الغارديان: الإبادة الجماعية في غزة بين أدلّة لا تُنكر وصمت لا يُغتفر
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا، للصحفي أوين جونز، قال فيه إنه: "لم توثّق جريمة في التاريخ بهذا القدر من الدقّة من قبل ضحاياها. ومع ذلك، يسود التراخي والتحفظ".
وأوضح المقال الذي ترجمته "عربي21" أنّ: "الإبادة الجماعية للاحتلال الإسرائيلي توقّفت مؤقتا: بالنسبة للفلسطينيين الذين استيقظوا ليلة الاثنين على موجة وحشية من الغارات الجوية، لم يكن استئنافها أقل صدمة.
وتابع: "أعقبت هذه الفوضى أوامر إخلاء -تهجير قسري- ما زاد من احتمال تجدّد العمليات البرية"، مستفسرا: "ما عذر إسرائيل؟ ادّعاء مُختلق بأن حماس لم تلتزم ببنود اتفاقية وقف إطلاق النار في كانون الثاني/ يناير، وهي التي انتهكتها إسرائيل نفسها مرارا وتكرارا".
وأردفت: "في أعقاب الهجمات، ذكرت شبكة "سي إن إن" أنّ هجوم الاحتلال الإسرائيلي: ألقى بظلال من الشك على وقف إطلاق النار الهش. وأفادت التقارير بمقتل إسرائيلي واحد في غزة خلال "وقف إطلاق النار": متعاقد قتله جيش الاحتلال الإسرائيلي، ظنا منه أنه فلسطيني".
وتابعت: "كما أفادت التقارير بمقتل 150 فلسطينيا في غزة خلال "وقف إطلاق النار" هذا، وذبح العشرات في الضفة الغربية"، مؤكدة: "هذا مثال على كيفية استمرار العنف الإسرائيلي بلا هوادة وتجريد الحياة الفلسطينية من أي معنى".
ومضت بالقول إنه: "لو قُتل جندي إسرائيلي واحد فقط على يد أحد نشطاء حماس، لأتوقع أن العديد من السياسيين ووسائل الإعلام كانوا سيعلنون فورا انتهاء وقف إطلاق النار. هذا السرد نفسه هو ما يدفعنا للاعتقاد بأن السلام كان سائدا قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حتى مع مقتل 238 فلسطينيا -44 منهم طفل- في الأشهر التسعة السابقة".
وبحسب المقال: "قد تتساءل الأجيال القادمة: كيف سُهّلت جريمة شنيعة كهذه لفترة طويلة؟؛ ففي النهاية، وبفضل الهواتف المحمولة والإنترنت، لم تُوثّق أي جريمة في التاريخ من قبل ضحاياها بهذا القدر من الدقة وقت حدوثها. كما فعلوا لمدة 529 يوما، ينشر الناجون من غزة أدلة إبادتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، على الأمل -عبثا- أن يتم وخز ضمائر كافية لإنهاء الإبادة الجماعية العشوائية".
وأبرزت: "طفل ميت يرتدي بذلة؛ أب حزين يلعب بضفيرة ابنته للمرة الأخيرة؛ عائلات بأكملها مغطاة بالأكفان، وسلالاتهم تم مسحها من السجل المدني. لم يثبت الخبراء أي جريمة كما حدث".
"في الأسبوع الماضي، أوضح تقرير جديد للأمم المتحدة، بالتفصيل، العنف الجنسي والإنجابي الذي ارتكبته دولة الاحتلال الإسرائيلي: مثل قتل النساء الحوامل، واغتصاب المعتقلين الذكور بأشياء تتراوح من الخضروات إلى أعواد المكنسة، وتدمير عيادة التلقيح الاصطناعي مع 4000 جنين بها. وُصفت شن الحرب على قدرة الفلسطينيين على الإنجاب بأنها: أعمال إبادة جماعية" وفق التقرير ذاته.
وأردف: "هناك أمثلة لا حصر لها على مثل هذه الأعمال الأخرى. وأوضح تقرير تلو الآخر تدمير الاحتلال الإسرائيلي للبنية التحتية المدنية -المنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس-".
وتابع: "قضى الاحتلال الإسرائيلي على 83% من الحياة النباتية، وأكثر من 80% من الأراضي الزراعية، و95% من الماشية؛ ودمّرت أكثر من 80% من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي. لقد جعل الاحتلال الإسرائيلي، غزة، عمدا ومنهجيا، غير صالحة للسكن".
وأفاد: "لهذا السبب، يُجمع الخبراء، من منظمة العفو الدولية إلى الباحثين مثل الأستاذ الإسرائيلي الأمريكي الشهير عالميا في دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية، عمر بارتوف، على أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية".
وأشار إلى أنه: "لم يُعترف بجريمة كهذه من مرتكبيها بينما يتم القيام بها. أعلنت إسرائيل حصارا شاملا على جميع المساعدات الإنسانية الداخلة إلى غزة قبل 17 يوما، في انتهاك لا يقبل الجدل للقانون الدولي.
في الأسبوع الماضي، أعلن وزير البيئة الإسرائيلي أن "الحل الوحيد لقطاع غزة هو إفراغه من سكانه"، وهو واحد من تصريحات لا تُحصى عن نوايا إجرامية وإبادة جماعية أطلقها قادة ومسؤولون إسرائيليون خلال الأشهر السبعة عشر الماضية".
"لم تُخفِ إسرائيل اعتقادها بأن السكان المدنيين يتحملون ذنبا جماعيا، لا تستحق سوى "الضرر" و"الجحيم"، كما وصفها أحد الجنرالات الإسرائيليين في البداية -أو نيتها تدمير غزة تماما-. إذ نشر الجنود الإسرائيليون جرائمهم بفرحٍ على الإنترنت، وهم يهتفون ويهلّلون ويغنون وهم يفجرون منازل المدنيين ويعتدون على المعتقلين" أكد التقرير نفسه.
وتساءل: "كيف يُمكن لجريمة موثقة بالأدلة ومعترف بها -جريمة سهّلتها الأسلحة الغربية والدعم الدبلوماسي- أن تستمر كل هذا الوقت؟ لا أحد في الأوساط السياسية أو الإعلامية الغربية يستطيع أن يقول بثقة: لم أكن أعرف ما يحدث حقا".
وتابع: "في عالم عقلاني، يُنظر إلى مُشجعي هذا العمل الشنيع على أنهم وحوش لا مكان لهم في الحياة العامة. لا يمكنك، في نهاية المطاف، تبرير الإبادة الجماعية في رواندا وتتوقع أي شيء غير أن تصبح منبوذا. لكن أولئك الذين عارضوا فساد إسرائيل هم من حُظروا من منصاتهم، وأُغلقت حساباتهم، وفُرضت عليهم الرقابة، وطُردوا من وظائفهم، واعتقلوا -في حالة خريج جامعة كولومبيا محمود خليل- احتُجزوا وربما رُحِّلوا".
وأضاف: "بقلب العالم رأسا على عقب، حقق الهجوم الأكثر وقاحة ومنهجية على حرية التعبير في الغرب منذ المكارثية هدفه الأساسي: الصمت الواسع النطاق على جريمة ذات أبعاد تاريخية بين أصحاب السلطة والنفوذ. هناك سياسيون أطلقوا على هذه الجريمة اسما واضحا، لكنهم مهمشون ومُعاقبون".
واسترسل: "هناك صحفيون من التيار السائد يقولون الحقيقة، لكنهم قلّة. هناك مشاهير يستخدمون منصاتهم لقول الحقيقة -مثل غاري لينيكر، وبالوما فيث، وخالد عبد الله، وجولييت ستيفنسون- لكنهم معزولون".
وأكد: "يخشى الصامتون على حياتهم المهنية ودخلهم، وليس ذلك خوفا غير منطقي. لكن النّاجين في غزة يخشون الجوع والمرض والحرق أحياء والاختناق تحت الأنقاض. الصمت في وجه الظلم خطيئة دائما؛ عندما تُسهّل حكومتك الإبادة الجماعية، فهي جريمة أخلاقية. في كل فظاعة في التاريخ، يكون الصامتون دائما لاعبين رئيسيين".
وختم بالقول: "لو أنّ كل من يعلم أن شرا فظيعا يُرتكب تكلم، فماذا سيحدث الآن؟ سيستقيل الوزراء من حكوماتهم. لن تكتفي الصحف ونشرات الأخبار بذكر فظائع دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل ستُصوّرها على أنها جرائم شنيعة، مدعومة بقرع طبول -يجب اتخاذ إجراء حاسم لوقفها-. سيصبح من المستحيل تجاهل المطالبات بحظر الأسلحة وفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي. بدلا من ملاحقة وتشويه سُمعة معارضي الإبادة الجماعية، سيتم إخراج المتواطئين فيها من الحياة العامة".
واستطرد: "لا شك أن الكثير من الصامتين يشعرون بالذنب، وهذا ما يجب عليهم أن يشعروا به. فبسبب جُبنهم، لعبوا دورا محوريا في تطبيع بعضٍ من أسوأ فظائع القرن الحادي والعشرين. إن إنهاء الصمت لا يعني التذمر والتعبير عن مدى حزنك على موت المدنيين، بل يعني وصف الجريمة بمعناها الحقيقي، والمطالبة بمحاسبة من سهّلوها".
وأردف: "ينفد الوقت بالنسبة لأهل غزة المصابين بالصدمة والمشوهين والجائعين. وكذلك ينفد الوقت بالنسبة لمن يريدون إنقاذ ضمائرهم".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال غزة غزة قطاع غزة الاحتلال القانون الدولي جريمة حرب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الإبادة الجماعیة وقف إطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقدم عرضا جديدا ووفد حماس يتوجه للقاهرة
قدّمت إسرائيل عرضا محسّنا جديدا في مفاوضات وقف إطلاق النار مع حركة حماس، في وقت يتجه فيه وفد من الحركة إلى العاصمة المصرية القاهرة، حسب ما أفاد به مسؤولون لصحيفة تايمز أوف إسرائيل فجر اليوم السبت.
وقالت الصحيفة إن إسرائيل خفضت قليلا من مطالبها السابقة بالإفراج عن 11 من أسراها لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مشيرة إلى أنها كانت تصر على ذلك في الشهر الماضي، بينما أعلنت حركة حماس استعدادها لإطلاق 5 أسرى أحياء فقط.
وتنقل تايمز أوف إسرائيل عن المسؤولين أن مصر بدأت في الأيام الأخيرة بطرح اقتراح جديد من شأنه إطلاق سراح 8 رهائن أحياء، وذلك سعيا منها للوصول إلى حل وسط بين الجانبين.
وتضيف الصحيفة أن إسرائيل تريد الإفراج عن الرهائن الأحياء خلال الأسبوعين الأولين من وقف إطلاق النار الذي يستمر 45 يوما، رافضة مطالب حماس السابقة بأن تتم عمليات الإفراج بشكل دوري خلال مدة الهدنة.
علاوة على ذلك، يسعى الاقتراح الإسرائيلي إلى خفض نسبة السجناء الفلسطينيين -بمن فيهم من يقضون أحكاما بالسجن المؤبد- الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل رهينة، وفقا لأحد المسؤولين.
كما ستوافق إسرائيل على السماح باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وسحب قواتها إلى مواقعها في القطاع قبل استئنافها القتال في 18 مارس/آذار واستعادة السيطرة على مساحات واسعة من القطاع.
إعلان حماس تؤكدوكان مصدر قيادي في حماس قال للجزيرة أمس الجمعة إن الحركة لم تتلقَّ أي عروض جديدة لوقف إطلاق النار.
وأضاف أن حماس وافقت على آخر مقترح تسلّمته من الوسطاء، وأعلنت ذلك بوضوح قبل عيد الفطر المبارك، ومنذ ذلك الحين لم تُعرَض عليها أي مقترحات جديدة.
وأوضح المصدر للجزيرة أن الحركة منفتحة على أي مقترحات جديدة من شأنها تحقيق وقف لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
ضغوط داخليةفي الأثناء، يتواصل الضغط داخل إسرائيل على حكومة بنيامين نتنياهو من أجل التوصل إلى صفقة تبادل تعيد الأسرى الإسرائيليين، حيث دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة إلى مشاركة واسعة في مظاهرات مساء اليوم السبت عشية عيد الفصح اليهودي.
واعتبرت الهيئة أن الأسرى الـ59 وعائلاتهم باتوا رهائن بيد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
في الوقت نفسه، يتسع رفض الحرب في غزة داخل الجيش الإسرائيلي، إذ قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المئات من جنود الاحتياط في وحدة الاستخبارات 8200 انضموا إلى ألفين من منتسبي سلاح الجو والبحرية، للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الأسرى. كما وقع نحو ألفي أكاديمي على عريضة تطالب بالخطوة نفسها.
وتعليقا على ذلك، قال قائد سلاح الجو تومر بار إن إسرائيل لن تتسامح مع إضعاف الجيش خلال خوضه ما سماها حربا تاريخية. وأضاف أن الرسائل تعبر عن انعدام الثقة وتضر بتماسك الجيش، معتبرا أنه ليس من اللائق أن يدعو جنود الاحتياط الفاعلون إلى وقف الحرب، في حين أنهم يشاركون فيها بأنفسهم.
وأكد أنه سيتم اتخاذ القرار بعدم السماح لجنود الاحتياط الفاعلين الذين وقعوا على الرسالة بالاستمرار في الخدمة بالجيش، مضيفا أن الرسالة التي نشرت تضعف روح التضامن وتؤدي إلى تعميمات تسيء إلى الجنود الذين لا يشاركون بهذه المواقف.
إعلانجدير بالذكر أنه في مطلع مارس/آذار الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل للأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بدأ سريانه يوم 19 يناير/كانون الثاني 2025 بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي.
وبينما التزمت حماس ببنود المرحلة الأولى، تنصل نتنياهو (المطلوب للعدالة الدولية) من بدء مرحلته الثانية استجابة للمتطرفين في ائتلافه الحاكم.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، استأنفت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وأسفرت عن استشهاد وإصابة أكثر من 166 ألفا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.