طقوس روحانية وتقاليد موروثة في أرض الفيروز.. رحلة رمضانية تروي ألوان التراث في سيناء من صمت الرمال في الديوان إلى هدوء الشواطئ
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
فى شمال سيناء، حيث تلتقى الرمال بلون السماء الزرقاء، تتجلى أسمى معانى التضامن والتكافل الاجتماعى خلال شهر رمضان المبارك.
ففى هذه الأرض الطيبة التى تحتفظ بكل ما هو أصيل من عادات وتقاليد، يعيش أهل البادية الشهر الفضيل بقلوب مفعمة بالأمل والمحبة. حيث تتشابك أصابع الأجيال القديمة مع الجديدة، لتنسج طقوسًا رمضانية تمثل موروثًا ثقافيًا عميقًا يعبر عن قوة الروابط الاجتماعية وحسن الضيافة.
وهنا لا يعد شهر رمضان مجرد فترة للصيام وفقط ، بل هو لحظة لاحتضان العابرين، ومساندة المحتاجين، والتأكيد على الروح الجماعية.
ويظل شهر رمضان مناسبة فريدة تتجسد فيها روح التعاون والمحبة بين الجميع، حيث يُحتفل به فى الدواوين والمجالس الخاصة بكل عائلة أو قبيلة.
"البوابة نيوز" أجرت جولة فى شمال سيناء والتقت عددا من أفراد قبائلها وشيوخها.
قال الشيخ محمد على الهرش، أحد مشايخ قبيلة البياضية المعروفة بتاريخها الوطنى، بقرية رابعة فى شمال سيناء إن شهر رمضان يحمل فى طياته العديد من العادات والتقاليد القديمة التى نشأ وتربى عليها أهل سيناء، خاصة فى جيل الثمانينيات.
كان شهر رمضان فى ذلك الوقت يظل يحمل نفس الفرحة والبهجة التى اعتاد عليها الجميع. كان الجميع ينتظر إعلان السيد المفتى عن بداية الشهر الكريم، وبعد ذلك يبدأون فى أداء طقوس رمضان المميزة.
وأضاف الهرش فى تصريحات لـ"البوابة نيوز": كان هناك اهتمام خاص بـ«الديوان"، حيث كان رجال القرية يحملون الطعام من منازلهم ويتجهون إلى الديوان الذى يقع بالقرب من الشارع لتسهيل وصول المسافرين والغرباء للإفطار. كان الديوان مكانًا يعج بالحركة والفرح، حيث يجتمع الجميع لتناول الإفطار، ولم يكن الناس يغادرون إلى منازلهم إلا بعد أداء صلاة التراويح.
وتابع الهرش قائلاً: فى وقت الإفطار، كان شباب القرية يتواجدون بالقرب من السيارات يحملون التمر والمياه، كما كانت هناك مطابخ فى كل قرية تقوم بإعداد الوجبات للمحتاجين. أما فيما يخص القضايا العرفية، فكان القضاء العرفى يتوقف فى شهر رمضان باعتباره شهراً للقرآن والإحسان والمودة والرحمة. وكانت القضايا تُؤجل إلى ما بعد الشهر الكريم على أمل أن يهتدى أطراف النزاع خلال هذه الفترة ويُحل الخلاف دون الحاجة إلى جلسات مواجهة.. ولكن، فى حالات نادرة، وخاصة فى القضايا الجسيمة والطارئة، قد يتم عقد جلسة استثنائية، إلا أن القضاء العرفى بشكل عام يبقى متوقفًا طوال رمضان بسبب قدسيته.
الطريقة التقليدية
وقال هانى سويلم؛ من قبيلة البياضية فى مدينة بئر العبد؛ نحرص جميعاً على إقامة إفطار جماعى فى ديوان كل عائلة حيث يلتف الجميع حول مائدة واحدة وفقاً للطريقة التقليدية، ويشارك كل فرد من أفراد العائلة بما تيسر من طعامه، ويتناول الجميع الإفطار سويا، فى جو من المحبة والتآلف بين الجميع.
وأضاف سويلم أنه يشارك الجميع فى نقل الطعام من المنازل وتقديم العصائر، بالإضافة إلى تجهيز القهوة والشاى فى الديوان قبل موعد الإفطار. كما يساهم الشباب فى تجهيز المكان يوميا استعداداً للإفطار ويشارك أيضا أهل الديوان المعروفين بـ«المحلية" فى إعداد المستلزمات الضرورية مثل الشاى والقهوة وجمع الحطب، وتبدأ السهرات الرمضانية عقب صلاة التراويح.
إعداد القهوة
وتابع أن للمرأة دوا كبيرا فهى المسئولة عن تحضير الطعام، وخاصة "الخبز" الذى يتم إعداده على الصاج بالطريقة التقليدية، وذلك فى تجمعات الديوان، أما بالنسبة للمنزل فهى عماد الأسرة.
وقال حسين سالم أحد أهالى قرية رابعة إن الأهالى يهتمون فى شهر رمضان بالأجواء الروحانية، حيث تجتمع العائلات والزوايا الصوفية لأداء صلاة المغرب بعد تناول التمر والماء وتلاوة الأذكار، بالإضافة إلى قراءة جزء من القرآن الكريم جماعيًا أو الاستماع للدعاة.
وأضاف أنه بعد تناول الإفطار، يتم إشعال الحطب فى "الشالية" لإعداد القهوة فالقهوة هى جزء أساسى من الإفطار فى رمضان، حيث تُعد بحرفية خاصة قبل موعد الغروب، لتكون جاهزة للاستمتاع بها بعد الإفطار.
وقال إن الجميع يبدأ فى تحضير المائدة، وكل فرد يؤدى دوره بكفاءة. بين تحضير "اللبّة" الخبز المعد على الجمر و"العجر" طعام مصنوع من طلع البطيخ المشوى مع الطماطم والفلفل أو الباذنجان.
وأوضح سالم أن من أبرز العادات التى يحرص البدو على إيقافها خلال شهر رمضان هى المجالس العرفية وجلسات القضاء العرفي. كما يتم تعليق مراسم الخطبة والزواج حتى نهاية الشهر بسبب أن الاحتفالات تحتاج عدة أيام من التحضيرات، طهى الطعام وتقديمه للضيوف، ولذلك، يصعب تنفيذ هذه المراسم، ويتم تأجيلها إلى ما بعد عيد الفطر.
ثقافة الطعام
فى الأيام الأولى من شهر رمضان، يحرص سكان العريش على تناول وجبة الإفطار على الشواطئ، مستمتعين بمشهد غروب الشمس والجو المعتدل وفى بعض الأحيان، يمتد التجمع بعد صلاة التراويح حتى الساعات الأولى من الفجر، حيث يتناول البعض وجبة السحور قبل العودة إلى منازلهم.
تعتمد سفرة بدو سيناء بشكل كبير على اللحوم، التى تشكل الجزء الأساسى من طعامهم اليومى وخلال شهر رمضان يُوقف الأهالى تناول الأسماك ومشتقاتها لما تسببه من العطش ومن أشهر الأكلات: المندى وهو تقليد سينائى عريق؛ ويُعد المندى من أشهر الأطباق السيناوية التى تشتهر بها المنطقة، حيث يتم طهى اللحوم داخل برميل مدفون تحت الأرض. ويتم ردم الرمال على البرميل لضمان تسوية اللحوم ، مما يضفى على الطبق نكهة مدخنة مميزة.
ومن الأطباق الأخرى التى تميز سفرة سيناء هى المقلوبة، والتى يتم تحضيرها فى إناء كبير يتكون من مكونات بسيطة الباذنجان، البطاطس
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
الدبكة السيناوي تحيي التراث في ليالي رمضان بقصر ثقافة العريش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظمت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، سهرة رمضانية جديدة بقصر ثقافة العريش، ضمن برنامج ليالي رمضان الثقافية والفنية، بمحافظة شمال سيناء، في إطار خطة وزارة الثقافة للاحتفال بالشهر الكريم.
أقيمت الفعاليات بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، وشهدت حضور د. شعيب خلف، مدير عام إقليم القناة وسيناء الثقافي، وأشرف المشرحاني، مدير عام فرع ثقافة شمال سيناء، ولفيف من القيادات الثقافية والتنفيذية بالمحافظة.
واستهلت بعروض فنية بالساحة الخارجية للقصر، قدمها فريق الموهوبين بقيادة الفنان مدحت نجيب، تضمنت مجموعة من الأغاني الرمضانية والوطنية منها "رمضان، فرحة مصر، بُشرة خير"، بجانب عرض الدبكة السيناوية التي نالت إعجاب الحضور.
عقب ذلك تفقد الحضور للمعرض الفني المقام بإشراف الفنانة إيناس سمير، مدير القصر، وكذلك معرض الكتاب الذي يضم أحدث إصدارات هيئة قصور الثقافة بأسعار مخفضة.
وعلى مسرح القصر، استهل الحفل بالسلام الوطني، أعقبه فقرات استعراضية مستوحاة من التراث قدمتها فرقة العريش للفنون الشعبية بقيادة الفنان سامح الكاشف، بمصاحبة الفنان غريب مؤمن.
وتفاعل الجمهور مع الأغنيات الوطنية والدينية التي تغنت بها فرقة العريش للموسيقى العربية بقيادة المايسترو د. محمد عبد اللاه، منها: لأجل النبي، سبحة رمضان، الرضا والنور، أم النبي، وسلام الله يا طه.
وتواصلت الفعاليات مع ورشة المشغولات اليدوية بالخرز للمدربة سماح ماهر، كما قام المدرب شعبان جمعة، موجه التربية الفنية، بتدريب الفتيات على كيفية عمل تصميمات باستخدام رقائق الألومنيوم، والنحاس.
وضمن الأنشطة الرمضانية المنفذة بإشراف إقليم القناة وسيناء الثقافي، وفرع ثقافة شمال سيناء، نظمت مكتبة العبور أمسية شعرية بعنوان "شهر رمضان وحب الوطن " تضمنت مناقشة مجموعة من القصائد الشعرية الوطنية.
وأعد بيت ثقافة رابعة لقاء بعنوان "تطور المآذن المصرية " تحدث خلاله سليمان منصور، مدير البيت، عن أشكال وأنواع المآذن وفنون العمارة الإسلامية.
فيما تواصلت فعاليات كل من ورشة المشغولات بالخرز بمكتبة ضاحية السلام، وورشة تصميم لوحات فنية عن مظاهر الاحتفال بشهر رمضان، وذلك بقصر ثقافة بئر العبد.
تأتي الفعاليات ضمن برنامج حافل أعدته هيئة قصور الثقافة، يتضمن أكثر من 1640 فعالية ثقافية وفنية كبرى في 11 موقعا مركزيا بالقاهرة والأقاليم، بالإضافة إلى أكثر من 3000 فعالية أخرى في مختلف المواقع الثقافية على مدار الشهر الكريم.