصلت إلى أن فارق في أسعار الاشغال الإجمالي مبلغ 9.926.857.00 أورو .

وخلُصت التحقيقات بتوجيه أصابع الإتهام إلى الرئيس المدير السابق لفندق الأوراسي المتهم غير الموقوف المدعو ” ا.ع. القادر”. ومدير المالية بالفندق المتهم غير الموقوف المدعو ” ك.ح” .

تفاصيل القضية

وفي تفاصيل القضية التي ارتبطت بوقائع جزائية مجرمة، تبيّن أن المدير العام السابق لفندق الأوراسي المدعو “” ا.ع. القادر”، قام سنة 2009 بإبرام صفقة مع مقاول تركي بمبلغ 67 ملون اورو. من أجل تجديد الفندق بأكمله حتى يتماشى و الخانة المصنف فيها “5 نجوم”. إلا أن طريقة تنفيذ المشروع مشبوهة و لم تعكس إطلاقا ضخامة المبلغ الذي تم صرفه في ظروف غامضة.

كما اكتفى المقاول بدهن واجهة الفندق دون القيام بأشغال صيانة وترميم مهمة. كتغيير أنابيب الصرف الصحي والترصيص التي أصبحت غير صالحة لقدمها.

وفي مضمون الشكوى، أن المدير العام للفندق ابرم إتفافية جماعية للعمل. حيث أن إدارة الفندق اتفقت مع أحد مكاتب الدراسات للاعتماد على شبكة أجور جديدة و هذا بمبلغ 837 مليون سنتيم. الا انه تبين في ما بعد أن حالة الشبكة لم تنجز من طرف مكتب الدراسات. ون مديرية الفندق قاموا بإعادة دراسة شبكة الأجور و لم يطبقو ما تم اعتماده من طرف مكتب الدراسات ، وفق اتفاقية جماعية للعمل محررة في جويلية 2014.

كما ورد في مضمون الشكوى أن رواتب الموظفين والعمال متباينة، بحيث تم تطبيق على البعض شبكة الأجور الجديدة. والبعض الآخر بقي يخضع لشبكة الأجور القديمة.

تقرير مجلس المحاسبة يكشف غياب التنقيط في دفتر الشروط

ومع مباشرة التحريات في وقائع الحال، خلصت الخبرة التي تقدم بطلبها قاضي التحقيق حسب ما استند الى تقرير مجلس المحاسبه بتاريخ 31 أكتوبر 2017. إلى غياب معايير التنقيط والتقييم في دفتر الشروط في اختبار المتعامل المتعاقد، ضعف الدراسات التقنية الاقتصادية لمكتب الدراسات الأجنبي IMM المكلف بدراسة ومتابعة المشروع الإجمالي للصفقة مما نجم عنه ابرام ملحقات متتالية لتغطية اشغال إضافية.

كما أن شروط ابرام الصفقة فان مؤسسة التسيير الفندقي الأوراسي لم تضع إجراءات داخلية لإبرام ومراقبة الصفقة العمومية. بالإضافة كذلك إلى 104 شروط تنفيذ العقود أين أمضيت ثمانية ملحقات تكميلية للملحق الرئيسي، ثم مددت آجال التنفيذ من 22 إلى 26 شهر ورفعت مبلغ الاشغال إلى 67.880.166.15 أورو.

كما أنه تم استرجاع التسبيقات الجزافية على وضعيات الأشغال، وكان يجب أن ينتهي عند بلوغ الفوترة نسبة 80% من مبلغ العقد. و عدم احترام البند 70 من الصفقة رقم 1289 التي تنص “لن يخضع مبلغ العقد لأي مراجعة قد تأتي بزيادة او النقصان من تكاليف اليد العاملة او المواد المستخدمة. حيث نتج فارق في الأسعار الإجمالي مبلغ 9.926.857.00 أورو و هذا نتيجة إرتفاع مبلغ الأسعار الإجمالي من مبلغ 42.869.978.00 أورو الى مبلغ 52.796.835.00 أورو. و هو ما يمثل إرتفاع في نسبة الزيادة من قيمة الصفقة الأولية بنسبة 23%.

وخلال الجلسة الاستئنافية تمسك كلا المتهمين بانكار كل ما نسب إليهما من تهم ووقائع ليتم إحالة الملف للمداولة للنطق بالحكم الأسبوع المقبل.

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: محاكم

إقرأ أيضاً:

الإيمان في الدراسات الحديثة

 

 

 

أ. د. حيدر بن أحمد اللواتي **

 

 

من الكتب التي نُشرت هذا العام كتاب بعنوان "Why We Believe: Finding Meaning in Uncertain Times" (لماذا نؤمن: إيجاد المعنى في أزمنة لا يقينية" للكاتب أليستر ماك-جراث (Alister McGrath)؛ وهو عالِم مُتخصِّص في البحوث المُتعلِّقة بالعلوم والأديان في جامعة أوكسفورد.

يتناول هذا الكتاب بعض ما توصلت إليه الدراسات العلمية حول مسألة الإيمان، وفي هذه العُجالة نُسلِّط الضوء على بعض ما ورد في هذا الكتاب المُمتِع، ولا بُد من التأكيد في البداية أن الإيمان أو الاعتقاد لا يقتصر على الأفكار الدينية؛ بل يشمل مختلف الأفكار سواء الدينية أو غيرها. وحسبما ورد في هذا الكتاب، فإنَّ الوسط العلمي يكاد يتفق على أهمية الإيمان بأفكار معينة ترتبط بإعطاء أهمية وقيمة لحياة الإنسان؛ بل لا يمكن للإنسان أن يحيا سعيدًا مهما توفرت له من ملذَّات مادية إذا لم يرافق ذلك إيمانه بأهميته وقيمة حياته؛ حيث إن فقدان هذا الشعور يُوَلِّد احباطًا كبيرًا؛ بل ربما يؤدي الى الانتحار؛ فالشعور بالعبثية شعور قاتل، حتى لو توفَّرت للإنسان جميع أسباب الرفاه والعيش الرغيد. وكما يقول بعضهم إن الشعور بالعبثية مخالف لطبيعتنا البيولوجية؛ فالشعور بقيمة وأهمية وجودنا مغروس في فطرتنا ومحفور في جيناتنا بصورة لا يُمكن لنا التخلُّص منه، ولا يمكن لنا أن نعيش بدونه. ومن هنا؛ فالعلم لم يعد بديلًا عن الإيمان؛ لأنَّ العلم وحده لا يُوَفِّر لنا هذا الشعور، ولا يُوضِّح لنا قيمة حياتنا، ولا يستطيع أن يرسم أهدافًا واضحة لسبب وجودنا في هذا الكون.

ومن هنا نُلاحِظ أن الفكر الإلحادي أدرك استحالة قبول الإنسان لحالة العبثية في حياته، فلا يُمكن أن يقال للإنسان إن حياتك عبث لا هدف من ورائها؛ لأن ذلك سيجعله يعيش حالة من الإحباط يصعب تجاوزها. ولذا تبنّى الفكر الإلحادي ما يُعرف بـ"القيم الإنسانية"، وهو السعي نحو الرفاه للبشرية وتطبيق العدالة الاجتماعية كأهداف عامة يسعى اليها المُلحِد؛ لأن السعي نحو هذه الأهداف تجعله يشعر بقيمة وهدف لحياته، وهذا له أهمية بالغة للشعور بالرضا؛ بل قد يصل الأمر بهذا المُلحِد أن يُضحِّي من أجل تلك الأهداف إذا بلغ إيمانه واعتقاده بأهمية هذه الأهداف مبلغًا كبيرًا.

وتوصَّلت الدراسات العلمية إلى أن لهذه الأفكار والمعتقدات أهمية كبيرة، وتأثيرًا بالغًا على سلوكيات الفرد؛ فهي المُوَجِّه للإنسان ولسلوكياته، ولهذا فلا يجب الاستهانة بها أو التقليل من شأنها؛ فجميع السلوكيات التي يتحلى بها الإنسان هو نتاج مباشر للأفكار التي يؤمن بها، فمن يؤمن بأن هناك فوارق طبقية بين البشر، فإن ذلك سينعكس على سلوكه، وإذا اعتقد أحدهم أن الرجل الأبيض مُتفَوِّق على أصحاب البشرة السوداء، فإن ذلك سينعكس على طريقة تعامله مع أصحاب البشرة البيضاء والسوداء؛ لأن سلوكه نتاج فِكرِه ومعتقداته، ولا يمكن الفصل بينهما.

وإذا كان الإيمان والاعتقاد بأفكار معينة لإضفاء معنى للحياة البشرية، أمرًا لا يُمكن تجاوزه أو إهماله، فإن لهذا الإيمان والاعتقاد وجهًا سلبيًا له أثر سيء على المجتمعات الأفراد، ويتمثل ذلك في حالة الاختلاف بين المجتمعات والأفراد في الأفكار التي يؤمنون بها؛ إذ يُوَلِّد هذا الاختلاف تعصبًا قد يصل الى الصدام، نتيجة لإيمانهم بأفكار مختلفة، فمثلًا عندما يؤمن بعض الأفراد بأن للحيوانات حق الحياة، بينما يؤمن آخرون بأن الحيوانات انما وجدت لتكون مصدرًا للغذاء، فإن هذا الاختلاف بين الأفكار يُوَلِّد اضطرابًا في المجتمع وأحيانًا يصل الى مستوى التصادم؛ فكلا الطرفان يشعر أن عقيدته وأفكاره هي الصحيحة، وأن على الطرف الآخر أن يخضع ويتنازل له، وقد يصل الخلاف الى الاستخفاف بأفكار الآخرين والنيل منهم بغية تهميشهم وإبعاد أفكارهم عن المجتمع.

لذا حاول البحث العلمي أن يطرح حلولًا للحد من الآثار السيئة الناتجة من الاختلاف في وجهات النظر هذه، وأحد الأفكار التي يتبناها بعض الباحثين في هذا الصدد هو محاولة غرس فكرة في أذهان أفراد المجتمع مفادها أن الأفكار التي يؤمن بها أحدنا هي أفضل ما أمكنه التوصل له، وليس أصح الأفكار؛ فالإيمان بأن الأفكار التي توصلتُ اليها هي أفضل ما يمكنُني الوصول اليه بناءً على ما لديّ من معطيات، يعني أنني لم أصل الى نهاية رحلة البحث عن الحقائق؛ مما يجعلني مهيأً للاستماع الى الأفكار الأخرى، فلربما تكون أفضل من تلك التي أؤمن بها، وربما تُحسِّن من أفكاري التي أؤمنُ بها فتزيدها قدرة على تفسير الحقائق، وتضفي عليها بُعدًا كان خافيًا عني، وكل ذلك سيُخفِّف من حالة التشنج والتعصب والقلق الذي يعيشه البعض عندما يستمع لأفكار تخالف ما تسالم وتربَّى عليه وآمن به.

علينا أن ندرك أن الواقع الذي نعيشه ليس بالواقع السهل؛ بل هو في غاية التعقيد وهذا التعقيد سيزداد يومًا بعد يوم، فكلما تطورت المعرفة البشرية صاحبها توسع واختلاف في الفهم، ولذا لا بُد أن نخرج برؤى وأفكار مختلفة، فغاياتنا وتجاربنا وخبراتنا مختلفة، ولا بُد من البحث عن الأسباب التي تجعل الآخرين يؤمنون بالأفكار التي يعتنقونها، وما الذي يدفعهم لذلك، وما الفرق الذي يحدثه في حياتهم؛ فمعرفة هذا الأمر يخفف كثيرًا من سوء الظن الذي يتبادر الى الذهن البشري، ويسهل علينا فهم مشاعر الآخرين وأسباب ايمانهم بتلك الأفكار.

وختامًا.. علينا أن نُدرِك أن الحكمة والتواضع يفرضان علينا أن ندرك أن وجهة نظرنا ليست الوحيدة، وأن علينا التعاطي مع وجهات النظر المتعارضة لنتوصل الى أفكار أكثر نضجًا تجعلنا نفهم هذا العالم بصورة أفضل.

** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • النيابة تلتمس تشديد العقوبة للجنرال المزيّف “بلحساني يعقوب”
  • توجيهات صارمة من النيابة لحسم قضية مصنع مخدرات تابع لـ “الدعم السريع” 
  • تراجع الهجرة سباحة نحو سبتة مع تشديد المراقبة على سواحل الفنيدق
  • جالانت: استئناف الحرب في غزة ضروري لتهيئة ظروف استعادة المحتجزين
  • وزيرة البيئة: لا وجود لإنشاءات خرسانية مثل فندق أو سور بمنطقة حنكوراب
  • هل غلاية المياه في الفندق آمنة؟ اكتشف الاستخدامات الصادمة للملابس الداخلية
  • المشدد 5 سنوات للمتهمين بإصابة شخص بعاهة مستديمة في القليوبية
  • الكويت تشدد العقوبة في جرائم الشرف: تخفيفها يساهم بانتشارها
  • الإيمان في الدراسات الحديثة