صحيفة البلاد:
2025-04-14@19:22:37 GMT

الغياب الجماعي للطلاب.. رؤية تربوية ونفسية

تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT

الغياب الجماعي للطلاب.. رؤية تربوية ونفسية

تشكِّل ظاهرة الغياب الجماعي للطلاب، تحدِّيًا تربويًا يتطلب دراسة متعمِّقة لفهم أسبابها وانعكاساتها على العملية التعليمية، حيث أن هذه الظاهرة ليست مجرد غياب فردي متكرر، بل هي مؤشر على وجود مشكلات تربوية واجتماعية وقد تكون نفسية، تؤثر على بيئة التعلم. لذا فإن تحليلها من منظور تربوي ونفسي، قد يساعد على تقديم حلول فعالة للحدِّ منها.


وتعزى أسباب الغياب الجماعي إلى عدة عوامل متداخلة، تتعلق بالبيئة المدرسية، والعوامل النفسية والاجتماعية، ودور الأسرة والمجتمع. ومن أبرز هذه العوامل:
– ضعف الدافعية للتعلم: عندما لا يجد الطالب قيمة حقيقية لما يتعلمه أو لا يرى ارتباطًا واضحًا بين الدراسة ومستقبله، ينخفض حماسه للحضور، وقد يكون ذلك نتيجة لأساليب تدريس تقليدية لا تراعي اهتمامات الطلاب أو لا تحفزهم على المشاركة الفعالة.
– الملل وضعف التفاعل في الصف: البيئة الصفية التي تفتقر إلى التفاعل والنشاط، تؤدي إلى شعور الطلاب بالملل، ممَّا يجعلهم يبحثون عن مبررات للغياب، خاصة عندما لا يشعرون بوجود قيمة مضافة لحضورهم اليومي.
– التأثير الجماعي وضغط الأقران: من الطبيعي أن يتأثر الطالب بسلوك زملائه، فإذا كان الغياب الجماعي منتشرًا بين الطلاب، فقد يجد نفسه مدفوعًا لمجاراة هذا السلوك، سواء لتجنب العزلة أو لمسايرة المجموعة.
– علاقة الطالب أو الطالبة بمعلميهم وإدارة المدرسة: عندما تكون العلاقة بين الطالب والمعلم قائمة على التسلُّط وعدم التفهم، يشعر الطالب بعدم الراحة، ممَّا يدفعه للغياب. وفي المقابل، توفر بيئة داعمة تحترم مشاعر الطلاب وتفهم احتياجاتهم إلى خفض الدافع للغياب.
– دور الأسرة والمجتمع: عدم متابعة الأهل لسلوك أبنائهم فيما يخص الحضور المدرسي، أو التساهل في التغيب، مما يعزز هذه الظاهرة، كما أن بعض الثقافات الاجتماعية قد تشجع ضمنيًا على الغياب الجماعي، خاصة في الفترات التي تسبق العطل أو الاختبارات.
ولا شك أن لهذه الظاهرة تأثيرها على الطلاب، وذلك على النحو التالي:
– تدني مستوى التحصيل الدراسي: الانقطاع المتكرر عن الدروس يؤدي إلى تراجع الأداء الدراسي، حيث يفقد الطالب أو الطالبة الترابط بين المعلومات، ويجد صعوبة في استيعاب الدروس المتتالية.
– اتساع الفجوة بين مستويات الطلاب: الغياب المستمر يخلق تفاوتًا في المستويات التعليمية بين الطلاب، مما يجعل البعض يتأخر عن زملائه، ويؤثر على فرصته في تحقيق النجاح والتفوق.
– الانعكاسات النفسية: يشعر الطلاب الغائبون بالتوتر والقلق عند العودة، خاصة عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على مواكبة زملائهم، مما قد يؤثر على ثقتهم بأنفسهم (تدني مستوى مفهوم الذات لديهم).
تعزيز العادات السلبية: تعود الطالب على الغياب دون مبرر قد يؤثر على التزامه المستقبلي في حياته المهنية، وقد يصبح عدم الالتزام عادة يصعب التخلص منها.
ولكن يمكن للتكنولوجيا والتقنيات الحديثة أن تسهم في الحدّ أو التقليل من آثار الغياب، وذلك من خلال:
– التعلم الإلكتروني: توفير منصات تعليمية تتيح للطلاب متابعة الدروس افتراضيًا في حال الغياب.
– التواصل الفوري: تعزيز التواصل بين المعلمين والطلاب لتذكيرهم بأهمية الحضور وتحفيزهم على الالتزام.
– استخدام البيانات الذكية: تحليل أنماط الغياب وتقديم حلول استباقية لمعالجتها.
وعندما نريد تعزيز ثقافة الانضباط المدرسي لدى الطلبة، فنقول: إن الحدّ من الغياب الجماعي يتطلب تعزيز ثقافة الالتزام من خلال:
– توعية الأسر بأهمية حضور الطلاب: دور الأهل أساسي في غرس قيم الالتزام والانضباط في نفوس أبنائهم.
– تحسين المناهج وطرق التدريس: جعل الدروس أكثر تشويقًا من خلال استراتيجيات تفاعلية تحفز الطلاب على المشاركة والحضور.
– تنظيم حملات توعوية: تسليط الضوء على آثار الغياب وأهميته في تشكيل مستقبل الطالب الدراسيّ والمهنيّ.
– إعادة هيكلة التقويم الدراسي: توزيع فترات الدراسة والإجازات بشكل يخفف من الشعور بالإرهاق ويساعد على الالتزام والحضور.
وقد تستخدم المدرسة بعض الاستراتيجيات التربوية للحد من الغياب الجماعي، وذلك على النحو التالي:
– تعزيز الدافعية الذاتية: ربط التعليم بحياة الطالب العملية والمستقبلية يزيد من اهتمامه بالحضور والمشاركة.
– خلق بيئة تعليمية مشجعة: توفير بيئة صفية تفاعلية تحفز الطلاب على الحضور وتقلل من شعورهم بالملل.
– تفعيل دور الإرشاد الطلابي: دعم الطلاب نفسيًا وتربويًا لمساعدتهم على تجاوز الأسباب التي تدفعهم للغياب.
– إشراك الأسرة في الحلول: تعزيز دور الأسرة في متابعة التزام الأبناء بالحضور المدرسي والتأكيد على أهميته.
– تكريم الطلاب الملتزمين بالحضور: مكافأة الطلاب الذين يلتزمون بالحضور قد يكون دافعًا للآخرين للالتزام بالدوام المدرسي.
وختامًا:
فإن إن معالجة ظاهرة الغياب الجماعي للطلاب، تتطلب تكاتف الجهود بين المدرسة، والأسرة، والمجتمع، ووسائل الإعلام، وخطباء المسجد، خاصة عندما ندرك أن بناء بيئة تعليمية جاذبة، وتعزيز الدافعية الذاتية، وتوظيف التكنولوجيا بفاعلية، جميعها عوامل تسهم في الحدّ من هذه الظاهرة وتعزيز ثقافة الانضباط المدرسي لدى الطلاب.
• أستاذ علم النفس التربوي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الغیاب الجماعی هذه الظاهرة

إقرأ أيضاً:

أمام مبنى وزارة التربية بعدن.. وقفة احتجاجية تضامنية لإنصاف طلاب ثالثة ثانوي

شمسان بوست / عدن:

خرج طلاب وطالبات ثالثة ثانوي للعام الدراسي  2024-2025 من مختلف مديريات المحافظة بمشاركة واسعة من المعلمين والتربويين وأولياء الأمور ومنظمات المجتمع المدني اليوم الاثنين الموافق 13 / 4 / 2025 في وقفة احتجاجية حاشدة أمام بوابة مبنى وزارة التربية والتعليم بعدن.

وعبر المشاركون عن رفضهم تمرير سياسة تجهيل الطلاب وتشتيت جهودهم من خلال فرض فصل دراسي ثان مثخن بالدروس والحشو المكثف للمواد وإجبارهم على خوض اختبارات وزارية في غضون فترة وجيزة عشرة أيام دون وقت كاف لتلقيها ودون أن يجد الطالب متسعا من الوقت لاستيعابها كونه مقبل على الدراسة الجامعية داعين  وزير التربية والتعليم طارق العكبري إلى الوقوف إلى جانب أبناءه طلاب وطالبات ثالثة ثانوي في هذا الظرف الحساس والمرحلة الصعبة وتوجيهه بمعالجة حقيقية لمشاكلهم التي كانت إفرازا لإخفاقات قيادة الدولة تجاه استحقاقات المعلمين وتغييب الطلاب قرابة خمسة أشهر عن العملية التعليمية ومراعاة ما يترتب عليها من ضياع مستقبل جيل بأكمله آملين إلغاء الفصل الدراسي الثاني الذي يهدد مستقبلهم.

ورفع المشاركون في الوقفة لافتات طالبوا خلالها الوزير إنقاذ العملية التعليمية ورفع الظلم عنهم وتقدير أوضاعهم وحالتهم الصحية والنفسية السيئة التي يمرون بها نتيجة تحميلهم صراعات الدولة مع نقابة المعلمين يُقَدٌَمُ خلالها الطالب قربانا كإسقاط واجب فشل الدولة تجاه استحقاقات المعلمين.

وأشار أولياء أمور الطلاب إلى أن ماتقوم به وزارة التربية بتحميل الطالب تبعات فشلها بإيجاد حلول فعلية ناجعة تجاه المعلم والطالب عقب إغفاله عن التعليم لنحو خمسة أشهر يعد استخفافا بالعملية التعليمية واستهتارا بالمسيرة التربوية معبرين عن سخطهم من الإجراءات التي وصفوها بـغير المسئولة والمسيئة بحقهم في خلق تعليم عادل.

إلى ذلك قال أحد أعضاء اللجنة المنظمة للوقفة إن هذه الخطوة رسالة واضحة إلى وزارة التربية والحكومة أن الطلاب ليسوا أوراقًا يمكن تمريرها في جداول، بل هم مستقبل وطن بأكمله ومن غير المقبول أن تستمر الحكومة في تجاهل حقوقهم مشددًا على أن “الوقفة اليوم ليست إلا بداية لتحركات قادمة ما لم يتم التراجع عن القرار وإيجاد حل عاجل ومنصف.

ويطالب المحتجون بضرورة تدخل مجلس القيادة الرئاسي ورئاسة الحكومة بشكل مباشر لمعالجة هذه الأزمة، قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى فقدان ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم.

مقالات مشابهة

  • الأعلى للشئون الإسلامية يطلق مبادرة لتعارفوا للطلاب الوافدين
  • التعليم: مسموح الغياب بامتحانات الثانوية للأعذار وغرامة 10جنيهات للتغيب بدون عذر بالقانون
  • تأهل جامعة دمنهور لبطولة الجامعات الدولية المقامة بألمانيا
  • انطلاق الملتقى القمي الحادي عشر للطلاب والطالبات المثاليين بجامعة الفيوم
  • أمام مبنى وزارة التربية بعدن.. وقفة احتجاجية تضامنية لإنصاف طلاب ثالثة ثانوي
  • بقرية أم دومة.. كلية الآثار بجامعة سوهاج تنظم زيارة ميدانية للطلاب لمصنع الفخار
  • تعليمات عاجلة للمدارس بتفعيل البرامج العلاجية لتحسين مستوى القراءة والكتابة للطلاب الضعاف
  • بالفيديو.. هل ساهمت الامتحانات الأسبوعية في تقليص ظاهرة الغياب المدرسي؟
  • هل ساهمت الاختبارات الأسبوعية في تقليص ظاهرة الغياب المدرسي؟| فيديو
  • ارشادات تربوية: تسهيل الغش للطلاب.. خطأ تربوي فادح