صحيفة البلاد:
2025-03-20@02:07:02 GMT

الغياب الجماعي للطلاب.. رؤية تربوية ونفسية

تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT

الغياب الجماعي للطلاب.. رؤية تربوية ونفسية

تشكِّل ظاهرة الغياب الجماعي للطلاب، تحدِّيًا تربويًا يتطلب دراسة متعمِّقة لفهم أسبابها وانعكاساتها على العملية التعليمية، حيث أن هذه الظاهرة ليست مجرد غياب فردي متكرر، بل هي مؤشر على وجود مشكلات تربوية واجتماعية وقد تكون نفسية، تؤثر على بيئة التعلم. لذا فإن تحليلها من منظور تربوي ونفسي، قد يساعد على تقديم حلول فعالة للحدِّ منها.


وتعزى أسباب الغياب الجماعي إلى عدة عوامل متداخلة، تتعلق بالبيئة المدرسية، والعوامل النفسية والاجتماعية، ودور الأسرة والمجتمع. ومن أبرز هذه العوامل:
– ضعف الدافعية للتعلم: عندما لا يجد الطالب قيمة حقيقية لما يتعلمه أو لا يرى ارتباطًا واضحًا بين الدراسة ومستقبله، ينخفض حماسه للحضور، وقد يكون ذلك نتيجة لأساليب تدريس تقليدية لا تراعي اهتمامات الطلاب أو لا تحفزهم على المشاركة الفعالة.
– الملل وضعف التفاعل في الصف: البيئة الصفية التي تفتقر إلى التفاعل والنشاط، تؤدي إلى شعور الطلاب بالملل، ممَّا يجعلهم يبحثون عن مبررات للغياب، خاصة عندما لا يشعرون بوجود قيمة مضافة لحضورهم اليومي.
– التأثير الجماعي وضغط الأقران: من الطبيعي أن يتأثر الطالب بسلوك زملائه، فإذا كان الغياب الجماعي منتشرًا بين الطلاب، فقد يجد نفسه مدفوعًا لمجاراة هذا السلوك، سواء لتجنب العزلة أو لمسايرة المجموعة.
– علاقة الطالب أو الطالبة بمعلميهم وإدارة المدرسة: عندما تكون العلاقة بين الطالب والمعلم قائمة على التسلُّط وعدم التفهم، يشعر الطالب بعدم الراحة، ممَّا يدفعه للغياب. وفي المقابل، توفر بيئة داعمة تحترم مشاعر الطلاب وتفهم احتياجاتهم إلى خفض الدافع للغياب.
– دور الأسرة والمجتمع: عدم متابعة الأهل لسلوك أبنائهم فيما يخص الحضور المدرسي، أو التساهل في التغيب، مما يعزز هذه الظاهرة، كما أن بعض الثقافات الاجتماعية قد تشجع ضمنيًا على الغياب الجماعي، خاصة في الفترات التي تسبق العطل أو الاختبارات.
ولا شك أن لهذه الظاهرة تأثيرها على الطلاب، وذلك على النحو التالي:
– تدني مستوى التحصيل الدراسي: الانقطاع المتكرر عن الدروس يؤدي إلى تراجع الأداء الدراسي، حيث يفقد الطالب أو الطالبة الترابط بين المعلومات، ويجد صعوبة في استيعاب الدروس المتتالية.
– اتساع الفجوة بين مستويات الطلاب: الغياب المستمر يخلق تفاوتًا في المستويات التعليمية بين الطلاب، مما يجعل البعض يتأخر عن زملائه، ويؤثر على فرصته في تحقيق النجاح والتفوق.
– الانعكاسات النفسية: يشعر الطلاب الغائبون بالتوتر والقلق عند العودة، خاصة عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على مواكبة زملائهم، مما قد يؤثر على ثقتهم بأنفسهم (تدني مستوى مفهوم الذات لديهم).
تعزيز العادات السلبية: تعود الطالب على الغياب دون مبرر قد يؤثر على التزامه المستقبلي في حياته المهنية، وقد يصبح عدم الالتزام عادة يصعب التخلص منها.
ولكن يمكن للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة أن تسهم في الحدّ أو التقليل من آثار الغياب، وذلك من خلال:
– التعلم الإلكتروني: توفير منصات تعليمية تتيح للطلاب متابعة الدروس افتراضيًا في حال الغياب.
– التواصل الفوري: تعزيز التواصل بين المعلمين والطلاب لتذكيرهم بأهمية الحضور وتحفيزهم على الالتزام.
– استخدام البيانات الذكية: تحليل أنماط الغياب وتقديم حلول استباقية لمعالجتها.
وعندما نريد تعزيز ثقافة الانضباط المدرسي لدى الطلبة، فنقول: إن الحدّ من الغياب الجماعي يتطلب تعزيز ثقافة الالتزام من خلال:
– توعية الأسر بأهمية حضور الطلاب: دور الأهل أساسي في غرس قيم الالتزام والانضباط في نفوس أبنائهم.
– تحسين المناهج وطرق التدريس: جعل الدروس أكثر تشويقًا من خلال استراتيجيات تفاعلية تحفز الطلاب على المشاركة والحضور.
– تنظيم حملات توعوية: تسليط الضوء على آثار الغياب وأهميته في تشكيل مستقبل الطالب الدراسيّ والمهنيّ.
– إعادة هيكلة التقويم الدراسي: توزيع فترات الدراسة والإجازات بشكل يخفف من الشعور بالإرهاق ويساعد على الالتزام والحضور.
وقد تستخدم المدرسة بعض الاستراتيجيات التربوية للحد من الغياب الجماعي، وذلك على النحو التالي:
– تعزيز الدافعية الذاتية: ربط التعليم بحياة الطالب العملية والمستقبلية يزيد من اهتمامه بالحضور والمشاركة.
– خلق بيئة تعليمية مشجعة: توفير بيئة صفية تفاعلية تحفز الطلاب على الحضور وتقلل من شعورهم بالملل.
– تفعيل دور الإرشاد الطلابي: دعم الطلاب نفسيًا وتربويًا لمساعدتهم على تجاوز الأسباب التي تدفعهم للغياب.
– إشراك الأسرة في الحلول: تعزيز دور الأسرة في متابعة التزام الأبناء بالحضور المدرسي والتأكيد على أهميته.
– تكريم الطلاب الملتزمين بالحضور: مكافأة الطلاب الذين يلتزمون بالحضور قد يكون دافعًا للآخرين للالتزام بالدوام المدرسي.
وختامًا:
فإن إن معالجة ظاهرة الغياب الجماعي للطلاب، تتطلب تكاتف الجهود بين المدرسة، والأسرة، والمجتمع، ووسائل الإعلام، وخطباء المسجد، خاصة عندما ندرك أن بناء بيئة تعليمية جاذبة، وتعزيز الدافعية الذاتية، وتوظيف التكنولوجيا بفاعلية، جميعها عوامل تسهم في الحدّ من هذه الظاهرة وتعزيز ثقافة الانضباط المدرسي لدى الطلاب.
• أستاذ علم النفس التربوي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الغیاب الجماعی هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

طلاب هندسة النظم بـ حلوان الأهلية يزورون مصنع الإلكترونيات بالهيئة العربية للتصنيع

نظمت كلية الهندسة بجامعة حلوان الأهلية، برنامج هندسة النظم الذكية، زيارة علمية لمصنع الإلكترونيات بالهيئة العربية للتصنيع، وذلك في إطار تعزيز الجانب العملي في الدراسة وإثراء التجربة الأكاديمية للطلاب.

كما تأتي الزيارة تحت رعاية الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان الأهلية، والدكتور حسام رفاعي، نائب رئيس الجامعة، بهدف تمكين الطلاب من المتابعة الحية لأحدث آليات تصنيع الأجهزة الإلكترونية، والوقوف على أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال الحيوي.

أتاحت الزيارة للطلاب فرصة فريدة للاطلاع عن كثب على مختلف مراحل إنتاج الإلكترونيات، بدايةً من خطوط الإنتاج، مرورًا بعمليات التركيب والتجميع وفحص الجودة، وصولًا إلى مراحل التغليف والتعبئة. وخلال الجولة، تمكن الطلاب من التعرف على تفاصيل عمليات التصنيع الدقيقة، مما يسهم في تطوير مهاراتهم العملية وربطها بالجانب النظري للدراسة.

ومن جانبه، أكد الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان الأهلية، أن الجامعة تحرص على دعم الأنشطة الطلابية العلمية وتنظيم الزيارات الميدانية التي تساهم في إعداد خريجين مؤهلين لمواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة. وأوضح أن الربط بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي يعد عنصرًا أساسيًا في تطوير قدرات الطلاب وتأهيلهم لسوق العمل المحلي والدولي، مشددًا على أهمية هذه الزيارات في تزويد الطلاب بالمعرفة التطبيقية التي تعزز فرصهم في التميز المهني.

تمت الزيارة تحت إشراف الدكتور محمود المسلاوي، عميد كلية الهندسة، الأستاذ السيد عطا، أمين عام الجامعة، والأستاذ حسين زغلول، مدير عام إدارة شؤون التعليم والطلاب. وبتنظيم من الدكتورة أماني محمد، منسق برنامج هندسة النظم الذكية، والدكتورة هدير أحمد، مسجل البرنامج، إلى جانب الأستاذة دينا المواوي، عضو إدارة التسويق والتدريب.

وشملت الزيارة محاضرة تعريفية تناولت أنشطة الهيئة العربية للتصنيع، والتي تعد من الركائز الأساسية للصناعة العسكرية في مصر، بالإضافة إلى استعراض أحدث التقنيات المستخدمة في تصنيع الأجهزة المنزلية. كما أتاح هذا اللقاء للطلاب فرصة الاستفادة من الخبرات الهندسية المتقدمة، مما يسهم في تنمية مداركهم وتعزيز مهاراتهم في مجال هندسة النظم الذكية وتطبيقاتها في الصناعات المتطورة.

مقالات مشابهة

  • جامعة الفيوم تقيم حفل إفطار جماعيا للمدن الجامعية للطلاب..صور
  • وكيل تعليم الجيزة: الالتزام والانضباط داخل المدارس ليس رفاهية تربوية بل أساس النجاح
  • "تعليم القاهرة" تراجع نسب الغياب لضمان الالتزام بالعملية التعليمية
  • أولياء أمور مصر: نطالب بتفعيل الأنشطة وأساليب الشرح الحديثة لجذب الطلاب للمدارس
  • ظاهرة غياب الطلاب والطالبات في رمضان
  • القائم بأعمال رئيس جامعة طنطا يستقبل الملحق الثقافي الليبي
  • بعد واقعة طالبة أكتوبر.. طلب إحاطة لتفعيل المراقبة النفسية والاجتماعية في المدارس
  • طلاب هندسة النظم بـ حلوان الأهلية يزورون مصنع الإلكترونيات بالهيئة العربية للتصنيع
  • وكيل التعليم بالوادي الجديد يتفقد فرق الدعم التعليمي ويشيد بتفاعل الطلاب