غزة تشتعل مجددًا.. لماذا انهار وقف إطلاق النار وعادت الحرب؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
بعد مرور شهرين فقط على وقف إطلاق النار الهش في غزة، انهار الاتفاق تمامًا في ليلة الثلاثاء، ما أدى إلى استئناف العمليات العسكرية وتصاعد العنف مجددًا.
وهذه العودة السريعة إلى الحرب تثير العديد من التساؤلات حول الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذا التصعيد المفاجئ، وسط تطورات سياسية وعسكرية معقدة.
قدمت الحكومة الإسرائيلية مبررات عدة لاستئناف العمليات العسكرية، فقد صرّح وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأن الهجمات جاءت ردًا على "رفض حماس إطلاق سراح الرهائن وتهديداتها بإيذاء الجنود والمدن الإسرائيلية".
وأكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن هذا المبرر ذاته هو الذي استخدمته إسرائيل لبدء الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
وتشمل أهداف إسرائيل الرئيسية استعادة الرهائن المتبقين والقضاء على قدرة حماس على الحكم والعسكرة.
من جانبه، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الغارات جاءت نتيجة رفض حماس لمقترحين ملموسين للوساطة، قدمهما مبعوث الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
ووفقًا لمسئول إسرائيلي، فإن الغارات الجوية تمثل المرحلة الأولى من سلسلة عمليات عسكرية تصعيدية تهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح المزيد من الرهائن، وهو ما يتماشى مع وجهة نظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن الضغط العسكري هو الوسيلة الأكثر فاعلية لتحقيق هذا الهدف.
العوامل الداخلية في إسرائيللم يكن اتفاق وقف إطلاق النار يحظى بقبول واسع داخل إسرائيل، لا سيما من قبل اليمين المتطرف الذي اعتبره استسلامًا لحماس.
ويرغب هذا التيار في إخلاء جميع الفلسطينيين من قطاع غزة وإعادة بناء المستوطنات التي تم إخلاؤها عام 2005.
وبالنسبة لنتنياهو، فإن دعم اليمين المتطرف ضروري للحفاظ على ائتلافه الحكومي، خاصة بعد استقالة الوزير إيتامار بن غفير احتجاجًا على الهدنة، وتهديد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالانسحاب ما لم تستأنف الحرب.
وعودة الصراع في غزة ساهمت في استقرار الحكومة الإسرائيلية بعد أن قرر حزب "القوة اليهودية" بزعامة بن غفير العودة إلى الحكومة، وهو ما اعتُبر انتصارًا سياسيًا لنتنياهو.
كما أن التصعيد العسكري يساعد في صرف الأنظار عن مساعيه لإقالة رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، وهو قرار أثار دعوات لاحتجاجات حاشدة.
هشاشة اتفاق وقف إطلاق الناركان من المقرر أن تبدأ المرحلة الثانية من الاتفاق في 3 فبراير، لكن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت الموعد النهائي.
وخلافًا للنهج التقليدي، بدأت الولايات المتحدة التحدث مباشرة مع حماس، حيث أرسلت إسرائيل فرق تفاوض إلى قطر ومصر يوم الأحد الماضي لمحاولة دفع المفاوضات إلى الأمام.
ووفقًا لمصادر إسرائيلية، اقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف تمديد وقف إطلاق النار حتى رمضان وعيد الفصح في أبريل، ولكن دون التزامات واضحة من إسرائيل.
رفضت حماس هذا المقترح، معتبرة أنه يمثل انقلابًا على الاتفاق الأصلي.
وعرضت الحركة إطلاق سراح الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر إلى جانب جثث أربعة آخرين، مقابل التزام إسرائيل بالاتفاق الثلاثي الموقّع في يناير، وهو ما وصفته إسرائيل بـ"الحرب النفسية".
استئناف الحرب وشكل العمليات العسكريةلم تفصح إسرائيل كثيرًا عن طبيعة عملياتها، إلا أنها أكدت تنفيذ ضربات جوية مكثفة على أهداف لحماس.
وأمر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين في مناطق واسعة من غزة بالمغادرة، ما أثار تكهنات حول إمكانية تنفيذ غزو بري جديد أو احتلال بعض المناطق الحضرية.
وبحسب "سي إن إن"، فإن تل أبيب عازمة على إجبار حماس على التفاوض تحت الضغط العسكري.
وتؤكد إسرائيل أنها تمتلك خطة لتصعيد عملياتها تدريجيًا، لكنها لم تحدد بعد متى ستتمكن من إعادة إرسال قوات برية إلى القتال.
تأثير الحرب على سكان غزةيوم الثلاثاء كان اليوم الأكثر دموية منذ أكثر من عام، حيث قُتل 548 فلسطينيًا.
ومع استمرار إسرائيل في منع دخول المساعدات الإنسانية منذ أكثر من أسبوعين، تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل حاد، حيث شوهدت حشود من الفلسطينيين ينزحون مجددًا بعد أن أمرهم الجيش بمغادرة منازلهم في المناطق غير الآمنة.
وعودة الحرب إلى غزة بعد توقف قصير تعكس تعقيدات الصراع، حيث تتداخل العوامل السياسية والعسكرية الداخلية والخارجية في تحديد مسار الأحداث.
ومع استمرار التصعيد، يظل مصير سكان غزة مرهونًا بالتطورات المقبلة، فيما تبقى التساؤلات قائمة حول إمكانية التوصل إلى تسوية دائمة تنهي دوامة العنف المستمرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة فلسطين إسرائيل نتنياهو قطاع غزة المزيد وقف إطلاق النار
إقرأ أيضاً:
تنديد أوروبي وأممي متواصل بتجدد الحرب الإسرائيلية على غزة
توالت ردود الفعل الأوروبية والأممية على استئناف إسرائيل عدوانها على قطاع غزة والذي راح ضحيته نحو ألف بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء ومسنون.
فقد أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لانهيار وقف إطلاق النار في غزة ومقتل مدنيين منهم أطفال جراء الغارات الجوية الإسرائيلية.
ودعا الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك إسرائيل إلى إنهاء عملياتها العسكرية، وجدد دعوته لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى الإفراج الفوري عن جميع الأسرى.
كما حث إسرائيل على ضبط النفس واستئناف دخول المساعدات الإنسانية والكهرباء إلى غزة من دون عوائق.
صدمة بالمجلس الأوروبي
بدوره، عبر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا عن صدمته وحزنه من الأخبار القادمة من غزة ومن العدد الكبير للضحايا المدنيين نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية الليلة الماضية.
وقال كوستا في حسابه على منصة إكس "يجب أن يتوقف العنف وينبغي احترام شروط اتفاق وقف إطلاق النار".
وحث على ضرورة الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين واستئناف المساعدات الإنسانية فورا.
من جانبها، دانت الخارجية الفرنسية الغارات الإسرائيلية على غزة، ودعت إلى وقف فوري للأعمال العدائية التي تعرض جهود تحرير الأسرى وحياة المدنيين للخطر.
إعلانوطالبت فرنسا السلطات الإسرائيلية بضمان حماية المدنيين، وإعادة الوصول إلى المياه والكهرباء، ورفع جميع العوائق التي تحول دون دخول المساعدات الإنسانية، كما جددت دعوتها للإفراج غير المشروط عن الأسرى.
وفي السياق ذاته، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إنه يشعر بقلق بالغ إزاء الخسائر في صفوف المدنيين في غزة في أعقاب استئناف إسرائيل القتال.
وأضاف أن بلاده تشعر بالقلق تجاه الأسرى المحتجزين الذين يحملون الجنسية المزدوجة الألمانية والإسرائيلية. جاء ذلك خلال كلمته على هامش مباحثاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بديوان المستشارية في برلين.
مستقبل معلّق
صرحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بأن انتهاء وقف إطلاق النار في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية المكثفة أمر مثير للقلق الشديد.
واعتبرت بيربوك أن مصير الأسرى المتبقين ومستقبل الناس في إسرائيل وغزة والشرق الأوسط بأكمله أصبح الآن معلقا بخيط رفيع للغاية.
بدوره، شجب ماكسيم بريفوت وزير الخارجية البلجيكي ونائب رئيس الوزراء الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، ودعا في لقاء مع الجزيرة إلى احترام شروط وقف إطلاق النار، مؤكدا أن ما تقوم به إسرائيل ليس دفاعا عن النفس.
ودعا بريفوت، في منشور على منصة إكس، الطرفين إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق التي يجب أن تُمهّد الطريق لإعادة الإعمار وتحقيق السلام.
وحث المسؤول البلجيكي على المضي قدما نحو تنفيذ الخطة العربية بشأن غزة التي دعمها الاتحاد الأوروبي.
وفي الردود الأوروبية أيضا، وصف يونس عمرجي نائب رئيس البرلمان الأوروبي القصف الإسرائيلي على غزة بأنه جريمة ضد الإنسانية تتحمل مسؤولياتها جميع الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
أمميا، قال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن استئناف القتال في غزة وما يواكبه من محن وضحايا بالمئات أمر لا يطاق. ودعا حق في مقابلة مع الجزيرة إلى وقف القتال لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة الذين عانوا طويلا.
إعلانكما دعا توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إلى العودة لوقف إطلاق النار في غزة بشكل عاجل.
وأكد فليتشر، في جلسة لمجلس الأمن بشأن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أن منع وصول الغذاء والماء والدواء إلى المحتاجين في غزة أمر غير مقبول ويتعارض مع القانون الإنساني الدولي.
وقد ندد عدد من أعضاء المجلس باستئناف إسرائيل حربها على قطاع غزة وطالبوا بالعودة لوقف إطلاق النار.
وكانت دول عدة، بينها قطر والسعودية ومصر والأردن وتركيا وإيران والنرويج وأيرلندا وإسبانيا والسويد وأستراليا والصين، قد نددت أمس بالعدوان الإسرائيلي ودعت للعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
ومنذ فجر الثلاثاء، كثفت إسرائيل فجأة غاراتها الجوية على نطاق واسع بقطاع غزة، مما أسفر عن استشهاد 404 وأكثر من 562 إصابة، وفق وزارة الصحة بالقطاع، معظمهم أطفال ونساء ومسنون.
وتعد هجمات الثلاثاء أكبر خرق لاتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي أبرم بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي.