عدوان واشنطن.. إعلان عجز أمام صمود جبال اليمن الشامخة
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
في فصلٍ جديدٍ من تاريخ الهيمنة والاستعمار، شنت الولايات المتحدة عدوانًا غادرًا على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، هذا الهجوم يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن واشنطن لم تكن يومًا مجرد داعمٍ للكيان الصهيوني، بل شريكٌ أصيل في جرائمه بحق شعوب المنطقة، جاء هذا العدوان السافر في محاولةٍ يائسة لمعاقبة اليمنيين على موقفهم المبدئي في دعم فلسطين، وعلى تصدرهم لجبهة المواجهة ضد المشروع الأمريكي-الإسرائيلي في المنطقة.
لم يكن هذا العدوان الغاشم سوى حلقةً جديدةً في مسلسل العربدة الأمريكية، ومحاولةً فاشلةً لإخضاع شعبٍ لم يعرف الهزيمة يومًا، فالولايات المتحدة، التي عجزت عن كسر إرادة اليمنيين عبر الحصار والتجويع، لجأت إلى صواريخها وطائراتها، متوهمةً أن بإمكانها فرض معادلات جديدة بالقوة. لكنها تناست أن هذا الشعب، الذي واجه تحالفًا عالميًا طيلة سنوات، لا تزيده النيران إلا بأسًا، ولا يولد من تحت الركام إلا أكثر إصرارًا على المواجهة. ما جرى ليس مجرد عدوان، بل إعلان عجزٍ أمريكي أمام صمودٍ يُربك حسابات الطغاة، ويُفشل كل رهاناتهم الواهمة على إخضاع اليمن.
إن ما حدث يكشف بوضوح أن الولايات المتحدة لم تعد تملك سوى سلاح القوة الغاشمة، بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها عبر الحصار السياسي والاقتصادي. فحين تعجز واشنطن عن فرض مشاريعها بالضغوط الدبلوماسية، تلجأ إلى القصف المباشر، ظنًا منها أن بإمكانها إخضاع الشعوب الحرة كما تفعل مع الأنظمة التابعة لها. لكن اليمن ليس من تلك الدول التي تُشترى مواقفها أو تُلوى ذراعها، بل هو أرضٌ عصيةٌ على الانكسار، وشعبٌ لا يُهادن في قضاياه المصيرية.
لقد تجاوز العدوان الأمريكي على اليمن البعد العسكري ليصبح إعلان حربٍ على كل مشروع مقاوم في المنطقة، ومحاولةً لترسيخ هيمنة واشنطن بأي ثمن، لكن ما لم تدركه الإدارة الأمريكية هو أن هذه الاعتداءات لن تزيد اليمنيين إلا ثباتًا، ولن تدفعهم إلا نحو مزيدٍ من الصلابة في مواجهة كل مشاريع الاحتلال والاستعمار الجديد. فمن أراد كسر إرادة هذا الشعب، فهو كمن يحاول تحطيم الجبال بأيدٍ واهنة، ومن راهن على إخضاعه، فقد حكم على نفسه بالهزيمة المحتومة.
في اليمن، لا تُكسر الإرادة بالقصف، ولا تُطفأ جذوة الصمود بالنار، من راهن على إخضاع هذا الشعب بالحديد والنار، لم يقرأ تاريخ اليمن، ولم يدرك أن هذه الأرض مقبرةٌ لكل غازٍ ومستعمر، هنا، لا تُكتب المعادلات بالقوة، بل تُرسم بدماء الأحرار، ولا مكان فيها للضعفاء والمتخاذلين. فليحشد المعتدون أساطيلهم، وليزجّوا بترساناتهم، فلن يحصدوا إلا الخيبة، ولن يجدوا إلا الموت الزؤام على يد رجالٍ لا يعرفون إلا النصر أو الشهادة، فاليمن ليس مجرد أرضٍ تُغزى، بل هو قدرٌ أسود يلاحق الطغاة، وقوةٌ لا تُكسر، وإرادةٌ لا تُقهر!
إن الشعب اليمني، الذي يواجه أعتى قوى العدوان، يؤكد يومًا بعد يوم تمسكه بقضيته الفلسطينية، رافضًا كل محاولات التطبيع والتخلي عن حقوق الشعب الفلسطيني. هذا الموقف الثابت يعكس أصالة الشعب اليمني ورفضه لكل أشكال الظلم والاضطهاد، ويثبت أن اليمن سيظل سندًا لفلسطين وقضيتها العادلة مهما كانت التضحيات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
في أحد الشعانين.. لماذا فرش الشعب ثيابه ليسوع؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تعيش الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أجواء روحانية مميزة في احد الشعانين، تُحيي خلالها ذكرى دخول المسيح إلى مدينة أورشليم، في موكب مهيب استقبل فيه كملك، لا بقوة السيف، بل باتضاع وسلام. وفي قلب هذا المشهد، تتكرر دائمًا عبارة: “وفرشوا ثيابهم في الطريق”.. لكن من هم هؤلاء؟ ولماذا فعلوا ذلك؟
شعب بسيط.. وقلب مُنتظر
بحسب ما ورد في الأناجيل الأربعة، كان الذين فرشوا ثيابهم على الطريق هم من عامة الشعب، من البسطاء الذين سمعوا عن معجزات يسوع، وآمنوا برسالته، وربما شهدوا مواقفه الإنسانية الشافية والمُحبة. لم تكن لديهم عباءات فاخرة أو رايات ملكية، بل قدّموا أغلى ما يملكون في لحظتهم: ملابسهم، تعبيرًا عن محبتهم واحترامهم له كملك روحي جاء ليُخلّص.
رمزية عميقة.. إعلان ولاء وقبول
في تقاليد الشرق القديم، كان فرش الثياب أمام الملوك فعلًا رمزيًا يُعبّر عن الطاعة والخضوع، وكأن من يفرش ثوبه يعلن: “أنا أضع نفسي تحت قدميك”. وبالتالي، فإن هذا التصرف لم يكن مجرد حفاوة، بل إعلان واضح من الشعب: “نقبل بك ملكًا علينا، رغم أنك لا تحمل سيفًا ولا تركب حصانًا، بل أتيت على جحش ابن أتان”.
سعف النخيل والثياب.. مشهد ملوكي بطابع سماوي
لم يكن المشهد عاديًا، بل حمل رموزًا كثيرة: سعف النخيل في أيدي الناس إشارة للانتصار والسلام، وهتافاتهم: “أوصنا لابن داود” تؤكد إيمانهم بأنه المسيح المنتظر. أما الثياب المفروشة فكانت بمثابة سجادة بشرية امتدت لتُمهّد طريق المخلّص إلى قلب أورشليم… وإلى قلوبهم.
اليوم، ونحن نعيد هذا المشهد في الكنائس بتيجان السعف والزينة والترانيم، يبقى السؤال الأهم: هل نفرش له قلوبنا كما فرشوا ثيابهم؟ هل نعطيه مكانًا في حياتنا كما أعطوه في مدينتهم؟ فالثياب تُطوى وتزول، لكن القلوب التي تفتح له تبقى مسكنًا أبديًا للسلام الحقيقي.