ماقا والتكفير والسودان:
الإقتصاد السياسي للرأسمالية المعاصرة:
يانيس فاروفاكيس إقتصادي ماركسي، ومثقف وفيلسوف من الطراز الأول، ومن أهم المفكرين المعاصرين علي مستوي العالم. كتب يانس اليوناني كتاب سماه “الإقطاع التكنولوجي – القضاء على الرأسمالية: عصر “إقطاعيات السحابة””

يقول يانس في كتابه أن الرأسمالية قد تم دفنها وحلت محلها منظومة جديدة قائمة على التكنولوجيا، لا يقوم منطقها على الربح كما في السوق الراسمالي، بل على الريع كما في عصر الإقطاع.

ولتوضيح النقطة، خذ مثلا شركة أمازون، وهي شركة لا تنتج سلعة كما في عصر الراسمالية الصناعية ولكنها تملك الغوريثم ومنصة ياتيها المنتجون من كل فج عميق ويعرض كل منهم بضاعته ثم يدفع لأمازون حوالي ٣٠% من قيمة ما باع. كما كان السيد الإقطاعي في الماضي يستولي علي جزء من المحصول مقابل السماح للأقنان بفلا حة الأرض التي يملكها، كذلك يفعل جيف بيزو ويستولي علي نسبة عالية مما ينتجه غيره ويبيعه في أرضه الأسفيرية المسماة أمازون. وهنا تبرز علاقة إنتاج وتوزيع جديدة تختلف جذريا عما يحدث في نمط الإنتاج الراسمالي التقليدي حيث يبني البرجوازي مصنعا، يستغل فيه طبقة عاملة، وينتج سلعة في مصنعه ويبيعها بينما أمازون المهيمنة لا تنتج شيئا بل تبيع ما ينتجه غيرها وتتحكم فيهم تماما وتمتص عرقهم. وبهذا تصبح شركات التكنولوجيا المهيمنة علي العالم إقطاعيات وليس شركات في نمط إنتاج راسمالي يقوده الربح ويحكمه منطق السوق. وهكذا ننتقل من منطق الربح الراسمالي إلي منطق الريع الإقطاعي وهكذا يودع العالم مرحلة راسمالية السوق ويدخل في مرحلة أكثر ظلاما تعيد ذكريات عصر الإقطاع.

وعلي مستوي هذا الفيسبوك، فنحن كمستعملين ننتج يوميا كميات مهولة من المحتوي بلا مقابل. ويوفر تفاعلنا قاعدة بيانات عريضة لشركة ميتا، مالكة الفيسبوك، لتحول الشركة هذه البيانات إلي أرباح ميليارية بلا مقابل لنا، وهكذا نصبح أقنانا نعمل مجانا كالعبيد لمالكي فسيبوك. كما يوفر وجودنا للشركة فرصة تسويق مدفوع الثمن تحصل مقابله علي ميليارات لا يصيبنا منها فلس.

من داخل البيت الماركسي، يجادل المفكر الكبير، ديفيد هارفي، بان ملاحظات يانس مهمة وعميقة ولكنه يرفض مقولة الإنتقال لنمط إنتاج جديد. يقول ديفيد أن التحور المستمر من صفات راس المال وفي حمضه النووي وكل ما يحدث الآن لا يعدو أن يكون تحورا من تحورات الراسمالية التي لا تكفي للقول بموتها لصالح نمط إنتاج جديد.

وحسب علمي، لم يشتم ديفيد يانس، ولم يكفره ولم يتهمه بالزندقة والخروج عن ملة ماركس الثورية. كما لم يشتم يانس ديفيد ولم يشكك في نزاهته الفكرية والسياسية ولم يدع احدهما إمتلاك الحقيقة النهائية التي كل ما عداها ضلال وخيانة.

ستيف بانون، المؤسس الذي ولدت من رحمه الآسن حركة ماقا التي أتت بترمب، متهم بانه يميني متطرف، عنصري، فاشي. دخل ستيف في صراع مع جناح ماقا الثروي، الأوليغاركي الذي يمثله ايلون مسك. في خضم هذا الصراع كثيرا ما يستشهد ستيف بيانس فاروفاكس ويردد مصطلح “الإقطاع التكنولوجي”.

لو جرت هذه السلسلة من الاحداث في السودان ربما أتهم يانس من قبل واحدة أم قرون أو أشوس يدعي استنارة بانه ترمبى أو مغفل نافع لليمين الفاشي بسبب أن ستيف بانون يكثر الإستشهاد بكتابه. ولكن ما هو أسوأ، لو حدث هذا في السودان ربما أتهم “ماركسيون” حملة اختام الرسالة يانس بانه انحرف وصار خادما في بلاط ترمب ويمينه الفاشي.

معتصم اقرع

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

استشهاد عضو المكتب السياسي لحماس أبو عبيدة الجماصي وعائلته في غارة إسرائيلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفادت قناة «العربية» الإخبارية، اليوم  الثلاثاء، في نبأ عاجل عبر حسابها الرسمي على موقع "إكس"، باستشهاد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، أبو عبيدة الجماصي، وعائلته، جراء غارة إسرائيلية استهدفتهم.

وكان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه قد أصدر أوامر للجيش بشن غارات مكثفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة، في إطار تصعيد عسكري جديد ضد الحركة.

مقالات مشابهة

  • عاجل | رئيس الوزراء الإثيوبي يدعو إلى حوار مع مصر والسودان بشأن سد النهضة
  • معدل إنتاج أولي يبلغ 1480 برميلاً يومياً.. «أكاكوس» تستكمل حفر بئر نفط جديد
  • تصفيات مونديال 2026: الجزائر وتونس ومصر والمغرب للتقدم خطوة إضافية.. والسودان أمام فرصة تاريخية
  • أحمد موسى: السادات حرر أرض سيناء وحققنا أهدافنا في معاهدة كامب ديفيد
  • استشهاد عضو المكتب السياسي لحماس أبو عبيدة الجماصي وعائلته في غارة إسرائيلية
  • السفير علي يوسف: تطبيق القانون الدولي لضمان الحقوق المائية لمصر والسودان
  • شبكة أمريكية: واشنطن تواصلت مع الصومال والسودان لتوطين سكان غزة
  • ‏سباق مع الزمن.. المال السياسي يثير القلق مع اقتراب الانتخابات
  • حرب الإقتصاد… زيادة الرسوم الجمركية بين أميركا وأوروبا تهدد بـ9.5 تريليون دولار سنوياً