زاخاروفا تنعي دسائس ومكائد الغرب فيما يتعلق بعرقلة قمة دول "بريكس"
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن مكائد ودسائس الغرب عبر شهور عديدة بهدف منع انعقاد قمة مجموعة "بريكس" ذهبت أدراج الرياح وباءت بالفشل الذريع.
وقالت متحدثة الخارجية الروسية زاخاروفا على أثير "القناة الأولى" إن قمة مجموعة دول "بريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) انعقدت رغم جميع المكائد غير القليلة التي قامت بها واشنطن ولندن والتي اخترعوها على مدار عدة أشهر من أجل عرقلة هذا الحدث.
وأضافت زاخاروفا: "على الرغم من محاولات قصر الإليزيه للتدخل فيها، والمبالغة ومنع دول ذات الاقتصادات الحقيقية، وليس من تلك ذات العملات المتضخمة، وإنما مع صنّاع المنتج الحقيقي، كي يجتمعوا مع بعضهم البعض لمناقشة كيفية إنقاذ الكوكب من عملية احتيال أخرى، إن جميع تلك المؤامرات لم تنجح".
وأشارت زاخاروفا إلى أن "العامل المثير للقلق" فيما يتعلق بتصرفات الغرب بالنسبة للعالم أجمع هو الوضع المحيط بصفقة الحبوب.
إقرأ المزيدوأردفت في هذا الجانب: "من وجهة نظري صفقة الحبوب وما فعلته بها الولايات المتحدة وبروكسل وغيرهما كانت عاملا مهما للغاية في الصحوة العالمية. وتلك المغامرة التي تحمل شعار "مساعدة الدول الأكثر فقرا وفي مقدمتها إفريقيا" والتي بدأت في صيف 2022، والتي لم تتحول إلا إلى إثراء الشركات الغربية، ولكنها في الوقت ذاته شكلت فرصة لمختلف الدول لإعادة التفكير فيما كان يحدث خلال هذه السنة والنصف ومعرفة من هو منخرط في المؤامرة".
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أوروبا بريكس حبوب كييف ماريا زاخاروفا موسكو واشنطن
إقرأ أيضاً:
غزة.. ولحظة احتضار العقل الأخلاقي للغرب
كان الكثيرون في العالم، شرقه وغربه، يراهنون على أن الإنسانية تتقدم نحو عهد عالمي جديد قائم على التواصل والتكافؤ واحترام الكرامة الإنسانية، وكان هذا الرهان مستندا إلى التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم وإلى الطفرات التي حققتها البشرية في كل مجال.. لكن غزة، وما يحدث فيها، كشفت زيف الرهان أو حتى التفاؤل الذي كان يحيط بالبعض. لم يحدث هذا الكشف نتيجة لما حدث في غزة فقط، فالحروب ممكنة ومتوقعة في كل زمان ومكان ـ من غير المعروف لماذا على الجميع أن يؤمنوا بذلك ـ ولكن بالكيفية التي حدث فيها ما حدث، وبالردود عليه، وبالصمت الذي ما زال يحيط به بعد أكثر من 18 شهرا، وكأنه لا يمس النظام الأخلاقي العالمي في جوهره ولا يقوض قيمه ومبادئه.
لم تعد غزة التي تذبح من الوريد إلى الوريد يوميا ساحة قتال ولكنها تحولت إلى اختبار شامل لما تبقى من أخلاقية النظام الدولي. إنها في كل يوم تعرّي التناقض الجوهري بين الخطاب الليبرالي الحديث، القائم على حقوق الإنسان، وحماية المدنيين، والعدالة الكونية، وبين ممارسات ميدانية تُنفَّذ بغطاء سياسي غربي، أو على الأقل، بتواطؤ أخلاقي غربي مؤسسي، أو على الأقل الأقل الأقل بصمت وتوارٍ تحت غطاء الكلمات والمناشدات. وهذه اللحظة التي يراها العالم في غزة على الهواء مباشرة ليست لحظة حرب ولكنها أقرب ما تكون إلى لحظة تأسيس لمعادلة جديدة تعيد تعريف القيم وفق معايير مزدوجة. إن ما يسقط مع استمرار هذه الحرب الهمجية الانتقامية والدموية ليس القانون الدولي فقط ولكن يسقط الضمير الأخلاقي الذي كان الغرب في خطابه السياسي وفي أدبياته الفلسفية يدعي تمركزه حوله.
لكن لا بد من الاعتراف أن ما يحدث الآن هو انكشاف لثغرات بنيوية في فكرة العدالة كما بناها الغرب! وهي العدالة التي تُفصّل بحسب الجغرافيا، وبحسب العرق، والانتماء السياسي. وهي العدالة التي لا ترى في دماء الأطفال قيمة إلا إذا سالت في المكان الصحيح أو كانت عيون أصحابها زرقاء كما كان الخطاب في العتبات الأولى للحرب الروسية على أوكرانيا.
لكن من المهم فتح نقاش عميق على مستوى المفكرين والفلاسفة في العالم، بعيدا عن الخطاب السياسي، لقراءة نتائج هذه الثغرات؛ لأن زيادة هذه الثغرات وانكشافها من شأنه أن يقوض ثقة الشعوب في جدوى القانون الدولي، وهذا من شأنه أن يتحول مع الوقت إلى موجات من الغضب سرعان ما ستعيد إلى السطح خطاب الكراهية والتطرف بين الشرق والغرب، فلا شيء من القيم، قيم التواصل والكرامة الإنسانية، يمكن الإيمان بها من أجل تقارب بين الشرق والغرب على أساس أخلاقي، وهذا مع الوقت يقود إلى إعادة إنتاج التوحش.
والعالم، العالم العربي على أقل تقدير، عندما يشاهد توحش آلة الإجرام الإسرائيلية على مدى أكثر من 18 شهرا وهي تدمر البشر والحجر في غزة دون أدنى محاسبة فإن السؤال الذي سيستحضره عقله ووجدانه هو لماذا يسمح العالم «المتحضر» إذا كان هو كذلك بحدوث هذا؟ ومن هنا يمكن أن تبدأ شرارة الكراهية والحقد في صناعة التطرف ضد هذا «التحضر» الذي يستبيح إبادة الأطفال والنساء. وعند هذه اللحظة لن تفلح الخطابات العقلانية ولا المنطق الفلسفي في أي مشروع تهدئة.. فالفراغ الأخلاقي كبير جدا وكذلك فراغ المرجعيات سواء كانت سياسية أو شرعية التي تتحمل بالضرورة ضبط إيقاع العنف في العالم.
والحقيقة أن السؤال الجوهري في العالم العربي والإسلامي اليوم ليس حول أن إسرائيل تقتل وترتكب جرائم إبادة جماعية، فهذا ديدنها عبر العقود الطويلة ولكنّ السؤال يتمحور حول من يُشرع لها ذلك؟! والحقيقة، أيضا، أن هذا السؤال يصاحبه، مع الأسف، شبه إيمان أن الغرب في صورته المؤسسية وليس الفردية يدافع عن حقوق الإنسان لفظيا ولكنه يمكّن آلة القتل عمليا! وهذا أمر في غاية الخطورة ليس على مستوى بناء الصورة الذهنية عن الغرب ولكن على مستوى ردة الفعل ومستوى التعايش مع الغرب.. فالغرب على المستوى الفردي هذه المرة هو أكبر متضرر مما تفعله إسرائيل فهو لا يعيش في «كيبوتسات» مغلقة كما يفعل الصهاينة في فلسطين المحتلة، ولكنهم منفتحون على العالم وعلى الحياة في كل مكان. وبعيدا عن أهمية دور الغرب في وقف العدوان الصهيوني الظالم على الفلسطينيين فورا فإنه مطالب بشكل ملح بإجراء مراجعة عميقة للدور الذي لعبته السياسة الغربية في هدم النموذج القيمي الذي بنته المنظومات الغربية على مدى عقود طويلة جدا. وعلى الغرب أن ينظر إلى مأساة غزة باعتبارها مرآة تاريخية كاشفة للكثير من القيم الزائفة ومن السياسة القذرة التي يتبناها الغرب ليس من الآن ولكن من زمن المد الإمبريالي على أقل تقدير.. ولا بد أن يقرأ الغرب في الوجدان الشرقي أنه لم يعد ينظر إليه باعتباره امتدادا لخطاب التنوير والعدالة والكرامة والعقلانية لأنه اختار أن يصطف إلى جوار القاتل وإلى خطاب العنصرية.
وإذا كان على الغرب أن يوقظ ضميره فليس ذلك من أجل غزة فقط ولكن من أجل صورته في التاريخ؛ فالحضارات لا تسقط حين تنهزم عسكريا ولكنها تسقط حين تخون ضميرها الأخلاقي وتفقد قدرتها على مراجعة خطاياها.