لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ"، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمينها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
واليوم نتحدث عن نجم ارتبط بالتفاؤل والسعادة عند العرب، حتى أنهم أسموه سعد السعود، وهو نجم ثلاثي يقع في الكوكبة النجمية الشهيرة التي تسمى "الدلو"، وقد ارتبط نجم سعد السعود بالخير والبركة، فقد كان ظهوره يشير إلى اقتراب موسم الحرث والزراعة، وكانوا يرتبطون به للتنبؤ بمواعيد الأمطار وزيادة الخصب في الأرض، كما كانوا يقيسون فترات النضوج الزراعي على أساس تطورات ظهور هذا النجم، خاصة في زراعة الحبوب مثل القمح والشعير.
أما عن خصائصه الفلكية فهذا النجم يبعد عن الأرض حوالي 60 سنة ضوئية، وهذا النجم العظيم يفوق حجم قطره 2200 ضعف من قطر الشمس، أما من حيث الحرارة فهو يقترب من حرارة شمسنا فدرجة حرارة سطحه تقدر بحوالي 5,500 درجة مئوية.
وقد ورد هذا النجم في كتب الأنواء العربية فهذا ابن قتيبة الدينوري يذكره في كتابه الأنواء في مواسم العرب فيقول: "وقيل له سعد السعود لتيّمنهم به، وطلوعه لاثنتى عشرة ليلة تمضى من شباط، وسقوطه لأربع عشرة تمضى من آب يقول ساجع العرب: "إذا طلع سعد السعود، نضر العود، ولانت الجلود، وذاب كل محمود، وكره الناس فى الشمس القعود" "نضر العود" يريد أن الماء قد جرى فيه قبل ذلك، فصار ناضرا غضّا و "تلين الجلود" بذهاب يبس الشتاء وقحله".
وقد ذكر هذا النجم وتم الاستشهاد به كثرا في الشعر العماني والشعر العربي، فيكاد ذكره في الشعر العربي من حيث الكثرة ينافس ذكر "الثريا" فهذا الشاعر العماني الحبسي يقول في مدح أحدهم:
لا زال قدرُك يسمو
فوَيقَ كلِّ السيُود
حتى حللْتَ من المج
دِ حيثُ سعدُ السعودِ
وأما الشاعر العماني اللواح الخروصي فيصف هذا النجم بقوله:
سعد السعود طلوعه بطلوعه
وعلى سوايَ طلوع سعد الذابح
سعرت سموم دبوره غير وإِن
أَهدى لنا منه نسيم البارح
ونجد الشاعر السمائلي المشهور أبو الصوفي يصف فتاة حسناء فيقول:
وزهتْ عروسُ البِشْر تَحْتَ بهائها
فتُخال من فَرْطِ الدَّلالِ رَداحا
خلعتْ ليالي الدهرِ حُلةَ نَسْجِها
وتلبَّست سعدَ السعود وِشاحا
في حين لو ذهبنا إلى ديوان شاعر الفخر والحماسة سليمان النبهاني لوجدنا لا ينفك عن افتخاره بنفسه في مقارنة نجمية بين نجم سعد السعود ونجم سعد الذابح فيقول:
أنا خيرُ من رَكبَ الجيادَ وخير من
حملَ النَّجادَ إذاً تنوب جَوائحُ
سعدُ السعودِ عَلى العُفاةِ وأنني
لعَلي طُغاة القوْم سعدٌ ذابحُ
وهذا الشاعر العماني ابن رزيق يصف أحد ممدوحيه بأنه نجم السعد: فيقول:
فلا يدورُ على آفاقنا فلك
نعدُّه بوجودِ السعدِ منحوسا
لا زالتِ الناسُ في أمرٍ وفي سعةٍ
تُهَلِّلُ اللهَ تسبيحاً وتقديسا
في حين لو ذهبنا إلى الشاعر هلال بن سعيد بن عرابة العماني لوجدناه ينحى منحا مختلفا في ذكر هذا النجم، فهو يصف مكانا قد أقفرته يد البلى وأصبح خاليا فقال في وصفه أنه غرب نجم سعوده فقال:
مَحَلٌ بمسيالِ النُّجَيْدِ دَريسُ
تَكَرّسَ لا حِسّ بهِ وأنيسُ
وقد غَرَبتْ منه سعودٌ وأشرقَتْ
عليه نجومٌ تحتويها نحوسُ
ونجد الشاعر الغشري يذكرا هذا النجم في معرض افتخاره بأهل عمان فقال:
قل للأعاجم أن ينجوا بأنفسهم
من قبل قتل وهتك قاصم الركب
فإنّ سعدهم ولّى وإنْ قربت
سعود أهل عمان غير منقلب
كما أن الشاعر موسى بن حسين بن شوال ذكر هذا النجم في قصيدة له يمدح فيها أحدهم فيقول:
فَهذا على الإِقبالِ بنتُ العلا أتت
وأَنت لَها دونَ البريّة خاطبُ
أَتتكَ وَنجمُ السعدِ بالسعد طالعٌ
عَليك وَنجمُ النحسِ بالنحس غاربُ
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سعد السعود هذا النجم نجم سعد
إقرأ أيضاً:
جمانة الشاعر تستثمر مقطرات الأعشاب الطبيعية بمشروع صغير بالسويداء
السويداء-سانا
بين أحضان الطبيعة، وحاكورتها الصغيرة تجني جمانة الشاعر الأعشاب لتقوم بعصرها باستخدام البخار لتصنيع المقطرات، وذلك ضمن مشروعها متناهي الصغر الذي أطلقته مؤخرا بالسويداء.
وفي تصريح لـ سانا، بينت جمانة أن فكرة هذا المشروع جاءت نتيجة شغفها بالطبيعة، والزراعة حيث بدأت بتقطير بعض الأنواع النباتية كالميرمية، والورد، وإكليل الجبل، على أن تتوسع تدريجياً مع أنواع أخرى خلال الفترة المقبلة.
وحول آلية العمل، أوضحت جمانة أنه يتم وضع الأعشاب التي تجنيها بالماء، وغليها ضمن آلة صغيرة للتقطير، مع وصلها بواسطة أنبوب إلى أوعية تستوعب النقط المقطرة الصافية التي تسيل جراء عملية التبخير، ولفتت إلى أن مقطرات الأعشاب الطبيعية يمكن تحقيق أقصى استفادة منها، والحفاظ على كامل فوائدها من الزيوت الطيارة، والمركبات النشطة التي تحويها إضافة لسهولة استخدامها.
ما تصنعه جمانة من مقطرات بدأت بتعريف الآخرين بها، من خلال مشاركتها بالمعارض، وهي تطمح كما ذكرت للتوسع بشكل أكبر والتوجه أيضاً لاستخلاص الزيوت النباتية من الأعشاب فمن المعروف علميا أن مقطرات الأعشاب الطبيعية هي سوائل نقية يتم استخلاصها من النباتات والأعشاب عن طريق عملية التقطير بالبخار أو الماء، وتحتوي هذه المقطرات على المركبات الفعّالة الموجودة في النباتات، ما يجعلها غنية بالفوائد الصحية والجمالية، وتُستخدم منذ قرون في الطب التقليدي وهي بديل طبيعي وآمن للمنتجات الكيميائية.
وتؤكد جمانة أن الإنسان إذا امتلك الإرادة استطاع العمل بأكثر من مجال والاستفادة من مهاراته، فإلى جانب عملها في تقطير النباتات تقوم بصناعة خبز الشعير الصحي، إضافة لوجود خبرة طويلة لديها في تنفيذ الصناعات اليدوية المعتمدة على القش، والألبسة الصوفية، والتحف، والمطرزات ومنتجات الحياكة بالصنارة وغيرها الكثير.