تعديل تاريخي للدستور في ألمانيا لم تشهده منذ الحرب العالمية الثانية
تاريخ النشر: 19th, March 2025 GMT
طوت ألمانيا صفحة الحذر في الإنفاق العسكري، التي حكمتها منذ هزيمة النازيين، لتدخل حقبة من الإنفاق الدفاعي غير المحدود، لم تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، مدفوعة بشكل أساسي بالمخاوف من انسحاب أميركي من حماية أوروبا.
اقرأ ايضاًوصوّت البرلمان الألماني على تعديل دستوري وُصف بأنه «تاريخي»، يلغي الحد من الإنفاق العام، مما يفتح الباب أمام الحكومة للاستدانة بشكل غير محدود لتمويل الحرب في أوكرانيا وتأهيل الجيش الألماني الهرِم، الذي حرصت الحكومات المتعاقبة منذ نهاية الحرب على إبقائه ضعيفاً، غير قادر حتى على الصمود في وجه اعتداء محتمل لأكثر من يومين.
وكانت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل قد أدخلت في الدستور عام 2009 بند منع الاستدانة بأكثر من 35 في المائة من الناتج الإجمالي العام، بعد انهيار الأسواق العالمية عام 2008، إلا في حالات الطوارئ. واستخدمت حكومة المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس «بند الطوارئ» خلال أزمة «كورونا» للاستدانة والمساعدة في إطلاق عجلة الاقتصاد، ثم بعد الحرب في أوكرانيا ووقف الغاز الروسي، الذي كان يؤمن معظم احتياجات ألمانيا من الغاز، بشكل مفاجئ.
وحاول شولتس تعديل البند الدستوري مع شريكيه، حزبَي «الخضر» و«الليبراليين»، للمساعدة على نهوض الاقتصاد الألماني الذي يعاني من الركود منذ عامين، ولكن معارضة الليبراليين ذلك الأمر أدت إلى انهيار حكومته والدفع بالبلاد إلى انتخابات مبكرة فاز فيها «الحزب المسيحي الديمقراطي» بزعامة فريدريش ميرتس.
ورغم أن ميرتس تعهد خلال الحملة الانتخابات بعدم الاستدانة، فإنه سرعان ما اضطر إلى الرد على المتغيرات السريعة الآتية من واشنطن، التي بدأت تظهر بعد أيام قليلة من فوز حزبه بالانتخابات. وفوجئ ميرتس بتصريحات جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن ودعمه حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، وكذلك بوصف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأنه «ديكتاتور».
وسريعاً بدل ميرتس مواقفه من الاستدانة، ودخل في محادثات طارئة مع «الحزب الاشتراكي» الذي أعلن عزمه تشكيل حكومة ائتلافية معه؛ لأن حزبه لم يفز بالأغلبية، وهو بحاجة لتشكيل ائتلاف للحكم. وقبل بدء مفاوضات تشكيل الحكومة، اتفق الحزبان على إدخال التعديلات الدستورية سريعاً للسماح بزيادة الإنفاق الدفاعي.
واشترط «الحزب الاشتراكي» لدعم الإنفاق الدفاعي إنفاقاً موازياً على البنى التحتية، وهو ما وافق عليه البرلمان كذلك على شكل صندوق خاص قيمته 500 مليار يورو تُصرف في السنوات الـ12 المقبلة لتمويل مشروعات بنى تحتية. كما اضطر الحزبان إلى تقديم تنازلات لحزب «الخضر» الذي كانا بحاجة إلى دعمه القانون كي يمر في البرلمان، ووافقا على إدخال بند الاستثمار في مشروعات طاقة خضراء بقيمة 100 مليار يورو وإضافة بند في الدستور يتعهد بأن تصبح ألمانيا دولة خالية من انبعاثات أكسيد الكربون بحلول عام 2054.
وتعديل الدستور بحاجة إلى ثلثي أصوات البرلمان؛ مما جعل من حزب ميرتس محتاجاً إلى أصوات «الاشتراكيين» و«الخضر». وسارع ميرتس لتمرير القانون في البرلمان القديم قبل أن يلتئم البرلمان الجديد في 25 مارس (آذار) الحالي؛ بسبب حصول حزبَي «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف وحزب «دي لينكا» من أقصى اليسار، على أكثر من ثلث الأصوات، وكلاهما يعارض زيادة الاستدانة والإنفاق العسكري.
وبرر ميرتس، بكلمة توجه فيها إلى النواب قبل التصويت، سعيه لرفع شرط الاستدانة بالقول إن هذه الخطوة يمكن تبريرها «فقط بسبب ظروف استثنائية»، مضيفاً أن هذه الظروف يحددها بشكل أساسي «اعتداء روسيا على أوروبا». وتابع أنه «ليس فقط دفاع ألمانيا ما يعتمد على تصويت البوندستاغ، ولكن أيضاً (الحلفاء في حلف شمال الأطلسي - ناتو، والاتحاد الأوروبي) الذي ينظرون إلينا، بقدر ما ينظر إلينا أعداؤنا».
ويعدّ حزب ميرتس متشدداً أكثر من «الاشتراكيين» في دعم أوكرانيا، ولطالما انتقد تلكؤ شولتس في دعم كييف خلال السنوات الثلاث الماضية.
وطلب وزير الدفاع في الحكومة المنتهية ولايتها، بوريس بيستوريوس والمنتمي إلى الحزب «الاشتراكي»، دعم خطط الإنفاق العسكري، وقال إن ألمانيا «تواجه أعظم تحدٍّ أمني في تاريخها»، مضيفاً أن من ينفي ذلك «يكون منكِراً للواقع». وأضاف: «نحن نواجه عصراً جديداً في أوروبا وفي ألمانيا وفي حلف (الناتو) ومستقبل أجيالنا، واليوم الأمر يتعلق بأمن أولادنا وأحفادنا». وأشار إلى أن الإنفاق العسكري سيسمح بـ«تعزيز قدراتنا الدفاعية» بشكل كبير.
ووجه نواب من حزب «البديل من أجل ألمانيا» و«دي لينكا» انتقادات لاذعة لميرتس والحزبين «الاشتراكي» و«الخضر» لدعمهما زيادة الإنفاق العسكري. واتهم نواب «البديل من أجل ألمانيا» ميرتس بـ«تزوير» نتائج الانتخابات بسبب اعتماده على البرلمان القديم لتمرير خطته، وبسبب «خداعه» الناخبين بعد تأكيده خلال الحملة الانتخابية أنه لا ينوي رفع سقف الدين العام.
اقرأ ايضاًوما زال الأمر يتطلب موافقة الغرفة الأصغر في البرلمان «البوندسرات»، التي تضم ممثلين عن الولايات الألمانية الـ16، على القانون قبل أن يصبح نافذاً. ومن المتوقع أن يوافق المجلس عليه ويمرره في الأيام القليلة المقبلة.
وفي موازاة تمرير القانون، تستمر المشاورات لتشكيل حكومة بزعامة ميرتس مؤلفة من الحزبين «المسيحي الديمقراطي» و«الاشتراكي»، ومن المتوقع أن تنتهي قبل عيد الفصح في 20 أبريل (نيسان) المقبل. ويأمل ميرتس أن يبدأ مهامه بأسرع وقت ممكن، بعد أن كان حذر مراراً بأن المشاورات لا يمكن أن تستمر طويلاً، وبأن «العالم يراقبنا وينتظرنا».
وستكون أمام ميرتس تحديات كبيرة، خصوصاً لناحية العلاقات بواشنطن التي حذر بأنها لم تعد شريكاً موثوقاً به، وانتقد ترمب مراراً في السابق بسبب مواقفه من كييف وزيلينسكي، وكذلك إدارتَه بسبب دعمها حزب «البديل من أجل ألمانيا». واتهم فانس وإيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، بالتدخل في الشؤون الداخلية لألمانيا.
Via SyndiGate.info
Copyright � Saudi Research and Publishing Co. All rights reserved.
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: البدیل من أجل ألمانیا الإنفاق العسکری
إقرأ أيضاً:
ارتفاع تاريخي في سعر الذهب.. تزايد الإقبال العالمي على المعدن النفيس كملاذ آمن
استمر سعر الذهب في مصر في الارتفاع خلال تداولات اليوم ليسجل مستوى تاريخي جديد حيث وجد الدعم من تسجيل الذهب العالمي مستويات تاريخية جديدة مع تزايد الاقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن في الأسواق العالمي بسبب تبعات الحرب التجارية التي تسببت بها قرارات الرئيس الأمريكي ترامب التجارية.
وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر تداولا في مصر، تعاملات اليوم الجمعة، مسجلا 4630 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 4650 جنيه للجرام.
وارتفع بمقدار 105 جنيهات مقارنًة بأسعار الأمس الخميس، التي أنهاها مسجلا 4570 جنيه للجرام بعد أن افتتح جلسة الأمس عند 4465 جنيه للجرام، وفق جولد بيليون.
الارتفاع الكبير الذي يشهده الذهب المحلي حالياً يأتي بدعم رئيسي من ارتفاع سعر أونصة الذهب العالمي وتسجيلها لمستويات تاريخي جديدة مما ساهم في ارتفاع تسعير الذهب المحلي.
بالإضافة إلى هذا يبقى سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بالقرب من مستويات قياسية بالرغم من تراجعه بشكل تدريجي خلال جلسة الأمس، ولكن الارتفاع الكبير في سعر الذهب العالمي قد عوض تراجع سعر صرف الدولار.
استمر الذهب العالمي في الارتفاع خلال تداولات اليوم الجمعة ليسجل مستوى تاريخي جديد في ظل استمرار المخاوف العالمي من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي نتج عنها انخفاض كبير في مؤشرات الأسهم وتراجع حاد في مستويات الدولار ساعد على تزايد الاقبال على الذهب كملاذ آمن، وفق تحليل جولد بيليون.
شهد سعر الذهب المحلي ارتفاع كبير خلال تداولات اليوم بدعم من تسجيل الذهب العالمي لمستوى تاريخي جديد، حيث يستمر الذهب في موجة صعود حادة بسبب المخاوف مستقبل الاقتصاد العالمي.
ارتفع سعر أونصة الذهب العالمي ليتخطى المستوى النفسي 3200 دولار للأونصة ويسجل قمة سعرية جديدة عند 3227 دولار للأونصة، ولا يزال هناك إمكانية لتحقيق المزيد من الارتفاع خلال تداولات اليوم بسبب تزايد الإقبال على الشراء قبل عطلة نهاية الأسبوع تحسبا لأية تطورات قد تحدث خلال هذه الفترة، أيضاً مؤشر الزخم يظهر إمكانية تحقيق المزيد من الارتفاع.
بعد أن تخطى سعر الذهب المحلي عيار 21 المستوى 4500 جنيه للجرام يوم أمس تمكن من الاستمرار في الارتفاع وتخطي المستوى 4600 جنيه للجرام ليسجل حتى الآن أعلى مستوى تاريخي عند 4650 جنيه للجرام.
استمر الذهب العالمي في الارتفاع وتسجيل مستويات تاريخية جديدة خلال تداولات اليوم الجمعة مع تجدد المخاوف الاقتصادية بشأن التأثير السلبي لاستمرار التصعيد التجاري بين الولايات المتحدة والصين على الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تراجع مستويات الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوياته منذ سنوات.
سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع اليوم بنسبة 1.2% ليسجل أعلى مستوى تاريخي عند 3227 دولار للأونصة وكان قد افتتح تداولات اليوم عند 3179 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 3213 دولار للأونصة.
يأتي هذا بعد أن ارتفع الذهب خلال اليومين الماضيين بمستويات قياسية ليتجه الذهب إلى تسجيل ارتفاع هذا الأسبوع بنسبة 5.9% ويكون الذهب قد ارتفع منذ بداية عام 2025 بنسبة 22.6%.
مستقبل التجارة العالمية بعد رسوم ترامب الجمركية
أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فجأةً فرض رسومه الجمركية "التبادلية" على دول أخرى بعد ساعات من دخولها حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكنه رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية عقابًا لبكين على تحركها الأولي للرد.
إلا أن هذا التوقف عن الرسوم الجمركية لم يقلل من مخاوف الأسواق العالمية بشأن تداعيات حرب ترامب التجارية وتطبيقها الفوضوي في ظل تزايد مستويات عدم اليقين بشأن مستقبل التجارة العالمي، بالإضافة إلى تزايد التوقعات بتراجع معدلات النمو في الاقتصاد العالمي وارتفاع معدلات التضخم.
الذهب يلعب الآن، دور الملاذ الآمن الأول ليعمل على جذب الاستثمارات بشكل كبير، حيث وجد الدعم من عمليات البيع التي بدأت منذ الجلسة الأمريكية يوم أمس في سوق الأسهم لتنتقل الاستثمارات إلى الذهب في المقابل.
أيضاً صدور يوم أمس بيانات مؤشر أسعار المستهلكين عن الولايات المتحدة الأمريكية لتظهر تراجع غير متوقع، الأمر الذي زاد من احتمالات إقدام البنك الفيدرالي الأمريكي على خفض أسعار الفائدة، ليتراجع الدولار الأمريكي نتيجة لذلك ويسجل أدنى مستوى منذ عدد من السنوات مقابل سلة من العملات الرئيسية.
بالإضافة إلى هذا تراجعت أسعار السندات الحكومية الأمريكية ما أدى إلى ارتفاع العائد عليها بشكل كبير بهدف جذب المستثمرين، ويعكس ذلك المخاوف العالمية من الاستثمار في السندات الدولارية خاصة بعد أن طالبت الصين من البنوك لديها بتقليل مشتريات السندات الأمريكية.
ارتفاع تاريخي في أسعار الذهب
ساعدت هذه العوامل على هروب الاستثمارات إلى الذهب باعتباره الاستثمار الآمن الوحيد حالياً ليندفع إلى تسجيل مستويات تاريخية جديدة، دفعت المؤسسات المالية العالمية إلى تعديل توقعاتها للذهب وزيادة مستهدفاتها خلال هذا العام.
وعدل بنك UBS العالمي توقعاته لسعر الذهب اليوم الجمعة، متوقعًا أن يرتفع سعر المعدن النفيس إلى 3500 دولار أمريكي في عام 2025. وتوقع البنك أن يستمر ارتفاع سعر الذهب حتى عام 2026، وأن تستقر الأسعار عند مستويات مرتفعة على المدى الطويل.
كما أشار البنك أن المستويات الحالية للذهب المحتفظ به في العقود الآجلة وصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) مقارنةً بأصول الصناديق، تقارن بتلك المستويات التي سجلت خلال جائحة كوفيد-19، على الرغم من أنها لا تزال أقل من الذروة التي سجلت بعد الأزمة المالية العالمية.
اقرأ أيضاًسعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 11 أبريل 2025
الصين ترفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية بنسبة 125%