الأردنيون تَغيّروا.. لابدّ أن نصحو
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
صراحة نيوز- حسين الرّواشدة
لماذا تغيّر الأردنيون من مجتمع البساطة والسماحة ، و التراحم والرضا ، إلى مجتمع القسوة والتشكيك ، والكراهية والانتقام ، والسخط على كل شيء؟
أعرف أن هذه أعراض لها جذورها وأسبابها ، وأن الإجابة صعبة وتحتاج إلى حفر عميق داخل الذات الأردنية، أعرف ، أيضا، أن التحولات التي طرأت على مجتمعنا، خلال العقود الماضية، أفقدته الكثير من سماته الأصيلة ، وضربت عصب القيم التي كانت تضبط حركته ، وتحمي مناعته ، أعرف ، ثالثا ، أن الظروف الاقتصادية ساهمت في هذا التغيير ، وأن ارتفاع معدلات البطالة والفقر ، واضطراب حركة الأسواق ، أفرزت من الأردنيين أسوأ ما فيهم ، حدث ذلك في سياق ” ضمور” الطبقة الوسطى ، بما تمثله من عامل توازن للمجتمع ، ثم بروز طبقة صغيرة ، استأثرت بكل شيء ، وولدت لدى الناس نزعات التطرف بالسلوك ، وبإصدار الأحكام أيضا.
اترك مهمة الاستطراد بالإجابة على أسئلة( أسرار) هذه التحولات لأساتذة علوم الاجتماع، فهم أدري مني بما حدث ، أشير فقط إلى مسألتين ، الأولى أن العلاقة بين الأردنيين والدولة ،أقصد إدارات الدولة وقراراتها وسياساتها ، تغيرت وتشوهت ، يمكن فهم هذا التغيير أو تبريره في سياقات عديدة ، لكن الاهم انه كان بمثابة الموجة التي هزّت الشخصية الأردنية ، لا أتحدث ، فقط ، عن روابط الانتماء والثقة ،والاعتمادية ،والإحساس العام ب”أُبوة” الدولة، هذه التي كانت تربط الأردنيين بدولتهم ،وتعزز علاقاتهم فيما بينهم ، وإنما، أيضا ،عن بروز “خزانات”جديدة للمظلومية ، و “بازارات ” لتوزيع الغنائم ، و هواجس مفهومة وغير مفهومة ، على مستقبل البلد، عززتها انفجارات في العالم والاقليم، وخيبات تراجع في الأداء العام، للمؤسسات والنخب على حد سواء.
أما المسألة الثانية فتتعلق بما حدث داخل المجتمع ، حيث برزت مجموعة من “الكتل “المؤثرة (لكي لا أقول النخب ) أحكمت سيطرتها على مزاج الأردنيين وأفكارهم، هذه الكتل توزعت بين البزنس والسياسة، والأيديولوجيا والتفاهة،استخدمت وسائل التواصل بأنواعها، ومصادر التمويل الداخلي والخارجي ، هدفها الأساسي العبث بثقافة الأردنيين ووعيهم ، وحرف تديّنهم، وتشويه وجدانهم ، وزعزعة ثقتهم بأنفسهم، أخشى أن يكون هؤلاء قد وجدوا ما يلزم من داعمين أو متفرجين، و أنهم نجحوا في مهمتهم؛ مهمة صناعة مجتمع الفرجة والكراهية، الذي استغرق بما يصله من رسائل مغشوشة، أصبحت ،بفعل التراكمات، جزءا من شخصيته.
هذا التغيير الكبير الذي اصاب مجتمعنا، وتغلغل فيه، اختار له دوائر يدور فيها، امتدت بين استمراء الفشل، وترسيخ التخلف ، والنظر من ثقب الأخطاء ، وإنكار الإنجاز ، ورفض الخروج من الأزمات بمصالحة الذات، وهو بالتأكيد لم يحدث صدفة أبدا ، فوراءه فاعلون ،معروفون ومجهولون ،ولهم اهداف عنوانها “السيطرة “على عقول الأردنيين وقلوبهم ، ثم تطويعهم “لقابليات ” جديدة ( لا تسأل ما هي؟)، لا تتناسب مع تاريخهم وطبيعتهم، ولا مع مصالحهم وأمنهم واستقرارهم، ومن آسف أن الكثيرين منا وقعوا في “الفخ “، لدرجة أنهم أصبحوا جزءا من منظومة ،عملت وما تزال ، لزعزعة ثقة الأردنيين بأنفسهم أولا ، وبدولتهم ثانيا، وبعلاقاتهم مع بعضهم بعضا.
الآن، لابد أن يصحو الأردنيون من هذا الكابوس، كيف؟ لا أعرف بالضبط ، المهم أن يفتحوا أعينهم وعقولهم على ما حدث في محيطنا أولا، وفي بلادنا أيضا، ثم أن يسألوا أنفسهم: ماذا نريد، وكيف يمكن أن ننهض ونتقدم ؟ هل يمكن أن يحصل ذلك ،ونحن مازلنا مصرين على البقاء في حالة ” الحداد العام”، و توزيع الاتهامات وإنكار كل شيء، دون أن نفعل أي شيء حقيقي لإصلاح الأخطاء التي ارتكبناها، او ارتكبها غيرنا بحقنا ، ودون أن نعترف بما أنجزه بلدنا ، تماما كما نصرخ لإدانة ما أخفق فيه؟
الإصرار على الفشل لن يُوّلد إلا مزيدا من الفشل، والاقتناع بأن مشكلتنا ليست في مجتمعنا ،وإنما في طبقة المسؤولين عنا فقط، لن يفضي إلى لمزيد من انعدام الثقة، والانقسام والانتقام ، ولهذا لابد أن نخرج من هذه المعادلات التي كرست فينا ثقافة التلاوم واللامبالاة، والصراع على الخيبات ، وتغذية العداوات، وتضخيم الاخطاء وإنكار الانجازات ( لدينا حزب قوي اسمه أعداء النجاح) ، هذا -بالطبع -يحتاج إلى صحوة وطنية عامة ، تنطلق من إدارات الدولة و نخب المجتمع وعقلائه، فقد تغير الأردنيون حقا ، وحان الوقت لتصحيح مساراتهم ،لمواجهة عاديات وأزمات قادمات، لن تستثني أحدا، سواء أخطأ او أصاب.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام اخبار الاردن علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام أقلام أقلام اخبار الاردن علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة
إقرأ أيضاً:
إدارة التوحش من داعش إلیٰ مليشيا آل دقلو!!
مارست المليشيا الإرهابية كل نوع من أنواع الجريمة ضد الشعب الذی تَدَّعی إنها تقاتل من أجل جلب حكم الديمقراطية له وتخليصه من الظلم الذی حاق به جراء حكم دولة 56 ومن جور حكم الكيزان والفلول !!
تماماً كما تزعم داعش، بأنها تسعی لقيام دولة الخلافة الإسلامية التی تُقيم الحكم الشرعی الصحيح، فتفعل بإسم الإسلام كل ماهو مُجافٍ للشرع .
وقد إعتمدت داعش علی (إدارة التوحش) فی عملياتها وإعلامها علی إظهار الوحشية فی القتل، مثال أن يتم الإعدام بحرق الضحية فی قفص من قضبان حديدية، وصب كمية من البنزين عليه وهو يرتدی ملابس من البولستر، واشعال النار، أو أن يُدهس الضحية بجنزير دبابة، أو أن يُحز رأس الضحية بخنجر، وهكذا تُخلِّف مناظر القتل الوحشي، رعباً في نفوس المخالفين، بينما كان بالإمكان أن تتكفل رصاصة واحدة بإجراء اللازم!! وهناك ثمة تشابه بين إدارة التوحش عند داعش والمليشيا المجرمة، فالدواعش يغتصبون النساء ويسمونها ب(الفٸ البارد) لإضفاء صفة شرعية علی ذلك الجُرم المُدان،
والمليشيا لا فِقه لديها ولاعلم لذا فإنهم يرتكبون الفواحش ويقومون بتوثيق ذلك بالصوت والصورة فی بجاحةٍ وغباء يحسدهم عليه الحمار.
صحيح إنَّ المليشيا ومن يعاونونهم يشتركون فی صفات البلادة والجهل المركب والوحشية، ويتقاسمونها بعدالة!! لكن الصحيح أيضاً إنَّ من يخططون لهم ويختبٸون وراء بعض الشعارات الزاٸفة، ويدغدغون أحلامهم بقيام دولتهم المزعومة، لكن الحقيقة إنهم مجرد أدوات لتحقيق أطماع تلك الدول، والصورة الواضحة يمكن أن تتمثل أجزاء منها فی الآتی:-
– أسقاط الفاشر،تمهيداً لإعلان دولة العطاوة فی دارفور، وهذا يتضح لكل ذی بصيرة، في الإصرار علی الهجمات المتتالية والمكثفة بشكلٍ شرسٍ، والدفع بموجات من المرتزقة والمجرمين المزودين بالأسلحة النوعية الحديثة، ولا حاجة للتذكير بأنَّ دارفور تظل هدفاً لدول كثيرة.
العمل المجرم الدٶوب لإفراغ كل إقليم الوسط، الذي يضم ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض والنيل الأزرق لإحلال سكان جدد من عرب الشتات، محل مواطني الجزيرة خاصةً وأن لهذا (الاقليم) حدوده مع دولة جنوب السودان، وأثيوبيا، وتمر به مصادر المياه الرئيسيه الداٸمة لنهر النيل، وتتمدد فيه الأراضي الزراعية الخصبة، فضلاً عن سقوط معدلات مرتفعة من الأمطار، وبهذه الحدود والمُقَدَّرات التی يتمتع بها هذا الإقليم الشاسع، فإنَّه يمتلك كل مقومات (الدولة) التی يحلُم بها آل دقلو، ومن يقف وراءهم من العملاء والأعداء، ولذلك تراهم يستهدفون مدناً مثل سنار، والدويم ، وكوستی، وسقوط مثل هذه المدن، سيكون بمثابة جاٸزة عُظمیٰ، تستحق أن يهلك من أجلها كل هذا العدد من أوباش المليشيا المجرمة كوقود لحربٍ لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
تسرنا الإنتصارات التي يحققها جيشنا والقوات المشتركة، لكننا أمام حرب طويلة، تتناقص فيها ذخاٸر كل من الجيش والقوات المشتركة إلَّا عن طريق الإسقاط الجوی، بينما تصل الإمدادات والدعم اللوجيستي للمليشيا بأكثر من طريق ووسيلة !! وتحتشد جيوش كاملة فی كلٍ من ليبيا حفتر، وتشاد كاكا، وافريقيا الوسطی، وجنوب السودان.
وما لم يقم الجيش بعمليات برِّية وجوية، وضربات إستباقية، وتقوم القوات المشتركة والمستنفرون بدورهم فی الإسناد، وملاحقة عملاء الداخل بالقانون الصارم، فسيكون وجود هذا الوطن فی مهب الريح،
هذا أو الذَوَبَان، من بعد الطوفان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العِزة والمِنعة لشعبنا المقاتل.
-الخِزی والعار لأعداٸنا، وللعملاء
-وما النصر إلَّا من عند الله.
-والله أكبر، ولا نامت أعين الجبناء.
محجوب فضل بدری
إنضم لقناة النيلين على واتساب