هل تستطيع كندا أن تصبح قوة اقتصادية عظمى؟
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
أثارت الرسوم الجمركية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا على الصادرات الكندية مخاوف حقيقية على اقتصاد البلاد، ووفقا لتقديرات بنك كندا، فإن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة بنسبة 25% قد تُخفّض نمو الناتج المحلي الإجمالي الكندي بنحو 4% على مدار عامين.
ورأى تيج باريخ في مقال بصحفية فايننشال تايمز البريطانية أن كندا تستطيع تجاوز هذه العقوبات، وأن تصير قوة اقتصادية كبرى من خلال إطلاق العنان لإمكاناتها الهائلة وغير المستغلة حتى الآن.
ويقول باريخ إن كندا تُعد ثاني أكبر دولة من حيث المساحة، وتتمتع بأطول خط ساحلي في العالم، ما يجعلها في موقع مثالي للتجارة الدولية، كما أن البلاد تمتلك موارد طبيعية هائلة، بما في ذلك أكبر احتياطي عالمي من اليورانيوم عالي الجودة، وثالث أكبر احتياطي نفطي مؤكد، وخامس أكبر إنتاج للغاز الطبيعي.
وتضم كندا أيضا كميات هائلة من المعادن والسلع الأخرى، بما في ذلك أكبر احتياطي من البوتاس، وأكثر من ثلث الغابات المعتمدة عالميا، وخُمس المياه العذبة السطحية على الكوكب، فضلا عن أنها غنية بالمعادن النادرة مثل الكوبالت والجرافيت والليثيوم المستخدمة في تقنيات الطاقة المتجددة.
إعلانويقول كبير الإستراتيجيين في مؤسسة "أبحاث بي سي إيه"، ماركو بابيتش إن كندا تمتلك إمكانيات هائلة لتصبح قوة عظمى عالمية، إلا أن البلاد تفتقر إلى القيادة والإرادة السياسية للاستفادة من مزاياها.
عقوبات ترامب فرصة لاكتشاف الذاتيقول باريخ "رب ضارة نافعة" فقد غيّرت التعريفات الجمركية الأميركية الجديدة المشهد السياسي في البلاد، فثمة توافق متزايد الآن حول ضرورة إطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية لكندا، وتقليل اعتمادها على الصادرات إلى جارتها الجنوبية.
ولتحقيق ذلك، يحتاج الاقتصاد الكندي إلى أن يصبح أكثر كفاءة، ويزيد الاستثمارات، ويجذب المزيد من العمال المهرة للبلاد.
ووفق باريخ، تفرض كندا قيودا بيروقراطية تعيق ديناميكيتها الاقتصادية، مثل القيود على بيع بعض المنتجات عبر الحدود الإقليمية، والتفاوت في التراخيص والمعايير الفنية، ومن المفارقات أن الاقتصاد الكندي يُصدر إلى أميركا أكثر مما يصدر إلى المقاطعات الكندية الأخرى، مما يُضعف التكامل الاقتصادي الداخلي.
واستشهد بدراسة أجراها معهد ماكدونالد-لورير عام 2022، أشارت إلى أن إزالة الحواجز التجارية الداخلية قد تزيد الناتج المحلي الإجمالي الكندي بنسبة تصل إلى 7.9%، أي ما يعادل 200 مليار دولار سنويا.
الحاجة إلى إصلاحات هيكليةويرى الكاتب أن سياسات مثل تبسيط النظام الضريبي المعقد، وتخفيف العقبات أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، وإزالة الحواجز التجارية الداخلية يُمكن أن تساعد في تحفيز الاقتصاد، كما يمكن لكندا أن تلعب دورا رئيسيا في تلبية الطلب العالمي على الغاز الطبيعي واليورانيوم والمعادن الأرضية النادرة.
ويدعو إلى تعزيز الروابط التجارية مع آسيا وأوروبا، إذ إن ثلاثة أرباع الصادرات الكندية حاليا تذهب إلى الولايات المتحدة.
ويؤكد مدير السياسات في البنك الملكي الكندي، فارون سريفاتسان على "أهمية الاستثمار في البنية التحتية التجارية مثل الموانئ والطرق والسكك الحديدية".
إعلان مشكلة الإسكان والهجرةويشير باريخ إلى أن عدد سكان كندا 40 مليون نسمة فقط، وتُعد واحدة من أقل البلدان كثافة سكانية في العالم، إلا أنها تواجه أزمة إسكان حادة، فقد تضاعفت أسعار المنازل 3 مرات في العقدين الماضيين، ما أدى إلى ارتفاع ديون الرهن العقاري التي تُثقل كاهل المستهلكين.
وتعاني البنية التحتية من ضغوط كبيرة نتيجة ارتفاع معدلات الهجرة، ما جعل من الصعب مواكبة احتياجات السكان.
لكن كندا، وفق الكاتب، بحاجة إلى جذب المواهب للحفاظ على اقتصادها، لا سيما مع تقدم السكان في السن. ووفق مجلة "الإيكونوميست"، فإن حوالي 17 مليون خريج جامعي عالمي يرغبون في الانتقال إلى كندا إذا أتيحت لهم الفرصة.
الموارد المالية والاستثمارات المستقبليةويشير باريخ إلى أن كندا لديها واحدة من أدنى مستويات الدين والعجز في مجموعة السبع، ما يتيح لها فرصة لتمويل استثمارات تعزز النمو الاقتصادي، كما تدير صناديق التقاعد الكندية أصولا بقيمة 1.6 تريليون دولار، مما يُمكن توجيهه لدعم الاستثمارات الرأسمالية.
ويُمكن أيضا وفق باريخ الاستفادة من عائدات الموارد الطبيعية لإنشاء صندوق ثروة سيادي على غرار النموذج النرويجي، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي طويل الأمد.
واختتم الكاتب مقاله بأن العالم يحتاج إلى الموارد التي تمتلكها كندا بكثرة، وهي لديها فرصة فريدة لتحقيق قفزة اقتصادية كبرى، ومع تنفيذ الإصلاحات المناسبة، يمكن لكندا أن تصبح قوة اقتصادية عالمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو ينتقد نظيره الكندي على تأييده اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة
كندا – أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلا واسعا بعد رده الحاد على تصريحات نظيره الكندي مارك كارني حول غزة، والتي أيد فيها اتهام متظاهر إسرائيل بالإبادة الجماعية في القطاع.
وكان كارني قد تعرض لمقاطعة من قبل متظاهر مؤيد لفلسطين خلال تجمع سياسي يوم الثلاثاء الماضي، حيث صرخ المتظاهر محتجا: “تحدث إبادة جماعية في غزة”.
ورد كارني في اللحظة قائلا: “أنا على علم بذلك، ولهذا فرضنا حظرا على الأسلحة”.
ولم يترك نتنياهو هذه التصريحات تمر دون رد، حيث نشر مقطع الفيديو على حسابه الرسمي على منصة “إكس” مع تعليق لاذع جاء فيه: “كندا كانت دائما إلى جانب الحضارة، وينبغي للسيد كارني أن يحذو حذوها”.
وأضاف: “بدلا من دعم إسرائيل، الدولة الديمقراطية التي تخوض حربا عادلة بوسائل مشروعة ضد إرهابيي حماس، يختار مهاجمة الدولة اليهودية الوحيدة في العالم”. واختتم منشوره بدعوة كارني للتراجع عن تصريحه الذي وصفه بـ”غير المسؤول”.
ولاحقا، حاول كارني تصحيح موقفه خلال مؤتمر صحفي يوم الأربعاء، حيث زعم أنه لم يسمع كلمة “إبادة جماعية” بشكل واضح بسبب الضجيج في القاعة. وقال: “كان الوضع صاخبا، ولم أتمكن من سماع كل الكلمات بوضوح. كل ما سمعته هو كلمة غزة، وكان قصدي أن أوضح أنني على علم بالوضع هناك”.
من جهة أخرى، كشف مصدر حكومي إسرائيلي لصحيفة “تورونتو صن” عن استياء بلاده من تصريحات كارني، واصفا إياها بأنها “غير موفقة” وتتعارض مع الموقف الرسمي لكندا.
ونفى المصدر وجود أي حظر أسلحة فعلي من كندا تجاه إسرائيل، موضحا أن الإجراء اقتصر على تعليق عدد محدود من تصاريح التصدير.
وأكد المصدر أن الحكومة الكندية لا تتبنى رسميا فكرة حدوث إبادة جماعية في غزة.
المصدر:”جيروزاليم بوست”