هل يمكن أن تغرق مدينة الإسكندرية المصرية بسبب التغير المناخي؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
القاهرةـ حذرت دراسة حديثة صادرة عن الجامعة التقنية الألمانية بميونخ من أن استمرار التغيرات المناخية قد يؤدي إلى غرق الإسكندرية، إحدى أعرق مدن البحر المتوسط. وأشارت الدراسة إلى ارتفاع حالات انهيار المباني من مبنى واحد سنويًّا إلى 40 حالة، مع زحف المياه المالحة إلى أساسات المنازل.
وعلى مدى 20 عامًا، انهار أكثر من 280 مبنى، بمعدل 10 أضعاف العقود السابقة.
وأرجعت الدراسة الخطر إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وتآكل الشواطئ، وسوء التخطيط العمراني، وتسرب المياه المالحة إلى المياه الجوفية.
وركزت على مناطق غرب الإسكندرية وحي الجمرك ووسط المدينة، حيث تصل معدلات التآكل إلى 31 مترًا سنويًّا.
كما حذرت من تداعيات التوسع العمراني غير المدروس على الساحل الشمالي.
أثارت الدراسة جدلًا بين الخبراء المصريين، بين مشكك في دوافعها السياسية وبين من دعوا لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدينة وتراثها.
رأى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن هذه الدراسة توظف حقائق علمية لخدمة أهداف سياسية، متسائلا عن سبب اختصاص الدراسة بمدينة الإسكندرية، رغم أن أغلب مدن البحر الأبيض المتوسط في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا تواجه المصير نفسه، من ارتفاع مستوى سطح البحر وملوحة التربة وتآكل الشواطئ.
إعلانوفي معرض تحليله لنتائج الدراسة، أوضح شراقي أن الإسكندرية مدينة كبيرة تضم أكثر من 500 ألف مبنى، فإذا انهار 40 مبنى سنويًّا، فهذه نسبة لا تدعو للخوف، كما أن الإسكندرية مدينة قديمة، وبها نسبة كبيرة من المنازل والأحياء الآيلة للسقوط بسبب قدم المباني.
وفند شراقي نتائج الدراسة قائلًا: "المنازل التي انهارت لم تكن بسبب وصول الملوحة إلى أساساتها، كما ذهبت الدراسة. فضلًا عن ذلك، فإن العديد من العمارات الشاهقة التي سقطت في المدينة جاءت بسبب تجاوزات الترخيص وقيام الملاك بالمساس بأساساتها، وليس بسبب عوامل النحت أو الملوحة أو التآكل".
وتساءل: التغيرات المناخية تهدد 3 مدن في العالم، هي ميامي وشنغهاي والإسكندرية، بالإضافة إلى مدن أخرى، فلماذا التركيز على الإسكندرية؟ لافتا إلى أن نسبة الارتفاع في مستوى سطح البحر والأمواج لا تتجاوز المعدلات الآمنة بشكل يستبعد معه غرق مدينة بحجم الإسكندرية.
ومع التشديد على أن الدراسة تريد تكريس اعتقاد بتقصير الحكومة المصرية في حماية هذه المدينة العريقة، أقر أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة في حديثه للجزيرة نت بوجود بعض المشكلات في مدينتي الإسكندرية ومرسى مطروح، بسبب تغير أوضاع بعض الشواطئ ووجود خلجان بها، مما أثر سلبًا على بعض المناطق، ودفع الدولة لبناء حواجز صخرية ضخمة للتقليل من قوة الأمواج وتداعياتها السلبية على الشواطئ، وهو ما جرى في قلعة قايتباي ومناطق عديدة في سواحل مدينة رشيد، مما أسهم في إنقاذها.
بدوره أكد وكيل المعمل المركزي للمناخ في مصر محمد فهيم، أن دراسة تحذير غرق الإسكندرية ليست جديدة، مشيرًا إلى أن مخاطر المدينة سبق أن نوقشت من قبل شخصيات مثل آل جور وبوريس جونسون، كما أشارت دراسات سابقة في أعوام 2000 و2007 و2009 و2014 إلى احتمالية الغرق، لكنه لم يحدث.
إعلانواعتبر فهيم أن الحديث عن غرق الإسكندرية نظرية علمية قابلة للسيناريوهات وليست حتمية، رغم إقراره بتفاقم المخاطر بسبب عوامل النحت والتعرية وارتفاع منسوب البحر، مؤكدًا أن الوضع ما زال في الحدود الآمنة.
وأوضح أن المخاطر تزداد بسبب الدورات الشمسية، التي تشهد تقلبات بين الدفء والبرودة، مشيرًا إلى أن نشاط الشمس في الماضي لم يؤدِ إلى ذوبان جليد غرينلاند بشكل كارثي.
ووصف فهيم الحديث عن الاحتباس الحراري وغرق المدن بأنه مبالغ فيه ومرتبط بأجندات سياسية واقتصادية، مؤكدًا إمكانية مواجهة تآكل الشواطئ بوسائل مثل المصدات الخرسانية وإعادة تأهيل شبكات الصرف وبناء شبكات منفصلة للمياه المالحة.
وشدد على أهمية التعاون الدولي لمواجهة مخاطر التغيرات المناخية، مشيرًا في حديثه للجزيرة نت إلى جهود مصر في مؤتمر "كوب 27" لبناء تحالف دولي لحماية المدن الساحلية، بما في ذلك الإسكندرية ومدن البحر المتوسط الأخرى.
من جانبه، قدم الأكاديمي المصري والخبير في التغيرات المناخية والحياة البحرية، عاطف كامل، مجموعة من المقترحات لمواجهة المخاطر التي تواجه الإسكندرية والساحل الشمالي في مصر، وكذلك منطقة الدلتا.
وشملت هذه المقترحات التوسع في استخدام المصدات الخرسانية، وتقليل الانبعاثات الحرارية بكل السبل الممكنة، والحد من التأثيرات المناخية السلبية.
وشدد كامل على ضرورة التوسع في البنية التحتية الخضراء، والتصاميم الساحلية الصديقة للبيئة، لتعزيز حماية المدن والمباني المقامة على المناطق الساحلية.
وأكد على أهمية وجود الحدائق الخضراء مع تقليل انبعاثات الغازات، ومنع تسرب مياه البحر المالحة إلى أساسات المنازل، وتآكل التربة الكربونية.
إعلانوأشار إلى أن مواد البناء المقاومة للملوحة تلعب دورًا مهمًّا في هذا الصدد، كما دعا إلى تعديل كود البناء للمباني الساحلية لجعلها أكثر قدرة على مواجهة التغيرات المناخية وموجات التسونامي والزلازل.
كما نبه كامل إلى أهمية القيام بثورة خضراء تشمل زراعة النباتات المقاومة للملوحة في المناطق الساحلية، مما يسهم في امتصاص المياه المالحة وتخفيف تأثير الأمواج العالية، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت على ضرورة الاهتمام بالصيانة الدورية والاستفادة من التجربة التايلندية في مواجهة تآكل الشواطئ، من خلال التوسع في استخدام أجهزة الإنذار والاستشعار عن بعد.
من جهته، وصف خبير المناخ ومدير شبكات "أجواء العرب"، جمال عبدالحليم، نتائج الدراسة بأنها "كلمة حق أريد بها باطل"، مستبعدًا تعرض الإسكندرية للغرق رغم إقراره بالمخاطر الشديدة التي تحيط بها وبأغلب المدن الساحلية والمناطق المنخفضة في الدلتا.
وأضاف عبدالحليم أن ارتفاع درجة الحرارة عالميًّا يسهم في ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يهدد بغرق مناطق معينة، خاصة المنخفضة منها.
وأشار إلى أن زيادة نسبة الملوحة تزيد من المخاطر على المناطق الساحلية، بما في ذلك الإسكندرية، رغم أن مصر تعد من أقل الدول التي تسهم في الانبعاثات الضارة.
ومع ذلك، شدد عبدالحليم على ضرورة الحذر والاستعداد لمواجهة هذه المخاطر، مشيرًا إلى أن هناك إدراكًا رسميًّا لهذه التحديات منذ عقود، وأن هناك تجارب ناجحة في هذا المجال، مثل إنقاذ قلعة قايتباي بعد تآكل الصخرة التي تقع عليها، وإقامة 1450 منشأة للحماية من السيول وارتفاع مستوى سطح البحر.
ونبه المتحدث إلى أهمية وجود تصاميم جديدة للمدن الساحلية تراعي التغيرات المناخية، وضرورة الصيانة الدورية لمخرات السيول، والتوسع في شبكات الطرق الإقليمية التي تشكل حماية للعديد من المدن الساحلية والمناطق المنخفضة في الدلتا، لافتا في حديثه للجزيرة نت إلى أهمية إنشاء مراسي بحرية ومشايات خرسانية وألسن حجرية، وتحويل قضية التغيرات المناخية إلى قضية رأي عام لزيادة الوعي الشعبي بها.
إعلانأكد مالك أبو الحسين، من سكان منطقة العجمي بالإسكندرية، أن المدينة تواجه مخاطر حقيقية كتآكل الشواطئ وارتفاع مستوى البحر وتآكل واجهات المباني بسبب الأمطار الحمضية، مطالبا في حديثه للجزيرة نت بجدية في التعامل مع الدراسات المناخية وتوعية المواطنين.
من جهته، أشار أحمد السبع من منطقة الجمرك إلى معاناة المنطقة من انهيار المنازل بسبب ملوحة التربة والفساد في التراخيص، داعيًا في حديثه للجزيرة نت لتبني حلول متعددة بدلًا من الاعتماد فقط على المصدات الخرسانية لحماية المدينة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ارتفاع مستوى سطح البحر التغیرات المناخیة غرق الإسکندریة وارتفاع مستوى التوسع فی ا إلى أن مشیر ا
إقرأ أيضاً:
أمريكا تغرق في وحل جرائمها
وها هي عدوة الإنسانية تشن عدوانها على اليمن لا لشيء سوى أنه واقف مع غزة ضد حرب التجويع والإبادة للغزيين.
نعم ليست هذه المرة الأولى التي تقدم فيها أمريكا على ضرب المدنيين والآمنين فهي أم التوحش والإجرام منذ نشأتها المشؤومة، وهذا هو ديدنها على كل بلد لم يرضخ لها وهي الآن تشهر عصاها الغليظة على اليمن لأنه يؤدب ربيبتها اللقيطة ويحيدها عن البحار، حتى تفك الحصار عن غزة وتفتح المعابر.
وما لم تفهمه أمريكا منذ سنوات وحتى الآن أن اليمن لا يرضخ لإملاءات البيت الأبيض ولا تخيفه عصاه الغليظة بل وسوف يكسرها بإذن الله القوى العزيز.
ولذلك ووفق هذا فاليمن وكما أعلنها قائده لن يتراجع عن مساندة غزة ولن ينثني عن موقفه المساند لغزة، ولن تكون ضرباته على اليمن إلا وبالاً عليه ومن عاش جرب.
فالأمريكي يسعى لتدجين الشعب اليمني لينظم لقطيع الأنظمة العربية التي لم تحرك ساكنا ضد الإسرائيلي الذي يحاصر غزة وأهلها ويمنع عنهم الطعام والشراب وأساسيات الحياة، ومع أن الأمريكي يعرف أنه ومن سنوات يحاول ولم ولن يفلح بهذا ولن تجدي طائراته ولا صواريخه ولا قراراته بشيء، فاليمن ومنذ نشأته بعد طوفان نوح وحتى يُنفخ بالصور لا يخضع ولا يركع ولا يساوم في دينه ومعتقداته، وأُباته للضيم لأحد كان من كان، ومن لم يقرأ التاريخ فهو جاهل باليمن.
أمريكا تريد أن يصل خوفها والخشية منها إلى كل من يخالفها ولكن هذا لا يجدي مع اليمن، فاليمن لا يؤله أحداً ولا يخاف إلا من إله واحد هو القوي العزيز، وكما وقف اليمن مع غزة لـ15شهراً وتعرض للعدوان الأمريكي والإسرائيلي ولم يتراجع فسيستمر في المساندة لغزة.
وعلى الأنظمة العربية مراجعة حساباتها تجاه الجرائم التي تحدث بغزة، وأن تخرج من قمم التنديد والبيانات فقد تعفنت بياناتهم المكدسة من سبعين عاما إلى الآن وليكن لهم موقف أمام الله وأمام شعوبهم وتاريخهم الذي سيدون هذي الحقبة من الزمن بالدم الذي يراق في فلسطين ولبنان واليمن فعليهم الحذر، وأن لا يقفوا على الحياد مما يحدث، أيضاً على الشعوب العربية أن تتحرك ولا تسمح لأنظمتها بهذا الهوان والخزي في الدنيا والآخرة.
أما عن اليمن فقد اتخذ قراراه في حظر الملاحة من منطلق إيماني وإنساني، والجحيم الذي يتوعد به ترامب سيعود عليه وسيغرق به ولن تكون السهام التي تصوبها أمريكا على اليمن إلا مردودة لها ولنبتها الشيطاني والله غالب على أمره.