كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (41)
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
تحقيق: ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(ذِكْرُ عَادِةٍ غَرِيْبَةٍ).. وَهِيَ أَنَّ أَهْلَ ظَفَارِ إِذَا اِتَّهَمُوا أَحَدًا مِنْهُمْ بِالسِّحْرِ أَوِ السَّرِقَةِ تَحَاكَمُوا إِلَى رَجُلٍ حَضْرَمِيٍّ هُنَاكَ. وَعَنْ كَيْفِيَّةِ حُكْمِهِ أَنَّهُ يَحْمِي حَدِيْدَةً بِالنَّارِ، حَتَّى تَحْمَرَّ وَيَأْمُرُ الْمُتَّهَمَ أَنْ يُخْرِجَ لِسَانَهُ، فَيُمْسِكُهَا الْحَضْرَمِيُّ مِنْ طَرَفِهَا، وَيَكْوِيْهَا بِتِلْكَ الْحَدِيْدَةَ، حَتَّى يَخْرُجَ الدُّخَانُ مِنْ لِسَانِهِ، ثُمَّ يُطْبِقُ حَنَكَيْهِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ مَرَّةً أُخْرَىَ فَيَمْسَحُهَا بِخِرْقَةْ بِهَا دَوَاءٌ، وَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ؛ فَتَارَةً يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ، وَطَوْرًا يَمْسَحُ لِسَانَه بِتِلْكَ الْخِرْقَةِ؛ فَإِنْ ظَهَرَ بِالِّلسَانِ أَثَرُ الْحَرْقِ، وَهُوَ نِقَاطٌ بِيْضٌ فَهُوَ الْمُتَّهَمُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ فَالْمُتَّهَمُ بَرِيءٌ مِمَّا اُتُّهِمَ بِهِ.
وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْفِعْلُ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ تَيمور بِحِصْنِ ظَفَارِ وَكُنْتُ حَاضِرًا؛ فَأُحْضِرَ الْحَضْرَمِيُّ وَأُحْضِرَتْ اِمْرَأَةٌ مُتَّهَمَةٌ بِالسِّحْرِ فَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا نِيَابَةً فِي كَيِّ لِسَانِهِ عَنْهَا فَأَدْلَى لِسَانَهُ، وَكَوَاهَا بِمَرْأَى ومَسْمَعٍ. فَلَمْ يَظْهَرْ بِالِّلسَانِ أَثَرٌ فَأَظْهَرَتِ الْمَرْأةُ الْمُتَّهَمَةُ سُرُوْرًا لَا مَزِيْدَ عَلَيْهِ؛ وَكَأَنَّهَا كَانَتْ مَيَّتَةً فَأَحْيَاهَا اللهُ – سُبْحَانَهُ – وَلَعَلَّ ذَلِكَ سِرُّ طِلَسْمٍ يَكْتُبُهُ الْحَضْرَمِيُّ عَلَى تِلْكَ الْحَدِيْدَةِ الْمُحْمَاةُ وَلِلطَّلَاسِمِ تَأْثِيْرٌ لَا رَيْبَ فِيٍهِ. وَلَعَمْرُ الْحَقَّ إِنَّ هَذَا مُنْكَرٌ يَجِبُ عَلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِيُن زَوَالُهُ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوْقِنُون)].
.............
التَّحَاكم إلى رجل حضرميّ
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [(عَادِةٍ غَرِيْبَةٍ)]، أي (تقليد غريب) على وزن (فعيل/غريب) بمعنى (مُستفعَل مُستغرَب)، أي: مستهجن غير مألوف، ودلّ على معناها قول بعض الرُّجّاز: (حَرُّ الثَّرَى مُسْتَغْرَبُ التُّرَابِ) (01)؛ ولذلك تُطلق لفظة (غريبة) على الشَّعْرَة البيضاء في الرأس لأنها مُخالفة للون الشعر؛ ولأنها حدثٌ في الرأس لم يكن من قَبلُ. وجمعُها (غُرُبٌ)(02) ؛ وَهِيَ ([أَنَّ أَهْلَ ظَفَارِ إِذَا اِتَّهَمُوا أَحَدًا مِنْهُمْ بِالسِّحْرِ أَوِ السَّرِقَةِ]. (السِّحْر) مفردٌ وجمعُه (أَسْحَار)، وهو الخداع والتمويه والفتنة بإيحاء صرف الشيء عن حقيقته، وهو الرُّقية التي تأخذ العين، حتى تظن أن الأمر كما ترى وليس الأصل على ما ترى. وشاهدُ هذا الكلام لفظًا ومعنى في قول الله تعالى:(قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) [سورة الأعراف: 116]. و(السَّرِقَة) بكسر الراء المهملة، وفي لغة أخرى بسكون الراء المهملة (السَّرْقَة)، وهي أخذ الشيء من حِرْزه خُفْيَة على غير وجه الحق. وشاهده في قول النبيّ المرسل (صلى الله عليه وسلم) يُخبر عن صاحب الدَّيْن، يُسأل عن مال الناس فِيمَ أذهبَه:(أَيْ رَبِّ، قَدْ عَلِمْتَ أَنِّي لَمْ أُفْسِدْهُ، إِنَّمَا ذَهَبَ فَي غَرَقٍ أَوْ حَرَقٍ أَوْ سَرِقَةِ أَوْ ضِيْعَةٍ)(03) [تَحَاكَمُوا إِلَى رَجُلٍ حَضْرَمِيٍّ هُنَاكَ]. ومعنى (تَحَاكَمُوا) تقاضوا إلى الحضرميّ في الخصومة التي وقعت بينهم ونحوها. وهو فعلٌ مُتعدٍ. وشاهدُه اللغوي في قول هَرِم بن قُطْبَةَ الفَزَاري:(إِنَّكُمَا يَا بَنِي جَعْفَرَ قَدْ (تَحَاكَمْتُمَا) عَنْدِي، وَأَنْتُمَا كَرُكْبَتَي الْبَعِيْرِ الْفَحْلِ، تَقَعَانِ عَلَى الْأَرْضِ مَعًا، وَلَيْسَ مِنْكُمَا أَحَدٌ إِلَّا وَفِيْهِ مَا لَيْسَ فِي صَاحِبِهِ، وَكِلَاكُمَا سَيِّدٌ كَرِيْمٌ)(04).(رَجُل حَضْرَمِيّ) نسبة إلى (حضرموت) من بلاد اليمن جنوب شبه الجزيرة العربيّة، وأهلها كان لهم الفضل في نشر الإسلام في بلاد شرق آسيا؛ ولذا قال عنهم شكيب أرسلان:(تاريخ الحضارم ومجدهم الحقيقيّ خارج وطنهم). وكانت تُشْتَهر (حضرموت) بالكثير من الصناعات وأهمها (صناعة النِّعال)، وأشار لهذه الصناعة الحضرميّة الشهيرة (كُثّيّر عَزَّة) عندما مدح الخليفة فقال: [لَهُمْ أُزُرٌ حُمْرُ الْحَوَاشِي يَطَوْنَهَا/بِأَقْدَامِهِمْ فِي (الْحَضْرَمِيّ) الْمُلَسَّنِ(05)].
كيّ اللسان بالنار 3 مرَّات
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [وَعَنْ كَيْفِيَّةِ حُكْمِهِ] (كَيْفِيَّة حُكْمِهِ)، أي: طريقة التحكيم بين المتخاصمين والمتنازعين. وكلمة (كَيْفِيَّة) نجد شاهدها اللغويّ في قول مقاتل بن سليمان الأزديّ في تفسيره قول الله تعالى:(قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنثَيَيْنِ ۖ )(نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)(06) [نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ]، أي: عن كيفيّة تحريم ذلك، ومن أين جاء التحريم؟ فإن كان من قِبَل الذكورة فجميع الذكور حرام، أو الأنوثة فجميع الإناث حرام)(07) [يَحْمِي حَدِيْدَةً بِالنَّارِ، حَتَّى تَحْمَرَّ وَيَأْمُرُ الْمُتَّهَمَ أَنْ يُخْرِجَ لِسَانَهُ، فَيُمْسِكُهَا الْحَضْرَمِيُّ مِنْ طَرَفِهَا، وَيَكْوِيْهَا بِتِلْكَ الْحَدِيْدَةَ، حَتَّى يَخْرُجَ الدُّخَانُ مِنْ لِسَانِهِ، ثُمَّ يُطْبِقُ حَنَكَيْهِ، ثُمَّ يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ مَرَّةً أُخْرَىَ فَيَمْسَحُهَا بِخِرْقَةْ بِهَا دَوَاءٌ، وَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ؛ فَتَارَةً يَأْمُرُهُ بِإِخْرَاجِ لِسَانِهِ، وَطَوْرًا يَمْسَحُ لِسَانَه بِتِلْكَ الْخِرْقَةِ؛ فَإِنْ ظَهَرَ بِالِّلسَانِ أَثَرُ الْحَرْقِ، وَهُوَ نِقَاطٌ بِيْضٌ فَهُوَ الْمُتَّهَمُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ فَالْمُتَّهَمُ بَرِيءٌ مِمَّا اُتُّهِمَ بِهِ]. وهذه الطريقة تسمّى في التراث الشَّعْبيّ الظَّفَاري بـ(العَزْم)؛ أي (المحنة بالنار) على اللسان(08)؛ وهي عُرْفٌ شائع بين بدو الصَّحَارِي العربية، ثم انتشر هذا العُرْف إلى الكثير من المدن الحضرية وخاصةً في مصر وتُعْرف هناك اصطلاحًا بين العامة بـ(البَشْعَة)، وصِفَتُها أنهم عندما يُتَّهمُ أحدهم بتهمة كُبرى فإنهم يذهبون به إلى شخص يسمونه (المُبَشِّع)، ويقوم هذا الشخص بتسخين قطعة حديد مستديرة- طاسة- حتى تصل إلى درجة الاحمرار، ويطلب من المتهم لَعْقِها فإن لم تُصبه بأذًى فهو بريءٌ، وإن أصابته، أو أَبَى أن يتعرَّض لها فهو مُدانٌ.
كيّ اللسان في حضرة السلطان
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْفِعْلُ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ تَيمور بِحِصْنِ ظَفَارِ وَكُنْتُ حَاضِرًا] (بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ تَيمور)، أي: في وجود السلطان تيمور حيث كان حاضرًا في المجلس شاهدًا ومُعَاينًا. والشاهد اللغوي على كلمة (حَضْرَة) نجده في صحيح ابن حِبَّان:(خطَب عُتبةُ بنُ غَزوانَ فحمِد اللهَ وأثنى عليه ثمَّ قال: أمَّا بعدُ فإنَّ الدُّنيا قد آذَنَتْ بصُرْمٍ وولَّتْ حذَّاءَ وإنَّما بقي منها صُبابةٌ كصُبابةِ الإناءِ صبَّها أحَدُكم وإنَّكم مُنتَقِلونَ منها إلى دارٍ لا زوالَ لها فانتَقِلوا ما بـ(حضرتِكم)ـ يُريدُ مِن الخيرِـ..)(09)[فَأُحْضِرَ الْحَضْرَمِيُّ وَأُحْضِرَتْ اِمْرَأَةٌ مُتَّهَمَةٌ بِالسِّحْرِ فَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا نِيَابَةً فِي كَيِّ لِسَانِهِ عَنْهَا فَأَدْلَى لِسَانَهُ، وَكَوَاهَا بِمَرْأَى ومَسْمَعٍ. فَلَمْ يَظْهَرْ بِالِّلسَانِ أَثَرٌ فَأَظْهَرَتِ الْمَرْأةُ الْمُتَّهَمَةُ سُرُوْرًا لَا مَزِيْدَ عَلَيْهِ؛ وَكَأَنَّهَا كَانَتْ مَيَّتَةً فَأَحْيَاهَا اللهُ سُبْحَانَهُ]. فقوله:(فَوَكَّلَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا نِيَابَةً) (فَوَكَّلَتِ) من (الوكالة)، وهي (مصطلح فقهيّ وقانونيّ)، و(الوكيل) مَن يُفَوَّض بِأَمْرِ غَيرِه، فينوبُ عنه في التَّصرف في أموره، ونجد شاهدها اللغوي في قول ربيعة الرأي: [إِنَّ الْوِكَالَةَ بَيْعٌ، وَبَيْعُ السَّيِّدِ جَائِزٌ، وَأيُّهُمَا كَانَ أَوَّلَ: الْوَكِيْلُ أَوْ السَّيِّدُ، كَانَ هَوَ الَّذِي يَدْفَعُ السِّلْعَة إِلَيْهِ وَضَمِنَ بَيْعَهُ فَبَيْعُهُ أَجْوَزُ](10). وقوله:(كَيِّ لِسَانِهِ)، (الكيّ) حرق الجلد بنارٍ أو حديدة مُحمّاة ونحوها. وشاهده نجده في الحديث النبويّ:(الشِّفاءُ في ثَلاثَةٍ: في شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أوْ كَيَّةٍ بنارٍ، وأنا أنْهَى أُمَّتي عَنِ الكَيِّ)(11). وقوله: (فَأَدْلَى لِسَانَهُ)، أي: أرسلها خارج الحَنَكَين الأعلى والأسفل من بين شفتيه مثل إرسال الدلو في البئر. والشاهد اللغوي لكلمة (فَأَدْلَى) نجده في القرآن الكريم في قول الله تعالى:(وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ)(12). وقوله: (وَكَوَاهَا بِمَرْأَى ومَسْمَعٍ). (بِمَرْأَى)، أي: تحت أنظار الحاضرين في مجلس السلطان تيمور. والشاهد اللغوي لكلمة (مَرْأَى) نجده في رواية عُبيد بن شَرِيّة الجُرهميّ يحكي قصة موت لقمان بن عاد:(ثُمَّ سَقَطَ لُبَدٌ مَيِّتًا، فَجَاءَ لُقْمَانُ لِيَنْهَضَ، فَاضْطَرَبَتْ عُرُوقُ ظَهْرِهِ، وَخَرَّ مَيِّتًا، وَكَانَ أَمْرُهُمَا هَذَا بِـ(مَرْأَى) مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْعَمَالِقَةِ) (13) و(مَسْمَع)، أي: (السَّمْع)، وهو إدراك الصوت بالأذن والإصغاء إليه، وقد سمع الحاضرون في مجلس السلطان ومنهم الشيخ عيسى الطائي صوتَ الضرب بالحديدة (المحنة بالنار) على لسان زوج المرأة المتهمة بممارسة السحر. والشاهد اللغوي لكلمة (مَسْمَع) نقرأه في قول بشر بن المُعْتمِر البغداديّ: [وَ(مَسْمَعِ) القِرْدَانِ فِي مَنْهَلٍ/أَعْجَبُ مِمَّا قِيْلَ فِي الْحِجْرِ(14)].
الفرق بين (ميِّت) و(ميْت)
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [(فَأَظْهَرَتِ الْمَرْأةُ الْمُتَّهَمَةُ سُرُوْرًا)]، أي: أبرزتْ وأبدتْ المرأة فرحتها ببراءتها من تهمة السحر، والشاهد اللغوي لكلمة (أَظْهَرَتِ) نقرأه في شعر عبيد بن الأبرص الأسديّ: [وَلَا(تُظْهِرَنّ) حُبَّ اِمْرِيءٍ قَبْلَ خُبْرِهِ/ وَبَعْدَ بَلَاءِ الْمَرْءِ فَاذْمُمْ أَوِ احْمَدِ(15)]. وقوله: [(وَكَأَنَّهَا كَانَتْ مَيَّتَةً فَأَحْيَاهَا اللهُ)]، شبّه فيه الشيخ الطائي المرأة المُتهمة بالسحر بـ(المَيَّتَةً) الحيّة التي تحتضر وأحسّت بدنو أجلها وفقدت بهجة الحياة، فأحياها الله بأن أظهر براءتها. وفي هذا التعبير لطيفة بلاغية نصوغها على هيئة سؤال، وهو: لماذا عبّر الشيخ عيسى بن صالح الطائي بكلمة (مَيَّتَة) بتضعيف الياء المُعجمة عن المرأة المتهمة بالسحر، ولم يقل (مَيْتَة) بسكون الياء المعجمة؛ لأن كلمة (الميِّت) بتضعيف الياء المُعجمة؛ تُعبّر عن الإنسان الحي الذي يسعى على طلب رزقه، ويغدو ويروح، وينتظر أجله. وشاهدُ هذا المعنى من القرآن الكريم نقرأه في خطاب الله تعالى لسيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) في الآية الثلاثين من سورة الزمر بقوله تعالى: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ)، أي ستموت، وسيموت جميع الناس. أمّا كلمة (المَيْت) بسكون الياء المعجمة؛ فهي تعبير عن المخلوق الذي مات حقيقةً وخرجت روحُه وصار جثةً هامدةً، وشاهدُ معناه من القرآن الكريم نقرأه في الآية الثانية عشرة من سورة الحُجُرات في قول الله تعالى:(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ).
الطلاسم حلال أم حرام؟
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [وَلَعَلَّ ذَلِكَ سِرُّ طَلْسَمٍ يَكْتُبُهُ الْحَضْرَمِيُّ عَلَى تِلْكَ الْحَدِيْدَةِ الْمُحْمَاةُ وَلِلطَّلَاسِمِ تَأْثِيْرٌ لَا رَيْبَ فِيٍهِ]. وفي قوله: (وَلَعَلَّ ذَلِكَ سِرُّ طَلْسَمٍ يَكْتُبُهُ الْحَضْرَمِيُّ)؛ إشارة إلى حرمة الطلاسم. وفي تعريف (الطِّلَسْم) يقول الشيخ القرافيّ (نفس أسماء خاصة لها تعلق بالأفلاك والكواكب على زعم أهل هذا العلم في أجسام من المعادن أو غيرها تحدث لها آثار خاصة ربطت بها في مجاري العادات فلا بد في الطِّلَسْم من هذه الثلاثة الأسماء: (الأسماء المخصوصة), وتعلقها ببعض أجزاء الفلك وجعلها في جسم من الأجسام، ولا بُد مع ذلك من قوة نفس صالحة لهذه الأعمال فليس كل نفس مجبولة على ذلك)(16) ومعنى (الطِّلَسْم)؛ كما يقول حاجي خليفة: (عقد لا ينحل, وقيل مقلوب اسمه أي المسلط, لأنه من القهر والتسلط, وهو علم باحث عن كيفية تركيب القوى الأرضية المنفعلة في الأزمنة المناسبة للفعل والتأثير المقصود مع بخورات مقويّة جالبة لروحانية (الطِّلَسْم)؛ ليظهر من تلك الأمور في عالم الكون والفساد أفعال غريبة، وهو قريب المأخذ بالنسبة للسحر، لكون مبادئه وأسبابه معلومة، وأما منفعته فظاهرة، لكن طرق تحصيله شديدة العناء)، ثم يقول شيخنا الطائيّ:(وَلِلطَّلَاسِمِ تَأْثِيْرٌ لَا رَيْبَ فِيٍهِ)؛ وفي ذلك يذكر ابن حزم (أنّ من أنواع الطلاسم التي شاهدها طابعا منقوشا فيه صورة العقرب في وقت كون القمر في العقرب، فينفع إمساكه من لدغة العقرب. ولا يمكن دفع الطِّلَسْمات، لأننا قد شاهدنا أنفسنا آثارها ظاهرة إلى الآن من قرى لا تدخلها جرادة، ولا يقع فيه برد، وكسر قسطه التي لا يدخلها جيش إلا أن يدخل كَرْها، وغير ذلك كثير جدا لا يُنكره إلّا مُعاند). ويذكر محمد محمد جعفر: أنّ المؤرخ "جريجوري" أخبر أن الفرنسيين عندما كانوا يفتحون إحدى المقاطعات لإقامة جسر عليها عثروا على طلاسم معدنيّة لم يهتموا بأمرها وكانت تحمل رسوم الفئران والأفاعي والنيران وغيرها من الحشرات وقد أهمل العُمَّال هذه الطلاسم فقذفوا بها في النهر، ومن وقتها قاست باريس كثيرا من اندلاع النيران فيها، وكثرة الفئران وغيرها من الحشرات، وكانت قبل العثور على هذه التعويذات في أمان منها). ويذكر "جاك جافاريل" أمين مكتبة "ريشيليو" أنه عندما فتح السلطان محمد الثاني القسطنطينية عثر جنوده على تمثال في هيئة حية كبيرة فاغرة فاها مصنوعة من البرونز، فهدم الجنود التمثال الذي كان مصنوعا لإبعاد الأفاعي عن المدينة، ومن الوقت الذي كُسِرَ فيه التمثال تكاثرت الزواحف بالمدينة وما زالت بها للآن). وكل هذا الذي ذكروه بعيد عن الصواب، وهو من الخرافات التي جازت على أصحاب العقول، فأنَّى لـ(طلَسْم) أن يمنع الحرائق عن مدينة كبيرة، وأنَّى لتمثال أفعى أن يمنع الأفاعي عن دخول مدينة واسعة، ولكنها الفِرْية تصدقها العقول من غير تمحيص.
العزم والطلاسم مُنْكَر
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [وَلَعَمْرُ الْحَقَّ إِنَّ هَذَا مُنْكَرٌ يَجِبُ عَلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِيُن زَوَالُهُ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوْقِنُون] (وَلَعَمْرُ الْحَقَّ أَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ)، أي: (العزم) أو (البَشْعَةُ)؛ و(هذه العقوبة قليلا ما تُمارس في ظَفَار باستثناء الحالات القصوى؛ لأنه حولها شيء من الاستفهام، ولا تخلو من الخداع)(17)، و(ليس لها أصلٌ في الشرعِ، وإنما يجب أن نعمل بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):(الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) رواه الدارقطني، فهذا الحديث الشريف رسم لنا طريق المطالبة بالحق وإثباته أو نفي الادعاء الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يتمسَّكوا به دون سواه من الطرق السيئة التي لا أصل لها في الشرع، بل وتُنافي العقائد الثابتة بخصوصية الله تعالى بعلم الغيب؛ قال تعالى:{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} (الأعراف: 188) (18). ووافق رأي الشيخ عيسى بن صالح الطائي في عدّ الطلاسم من المُحَرمّات والمُنْكرات إجماع سائر العلماء والفقهاء قديمًا وحديثًا؛ فقد (نَصَّ أهل العلم على أن ما يسمى (علم الجداول والطلاسم والأوفاق والتنجيم) كلها بلا استثناء من علوم الباطل التي يجب الابتعاد عنها. كما نَصَّ على ذلك العلامة القرافي المالكي - رحمه الله - في كتابه(الفروق)، وقبله العلامة ابن الشاط المالكي، ووَرَدَ ذكر هذا العلم ضمن علوم السحر في (الموسوعة الفقهية الكويتية)، وذكره الشيخ سيدي عبد الله العلوي الشنقيطي في كتابه (رُشْد الغافل) ونقله عنه الشيخ الأمين في تفسيره (أضواء البيان)، إذ عَدَّ أنواعها من علوم الشَّرَّ فقال: ومنها: نوع يسمى بـ(الطلاسم) وهو عبارة عن نقش أسماء خاصة لها تعلق بالأفلاك والكواكب على زعم أهلها في جسم من المعادن أو غيرها، تحدث بها خاصية ربطت في مجاري العادات، ولا بد من ذلك من نفس صالحة لهذه الأعمال، فإن بعض النفوس لا تجري الخاصة المذكورة على يده، (ومنها): نوع يسمى بـ(العزائم)؛ وهم يزعمون أن لكل نوع من الملائكة أسماء أمروا بتعظيمها، ومتى أقسم عليهم بها أطاعوا وأجابوا وفعلوا ما طلب منهم. ولايخفى ما في هذا الزعم من الفساد. (ومنها): نوع يسمونه (تسخير الكواكب والجن)، والذين يزعمون أن للكواكب إدراكات روحانية، فإذا قوبلت الكواكب ببخور خاص ولباس خاص على الذي يباشر البخور كانت روحانية فلك الكواكب مطيعة له، متى ما أراد شيئًا فعلته له على زعمهم. وذكر -رحمه الله تعالى - في علوم الشر أنواعًا كثيرة منها: الأشكال جمع شكل، ويسمى علمها علم الجداول وعلم الأوفاق، وهي معروفة وهي من الباطل. نقلًا عن أضواء البيان. والرقية لا تجوز بالطلاسم ولا بما هو مجهول المعنى، فقد يكون ذلك سحرًا أو شركًا) (19) وقد قال النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ)(20) (وَلَعَمْرُ الْحَقَّ)، قسمٌ شائع في لغة العرب، ومعنى الجملة (أُقْسِمُ بالحق)، وقال الشيخ عبد المحسن العبّاد في شرح سنن أبي داود: (ليس بيمين لأن النبيّ محمد (صلى الله عليه وسلم) استعمله واستعمله الصحابة ومَنْ بعدهم. وقال هو من ألفاظ التأكيد، مثل: لاجرمَ وحقًا. وفي تاج العروس للزبيديّ: (العُمْرُ بالفَتْح وبالضّمّ =الحياة؛ فإِذا أَقْسَمُوا قالوا: (لَعَمرك) فَتَحُوا (العين) لا غير، فَخُصَّ (القَسَمُ بالمَفْتُوحَة)، وهذا هو المشهور في لغة العرب، أي: إنهم إذا فتحوا العين في (لعَمري) ونحوها أرادوا بها القسم. ويقول ابن عباس في تفسير قوله تعالى (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون): هذه الآية لم تُقْرأ إلا بفتح العين "وما حَلف اللهُ بحياة أَحد إِلاّ بِحَيَاةِ النَّبِيّ (صلى الله عليه وسلم). وقول شيخنا الطائيّ: (إِنَّ هَذَا مُنْكَرٌ) المنكرُ مفردٌ والجمع (مناكِر ومناكير) وهو: ما قبّحه الشرع ونهى عنه، من المعاصي والرذائل والدناءات وما يُستهجن ويُستغرب حصولها، وتنقبض النفس منه. والشاهد اللغوي والشرعيّ لكلمة (مُنْكَر) في قول الله تعالى:(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(21)
من يحقّ له تغيير المنكر؟
يقول الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ: [(مُنْكَرٌ يَجِبُ عَلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِيُن زَوَالُهُ)] في هذه العبارة يستدعي الشيخ عيسى الطائي قضية فقهيّة مازالت تثير إشكالية ويتردّد صداها بين الحين والآخر، ويثيرها فصيل من (المتشددين)؛ ألا وهي قضية (تغيير المنكر باليد)، كما نُقِل من حديث سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ رَأَى مِنْكُم منكرًا فليغيرْه بيدِه. فإن لم يستطعْ فبلسانِه. فإن لم يستطعْ فبقلبِه. وذلك أضعفُ الإيمانِ) (22) والسؤال المُثير للقضية هو:(مَنْ الذي يملك صلاحية تغيير المنكر باليد)؟ ولا ننسى أنّ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بَيَّنَ لنا تغيير المنكر وآلياته ووسائله؛ حتى لا تضلَّ الأمة في قيامها بتلك الفريضة، فتسلك بها غير السبيل القويم، أو تتخذ وسيلة غير التي تكون لها؛ و(قد تقرَّر أنَّ تغيير المنكر باليد ليس مُباحًا لكل أَحَدٍ؛ قال العلامة أبو بكر بن العربيّ في تفسيره (أحكام القرآن لابن العربي) [1/ 383-384، ط. دار الكتب العلمية، بيروت] عند تعرُّضه لشرح الحديث السابق:(وفي هذا الحديث من غريب الفقه أن النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) بدأ في البيان بالأخير في الفعل، وهو تغيير المنكر باليد، وإنما يُبْدَأُ باللسان والبيان فإن لم يكن فباليد؛ يعني أنْ يَحُول بين المنكر وبين متعاطيه بنزعه وبجذبه منه، فإن لم يقدر إلا بمقاتلةٍ وسلاحٍ فليتركْه، وذلك إنما هو إلى السلطان؛ لأنَّ شهر السلاح بين الناس قد يكون مخرجًا إلى الفتنة وآيلًا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فالتغيير باليد يكون لمَنْ له سلطان على مرتكب المنكر؛ كالوالد مع ولده، والزوج مع زوجته، والرَّاعي في رعيته، والوالد والزوج يغيران المنكر في حدود سلطتهما التي لو تجاوزاها ارتكبا مُنكرًا، أو أدَّى إلى ضَررٍ بالغٍ أو مُنكرٍ أكبر، أمَّا الراعي فله السلطان الكامل؛ قال الإمام القرطبيّ في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن) [4/ 49، ط. دار الكتب المصرية]: قال العلماء: الأمر بالمعروف باليد على الأمراء، وباللسان على العلماء، وبالقلب على الضعفاء؛ يعني: عوام الناس) (23)
تحكيم شرع الله أولى
وختم الشَّيخُ عِيَسى الطَّائِيُّ كلامه مُستنكرًا استبدال العادات الجاهلية بشرع الله بالمقطع الأخير من الآية رقم (50) في سورة المائدة: [(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوْقِنُون)]، والتي أولها: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ويقول ابن كثير في تفسيرها: (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعَدَلَ إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم اليساق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله(صلى الله عليه وسلم). قال الله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون) أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. (ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء. وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الخوطي حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (أبغض الناس إلى الله عَزَّ و جَلَّ من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه). وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه بزيادة.
.............
المراجع والمصادر:
(01) العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسيّ(ت، 328هـ)، شرحه: أحمد أمين وآخرون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط3، 1973م، 3/325
(02) العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي(ت، 175هـ)، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، القاهرة د.. 4/411
(03) مسند الإمام أحمد، أحمد ابن حنبل (ت، 241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 2001م، رقم الحديث: 1707، 3/233
(04) صبح الأعشى، أبو العباس القلقشندي (ت، 821هـ)، المطبعة الأميرية، ومطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1922م، 1/388
(05) ديوان كثير عزة، جمعه وشرحه: إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، 1971م، ص: 252
(06) سورة الأنعام، الآية:143
(07) مقاتل بن سليمان الأزدي 1/594
(08) الأعراف والعادات الاجتماعية والثقافية في ظفار، سعيد بن مسعود بن محمد المعشني، مطابعى ظفار الوطنية، صلالة، سلطنة عُمان، 2002م، ص: 29
(09) الراوي: عتبة بن غزوان، المُحَدّث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، ص أو رقم : 7121، خلاصة حكم المُحدث، أخرجه مسلم (2967) واللفظ له، والنسائي في (الكبرى) (11790)، والحاكم (5139) باختلاف يسير
(10) المدونة الكبرى، مالك بن أنس الأصبحيّ الحميريّ(ت، 179هـ)، رواية: سحنون بن سعيد التنوخيّ، مطبعة السعادة/ مصر، 1323هـ، 3/248
(11) الراوي: عبدالله بن عباس، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 5681، خلاصة حكم المُحَدث: [صحيح]، التخريج: من أفراد البخاري على مسلم
(12) سورة يوسف، الآية: 19
(13) أخبار عُبيد بن شريّة الجرهميّ(ت، 67هـ)، ضمن كتاب: التيجان في ملوك حمير لوهب بن منبّه(ت، 114هـ)، رواية: أبي محمد عبد الملك بن هشام عن أسد بن موسى عن أبي إدريس بن سنان، تحقيق ونشر: مركز الدراسات والأبحاث اليمنية، صنعاء، ط1، 1347هـ، ص: 379
(14) كتاب الحيوان، الجاحظ(ت، 255هـ)، شرحه: عبد السلام هارون، شركة ومكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، القاهرة، ط2، 1969م، 6/438
(15) ديوان عبيد بن الأبرص، شرح: أشرف أحمد عدرة، دار الكتاب العربيّ، بيروت، ط1، 1994م، ص: 60
(16) الفروق للقرافي، أنوار البروق في أنواء الفروق ط- أخرى - المجلد 4 - الصفحة 283
(17) الأعراف والعادات الاجتماعية والثقافية في ظفار، ص: 30
(18) دار الإفتاء المصرية، رقم الفتوى: 391، تاريخ الفتوى: 07 ديسمبر 2005م
(19) علم الجداول والطلاسم والأوفاق والتنجيم من الباطل، فتاوى العقيدة الإسلامية، السحر والجن والحسد وأدعياء الغيب، والتنجيم، إسلام ويب، الفتوى رقم:73445، الأحد 22 شعبان 1429 هـ - 24-8-2008 م.
(20) الراوي: عبدالله بن مسعود، المُحَدث: أبو داود، المصدر: سنن أبي داود، ص أو رقم : 3883، خلاصة حكم المحدث: سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالحٌ]، أخرجه ابن ماجه (3530)، وأحمد (3615) باختلاف يسير
(21) سورة الأعراف، الآية: 157
(22) الراوي: أبو سعيد الخدري، المُحَدِّث: ابن تيمية، المصدر: مجموع الفتاوى، ص أو رقم: 10/460 | خلاصة حكم المُحَدِّث: صحيح.
(23) دار الإفتاء المصرية، بيان المقصود من حديث: (من رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بيده)، من فتاوى: فضيلة الدكتور علي جمعة محمد، رقم الفتوى: 6057، تاريخ الفتوى: 03 يناير 2013 م
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: ضياع الأمانة بين الناس من علامات الساعة
قال الدكتور أيمن الحجار، من علماء الأزهر الشريف، إن الأمانة من أعظم القيم التي دعا إليها الإسلام، مشيرًا إلى حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، حيث أخبر النبي ﷺ أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم رفعت شيئًا فشيئًا حتى يأتي زمان يقال فيه: "إن في بني فلان رجلًا أمينًا"، وذلك لندرة الأمناء.
وأوضح الحجار خلال تصريحات تليفزيونية، أن الأمانة لا تقتصر على الودائع المالية فقط، بل تشمل جميع المسؤوليات التي يتحملها الإنسان، سواء كانت في العلم، أو العمل، أو العلاقات الاجتماعية، مشيرا إلى أن القرآن الكريم أمر بأداء الأمانات إلى أهلها، فقال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا" (النساء: 58).
وأشار الى أن ضياع الأمانة يؤدي إلى فساد المجتمعات وانتشار الظلم.
واستدل بقوله ﷺ: "إذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة"، مبينًا أن حفظ الأمانة واجب ديني وأخلاقي يضمن استقامة الحياة واستقرارها.
وشدد على ضرورة التمسك بالأمانة في القول والفعل، وعدم التهاون فيها، حتى ينال الإنسان رضا الله عز وجل ويعيش في مجتمع قائم على الثقة والعدل.
لا إيمان لمن لا أمانة لهأكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن العلم من أخطر أنواع الأمانة، لأنه مسئولية عظيمة تتعلق بنقل المعرفة الصحيحة، وبيان الأحكام الشرعية، والتوجيه إلى الصلاح، وهو ما أشار إليه الله تعالى بقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، فقد وصف العلماء بأنهم أهل الخشية الذين يدركون حدود الله، ويعلمون حقوقه وصفاته، ومن هنا جاءت خطورة خيانة العلم، لأنها تؤدي إلى تشويه الدين، وتخريب العقول، ونشر الفوضى الفكرية، وقد يصل أثرها إلى إفقاد الناس الثقة في الدين نفسه.
وبشأن الفتوى تابع مفتي الديار المصرية، خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق ببرنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»: "إنها أمانة عظيمة، لأن المفتي عندما يصدر حكمًا شرعيًا، فإنه يوقع عن الله تعالى، وهو ما يقتضي أن يكون أمينًا، ملتزمًا بالدقة والورع، وإلا فإنه يكون قد خان الأمانة، وابتعد عن الحق، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا إيمان لمن لا أمانة له»، فالمفتي مسؤول أمام الله عن كل كلمة يقولها، لأن الفتوى قد تؤدي إلى صلاح المجتمعات أو فسادها".
وتابع المفتي: "الداعي ينبغي أن يتحلى بالحكمة، والصبر على المدعوين، ومراعاة أحوالهم، والتدرج معهم، كما قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، محذرًا من أن بعض الدعاة يسيئون إلى الدين بسبب سوء فهمهم لمضامينه، أو عدم استخدامهم للأساليب الصحيحة في الدعوة".
وأضاف نظير عياد: كل فرد مسئول عن وطنه، وأن حب الوطن لا يكون بالشعارات، بل بالعمل والاجتهاد والحرص على مصلحته، مشيرًا إلى أن بعض الناس يعتقدون أن الغش في الامتحانات أو العمل أو التجارة نوع من الذكاء، ولكن الحقيقة أن هذه الأمور تندرج تحت خيانة الأمانة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، مؤكدًا أن الخيانة في الأمانة من أخطر الصفات، حيث يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا}، كما وصف المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار، بسبب خيانتهم للأمانة.