وليام هيغ: لست معجبا لكن تأثير ترامب قد يكون إيجابيا
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
يقول وزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيغ إن الاضطرابات التي تسببت فيها سياسات الرئيس دونالد ترامب قد تؤدي إلى إعادة تنظيم إيجابية ومذهلة للأفكار والأحزاب عبر الديمقراطيات الغربية.
وأورد هيغ أمثلة من الثورة الفرنسية في تسعينيات القرن الـ18، والتي أدت بسياساتها المتطرفة، إلى تغييرات كبيرة في سياسات البلدان الأخرى.
وأشار إلى أن الأسابيع الأولى لإدارة ترامب الثانية لم تذهب إلى حد الثورة الفرنسية، التي أدت إلى حرب مع الدول المجاورة، ولكن في عالم تنتشر فيه الأخبار في ثوان وتنتقل فيه التجارة بحرية عبر العديد من الحدود، يكون تأثير الاضطرابات في قوة عظمى أسرع بكثير مما كان عليه قبل قرنين من الزمان.
وأوضح أن هناك إعادة تنظيم للأفكار، وأحيانا للأحزاب تجري في جميع البلدان الغربية تقريبا، وفي كثير منها، يمكن القول إن تأثير ترامب سيكون كبيرا كما هو الحال في أميركا نفسها.
شريان حياةفبالنسبة للأحزاب الرئيسية مثل الليبراليين في كندا أو الديمقراطيين المسيحيين في ألمانيا، أو حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا، يمكن أن تكون سياسات ترامب هي شريان الحياة لها من الإغراق بموجات الشعبوية، إنها طريق عودة هذه الأحزاب الوسطية إلى الملاءمة والاتساق، إنها لحظة توضيحية يمكن فيها لأي شخص بعيونه المفتوحة رؤية العالم الحقيقي وعدم التوهم بأن كل شيء على ما يرام.
إعلانواستمر يقول إنه قد اتضح فجأة أن البلدان التي لا تستطيع السيطرة على حدودها، وليست قوية وفعالة، وتعتمد على الآخرين في جميع التقنيات الجديدة، وتقبل أن الكثير من سكانها مرضى وليس لديهم أمل في الدفاع عن أنفسهم، يجب أن تفعل شيئا حيال ذلك وبسرعة.
وأكد أنه ليس عليك أن تكون متحمسا لترامب للاعتقاد بأن تأثيره على السياسة في أماكن أخرى يمكن أن يكون إيجابيا. فإذا تعلمت أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط منه في بعض النواحي واستجابت بشكل حاسم للتحدي الذي يمثله في جوانب أخرى، فإن فرصهم في رؤية الأحزاب في أقصى الطيف السياسي ستتحسن، وفي هذه العملية يمكنهم إجراء العديد من التغييرات الأساسية في أداء حكوماتهم.
3 جوانبيأتي تأثير ترامب خارج أميركا في 3 جوانب:
الأول؛ إظهار أن الدولة الحديثة ليست عاجزة عندما يتعلق الأمر بمعالجة المشاكل المستعصية التي تسبب التعاسة لمواطنيها. وقد تباطأت الهجرة عبر الحدود المكسيكية إلى حد كبير منذ توليه منصبه، وأظهر ذلك أن هذه ليست مجرد مسألة مراقبة للحدود، ولكنها تغيير للقواعد. والناخبون الذين يرون أن ترامب يستطيع السيطرة على الهجرة، لن يقبلوا أن حكوماتهم لا تستطيع ذلك. الثاني؛ خفض تكلفة الحكومة، فمهما كنا نفكر في الأساليب، التي تبدو غير مبدئية وفوضوية، فإن الدافع إلى الحد من البيروقراطية وجعل الدولة الإدارية أكثر استجابة للرغبات الديمقراطية، أمر معدٍ. ففي بريطانيا وعد حزب المحافظين باقتفاء أثر أميركا، وكذلك وعد حزب العمال الأسكتلندي، بينما بدأ رئيس الوزراء كير ستارمر الأسبوع الماضي هدم هيئة الصحة العامة. والثالث؛ تشجيع الإنفاق الدفاعي، والتخلص من القيود المفروضة على الاقتراض في بعض البلدان بينما يتم تقليص الإنفاق على الرعاية الاجتماعية في كل مكان. الجانب الأخلاقيولفت هيغ الانتباه إلى جانب مهم في ممارسة ترامب لتطبيق سياساته وهو خلوها من الوازع الأخلاقي. فكندا ضحية دون سبب واضح، وغرينلاند مرغوبة على الرغم من أنها أرض حليف، ومعاملة بوتين كصديق على الرغم من تسببه في قتل مئات الآلاف، وإذلال زيلينسكي على شاشات التلفزيون، والوقف المفاجئ للبرامج الأميركية طويلة الأمد حول الإيدز في أفريقيا، وغير ذلك.
إعلانوقال إن قوة هذا الجزء من تأثير ترامب هو القول للناس ودون إعلان إن قوة الدولة الديمقراطية وفعاليتها هي جزء من نظام أخلاقي، وإن انتشارها واحترامها في العالم يعتمدان على القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ؛ وإن إساءة استخدام القوة العظمى تجلب المقاومة والرفض.
وأكد الكاتب أن ترامب سيكون خلال السنوات الأربع المقبلة دليلا حيا على الحاجة إلى تثبيت مثل هذه السياسات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات تأثیر ترامب
إقرأ أيضاً:
هل يمكن أن يعود حظر الحجاب إلى الجامعات التركية؟
صرح وزير التعليم التركي يوسف تكين، قبل أيام، بأن حظر ارتداء الحجاب قد يعود إلى المدارس والجامعات التركية في حال فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية القادمة. وأشار تكين في جوابه على سؤال الصحفي التركي آدم متان، حول هذا الاحتمال، إلى أن حزب الشعب الجمهوري تقدم عام 2007 إلى المحكمة الدستورية بطلب إلغاء التعديل المتعلق بحرية ارتداء الحجاب في الجامعات، وقال في طلبه آنذاك إن هذه الخطوة يمكن أن تفتح الباب أمام المطالبة بحرية ارتداء الحجاب في الدوائر الحكومية والشرطة والجيش. ولفت الوزير إلى أن هذا حدث قبل بضع سنوات فقط، وليس قبل زمن طويل.
حزب الشعب الجمهوري يحاول أن يظهر نفسه كحزب يحترم قيم المجتمع المسلم والحريات الشخصية، ويقول إن حظر ارتداء الحجاب لن يعود، إلا أن التجارب السابقة والحالية تؤكد أن عقلية هذا الحزب مثل "الذيل الذي لا ينعدل"، ولا يمكن أن تتغير، مهما قال وفعل قبل الانتخابات لكسب أصوات الناخبين المتدينين. ولعل أقرب مثال لذلك، هو ما قامت به رئيسة بلدية أسكودار في إسطنبول، سِينَمْ دَدَطاشْ، المنتمية إلى حزب الشعب الجمهوري.
الشعب الجمهوري يحاول أن يظهر نفسه كحزب يحترم قيم المجتمع المسلم والحريات الشخصية، ويقول إن حظر ارتداء الحجاب لن يعود، إلا أن التجارب السابقة والحالية تؤكد أن عقلية هذا الحزب مثل "الذيل الذي لا ينعدل"، ولا يمكن أن تتغير، مهما قال وفعل قبل الانتخابات لكسب أصوات الناخبين المتدينين
منطقة أسكودار معروفة بسكانها المتدينين، وكانت تعتبر من قلاع الأحزاب المحافظة، كما أن الرئيس السابق لبلديتها كان منتميا إلى حزب العدالة والتنمية. ولما فازت مرشحة حزب الشعب الجمهوري برئاسة بلدية أسكودار في الانتخابات المحلية الأخيرة، قامت بإلغاء الأيام والساعات المخصصة للنساء في مسبح البلدية، وفرضت الاختلاط على الجميع في استخدام المسبح. كما أحضرت معلمة رقص من أفريقيا في شهر رمضان المبارك لتعليم الفتيات رقصة "توركينغ"، وهي "تدوير إيقاعي للأطراف اللحمية السفلية بقصد الإثارة الجنسية أو الضحك للجمهور المستهدف"، وفقا لــ"الموسوعة الحرة ويكيبيديا".
تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان أزالت العوائق التي وضعت أمام تحفيظ القرآن الكريم وتعليم تلاوته، ومكَّنت الطلاب من حفظ القرآن الكريم كاملا وتلقي العلوم الإسلامية بالتوازي مع مواصلة دراستهم المتوسطة. وإضافةً إلى ذلك، تنظِّم رئاسة الشؤون الدينية دورات صيفية لتعليم الأطفال الصغار تلاوة القرآن الكريم، وهو ما يعارضه حزب الشعب الجمهوري جملة وتفصيلا، بحجة أن النظام العلماني يجب أن لا يلقن الأطفال الصغار أي معلومة متعلقة بالدين ليبقى على مسافة واحدة من جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات، ما يعني أن هذه العقلية ستغلق مدارس تحفيظ القرآن الكريم ودورات تعليم تلاوته، إن تمكنت من الفوز في الانتخابات وشكَّلت الحكومة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزل، في رده على ما قاله وزير التعليم، حاول أن يطمئن الناخبين المتدينين، قائلا إنه هو من سيقف ضد محاولات حظر ارتداء الحجاب في ظل أي حكومة يشكلها حزب الشعب الجمهوري. ولكن مثل هذه التصريحات لا تكفي لإزالة المخاوف، لأن ارتداء الحجاب لم يكن محظورا لوجود قانون أو مادة دستورية، بل كانت القوى المتسلطة على الإرادة الشعبية تحظره بناء على تفسيرها لمبدأ العلمانية، ولا يوجد أي مؤشر يشير إلى تراجع مؤيدي حزب الشعب الجمهوري عن ذاك التفسير المتطرف للعلمانية. مثل هذه التصريحات لا تكفي لإزالة المخاوف، لأن ارتداء الحجاب لم يكن محظورا لوجود قانون أو مادة دستورية، بل كانت القوى المتسلطة على الإرادة الشعبية تحظره بناء على تفسيرها لمبدأ العلمانية، ولا يوجد أي مؤشر يشير إلى تراجع مؤيدي حزب الشعب الجمهوري عن ذاك التفسير المتطرف للعلمانيةبل هناك من يتجرأ منهم على محاولة حظر ارتداء الحجاب في حصته بالجامعة أو شتم الفتيات المحجبات والاعتداء عليهن في الشوارع، رغم وجود حكومة تدافع عن حقوقهن. ومن المتوقع أن يطبق كثير من المسؤولين الموالين للمعارضة، حظر ارتداء الحجاب تلقائيا دون أن ينتظروا قرار الحكومة، لمجرد فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية.
تركيا تشهد حالة استقطاب غير مسبوق منذ فترة، تغذِّيه المعارضة وفلول تنظيم الكيان الموازي التابع لجماعة غولن. ولضمان استمرار تلك الحالة، يتم شحن الموالين للمعارضة بمشاعر العداء والكراهية تجاه الحكومة والأحزاب المؤيدة لها، من خلال بث الإشاعات والأنباء الكاذبة. ويجعل هذا الوضع الناخبين المؤيدين للمعارضة لا يعترفون أبدا بالخدمات التي تقدمها الحكومة، كما لا يرون الفساد المنتشر في البلديات التي يديرها رؤساء منتمون إلى حزب الشعب الجمهوري، بل ولا يبالون بارتكاب هؤلاء الرؤساء جرائم، مثل اختلاس أموال البلدية أو الابتزاز أو تلقي الرشاوى، ما داموا ينتمون إلى الحزب الذي يؤيدونه، ويعتبرون كافة الاتهامات الموجهة إليهم سياسية مهما كانت مبنية على أدلة دامغة، كما هو الحال في قضية رئيس بلدية إسطنبول المقال أكرم إمام أوغلو.
أوزغور أوزل، بعد انتخابه رئيسا لحزب الشعب الجمهوري، حاول أن يتبنى سياسة تخفيف التوتر بين الحكومة والمعارضة، إلا أن جهوده اصطدمت بجدار عقلية حزبه المترسخة، وسرعان ما عاد إلى لغة التصعيد التي بلغت ذروتها بعد اعتقال إمام أوغلو بتهمة الفساد ودعم الإرهاب. ويسعى حزب الشعب الجمهوري الآن إلى تحريض طلاب المدارس الثانوية ضد الحكومة من أجل تحويلهم إلى حطب يبقي نار الاستقطاب مشتعلة. ومن المؤكد أن هؤلاء الذين يتم شحنهم الآن بكمية كبيرة من مشاعر العداء والكراهية تجاه المواطنين المؤيدين للحكومة، بدعوى أنهم هم من أوصلوا البلاد بأصواتهم إلى الوضع الراهن، سيبحثون عن سبل الانتقام منهم في أول فرصة سيجدونها.
x.com/ismail_yasa