ثائر ضد النظام السوري السابق، ترك عمله في تجارة الحبوب وانخرط في الحراك السلمي ضد جيش الأسد ثم حمل السلاح في وجهه مع بداية تنكيل النظام بالمتظاهرين وقتلهم، وعرف في تلك الفترة بـ"حجي مارع". أسهم في تأسيس "لواء التوحيد" التابع للجيش السوري الحر، ومات متأثرا بجراحه في غارة استهدفته أواخر عام 2013.

المولد والنشأة

عبد القادر الصالح من مواليد بلدة مارع في الريف الشمالي لحلب عام 1979، وكان متزوجا وله 5 أطفال.

ويشتهر بلقب "حجي مارع" نسبة إلى بلدة مارع التي كان من أوائل المنظمين فيها للنشاط السلمي والمظاهرات، وأول من حمل فيها السلاح، كما يعتبره كثير من السوريين "الأيقونة الأغلى" للثورة السورية.

التجربة الثورية

وعقب إنهائه خدمته العسكرية في وحدة الأسلحة الكيميائية بجيش النظام السوري، اتجه للعمل داعية إسلاميا ونشطا في كل من سوريا والأردن وتركيا وبنغلاديش.

وكان يعمل في تجارة الحبوب والمواد الغذائية قبل أن ينخرط في المظاهرات السلمية المطالبة بإسقاط النظام السوري عام 2011، ويقود فيها الهتافات، وأسهم في تأسيس وقيادة "المجلس الثوري في حلب وريفها" في 21 ديسمبر/كانون الأول 2011.

القائد الأعلى للواء التوحيد عبد القادر الصالح مع مقاتلي المعارضة بسوريا في سبتمبر/أيلول 2013 (الفرنسية)

كان الصالح من أوائل من انخرطوا في النشاط المسلح ضد النظام السوري ردا على بطش قوات النظام وقتلها المتظاهرين السلميين، وشكّل مطلع عام 2012 أول مجموعة مسلحة ضدها في الريف الشمالي لحلب، عرفت بـ"كتيبة قبضة الشمال"، واشتهر عنه بيع الكثير من أملاكه لشراء السلاح لمواجهة النظام وقواته.

إعلان

صار جزءا من "لواء أحرار الشمال" عقب اندماج "كتيبة قبضة الشمال" في كتائب الجيش الحر في ريف حلب الشمالي في 9 مارس/آذار 2012. وأدى دورا بارزا في قيادة معارك الدفاع والتحرير، التي خاضها اللواء في ريف حلب الشمالي، وظهر في مقاطع مصورة أثناء مشاركته في معارك بمدينة إعزاز في محافظة حلب، وتركزت حول مفرزة الأمن العسكري في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز 2012.

اختير الصالح قائدا لأول مجموعة مسلحة تعمل ضد النظام، قبل أن يعلن رسميا عن تشكيل "لواء التوحيد" بالجيش السوري الحر منتصف 2012، واختير عبد العزيز سلامة قائدا عاما للواء، والصالح قائدا للعمليات العسكرية فيه، وضم غالبية مقاتلي الجيش الحر وكتائب في ريف حلب الشمالي والغربي والشرقي، ونفذ العديد من العمليات العسكرية ضد قوات النظام في الريف الشمالي.

أبرز المعارك

بدأ اللواء أولى معاركه باسم "الفرقان" للسيطرة على مدينة حلب، ودخل إلى المدينة عبر الأحياء الشمالية الشرقية في 21 يوليو/تموز 2012، وأصبح من أكبر التشكيلات العسكرية للجيش الحر في محافظة حلب.

وقاد الصالح وشارك في العديد من المعارك وأهمها معارك السيطرة على مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، ومدن الراعي وجرابلس وغيرها من البلدات الكبرى في ريف حلب الشمالي.

وكان لواء التوحيد من أوائل المجموعات التي دخلت إلى الطرف الغربي لحلب بعد أن بدأت اشتباكات بين ثوار حي صلاح الدين وقوات النظام، على الرغم من تخطيط اللواء المسبق للدخول من الطرف الشرقي لمدينة حلب.

تمكن لواء التوحيد من إدخال 275 مقاتلا في اليوم الأول للمعارك بقيادة أحمد يوسف الجانودي -الذي قتل في وقت لاحق على أيدي قوات النظام- فيما دخل الصالح مع نحو 500 مقاتل في اليوم التالي إلى الأحياء الشرقية لحلب.

شارك الصالح في العديد من المعارك الأولى في مدينة حلب، إذ أسهم في السيطرة على المراكز الأمنية في النيرب والشعار وهنانو والصالحين ومقر الجيش الشعبي وثكنة هنانو ومضافة آل بري ومدرسة المشاة بحلب ومشفى الكندي، واستطاعت قواته السيطرة على نحو 70% من المدينة في أيام.

إعلان

وشارك في معارك كبرى خارج حلب، إلى جانب المئات من المقاتلين من لواء التوحيد في معارك القصير في حمص قبل أن تسيطر عليها قوات النظام بمساعدة مقاتلي حزب الله اللبناني في يونيو/حزيران 2013.

كما شارك في قيادة معارك "قادمون يا حماة" في ريف حماة، وعاد في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه للمشاركة في معارك السفيرة في الريف الجنوبي لحلب، التي تمكنت قوات النظام من السيطرة عليها بعد معارك ضارية.

لم يقتصر موقف الصالح على معارضة النظام، بل امتد ليشمل رفضه لممارسات بعض الفصائل المسلحة. فقد اتخذ مواقف حازمة ضد الانتهاكات، كان أبرزها إقدامه على سجن أحد قادة الكتائب في حلب بعد تورطه في سرقة ذخيرة من مدرسة المشاة.

عرف بقربه من المدنيين وتفقده الدائم لأحوالهم وكان يشجعهم على الإبلاغ عن أي تجاوزات يتعرضون لها من المقاتلين، وعزز هذا النهج مكانته بين الناس، خاصة مع حرصه التمركز في الصفوف الأولى بالمعارك، ولأنه من أوائل من أعلن مواجهة النظام السوري جهرا في وقت لم يجرؤ أحد على ذلك.

شارك لواء التوحيد أثناء فترة قيادة الصالح في جهود توحيد وتنظيم فصائل المعارضة السورية، وشارك في تأسيس المجلس الانتقالي الثوري في حلب وريفها في 30 أغسطس/آب 2012، والمجلس الثوري العسكري في حلب وريفها في 10 سبتمبر/أيلول 2012. كما انضم إلى "جبهة تحرير سوريا" التي عُرفت لاحقا باسم "جبهة تحرير سوريا الإسلامية" بعد تأسيسها في 12 سبتمبر/أيلول 2012.

وكان اللواء أيضا جزءا من "الهيئة الشرعية الرباعية"، التي أصبحت المرجعية القضائية الأبرز في حلب بعد سيطرة الجيش الحر على أحيائها الشرقية منتصف ديسمبر/كانون الأول 2012. كما تم اختيار الصالح قائدا مدنيا للجبهة الشمالية في "هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر" وشارك في مؤتمر انتخابات "مجلس محافظة حلب الحرة" في 9 مارس/آذار 2013.

إعلان

عرف عن الصالح حرصه على الوحدة مع مختلف فصائل المعارضة في الشمال السوري، كما حافظ على تقارب مع الفصائل الإسلامية غير المنضوية تحت الجيش الحر، إضافة إلى الفصائل الجهادية المحلية والسلفية الجهادية مثل جبهة النصرة.

وشارك الصالح في مبادرات وهيئات مشتركة عدة مع هذه الفصائل، وحافظ على خطاب يجمع بين الروح الشعبية والثورية والتوجه الإسلامي المعتدل، وعلى الرغم من ذلك، كان له موقف واضح من الائتلاف الوطني السوري والحكومة المؤقتة، ووقع مع حركة أحرار الشام الإسلامية و"جبهة النصرة" على بيان رافض للاعتراف بهما، داعيا إلى التوحد ضمن "إطار إسلامي واضح".

وكان الصالح ولواؤه في خلاف مع تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه لم يصل إلى حد المواجهة المباشرة في حياته، وكان لكل منهما مقرات في مدينة حلب، ولم يسعَ الصالح إلى الصدام مع التنظيم الذي عمد إلى التمدد في المدينة واعتقال ناشطين مقربين من اللواء.

وعندما هاجم تنظيم الدولة الإسلامية لواء عاصفة الشمال في إعزاز في أكتوبر/تشرين الأول 2013، تدخل لواء التوحيد قوة فصل ووساطة، لكنه انسحب لاحقا.

خصص النظام السوري مكافأة نقدية قدرها 200 ألف دولار لمن يسلم الصالح أو يقتله، ووصفه المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بأنه "إرهابي تابع للقاعدة وسيجبر الأقليات في سوريا على الإسلام وإن لم يفعلوا سيقتلهم بالسيف".

حجي مارع يتحدث مع قادة في فصيله بحي العرقوب بمدينة حلب الشمالية في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2012 (الفرنسية)

سبق ذلك اللقاء ظهور الصالح في مقطع مصور يقول فيه "لكثرة ما تتحدثون عن الأقليات صرت أتمنى أن أصبح من الأقليات.. نحترم حقوق الأقليات، والله الأقليات سيعيشون حياة أطيب من الحياة التي يعيشونها في ظل هذا النظام، لن يظهر أي تصرف يهين أو يهضم حق الأقليات".

وشدد عبد القادر الصالح على أن الثورة السورية ليست طائفية، ودعا في أكثر من مرة إلى إقامة دولة معتدلة دينيا، مؤكدا أن "الدولة الإسلامية لن تُفرض على سوريا بقوة السلاح".

إعلان

سعى إلى توحيد الفصائل تحت راية واحدة، ولهذا اجتمع قبل محاولة اغتياله بأيام مع قادة كبرى الفصائل آنذاك، ومنها جيش الإسلام وحركة أحرار الشام وصقور الشام لتحقيق هذا الهدف.

تعرض الصالح لمحاولتي اغتيال، واحدة في يونيو/حزيران 2013، وتزامنت مع اغتيال قائد لواء "أحفاد محمد" عبر تفجير عبوة ناسفة في سيارته بمدينة الميادين في دير الزور. وقبلها أثناء استهداف قائد الجيش الحر العقيد المنشق رياض الأسعد، في محاولة اغتيال أسفرت عن فقدانه إحدى قدميه.

وأصيب الصالح بإصابات بالغة إثر قصف طائرة تابعة للنظام اجتماعا لقادة لواء التوحيد في مدرسة المشاة بحلب -سماها اللواء مدرسة الشهيد أبو فرات وهو قائد عملية السيطرة على المدرسة- كان مخصصا للتخطيط لاستعادة السيطرة على اللواء 80 قرب مطار حلب، والذي تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليه قبلها بأيام.

الوفاة

توفي عبد القادر الصالح يوم الاثنين 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 في أحد مستشفيات مدينة غازي عنتاب التركية متأثرا بجروح أصيب بها في قصف لقوات النظام استهدف اجتماعا لقادة اللواء في مدرسة المشاة في حلب.

ووري جثمانه الثرى في مسقط رأسه ببلدة مارع، وجرى دفنه في قبر كان قد حفره بنفسه وأوصى بدفنه فيه عند وفاته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رمضان فی ریف حلب الشمالی النظام السوری مدرسة المشاة قوات النظام السیطرة على الجیش الحر الصالح فی مدینة حلب من أوائل وشارک فی فی الریف فی معارک فی حلب

إقرأ أيضاً:

عبد القادر الشهراني: شارع المعز يظل مُعبرًا عن عادات وتقاليد شهر رمضان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد عبد القادر الشهراني، صانع المحتوى الشهير، أن شارع المعز يضم أهم الآثار الإسلامية الموجودة في القاهرة ويزداد زينة وقيمة في شهر رمضان الكريم لأهمية تلك الآثار التي تعكس عمق الثقافة الإسلامية وتراثها الغني، فضلا عن تميزه بأجواء هادئة تعطي لمسة من السكينة والروحانية التي تشتهر بها ليالي رمضان.

وأضاف “الشهراني”، خلال مداخلة هاتفية عبر قناة “القاهرة والناس”، أن الزائرين يستمتعون بمظاهر الاحتفال في شارع المعز وجو رمضاني يربط بين الحاضر والماضي لاحتواءه على العديد من مظاهر التاريخ الإسلامي مثل المساجد والقصور وكذلك حضور بعض موالد الأولياء ليظل الشارع مُعبرًا عن عادات وتقاليد الشهر الفضيل.

وأوضح أن مصر تتمتع بروح وطبيعة خاصة في شهر رمضان الكريم؛ حيث تجمع بين الجانب الروحاني والترفيهي، إضافة إلى أنماط ومقومات سياحية مختلفة لجذب سائحي السوق العربية وتشحيعهم على زيارة مصر خلال شهر رمضان المعظم وأيام عيد الفطر المبارك للاستمتاع بتجارب سياحية فريدة ومتميزة؛ كما تروج أيضا للسياحة الداخلية وتدعو المصريين للاستمتاع بالأجواء المتميزة للشهر الفضيل.

وأكد أن الحركة السياحية الوافدة لمصر من الدول العربية باتت مهمة جدا؛ خاصة وأنها مستمرة طوال العام وليست مقصورة على موسم محدد، وأن تعدد أنماط السياحة في مصر من ثقافية وعلاجية إضافة إلى السياحة الترفيهية أسهمت في جذب شرائح جديدة من السياح العرب من صغار السن لزيارة مصرن لا سيما إلى المدن السياحية الجديدة مثل العلمين الجديدة والجونة، إضافة إلى شرم الشيخ والغردقة والقاهرة.

مقالات مشابهة

  • طائرات الاحتلال تستهدف مواقع لجيش النظام السوري السابق في حمص
  • FA: كيف تستعد إيران للمواجهة مع ترامب.. وهل ستنقذ نفسها؟
  • عبد القادر الشهراني: شارع المعز يظل مُعبرًا عن عادات وتقاليد شهر رمضان
  • حركة التوحيد الإسلامي والمركز الوطني في لبنان يدينان العدوان الأمريكي السافر على اليمن
  • سوريا.. قصف إسرائيلي يستهدف مقر لواء في درعا
  • البابا شنودة الثالث.. رمز الوحدة الوطنية وحكيم الأزمات
  • وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني في كلمة خلال مؤتمر بروكسل التاسع للمانحين حول سوريا: الشعب السوري احتفل بالخلاص من نظام الأسد لكن المعاناة ما تزال مستمرة بسبب هذا النظام
  • نائب الرئيس التركي: 873 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ سقوط الأسد
  • مسؤول سوري يطمئن الهاربين في قاعدة حميميم ويطالبهم بالعودة إلى منازلهم (شاهد)