سودانايل:
2025-04-15@13:21:19 GMT

اليسار السوداني في حاضر الملتيميديا

تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT

كان اليسار السوداني - وفي قيادته الحزب الشيوعي - حتى لحظة غياب تطبيقات الميديا الحديثة فاعلاً، وقادراً على التأثير في مناطق تحركه المقفولة تقريباً. فيسارنا ولد في زمان الموصلات الإعلاميّة التقليدية مدفوعاً بموقع عضوية طبقته ضمن الحوزات المجتمعية التي ازدهر فيها. كانت وسيلته لنشر أفكاره الصحف، والمجلات، والكتاب، والمدرسة، والجامعة، والنقابات، والندوة، والمساحات الإبداعية.

ونظراً لقدراته التنظيمية فقد كان تقريباً يجد مساحة ضخمة للتأثير من خلال هذه المنابر أكثر من بقية الأحزاب التقليدية مجتمعة. لكن الوضع الآن اختلف بسبب ثورة الاتصالات التي جعلت المتلقين القدامى هم أنفسهم منتجون للكلمة في زمان إعلام المواطن الذي صار موازياً لإعلام وسائل التواصل التقليدية. وحتى قبل زمان الإنترنت ركزت الحركة الإسلامية - الخصيم الأشرس لليسار - على أن يستهدف انقلابها مواطن حركة اليسار بعد أن تحولت الدولة إلى ضيعة استبدادية. وكانت أكبر ضربة تلقاها اليسار تمثلت في إجبار كوادره للفرار إلى هجرة مستدامة للخليج، أو الدول الغربية حضارياً. وعلى الصعيد الداخلي جففت الإنقاذ النقابات بعد مذبحة الصالح العام التي استهدفت أول ما استهدفت كوادر الحزب الشيوعي، والبعثيين، والمستقلين، وهؤلاء جميعاً يشكلون حركة الاستنارة الفكرية مع اختلاف توجهاتهم الأممية، والعروبية، والسودانوية. هناك عوامل أخرى لضمور تأثير اليسار تعلقت بتراجع الزخم الذي اكتسبه في فترة الخمسينات لأسباب جيوبوليتيكية، فضلاً عن الضربات المتوالية التي تلقاها من اليمين الذي سيطر على حركة المجتمع، وقام برد مكوناته إلى وحدات عشائرية. وذلك ما أدخل المطالب الجهوية في الصراع الوطني، وبالتالي أصبح صوت الدفاع عن الأفكار المناطقية أكثر علواً من صوت الدفاع عن كل المناطق. لقد صارت الجغرافيا أثقل تاثيراً من التاريخ. إذ تحولت القناعة بدور تمرد الحركات المسلحة أكبر من القناعة بدور فكر الأحزاب المركزية في حلحلة القضايا التاريخية التي تعمقت أكثر من لحظة وراثتها في زمان الاستقلال. ومع بروز صوت الهامش صارت مدرسة التحليل الثقافي أكثر قدرة على مزاحمة مدرسة التحليل المادي للتاريخ في القول إن هناك نظراً اعمق، وأفضل، لبحث جذور أزمة الوجود السودانية. وهكذا برزت نظرية السودان الجديد لقرنق كمعادل موضوعي للنظريات المتجذرة في مركز السلطة. -٢- أذكّر أنني كتبت مقالاً قبل ثلاثين عاماً عن ما سميته يسارية الفكر والإبداع السودانيين فزجرني الأستاذ حسين خوجلي في صحيفته بكلمة قادحة دون أن يفند فرضيتي التي بنيتها وفقاً لحجم التحديث الذي بذله المبدعون اليساريون في مجالات الفكر، وعموم البحث الأكاديمي، والسينما، والدراما، والشعر، والتلحين، والنقد، والمسرح، وفن التشكيل. ولكن الحقيقة أن ما بذله اليساريون من تجديد للفكر، والأدب، والفن، كان ثمرة اللحظة التاريخية التي فرضت مفاهيم التقدم، والواقعية الاشتراكية، على سائر المنطقة العربية، والعالم الثالث، والتي صبغت إبداعها بثيمات التحرر، والعقلانية، والحداثة. ولو أن الأستاذ حسين نافح بالقول إنه ليس كل مفكرينا، ومبدعينا من ذوي الوجهة اليسارية لكان قد أفادنا في جدل الحوار، خصوصاً أننا نعرف أن كثيراً منهم مستقلون يميلون ليسار الوسط، أو ليبراليون بقيم تحررية، أو يساهمون بمنطلقات سودانوية. ولكن معظم هؤلاء المبدعين الذين ظهروا في مرحلة الخمسينات كانوا أميل لتبني قيم التقدم التي فرضتها المرحلة بسبب سطوة اليسار العالمي، والعربي، آنذاك. بل وجدنا بعض قادة ينتمون لأحزاب دينية المنشأ ينادي بالاشتراكية الإسلامية، وتحرير المرأة، وتجديد الفقه الأصولي السني ليتوافق مع تطلعات الدولة القطرية. اعتقد أن كل تلك الظروف التي هيأت توطن قيم اليسار في ذهن الانتلجنسيا خصوصاً بعد الاستقلال هي التي أتاحت التحديث في إنتاجنا الفكري، والأدبي، لدى المشتغلين فيه. ومن ناحية أخرى قادت تلك الظروف اليمين ليتحسس أدواته للاستفادة من مناخ السعي لتحقيق النهضة التقدمية. ولكل هذا اعتقد أن اليسار نفسه أثر على أهم منظرين يمينيين وهما الصادق المهدي، وعبدالله الترابي، في الاقتراب من منطقة التحديث لتنظيميهما ما جعل هناك إمكانية للإسلام السياسي السوداني للخروج من الإسار السلفي للتنظيم العالمي، وتبني الترابي مفاهيم تجديدية تعارض مفاهيم المؤسسين لفكر الإخوان المسلمين الاوائل لدرجة تكفيره. وبالنسبة للصادق المهدي فقد حاول مجاراة الإسلام السياسي المستحدث بتطوير حزب الأمة باتجاه طرح مفاهيم حديثة تختلف عن مفاهيم جده، وعمه الذي ثار عليه. على أن الجدير بالذكر هنا أن محاولات الترابي، والمهدي، ركزت على التحشيد أكثر من أصالة التجديد الذي ينطلق من تبني خط سياسي يضع في صلب اهتمامه قضايا الطبقة الفقيرة. -٣- ولما كان محور فكرة المقال تقصي أبعاد تأثير اليسار السوداني فكرياً، وسياسياً، وإبداعياً، في الميديا الجديدة فإن الصورة التي بدا عليها هذا التأثير تظل محل مراجعة نقدية لمساجلة طرق المشرعين اليساريين في سدة القيادة السياسية لتمديد فرص ذلك التأثير. وصحيح أن محاولات الحوار حول تفعيل العمل داخل بنية أحزابنا اليسارية لم تتوقف سوى أنها ما تزال بحاجة إلى استنباط تكتيك جديد يحول اليسار من تيارات متناثرة إلى تيار واحد. ذلك الذي يستوعب عموم المؤمنين بتحقيق دولة المواطنة، والذين لا يختلفون كثيراً في أنواع تكتيكاتهم الفكرية، والسياسية، والثقافية. والأهم من كل هذا أن هذا التعدد السياسي الوطني في أغلبه يضع السودانوية في اعتباره كمدخل أساسي للمراجعة النظرية على النحو الذي بذله الراحلان عبد العزيز حسين الصاوي، ومحمد علي جادين، في مراجعاتهما للفكرة البعثية في وطن التعدد الإثني، والأيديولوجي، والثقافي. ويسارنا السوداني أصلاً مهما تسربلت قراءاته لدراسة أزمة الوجود السوداني فقد كان يتشارك مع مساهمات الحركة الوطنية في إيلاء خصوصية لواقعنا المجتمعي المتعدد عرقياً. ذلك بما يجعله مقربا لليبراليين، والوسط، ويسار الوسط، أو المستقلين. فمصطلح أصدقاء اليسار من غير المنتمين إليه يستبطن وجود مناطق لقيا لمواجهة اليمين الذي يستفيد من التناقضات الطبقية لتحشيد طاقته انطلاقا من توظيف ماكنيزمات التدين، وحضورها في الجيش، والقطاع الاقتصادي، ودعمها بالمال الطفيلي. عوداً إلى بدء، عصر الملتيميديا الذي دخلنا فيه، ووجدنا أن مواطننا قد تحرر من التدجين الفكري، والسياسي للقوى التقليدية، يتطلب اتحاد اليساريين الإصلاحيين في منظومة إعلامية تتناوب في دفع مساهمات التنوير السودانية لإقامة الدولة الوطنية. اعتقد أن نخبة الحزب الشيوعي هي أكثر نخبة تستطيع قيادة توحيد أسس المساهمة في العرض الملتميدي لما لديها من قدرات تنظيمية، وخبرات عملية، وعلميّة، في مجال نشر التنوير السياسي. ويمكن لهذه النخبة بعلاقاتها المتميزة مع النخب التي تشاركها حلم الدولة الوطنية بناءً على التحالفات السابقة، والراهنة، أن تبدأ حوارات كهذه لتمديد فرص التلاقي الوطني. وبغير ذلك أرى أن مجهوداتنا في الميديا الحديثة ستظل مشتتة أمام محاولات سيطرة اليمين الإسلاموي، وسعيه الدائم إلى القبض على روح الرأي العام بواسطة ملايين الدولارات التي يمتلكها لوحده من أجل عودته للحكم مرة ثانية. الميدان، 13 مارس 2025، العدد 4298

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة

نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرا عن سعي جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تحويل منطقة رفح بكاملها إلى منطقة عازلة، تبلغ مساحتها 75 كم مربع -أي قرابة 20% من مساحة قطاع غزة– بما فيها المدينة كاملة ومنع عودة سكانها البالغ عددهم نحو 200 ألف نسمة إليها بشكل دائم.

بينما أعلن جيش الاحتلال اكتمال حصار رفح، مع استمرار عمليات تفجير المنازل ومختلف المنشآت المدنية، وحديث الصحافة الإسرائيلية عن وجود كتيبتين من كتائب القسام في المنطقة المراد تدميرها.

ولهذا الاتجاه، إن صح، دلالات مهمة على توجهات الاحتلال المستقبلية بشأن القطاع، وتداعيات إستراتيجية على القضية الفلسطينية وعلى مصر.

View this post on Instagram

A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)

محور فيلادلفيا 2

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي أكدت في 11 فبراير/شباط، أن الجيش استكمل السيطرة على كامل محور "موراغ" وطوق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "بشكل كامل"، وأعلن عن تقدم كبير في العمليات البرية جنوبي قطاع غزة، حيث استكمل ما وصفه بـ"مأسسة محور موراغ"، وهو ممر بري يمتد شمالاً من الحدود مع مصر حتى أطراف مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

وبحسب إذاعة الجيش، في منشور عبر منصة إكس، فإن "قوات من فرقتي 36 ولواء المدرعات 188، تمكنت من السيطرة الكاملة على المحور وتطويق مدينة رفح من كافة الجهات"، وأشارت إلى أن رفح باتت "محاصرة حصارا كاملا" من القوات الإسرائيلية.

إعلان

ولفتت إلى أن "المرحلة المقبلة تشمل عمليات تثبيت السيطرة داخل محور موراغ، والاستعداد لتوسيع التوغل داخل رفح، بهدف ضمها إلى منطقة العازل الحدودي، كمنطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية".

يأتي هذا الإعلان عشية عيد الفصح اليهودي، وسط ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل بعدم شن عملية واسعة في رفح لمخاطر وقوع كارثة إنسانية.

في حين تستمر عمليات النسف اليومية للمربعات السكنية في المدينة، نقلت هآرتس شهادات جنود وضباط احتياط، أن جرافات "دي 9" (D9) تُستخدم لهدم كل البنية التحتية في رفح دون تمييز.

وتحولت عمليات الهدم إلى منافسة داخلية بين الوحدات الميدانية، وأن "فرقة غزة" في الجيش الإسرائيلي، أنشأت خارطة لونية تُصنف المناطق وفق نسب التدمير، ووُصفت رفح بأنها أصبحت غير صالحة للسكن.

"محور موراغ" باللون الأزرق، هو المحور الذي يفصل خان يونس عن رفح (الجزيرة)

وبينما كانت رفح مأوى لنحو 200 ألف فلسطيني، هي الآن مدينة شبه خالية ومدمّرة كاملا تقريبًا. ويُنظر إلى أي مدني يظهر في المنطقة على أنه "مخرب" ويُطلق عليه النار أو يُعتقل فورًا، بحسب شهادات جنود نقلتها هآرتس.

وأشارت الصحيفة إلى أن الهدف لا يقتصر على الاستيلاء على هذه المنطقة، وإنما تحويل غزة إلى جيب جغرافي داخل إسرائيل وإبعاد القطاع عن الحدود المصرية وزيادة الضغط على حركة حماس.

ووفقا لتقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، صدر أمر بإخلاء 22 حيًا في محافظتي رفح وخان يونس، في 31 مارس/آذار، وبما يشمل مساحة قدرها 97% من محافظة رفح، وتغطي 64 كيلومترًا مربعًا.

ومن المنشآت الموجودة في هذه المنطقة مستشفيان ميدانيان و4 مراكز للرعاية الصحية الأولية و7 نقاط طبية وما لا يقل عن تسعة مطابخ مجتمعية نُقلت إلى خان يونس.

وبين يومي 31 مارس/آذار و1 أبريل/نيسان، أشارت التقديرات إلى نزوح نحو 90 ألفا من رفح، وهم الآن مشتتون في مدينة خان يونس ومواصي خان يونس ودير البلح.

إعلان

ويضيف التقرير، أن مستودع المركز السعودي للثقافة والتراث، قُصف في غارة جوية إسرائيلية شُنت على شرق رفح، في 3 أبريل/نيسان، وأسفر هذا القصف عن تدمير المستودع واحتراق جميع منصات تحميل اللوازم الطبية، البالغ عددها 1600، وكان من المقرر، أن تؤمّن الاستجابة لاحتياجات المرضى والمصابين، وفقًا لرئيس مجلس إدارة المركز.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن مطلع أبريل/نيسان الجاري، أن الجيش سيسيطر على محور "موراغ"، كما سيطر سابقا على محور "فيلادلفيا"، البالغ طوله 14.5 كيلومترا على طول الحدود الجنوبية لغزة مع مصر.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، عن تسجيل مصور لنتنياهو قال فيه: "نسيطر على محور موراغ، الذي سيكون محور فيلادلفيا الثاني".

المقاومة في رفح

ونقل مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت يوسي يهوشع، أنه رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2024 "حسم لواء رفح"، فإن الزيارات الميدانية الأخيرة لرئيس الأركان أكدت استمرار نشاط كتائب حماس في المدينة، مع إقرار الجيش، أن 75% من الأنفاق لا تزال قائمة، وأن رفح لم تُحسم عسكريًا، كما أُعلن سابقًا.

وأشار مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي دورون كادوش إلى الطريقة التي تُعرّف بها قيادة المنطقة الجنوبية جاهزية كتائب حماس في المنطقة، وذلك بوصف محور موراغ بأنه "يقسم بين كتائب رفح وخان يونس". وبحسب الجيش الإسرائيلي، لا تزال هناك كتيبتان فعالتان في رفح من أصل أربع، وفي خانيونس هناك 3 كتائب فعالة من أصل أربع.

وأمس الجمعة، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جندي من لواء غولاني بجروح خطِرة في معارك جنوبي قطاع غزة، كما أعلن إصابة ضابط بجروح في اشتباكات مسلحة في رفح، موضحا، أن 3 مسلحين فلسطينيين أطلقوا النار تجاه قوة من جيش الاحتلال في رفح.

كما نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مصادر عسكرية، أن قائد قوات القنص التابعة لحركة حماس في كتيبة تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة قُتل في غارة جوية حديثة، وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن قائد القناصة، أحمد إياد محمد فرحات، كان مسؤولا عن التقدم وتنفيذ العديد من الهجمات على القوات الإسرائيلية في غزة وضد الاحتلال.

أحرونوت: الزيارات الميدانية الأخيرة لرئيس الأركان تؤكد استمرار نشاط كتائب حماس في مدينة رفح (الفرنسية) المعنى السياسي والتداعيات

تتمثل تداعيات هذه الخطوة إن تمت بأمور منها:

إعلان 1- عزل غزة سياسيا واقتصاديا وأمنيا عن مصر وعمقها العربي، وقطع شريان الحياة الوحيد لغزة مع العالم. 2- التراجع النهائي عن فكرة التخلي عن قطاع غزة، التي كانت وراء قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بالانسحاب منها عام 2005، وتعزيز التوجه إلى ابتلاعها جغرافيا والتخلص من سكانها، بتهجيرهم من منافذ أخرى إذا بقيت مصر على موقفها الرافض لاستقبالهم. 3- تغيير في جغرافيا غزة، وتعزيز تحويلها إلى معازل سكانية منفصلة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق يمنع بقاء الاحتلال داخل القطاع. 4- تدمير مدينة سكنية تدميرا كليا، والتهجير القسري الدائم لقرابة مئتي ألف فلسطيني.

ويشير تقرير مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، إلى أن "إصدار القوات الإسرائيلية بشكل متزايد أوامر الإخلاء -والتي هي في الواقع أوامر تهجير- أدى إلى النقل القسري للفلسطينيين في غزة إلى مساحات متقلصة باستمرار، حيث لا تتوفر لهم سوى فرص ضئيلة أو معدومة للحصول على الخدمات المنقذة للحياة، بما فيها المياه والغذاء والمأوى، وحيث يظلون عرضة للهجمات".

كما أن طبيعة ونطاق أوامر الإخلاء يثيران مخاوف جدية من نية إسرائيل إخلاء السكان المدنيين من هذه المناطق بشكل دائم بهدف إنشاء "منطقة عازلة، ويُعدّ التهجير الدائم للسكان المدنيين داخل الأراضي المحتلة بمثابة نقل قسري، وهو انتهاك جسيم لاتفاقية جنيف الرابعة، وجريمة ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي، بحسب مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

5- تقليل نسبة كبيرة من المساحة الصالحة للزراعة في غزة، إذ تعد المنطقة التي يعبرها "محور موراغ" سلة غذاء القطاع، وأدى احتلالها إلى ارتفاع أسعار الخضار والمواد الغذائية. 6- بقاء قوات إسرائيلية بشكل مكثف على حدود مصر إلى أجل غير مسمى، في انتهاك دائم لاتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية. إعلان

وقد تكون تسمية نتنياهو المحور الجديد "فيلادلفيا 2" رسالة مبطنة لمصر، بمعنى أن هناك واقعا جديدا مستداما سيصبح فيه محور فيلادلفيا داخل الأراضي الفلسطينية وخاضعا للسيطرة الإسرائيلية.

السيناريوهات المستقبلية  نجاح الاحتلال في إقامة منطقة عازلة لأمد طويل. فشل المشروع بفعل المقاومة الفلسطينية والرفض المصري والدولي، ولطبيعة الموقف الأميركي دور مهم في هذا الصدد. أن يكون الأمر مجرد ورقة ضغط لتحسين شروط أي تسوية مستقبلية في الأسابيع المقبلة، وهو ما يتسق مع الأنباء المنقولة عن ترامب، ومبعوثه ستيف ويتكوف بشأن قرب التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار.

وكذلك ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية عن وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس أثناء زيارته رفح، إن إسرائيل "أقرب إلى صفقة" من التصعيد العسكري. وتحليل مراسلها "آفي أشكنازي" بأن السيطرة على رفح هي وسيلة ضغط سياسي على حماس لقبول صفقة رهائن تشمل وقف إطلاق النار.

وختاما؛ فمن شأن نجاح الاحتلال في إبادة رفح، أن تزداد شهيته لاستهداف مناطق أخرى في القطاع وخارجه بذات السيناريو، وهو ما سيدفع باتجاه المزيد من تعقيد الصراع العربي الإسرائيلي ويقوض أسس الموقف العربي الداعي إلى حل الدولتين، واتخاذ الصراع أبعادا أكثر جذرية على المستوى الشعبي، وهو ما سيؤثر بلا شك على الموقف الرسمي، أو يزيد الهوة بين المواقف الشعبية والرسمية العربية، ويقلل من فرص الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في مستقبل المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الضصارة…جبهة المتطرفين الدينيين وبقايا اليسار تدعو لإقتحام مينائي طنجة والدارالبيضاء
  • "إم سكويرد" تطلق أحدث مشروعاتها "MIST" بشرق القاهرة.. مجتمع متكامل يعزز مفاهيم الحياة المستدامة والرفاهية
  • إم سكويرد تطلق أحدث مشروعاتها MIST بشرق القاهرة .. مجتمع متكامل يعزز مفاهيم الحياة المستدامة والرفاهية
  • حماس: فوجئنا بأن المقترح الذي نقل لنا يتضمن نزع سلاح المقاومة
  • حرب الرسوم.. ما أكثر السلع الصينية التي يعتمد عليها الأميركيون؟
  • بنكيران: اليسار انتهى وهيمنة رأس المال تُهدد الحياة السياسية.. و”ترامب ديالنا” هو أخنوش
  • خبايا المشروع الإسرائيلي الذي سحق خمس غزة
  • صنع في العراق.. ما الذي يعيق عودتها للسوق المحلية؟
  • عودة الدبلوماسي المخضرم : سفير اليمن لدى الولايات المتحدة يؤدي اليمين الدستورية امام رئيس مجلس القيادة الرئاسي
  • معنى اليمين الغموس وكفارة الوقوع فيها.. الأزهر للفتوى يجيب