يمثل شهر رمضان فرصة ذهبية لمراجعة أساليب إدارة الوقت وتحقيق التوازن بين العبادات والعمل والراحة، إلا أن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بات يشكل تحديًا كبيرًا أمام الصائمين، ما يؤثر على إنتاجيتهم وجودة حياتهم الاجتماعية. ومع ازدياد الاعتماد على الهواتف الذكية، يقضي العديد من الصائمين ساعات طويلة في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، سواء لمتابعة المحتوى الترفيهي أو الأخبار أو التفاعل مع المنشورات المختلفة.

الإدمان الرقمي

يشير تقرير عالمي لرصد التعليم صادر عن منظمة اليونسكو إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للمحتوى الترفيهي يزيد من تشتت العقل وعدم التركيز على المهام اليومية بنسبة تتراوح بين 20 و40 بالمئة. وهذا الأمر ينعكس سلبًا على القدرة على إنجاز الأعمال بفاعلية، خاصة في رمضان حيث يكون الصائم بحاجة إلى التركيز على أداء العبادات والعمل بكفاءة. ويرى متخصصون أن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية قد يؤدي إلى تقليل التركيز على العبادات الضرورية، فضلاً عن خلق نوع من الإدمان الرقمي الذي يستهلك الوقت دون تحقيق فائدة حقيقية.

ضعف التخطيط وضغط المهام

بحسب الخبراء، فإن غياب التخطيط الجيد وعدم وضع إطار زمني محدد لإنجاز المهام من المشكلات التي تؤثر على إدارة الوقت خلال الشهر الفضيل. فالكثير من الأشخاص يؤجلون الأعمال إلى أوقات متأخرة، مما يؤدي إلى تكدسها، وبالتالي الشعور بالتوتر والإرهاق. مؤكدين على أهمية وضع جدول زمني متوازن يضمن تحقيق الأهداف اليومية دون تأخير أو إجهاد.

رمضان.. فرصة لإعادة ترتيب الأولويات

لطالما اعتنى الإسلام باستثمار الوقت، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة مثل الليل والفجر والضحى والعصر، كما حثت السنة النبوية على استغلال الأوقات، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». ونظرًا لأن أيام الشهر الفضيل وساعاته ثمينة، فإن استغلال الوقت بحكمة يساعد الصائم على تحقيق التوازن بين العبادات والعمل.

ويؤكد متخصصون أن رمضان جاء ليغير أنماط الحياة المعتادة للناس ويجعلهم أكثر انضباطًا وتنظيمًا. فالآيات القرآنية تحدد توقيت الامتناع عن الطعام والشراب، وهذا يحمل في طياته معنى الانضباط بنظام محكم. كما أن الصيام يدفع الإنسان إلى التفكير في الآخرين ومساعدة المحتاجين، مما يعزز العلاقات الاجتماعية والروحية.

وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على العلاقات الاجتماعية

أشار تقرير لمجلة البحوث العلمية في الفيزياء والحاسوب إلى أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تراجع القدرة على إدارة الوقت بكفاءة، مما يؤثر على الإنتاجية اليومية. كما وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يقضون وقتًا أطول على تطبيقات مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر، يكونون أكثر عرضة لتأجيل المهام الضرورية، فضلاً عن معاناتهم من التشتت الذهني وضعف تحديد الأولويات.

ومن أبرز الآثار السلبية أيضًا، الانعزال الاجتماعي، حيث يؤدي الاعتماد المفرط على التكنولوجيا إلى تراجع التفاعل المباشر بين الأفراد، ما يعزز الشعور بالوحدة حتى في التجمعات العائلية. كما أن الاستخدام المستمر للألعاب الإلكترونية في رمضان يستنزف وقت الشباب والأطفال، مما يؤثر سلبًا على النوم والقدرة على أداء المهام اليومية بكفاءة.

إدارة الوقت بكفاءة خلال رمضان

يعد تحقيق التوازن خلال شهر رمضان أمرًا ضروريًا يتطلب وعيًا بأهمية الوقت ووضع أولويات واضحة، مثل تحديد ساعات محددة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتقليل وقت اللعب الإلكتروني، والالتزام بجدول مهام يومي يساعد على تنظيم الوقت بكفاءة، إضافة إلى تعزيز اللقاءات العائلية المباشرة للحفاظ على الروابط الأسرية.

ويشير الخبراء إلى أن التخطيط المسبق يلعب دورًا فعالًا في ترتيب الأولويات وإنجازها، كما أن تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر يسهم في تحسين إدارتها وتقليل الشعور بالإرهاق. ويقترح السلايطة استراتيجية «تقسيم المهمات» التي تساعد في تحقيق تقدم ملموس وزيادة الدافعية.

كما يشددون على ضرورة تقليل التشتت أثناء العمل عبر تخصيص فترات زمنية محددة للتحقق من البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يساعد في الحفاظ على التركيز وزيادة الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، فإن تخصيص فترات راحة منتظمة يساعد في تجديد الطاقة وتعزيز التركيز.

خاتمة

مع اقتراب شهر رمضان، يتوجب علينا إعادة تقييم طريقة استخدامنا للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز على استثمار الوقت فيما يعود بالنفع علينا وعلى مجتمعنا. فالشهر الفضيل ليس فقط فرصة للتعبد، بل هو أيضًا مدرسة في ضبط النفس وإدارة الوقت وتحقيق التوازن في الحياة. وبينما يسعى الصائم إلى تحقيق أقصى استفادة من هذا الشهر، فإن الابتعاد عن الإدمان الرقمي واستبداله بأنشطة أكثر فائدة يمكن أن يجعل رمضان تجربة روحية وإنسانية أكثر عمقًا وتأثيرًا

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

«وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع».. ندوة توعوية بشبراخيت في البحيرة

نظّمت وحدة تكافؤ الفرص بالوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت بمحافظة البحيرة، بالتعاون مع مدرسة لقانة الإعدادية، ندوة توعوية بعنوان:«وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع».

تأتي هذه الندوة في إطار تنفيذ توجيهات الدكتورة جاكلين عازر، محافظ البحيرة، واستمرارًا لجهود وحدة تكافؤ الفرص بالمحافظة، بإشراف المهندس علي زيد، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة شبراخيت، ومتابعة الأستاذة نجلاء محمد، رئيس وحدة تكافؤ الفرص بالمحافظة.

حاضر في الندوة الشيخ محمد داود، ممثلًا عن الأزهر الشريف، حيث تناولت الندوة الأثر الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع، والذي يتراوح بين الإيجابي والسلبي، وتناولت الندوة الآثار الإيجابية لمواقع التواصل الاجتماعي ومنها:

-تعزيز الإنتاجية العلمية لكونها تساعد على ربط الأفراد الذين يشتركون في نفس الاهتمامات العلمية، مما يُسهم في تبادل المعارف والخبرات.

-تسهيل التواصل لمساعدتها في كسر الحواجز الجغرافية والثقافية، مما يُعزز من التفاعل بين الثقافات المختلفة.

- زيادة الوعي المجتمعي، لكونها تُسلط الضوء على القضايا البيئية، الأخلاقية، وغيرها، مما يُسهم في رفع الوعي المجتمعي.

- تعزيز القوة الاقتصادية فهي تُستخدم كوسيلة فعالة للتسويق والتواصل بين الشركات والعملاء، بتكلفة منخفضة.

كما أشارت الندوة إلي الآثار السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي ومنها:

-الحد من التواصل المباشر، حيث تؤدي إلى تراجع التفاعل الوجاهي بين الأفراد، مما يُضعف مهارات التواصل الاجتماعي.

- تأثير سلبي على المشاعر، فهي تقلل من التواصل العاطفي الحقيقي، مما يؤثر سلبًا على العلاقات.

-إثارة الكسل، بسبب الاعتماد على وسائل التواصل يُقلل من النشاط البدني والاجتماعي.

-تفكك الأسرة، فهي تؤدي إلى انشغال أفراد الأسرة عن بعضهم البعض، مما يُضعف الروابط العائلية.

-انتشار الإشاعات، حيث تُستخدم أحيانًا لنشر الأخبار الكاذبة، مما يُضلل المجتمع.

-انتهاك الخصوصية، فوسائل التواصل تُهدد الخصوصية الشخصية للمستخدمين.

-التأثير على الصحة النفسية، فالاستخدام المفرط يؤدي إلى القلق، الاكتئاب، وقلة النوم.

-التنمّر الإلكتروني والذي يُسهم في التأثير السلبي على الأطفال من خلال التنمر عبر الإنترنت.

اختتمت الندوة بالتأكيد على أهمية الاستخدام السليم لوسائل التواصل الاجتماعي، وتجنب الآثار السلبية التي قد تنتج عن سوء استخدامها، كما شدد الحاضرون على ضرورة توعية الطلاب والمجتمع بمخاطر الاستخدام المفرط لهذه الوسائل، وضرورة تحقيق توازن بين الحياة الرقمية والتفاعل الواقعي.

مقالات مشابهة

  • موعد الليالي الوترية في رمضان 2025.. اغتنم أفضل أيام الشهر الفضيل
  • حجب منصات التواصل الاجتماعي في تركيا
  • اعتقالات وتقييد التواصل الاجتماعي.. ماذا يحدث في اسطنبول؟
  • اسطنبول.. اعتقالات وحظر التظاهرات وتقييد التواصل الاجتماعي
  • الرياضة في رمضان.. كيف نحافظ على النشاط دون إجهاد؟
  • المحبة في رمضان.. عنوان الصدق وقوة الإيمان
  • "حي رمضان" في إكسبو دبي يستقطب 20 ألف زائر منذ بداية الشهر الفضيل
  • «وسائل التواصل الاجتماعي وأثرها على الفرد والمجتمع».. ندوة توعوية بشبراخيت في البحيرة
  • التطبيقات الذكية.. تعزز روحانيات الشهر الفضيل وتخدم الصائمين