روح رمضان تتجسد في ساحة مسجد السيدة نفسية.. رمز الكرم والعطاء
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
في رحابها تشعر براحة نفسية وسعادة غامرة، بكل ليلة من ليالي رمضان يمتلئ الميدان بآلاف من المواطنين، أجواءً روحانية في ساحة السيدة نفيسة بمصر القديمة، وصلاة التراويح تجمع المصلين من كل بقاع مصر، وذكر الله يعلو في ساحتها والدعاء في ليالي رمضان بصوت شيخ مسجدها الدكتور علي الله الجمال.
أسس مسجد السيدة نفيسة في 1314 هجرية الموافق 1897 ميلادية، ويقع ضمن الطريق المشهور بطريق أهل البيت، وسط توسعات، وترميم وتجديد للمسجد في عام 2025 ما يعكس اهتمام القيادة السياسية بتطوير مساجد آل البيت حيث يشهد المسجد حركة إعمار كبيرة ومازالت أعمال التطوير والتحديث تجري لتطوير المسجد والميدان بشكل أكثر جمالًا لما تحمله تلك المنطقة من تجليات، وروحانيات لوجود مقام نفيسة العلوم بها، فهي رمز للكرم والعطاء.
بساحتها تجد كل أشكال التكافل، الموائد ممتدة وآلاف الأسر ينهلون من بركاتها في الشهر الكريم خاصة وطوال العام، وعلى منوالها يستمر العطاء في تلك البقعة المباركة فهي العفيفة الزاهدة، الساجدة الراكعة، نهلت من علوم بيت النبوة، هي واحدة من أعظم سيدات العلم في العالم الإسلامي، هي نفيسة المصريين لحب أهل مصر لها، أجمع أهل السير والتاريخ على وفاة السيدة نفيسة بالقاهرة، كما أجمعوا على أنها عندما توفيت وصل زوجها في ذلك اليوم وأراد حملها إلى المدينة لدفنها بالبقيع، فاجتمع أهل مصر إلى أمير البلاد، واستجاروا به ليرد زوجها عما أراد، وقد دفنت فعلاً بالقاهرة.
ولذلك كان المصريون يسمونها بنفيسة المصرية، هي حفيدة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه، وكانت تتعلم الفقه والحديث على يد كبار العلماء، مما أكسبها لقب نفيسة العلم، رحلتها كانت مليئة بالعلم والعبادة، وكانت قدوة في الاجتهاد والصيام والقيام.
كان الجميع يحبها ويأتي إليها لطلب العلم وطلب حل مشكلاتهم، لكن مع تزايد عدد الزوار، شعرت السيدة نفيسة أنها قد لا تستطيع متابعة عبادتها بنفس الوتيرة، فقررت العودة إلى المدينة، إلا أن وجودها في مصر كان جزءً من رؤية واضحة، إذ رأت في منامها الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لها: "ابقِ في مصر إنكِ ستموتين هنا".
وعلى إثر هذه الرؤية، قررت البقاء في مصر، لم تقتصر علاقتها بالعلم على زوارها فقط، بل كان الإمام الشافعي، أحد كبار علماء الإسلام، يزور قبرها، ويصلي في مسجدها خلال شهر رمضان، ويطلب دعاءها.
كما شرعت في حفر قبرها بنفسها، وختمت القرآن الكريم حوالي 190 مرة، حتى جاءت لحظة وفاتها في عام 208 هجريًا، وهي راضية عن حياتها التي كانت مليئة بالعطاء والعلم ودفنت السيدة نفيسة في القاهرة، في المكان الذي حفرته بنفسها، وبقيت خالدة في ذاكرة المصريين والعالم الإسلامي، انتقلت لربها يوم 26 من رمضان من العام 208هـ، وهو نفس اليوم الذي وصلت فيه إلى مصر عام 193هـ.
والسيدة نفيسة ولدت بمكة في 11 ربيع الأول سنة 145هـ، وتزوجت من إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي، ثم جاءت لمصر في عهد هارون الرشيد، وفي العريش استقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل، وصلت القاهرة يوم السبت 26 رمضان 193هـ، ونزلت بدار سيدة من المصريين تدعى أم هانئ، وكانت دارًا رحيبة، فأخذ يقبل عليها الناس يلتمسون منها العلم، توفيت وهي تقرأ قول الله تعالى: "لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"، ولما ماتت عزم زوجها على حملها إلى المدينة ليدفنها هناك، فسأله المصريون بقاءها عندهم، فدُفنت بذات المكان الذي به المسجد حاليًا.
وجمال شهر رمضان بكل تفاصيله يشعر بها من يزور مقامها رضي اللّه عنها، لينال فيضًا من التجلي ومنحة من الطاقة الإيجابية لسليلة بيت النبوة.
اقرأ أيضاًالطرق الصوفية تحتفل بالليلة الختامية لمولد السيدة نفيسة
نجوم الفن يغيبون عن جنازة الفنان محمد نصر بالسيدة نفيسة (صور)
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: شهر رمضان منطقة مصر القديمة شهر رمضان الكريم مسجد السيدة نفسية السیدة نفیسة بن الإمام
إقرأ أيضاً:
هل الفريضة في الست من شوال تحتسب بأجر 70 فريضة؟.. اغتنمها
يفتح سؤال هل الفريضة في الست من شوال تحتسب بأجر 70 فريضة ؟ أحد بوابات الأسرار، التي ينبغي معرفتها لكثرة النصوص الواردة في فضل الست من شوال ، بما يدل على أنه غنيمة لا يفوتها لبيب، وهو ما يجعل الوقوف على حقيقة هل الفريضة في الست من شوال تحتسب بأجر 70 فريضة ؟ له أهمية كبيرة، لعله ينبه أولئك الغافلين إلى فضل الست من شوال ويكون دافعًا لاغتنامها ومن ثم الفوز في الدنيا والآخرة .
ورد في مسألة هل الفريضة في الست من شوال تحتسب بأجر 70 فريضة ؟، أن هذا الكلام غير صحيح، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال في حديثه الشريف: « يا أيها الناس، إنه قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، فرض الله صيامه، وجعل قيام ليله تَطَوُّعًا، فمن تَطَوَّع فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزداد فيه رزقُ المؤمن، من فطر صائمًا، كان مغفرةً لذنوبه، وعتقَ رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن يُنتَقَصَ من أجره شيءٌ، قالوا: ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، قال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائمًا على مذقة لبن، أو تمرة، أو شربة ماء، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، ومن خفف عن مملوكه فيه، أعتقه الله من النار" (أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" 1887)، وبوب عليه: "باب فضائل شهر رمضان إن صح الخبر".
فضل الست من شوالالأجر العظيم: يدلّ ما ورد في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي قال فيه: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)، على عِظَم الأجر المُترتِّب على صيام ستّة أيّام من شهر شوّال، وفي ذلك زيادة من الخير، ويُشار إلى أنّ الله -سبحانه وتعالى- منحَ ذلك لكلّ مسلم بعد فراغه من صيام شهر رمضان المبارك.
جَبر النَّقْص في الفرائض: يضعف المسلم في بعض الأحيان في شهر رمضان أمام أهوائه وشهواته؛ فيسقط تارةً في نقص العبادة، ويسهو تارةً أخرى فيقترف ذَنباً يحول بينه وبين إتمام صيامه بالهيئة المطلوبة؛ ولذلك أكرم الله -سبحانه وتعالى- المسلم بنَيل الفرصة لصيام هذه الأيّام؛ وذلك لتعويض النَّقص الذي حصل في عباداته في شهر رمضان؛ فصيام هذه الأيام يماثل أداء صلاة النافلة التي تجبر النقص الحاصل في صلاة الفريضة، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ النَّاسُ بِه يومَ القيامةِ من أعمالِهمُ الصَّلاة قالَ يقولُ ربُّنا جلَّ وعزَّ لملائِكتِه وَهوَ أعلمُ انظروا في صلاةِ عبدي أتمَّها أم نقصَها فإن كانت تامَّةً كتبت لَه تامَّةً وإن كانَ انتقصَ منها شيئًا قالَ انظُروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فإن كانَ لَه تطوُّعٌ قالَ أتمُّوا لعبدي فريضتَه من تطوُّعِه ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ علَى ذاكُم).
دلالة على قبول الصيام: يُعَدّ صيام المسلم بعد انقضاء شهر رمضان دليلاً على قبول صيام شهر رمضان؛ فتوفيق المسلم إلى أداء الطاعة بعد طاعة علامة على قبولها من الله -سبحانه وتعالى-، ولا يُوفَّق إلى أداء هذه الطاعة إلّا من قُبِلت منه الطاعة الأولى، وفي المقابل فإنّ مَن يُتبِع طاعته بمعصية، فإنّ ذلك يُعَدّ دلالة على عدم قبول الطاعة التي سبقتها.
ويُعدّ صيام المسلم بعد انتهاء شهر رمضان من باب شُكر العبد لربّه -سبحانه وتعالى- على إعانته على صيام رمضان المبارك، ورغبته في الاستمرار في التقرُّب إليه، والإكثار من أداء الطاعات والقُربات؛ قال -سبحانه وتعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
فرصة للتقرُّب إلى الله: يُعَدّ صيام التطوُّع دليلاً على حُبّ العبد أداءَ الطاعات، ودليلاً على رغبته في مواصلة أدائها؛ إذ يُعَدّ صيام هذه الأيّام الستّة فرصةً للمسلم إن أراد الارتقاء بمنزلته عند الله -سبحانه وتعالى-، وقد جاء في الحديث القدسيّ الذي يرويه النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- عن الله -سبحانه وتعالى-، إذ قال: (وما تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبدي بِشيءٍ أحبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عليهِ، وما زالَ عَبدي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حتى أُحِبَّهُ، فإذا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يسمعُ بهِ، و بَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ بهِ، و يَدَهُ التي يَبْطِشُ بِها، و رِجْلَهُ التي يَمْشِي بِها، و إنْ سألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ).
حكم صيام ست من شوالقالت دار الإفتاء المصرية ، إن صيام ست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم سلفًا وخلفًا، ويبدأ بعد يوم العيد مباشرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ»، فإن صامها المسلم متتابعة من اليوم الثاني من شوال فقد أتى بالأفضل، وإن صامها مجتمعة أو متفرقة في شوال في غير هذه المدة كان آتيًا بأصل السنة ولا حرج عليه وله ثوابها.
وأوضحت “ الإفتاء ” في حكم صيام ست من شوال ، أنه ذهب إلى استحباب صيام الست من شوال : الشافعية وأحمد والظاهرية؛ ففي "المجموع" للنووي: [ويستحب صوم الست من شوال؛ لما رواه مسلم وأبو داود واللفظ لمسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ».
وتابعت: ويستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال، أي: بعد اليوم الأول منه -الذي يحرم فيه الصوم- فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز، وكان فاعلًا لأصل هذه السنة؛ لعموم الحديث وإطلاقه. وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال أحمد وداود] اهـ ملخصًا، وفي "المغني" لابن قدامة: [أن صوم الست من شوال مستحب عند كثير من أهل العلم، وبه قال الشافعي، واستدل أحمد بحديثي أبي أيوب وثوبان] اهـ ملخصًا.
وأضافت أن المختار عند الحنفية؛ كما في "الدر" وحواشيه: "أنه لا بأس به؛ لأن الكراهة إنما كانت لأنه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان فيكون تشبهًا بالنصارى، وذلك منتفٍ بالإفطار أول يوم شوال كما في التجنيس لصاحب "الهداية"، و"النوازل" لأبي الليث، و"الواقعات" للحسام الشهيد، و"المحيط" للبرهاني، و"الذخيرة".
وأشارت إلى أنه كان الحسن بن زياد لا يرى بأسًا بصومها ويقول: "كفى بيوم الفطر مفرقًا بينها وبين رمضان"، وكذلك عامة المتأخرين لم يروا بأسًا بصومها، واختلفوا هل الأفضل التفريق أو التتابع؟" اهـ من "الغاية"، وكرهه أبو يوسف، وقد علمت أن المختار خلافه عندنا.
وأفادت بأنه كره مالك صومها، وقال في "الموطأ" -كما نقله في "المجموع"-: [وصوم ستة أيام من شوال لم أَرَ أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغنا ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك] اهـ، وقد ضعفه النووي في "المجموع"، وابن قدامة في "المغني"، والشوكاني في "نيل الأوطار". ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.