سواليف:
2025-03-19@21:52:39 GMT

“كطايف وجوزها معها” وموت ابو جمعة”

تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT

” #كطايف وجوزها معها” وموت ابو جمعة”

د. #ماجد_توهان_الزبيدي

لا اعرف لماذا أتذكر قريبي المرحوم #ابو_جمعة، كلّما حلّ علينا شهر #رمضان الفضيل ، واتذكر معه صديقي رئيس البلدية الأسبق بديرتنا إبن صفي بالمدرسة وجاري سابقًاً؟

كان قريبي أبو جمعة قد سافر إلى”ألمانيا الغربية” في أوائل سبعينيات القرن العشرين بحثا عن عمل  يُطعم من خلاله أولاده، الخبز، في ضوء عدم وجود أية مهنة لديه ،او أي وظيفة حكومية أو في القطاع الخاص ،ولم يكن لديه رخصة سياقة ،لا خاصة ولا عمومية،لأنه لم يُكمل الدراسة الإبتدائية ولا يتقن سوى العربية المحكية دون كتابتها جيدا،الأمر الذي جعله يعمل بوظيفة “عامل وطن” لدى البلاد الأوروبية!

مقالات ذات صلة جاري والقرار الجريء! 2025/03/16

كان  ابو جمعة، رحمه الله وسيماً،صاحب شوارب كثيفة ،هابطة للأسفل،وشعر رأس أسود خال من أي شعرة بيضاء ،عندما عاد من ألمانيا بعد حوالي السنتين ،إزداد خلالهما جمالاً على جمال، وعاد ليعيش بين أسرته الصغيرة من زوجة وأربع  من الأولاد والبنات في براكيتين مساحة كل واحدة لا تتجاوز 9 امتار مربعة،مصنوعة من مادة”الإسبست” الممنوعة من الإستخدام الآدمي،مثله مثل آلاف من أبناء قبيلته وما جاورها من قبائل  ،جارت عليها النكبة والنكسة معا!

في عودته لوطنه ،عاد لتدخين التبغ البلدي “الهيشي” ،ورجع ثانية لعلبة الدخان الحديدية وورق اللف الناعم ماركة”أوتمان”،إلّا أن وفاته المفاجئة كانت لغزاً حيّر كثيرين من محبيه الكثيرين نظرا لطيبته وبساطته وسلامة الناس من حوله من يده ولسانه ،من قائل أن سبب الوفاة، العمل الثقيل والقاسي الذي كان يقوم به في أيام وشهور الثلج والبرد القارس الذي يميت الأعصاب،لقائل أن عربنا عندما يسافرون لأوروبا لا يرحمون انفسهم في الشرب وعلب الليل ولعبها معاً!،لثالث يقول ان  غلاء الحياة المعيشية هناك يورث فقر الدم للمهاجرين من عرب وأفارقة وآسيويين!

وقد تبيّن لاحقاً أن سبب الوفاة هو جهل بيئة المرحوم التام لألف باء التحاليل الطبية للدم والبول ،ذلك ان الرجل كان شره التدخين ومتطرف في تناول الحلويات الشعبية بحيث لم يكن يقتنع بصنف واحد  منها أبداً،ذلك أنهُ كان يتناول ثلاثة أنواع منها دفعة واحدة ،في ايام رمضان وغير رمضان ،إلّا أنه في رمضان تحديدا ،كان رحمه الله يحرص يوميا على شراء “القطايف” و”لعوّامة” و”الهريسة” بعد أن يقوم بتغطيسها بالقطر ، ويلتهم كميات من كل تلك الأنواع، ربما لا يجاريه في الكميّة اليومية منها نصف رجال حارة المانية او يابانية من حيث كمية السكر الملتهمة يوميا ،فضلاً عن تجهيزه لإبريق شاي كبير ،صيني مصنوع من “الجبصين” ذي اللون الأزرق، يضع في قلبه ستة “عرامات” من السكر(العرام وحدة قياس عند بعض  أبناء البادية والريف في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي)!يشرف على تجهيزه بنفسه ،ويتم الإنتهاء منه قبل ربع ساعة من آذان شيخ الجامع الشيخ المرحوم “عطا”،ثم يُغطى إبريق “الجبصين” ببشكير(منشفة) ليبقى “شايه”دافئاً،وهكذا دواليك كل يوم!

لم يكن من أحد من قبيلتنا في تجمّعها الأكبر بلواء بني عبيد قد حلّل دمه ليفحص كمية السكري بالدم على حد علم الكاتب،ولم يعرف أحد آنذاك طبيباً للأسنان مُتخرج من معهد أو جامعة،وكان المتخصص بخلع الطواحين والأضراس وغيرها من الأسنان ،مجموعة من مايُطلق عليهم طائفة “النوّر” أو “الغجر”يمتهنون مهنتهم الأصلية والشائعة :تصليح بوابير الكاز،على أساس أن كل الناس كانوا لا يعرفون أفران الغاز!

وكان يفد لديرتنا بلواء بني عبيد رجل أو رجلان ومعهما إمرأة أحيانا،في كل جولة، صاحبة غُرّة صفراء ظاهرة ،يركبون على دواب ،شاع بيننا أنهم من مناطق حوران سوريا ،من “نوّر”تلك الديار ويمتهنون تصليح بوابير الكاز وتصليح الأسنان معا ،ومعهم كماشات وخيطان لذلك الأمر الطبيّ!ويقضون بيننا ساعات طويلة تارة ينامون عند هذا ،وتارة عند ذاك من افراد قبيلتنا ،ونسهر معهم على ربابتهم واغانيهم ،ويقرأون لنا “بختنا”او “حظّنا” من خلال “الودع” ونحن نفغر افواهنا كالبلهاء،بينما كانت أنظار البالغين من رجالنا تغوص بعيداً بعيداً  في أعماق عيني مرافقتهم أم غُرّة صفراء وسن الذهب وسط أسنانها، وفي شعر رأسها الأصفر الذي كنُا نعتقد أن الله أوجده “أشقر اللون”،قبل أن نعرف بعد خمسين سنة أن هناك صبغات عديدة الألوان  للشعر،وهي تتمايل وتغنج بكلامها الغريب في نعومته و”طيبته” وموسيقاه عن لهجتنا التي تشبه إلى حد كبير صوت إنهيار السلاسل الحجرية من حول بيوت أهل الريف في تلك الأيام !

وقد تبيّن لنا لاحقا بعد “فوات الفوات”  ـ كما يقول الأعراب ـ ان رجل قبيلتنا الباسم الشاب أبو جمعة قد فارقنا بسبب مرض السكري الناجم عن الإلتهام غير المسبوق لتلك الأنواع الشعبية من تلك الحلويات آنفة الذكر ،بكميات هائلة،يومياً،بعد نقعها وتغطيسها لأكثر من ساعتين بالقطر،ثم شرب إبريق من الشاي ،ذي الحجم العائلي ،المُعد،حسب القول المأثور عن عرب الغور  وما حوله :”سبع الشاي اللي مايدّبجّ على البراطم” ،ومعنى ذلك بعربية شبه فصيحة،من عند الكاتب:” اللعنة على الشاي إن لم تلتصق الشفاه ببعضها خلال شربه”!

وقد تبيّن للكاتب بعد أكثر من خمسين سنة ونيف على حادثة وفاة المأسوف على شبابه ووعيه ووعي قبيلته كلها وما جاورها من قبائل، أن الولع بالسكريات والحلويات الشعبية يتساوى فيه ،المتعلم والجاهل ،معلم المدرسة وراعي الإبل، ودليل الراوي أن صديقه رئيس البلدية الأسبق ،والمعلم المتقاعد،وإبن جيله ومدرسته وحارته “أبو ناجح” إعترف له أمام كثيرين ،أنه في ليلة رمضانية واحدة إلتهم 26 حبة”كطايف”(بلهجته)من الحجم العادي، ثم اوصى عائلته تحت طائلة التهديد ،ب”عكّبولّي”، أثناء خروجه لسهرة خارج لبيت، يتخللها عادة حرق علبتي “سجائر”!

 وقد وجد الكاتب بعض العذر لأبي جمعة وأبي ناجح من ولعهما بالحلويات الشعبية او السكرّيات،في ضوء بيع عشرات آلاف من دونمات الأرض،باعها أصحابها لتجّار “الحلاوة” من اصحاب الحوانيت في القرى والبلدات ،او السائرين على ظهور الدواب،في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الميت! (16آذار)

.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ابو جمعة رمضان ابو جمعة

إقرأ أيضاً:

“ملحمة جلجامش” في بطرسبورغ بإخراج تركي

روسيا – قدم مسرح “بريانتسيف” الشبابي من بطرسبورغ في 15 و16 مارس الجاري العرض المسرحي “ملحمة جلجامش” من إخراج التركي بيركان جرجون الذي سبق له أن أخرج في المسرح مسرحية “معاناة فرتر الشاب”.

وقال المخرج التركي في مؤتمر صحفي عقده في مركز “تاس” الصحفي في بطرسبورغ: “لقد وصلت إلينا 12 لوحا طينيا لها علاقة بملحمة جلجامش. وبعضها مكسور، وبعض الآخر يصعب فك رموزه. لذلك كانت مهمتنا صعبة للغاية، وانحصرت في جمع تلك الألواح وتحويلها إلى عمل درامي مكتمل بمنطق خاص به. وفي الوقت نفسه كان من المهم ألا ننغلق وراء المؤثرات البصرية الجميلة، بل أن نحكي قصة الملحمة دون أن نفقد جوهرها”.

وقد كتب المخرج سيناريو مسرحيا خاصا به مستوحى من الملحمة القديمة، حيث حاول خلق أسلوبه المميز الخاص من خلال الموسيقى والكلاسيكيات والرقص وتكنولوجيات الإضاءة. وأوضح: “سيكون هذا العرض ملحمة في عصرنا، أي كيف يمكننا أن نراها اليوم”. وفي الوقت نفسه، سيدور الحديث عن مواضيع أبدية مثل الحياة والموت، والحب، والمعرفة، والتغلب على المخاوف، ومعنى الوجود”.

وأضاف المخرج أنه كان “من الممتع جدا له العمل في هذا المسرح، حيث تتاح للمخرجين المختلفين فرصة للتجربة وإظهار شخصيتهم.

وأوضح أن فريقا روسيا تركيا عمل على إنتاج المسرحية. وقام إفتر تونش المصمم الرئيسي لمسرح إسطنبول الحكومي للأوبرا والباليه، بتصميم الديكور. بينما قامت مصممة الأزياء الروسية إليزافيتا بيسكونوفا بتصميم الأزياء الأصلية التي تضمنت عناصر من الصوف الملبّد والحياكة. أما الموسيقى فقد ألفها الملحن التركي أوكتاي كوسي أوغلو. وتولت مصممة الرقص والحائزة على جائزة “القناع الذهبي” الروسية كسينيا ميخيفا إعداد قسم الرقص للمسرحية. ومن بين الممثلين الذين أدوا الأدوار الرئيسية الفنانون الروس بوريس إيفوشين وآنا ديوكوفا وسيرغي زوكوفيتش.

يذكر أن إنتاج العرض المسرحي جرى بدعم من القنصلية العامة التركية في بطرسبورغ.

المصدر: تاس

Previous السيسي يعبر عن إعجابه بفنان مصري لمع نجمه في رمضان Related Posts السيسي يعبر عن إعجابه بفنان مصري لمع نجمه في رمضان منوعات 18 مارس، 2025 رائد مسلم: سمعت صوت “الآذان” من محطة الفضاء منوعات 18 مارس، 2025 أحدث المقالات “ملحمة جلجامش” في بطرسبورغ بإخراج تركي السيسي يعبر عن إعجابه بفنان مصري لمع نجمه في رمضان رائد مسلم: سمعت صوت “الآذان” من محطة الفضاء بريطانيا.. زرع شرائح تحفيز في أدمغة مدمني الكحول والمخدرات للتخلص من الإدمان العثور على مجوهرات نسائية إسكندنافية بغرب روسيا

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • البسطات الشعبية.. ملتقى أهالي الباحة في ليالي رمضان
  • “الشؤون الإسلامية” تُقيم موائد لتفطير الصائمين بجمهورية بنغلاديش الشعبية
  • “ملحمة جلجامش” في بطرسبورغ بإخراج تركي
  • نائب أمير منطقة حائل يتسلّم التقرير الختامي لـ “مؤتمر أجا التقني” الذي أقيم بالمنطقة
  • الحركة الشعبية لتحرير السودان “التيار الثوري الديمقراطي” بيان حول إجتماع المكتب القيادي
  • من الشخصية التي أوصى أبو إسحاق الحويني بأن يدفن معها؟
  • بيتكوفيتش: “بن ناصر الذي كان يرغب بشدة في التواجد معنا لكن..”
  • إقبار مشروع “الحزام الأخضر” يُعرّض وجدة للعواصف الرملية
  • الأسواق الشعبية.. تستحضر أجواء رمضان «لوّل»