نظرة أكاديمية واخلاقية: متى نتوقف عن إسناد الكاذبين ؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
لفت انتباهي أمس تصريح مستشار قائد مليشيا الدعم السريع على موقع قناة (الجزيرة) يكذب فيه المعلومات والبيانات عن تقدم الجيش فى منطقة وسط الخرطوم أول أمس (16 مارس 2025م) ، وهذه ليست أول مرة ، فقد كذب حول التقاء المتحركات فى سلاح الإشارة وفى القيادة العامة ، وعند طرد المليشيا من مدينة ود مدني ، وفى محاور متعددة ، ومع ذلك ما زالت القنوات الفضائية تنشر فى أكاذيبه نقلاً عن تغريداته ، ألا يمثل ذلك إخلالاً بالمعايير المهنية ؟ أليس الأخبار خدمة عامة يتلاقاها الناس من ناشر يفترض أنه (موثوق)؟.
متى تتوقف القنوات ومنصات الأخبار عن نشر سيل الأكاذيب المتواصل ؟..
هذه قضية محورية فى نشر الأخبار ، حيث أهم القيم الأخبارية (الصدق والفائدة) ، فماهى دواعي نشر معلومة كاذبة كلياً؟ ، ألا يعتبر ذلك وقوعاً فى دائرة التضليل ؟..
وما هى الفائدة أو القيمة من النشر وانت تعطى المشاهد معلومة كاذبة وزائفة تماماً ، لا يمكن الادعاء بأن التصريحات مسؤولية قائلها ، فالناشر شريك فى إشهار ونقل المعلومة الخاطئة لملايين الأشخاص الذين يضعون ثقتهم فيه..
هذه نقطة لابد أن تكون مثار نقاش غرف الأخبار ، للتقليل من حجم تدفق معلومات خادعة وخاطئة..
هناك معايير لقياس مصداقية الخبر ، وقواعد التحقق ، واهمها الخبرة فى التعامل مع الأخبار ومصادرها ، وكذلك الجدارة بالثقة أو الاعتماد ، وفى اتباع أياً منهما لا يمكن نشر تصريحات مستشار مليشيا الدعم السريع ، فهو معتاد على الكذب وكل الوقائع الميدانية تؤكد كذبه.. ويمكن التحقق من ذلك ببساطة..
هل السعى للحياد هو دافع لذلك ؟ ربما.. ولكن لا يمنع ذلك من خضوع اقواله لقواعد التحقق اللازمة وإحاطة اخباره بقدر كبير من الشك ، واستخدام عبارات تشير لذلك ، وتفيد عدم قناعة القناة أو المنصة الاخبارية بما ورد ، ومنها (زعم) ، و(دون أن يقدم شواهد على ذلك) ، وقرن تصريحه مع الطرف الآخر وما حواه من وقائع وافادة مصادر القناة وأهمها مراسلها وغرف اخبارها..
نحن ، فى مجال الإعلام والاتصال ، وفى مجال الصحافة بأنواعها ، بحاجة لإلتقاط الأنفاس قليلاً ، ولمراجعة تأثير السعى وراء الأخبار ، دون أن نستصحب أن أهم مسؤوليتنا المهنية والاخلاقية:
– تجنب المحتوى غير الصحيح
– اعتماد مصادر موثوقة للأخبار..
ألا يقتضي ذلك إعادة كتب مفاهيم جديدة والتمسك بالمهنية واحترام حق المشاهد فى معلومة صحيحة ومؤكدة..
د.ابراهيم الصديق على
17 مارس 2025م..
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
جريمة قتل مروعة في مسجد تضع نظرة فرنسا للمسلمين تحت المجهر مجددا
أثارت جريمة الطعن المميتة التي تعرض لها مُصل مسلم في مسجد بفرنسا، انتقادات حادة لمسؤولي الحكومة الذين لم يتعاملوا معها في البداية على أنها جريمة كراهية محتملة، ولم يُظهروا نفس درجة القلق التي شعروا بها تجاه هجمات مميتة أخرى، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21".
تعرض الضحية، أبو بكر سيسيه، البالغ من العمر 21 عاما من مالي، لعشرات الطعنات صباح الجمعة أثناء صلاته في مسجد في لا غران كومب، وهي بلدة صغيرة جنوب فرنسا، على بُعد حوالي 80 كيلومترا شمال غرب أفينيون.
أفادت وسائل إعلام فرنسية أن المشتبه به الرئيسي، الذي صوّر نفسه واقفا فوق الضحية، سُمع وهو يتلفظ بألفاظ بذيئة بحق الذات الإلهية في مقطع الفيديو الذي نُشر على سناب شات.
في البداية، أشار مدع عام محلي - وهو خطأ، كما اتضح لاحقا - إلى أن جريمة القتل نجمت عن شجار بين مُصلين. لكن يوم الأحد، صرّح المدعي العام، عبد الكريم غريني، في مقابلة تلفزيونية بأن التحقيق في جريمة القتل جار على أنها "عمل معاد للمسلمين" أو "عمل ذو دلالات معادية للإسلام".
وأضاف غريني أنه يجري استكشاف دوافع أخرى، بما في ذلك "الشغف بالموت، والرغبة في القتل، والرغبة في اعتبار القاتل قاتلا متسلسلا".
وصرحت سيسيل جينساك، المدعية العامة في نيم، يوم الاثنين، بأن المشتبه به فرّ إلى إيطاليا قبل أن يسلّم نفسه يوم الأحد في مركز شرطة في بيستويا، وهي بلدة صغيرة بالقرب من فلورنسا.
وتم تحديد هوية المشتبه به على أنه مواطن فرنسي من أصل بوسني، وُلد عام 2004، ولم يكن معروفا للشرطة من قبل، ولكن لم يُعلن عن أي شيء آخر عنه أو عن آرائه، حسب التقرير.
ولم يُعاد بعد إلى فرنسا، الأمر الذي قال المدعي العام إنه قد يستغرق أسابيع، أو تُوجّه إليه تهمة جنائية.
وقالت أميناتا كوناتي بون، المتحدثة باسم جماعة سونينكي العرقية التي ينتمي إليها الضحية سيسيه، في مؤتمر صحفي مع عائلة الضحية يوم الثلاثاء: "إنها جريمة معادية للإسلام، إنها عمل إرهابي، واليوم نشعر بالخوف". وأضافت: "غدا، ماذا سيحدث؟ هل سيطرقون أبوابنا لقتلنا؟ هل ستكون هناك مطاردة للمسلمين؟" .
وأشار التقرير إلى أن جريمة القتل وقعت في اليوم التالي لقتل فتاة طعنا في مدرسة ثانوية بمدينة نانت، على يد طالب آخر كان مفتونا بهتلر. أثار هجوم المدرسة، الذي أدى أيضا إلى إصابة ثلاثة آخرين، رد فعل حكومي قوي وسريع، مما دفع المنتقدين إلى اتهام الحكومة بازدواجية المعايير.
نشر برونو ريتيلو، وزير الداخلية الفرنسي المحافظ، رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الهجوم على المسجد أعرب فيها عن دعمه لعائلة الضحية والجالية المسلمة.
ولكن على عكس ما حدث في نانت، حيث زار مسرح الجريمة بعد ساعات من الهجوم، لم يهرع إلى المسجد على الفور. وبدلا من ذلك، سافر يوم الأحد إلى أليس، وهي بلدة قريبة، حيث التقى بالمدعي العام المحلي ورؤساء البلديات.
لم يُعلّق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الهجوم حتى يوم الأحد. وقال على مواقع التواصل الاجتماعي: "أُعرب عن دعم الأمة لعائلته ولمواطنينا المسلمين".
وأضاف: "لن يكون للعنصرية والكراهية القائمة على الدين مكان في فرنسا. حرية العبادة مصونة".
وصرح يورو سيسيه، ابن عم الضحية، لوكالة "فرانس برس"، يوم الثلاثاء، بأنه لم يتصل أي من أعضاء الحكومة بعائلته. وقال: "نريد أن نشعر بالأمان؛ فرنسا بلد نحبه. نريد أن نشعر كأي شخص آخر".
ووفقا لدراسة أجراها المعهد الوطني للإحصاء عام 2023، يُشكل المسلمون عشرة بالمائة من سكان فرنسا. وقد ازداد عدد المسلمين، في وقت ازداد فيه عدد من لا ينتمون إلى أي دين، ليصبح ثاني أكبر ديانة في البلاد.
فرنسا، التي تُحافظ على نموذجها الخاص من العلمانية المعروف باسم "laïcité" - والذي يضمن حرية الضمير وحياد الدولة وبعض الأماكن العامة - لديها علاقة متوترة مع الإسلام. فقد أثارت الملابس الإسلامية، مثل الحجاب والعباءات الطويلة، جدلا لا ينتهي ومحاولات متعددة لحظرها.
قال حكيم القروي، مستشار أعمال مسلم ومؤلف كتاب "الإسلام، دين فرنسي": "أقل ما يمكن قوله هو أن السلطات كانت بطيئة في رد فعلها" على جريمة القتل في المسجد. وأضاف: "إن الوقوف إلى جانب المسلمين ليس أمرا شائعا عندما تكون سياسيا في فرنسا".
سار حوالي ألف شخص في صمت في لا غران كومب يوم الأحد تكريما لذكرى الضحية سيسيه. لكن وسائل الإعلام الفرنسية أفادت بأن البعض استنكر غياب السياسيين.
وتم تنظيم مظاهرة أخرى في اليوم نفسه في ساحة الجمهورية في باريس بناء على طلب سياسيين وجمعيات يسارية.
قال جان لوك ميلينشون، زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، خلال الاحتجاج: "هذا العنف نتيجة مناخ معاد للإسلام مُتجذر منذ أشهر". وأضاف أن عدم توجه وزير الداخلية لزيارة المسجد أمر "غير مفهوم".
يوم الثلاثاء، التزمت يائيل براون بيفيه، رئيسة الجمعية الوطنية، دقيقة صمت حدادا على سيسيه في مجلس النواب، على الرغم من أنها قالت إن كبار المشرعين لم يتوصلوا إلى اتفاق للقيام بذلك.
قال جبريل سيسيه، عم الضحية، إنه صُدم بالتغطية الإخبارية لوفاة ابن أخيه وردود فعل السياسيين، مضيفا أنه "كان شخصا اجتماعيا، وكان مصدر أمل لنا جميعا".