أثارت التقارير والوثائق المسربة حول لجوء روسيا إلى حيلة جديدة في البحر المتوسط لإرسال أسلحة ومعدات عسكرية لقائد القيادة العامة بشرق ليبيا، اللواء المتقاعد خليفة حفتر بعض التساؤلات عن تداعيات الأمر وما إذا كان حفتر سيتعرض للمساءلة دوليا.

وكشف تحقيق استقصائي عن وثائق مسربة تشير إلى قيام روسيا باستخدام حيلة جديدة للهروب من العقوبات الدولية ضدها في البحر المتوسط عبر استغلال ما يسمى "أسطول الأشباح" الروسي لإرسال معدات عسكرية إلى حفتر، وأن سفينة الشحن "بارباروس"، التي ترفع العلم الكاميروني عبرت مضيق البوسفور التركي في طريقها إلى ميناء "طبرق" في شرق ليبيا.



في حين أظهرت وثائق مسربة من مهمة "إيريني" البحرية الأوروبية لجوء موسكو عبر حيلة "أسطول الأشباح"، وهو عبارة عن مئات السفن التجارية القديمة ذات ملكية غامضة، لتجنب الكشف أثناء شحنها معدات وأسلحة نارية إلى شرق ليبيا.



وكشفت الوثائق أن "الإنتربول أعد تقريرا عن سفينة بارباروس، كشف عن تلاعبها بنظام التعريف الآلي (AIS)، وهو الجهاز الذي ينقل معلومات عن موقع السفينة، في محاولة لإخفاء موقعها. كما كشف التقرير عن أن السفينة غيّرت اسمها ثلاث مرات، وسجلت نفسها تحت علم دولة أخرى عشر مرات على الأقل منذ عام 2013.

من جهته، كشف مركز "توموروز أفيرز" البريطاني أن "حفتر يقدم فرصة ووسيلة لتعطيل المصالح الغربية، واستغلال السياسة الليبية المتصدعة، وتوسيع نفوذ موسكو إلى أفريقيا، وأن دعم عمليات روسيا في أفريقيا يشكل سمة مهمة من سمات نقل الأسطول الروسي في البحر الأبيض المتوسطإلى ليبيا، وترسيخه في شرق ليبيا يعني تقصير طرق الإمداد للعمليات شبه العسكرية الروسية عبر أفريقيا.

وبحسب المركز إن النشر المحتمل لقوات روسية في شرق ليبيا من شأنه أن يتعارض مع المصالح التركية، وسوف يعتمد مدى قدرة موسكو على الاستفادة من دعم حليفها "حفتر"، من خلال نشر أسطولها المتوسطي في الجزء الذي يسيطر عليه من ليبيا إلى حد كبير على الجهات الفاعلة الأخرى في ليبيا"، وفق المركز البحثي.

ورأى الباحث الروسي بمركز الدراسات العربية الأوراسية، ديمتري بريدجيه أن "الكشف عن ما يسمى بأسطول الأشباح ومعروف أيضا بأسطول الظل الروسي في وثائق عملية إيريني يعكس طبيعة الاستراتيجية الروسية في إعادة تشكيل نفوذها الجيوسياسي خارج الأطر التقليدية التي كانت في السابق، خاصة في مناطق النزاعات التي تشهد فراغًا في التوازنات الدولية، كما هو الحال في ليبيا.

وقال في تصريحات لـ"عربي21" إن "هذه الاستراتيجية ليست مجرد تكتيك عسكري لنقل الأسلحة والمعدات إلى حلفائها في الشرق الليبي، بل تمثل امتدادًا لمنهج أوسع تتبعه موسكو في تجاوز العقوبات الغربية وتحييد أدوات الضغط الأميركية عبر استخدام أدوات غير نظامية، سواء من خلال الشركات العسكرية الخاصة أو الأساطيل التجارية التي تخفي الأثر المباشر للدعم الروسي"، وفق قوله.

وأضاف الباحث الروسي: "في السياق الليبي، تدرك موسكو أن البحر المتوسط يمثل ساحة صراع استراتيجي، حيث يتداخل النفوذ الروسي مع المصالح الأوروبية والأميركية، ومن هنا جاء خيارها بالاعتماد على عمليات لوجستية معقدة تعتمد على الإنكار المقبول، مما يتيح لها تعزيز حضورها في ليبيا دون مواجهة مباشرة مع القوى الغربية".

وتابع: "استخدام موانئ مثل طبرق ليس مجرد إجراء تكتيكي، بل هو استثمار في ترسيخ وجود دائم يمكن توظيفه مستقبلًا لتوسيع النفوذ في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل".

"تأثر حفتر ومساءلته"

وبسؤاله عن تداعيات هذه التسريبات على حفتر ومستقبله، قال بريدجيه إن "الكشف عن هذه العمليات يضع المشير خليفة حفتر وقواته تحت ضغط دولي متزايد، لكنه لا يشكل بحد ذاته دليلاً قاطعًا يكفي لإدانته قانونيًا، إذ إن أي إجراء قانوني يتطلب إثبات علمه المباشر وتورطه المنهجي في هذه العمليات"، وفق قوله.



لكنه استدرك قائلا: "غير أن تأثير هذه الوثائق يتجاوز البعد القانوني إلى الإطار السياسي، حيث ستستخدمها الأطراف المناوئة لروسيا في ليبيا كأداة ضغط لإضعاف موقع حفتر، كما أنها تمنح واشنطن والاتحاد الأوروبي مبررًا لتشديد المراقبة البحرية وتعزيز العقوبات المفروضة على الكيانات المرتبطة بموسكو، مما قد ينعكس بشكل غير مباشر على توازنات القوى داخل ليبيا"، كما صرح.

"تجسس ومنصة هجوم مؤقتة"

الباحث التونسي في العلاقات الدولية والملف الليبي، بشير الجويني قال من جانبه إن "استراتيجية روسيا في إيجاد موطىء قدم في المياه الدافئة أمر حيوي للعقيدة العسكرية الروسية لأسباب لوجستية وجيوسياسية ما يمكن تسجيله بعد التحولات في سوريا والتموضع في إفريقيا وهي رغبة روسية في موطئ قدم في ليبيا".

وأضاف في تصريحه لـ"عربي21": "وبعيدا عن شرعية ومشروعية ما يقوم به الدب الروسي فالسؤال الذي يطرح نفسه هل سيكون هذا الوجود مجرد محطة لوجستية لتموين وتوفير التجهيزات لعدد من الدول التي تتواجد فيها روسيا عسكريا في إفريقيا جنوب الصحراء أم هي منصات هجوم مؤقتة توجه فوهات بنادقها وتجهيزاتها التجسسية نحو شمال المتوسط مهددة قواعد الناتو والاتحاد الأوروبي؟، وحتى الإجابة عن التساؤل يبقى المجتمع الدولي وعجزه عن لجم سباق التسلح والتحالفات العسكرية في المنطقة"، حسب تقديراته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية روسيا المتوسط ليبيا حفتر ليبيا روسيا المتوسط حفتر المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة شرق لیبیا فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية

قال عبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الأسبق، إن القبلية والطائفية والجهوية والأمية والفقر، وغياب الخبرة السياسية والإدارية، أعاقت وجود النسيج الاجتماعي الأساسي المكون للدولة، وهو (الأمة) التي يربطها الحبل الوطني الجامع لكل المواطنين الذين يعيشون على أرضها في ليبيا ومصر وتونس والجزائر والمغرب.

أضاف في مقال بصحيفة الشرق الأوسط اللندنية، “في بعض الدول العربية الوليدة، بقي الموروث الاجتماعي، القديم الذي ساد فيزمن ما قبل الدولة المستقلة، فاعلاً بقوة وأعاق عملية تحقيق الهوية الوطنية الجامعة للكيان السياسي الجديد، وهي الأمة الواحدة” وفق تعبيره.

مقالات مشابهة

  • موسكو تتبنى الهجوم الروسي الدامي على سومي
  • الإعلام الروسي يؤكد.. السفير السوري في موسكو طلب اللجوء
  • تاس: السفير السوري في موسكو يطلب اللجوء إلى روسيا
  • روسيا تدخل على الخط.. وزير خارجية إيران إلى موسكو قبل جولة روما النووية
  • الأمن الروسي يعتقل عميلين جندتهما استخبارات كييف لتنفيذ أعمال إرهابية في روسيا
  • السفير الروسي في لندن: موسكو لا تشكل أي تهديد للمملكة المتحدة
  • بعد تحذير "الناتو".. هل تنشر روسيا أسلحة نووية في الفضاء؟
  • الناتو يحذر من خطط روسيا لنقل الأسلحة النووية للفضاء
  • أمين عام حلف الناتو يحذر: روسيا قد تتجه لنشر أسلحة روسية في الفضاء
  • شلقم: ليبيا من بين البلدان التي عانت غياب الخبرة السياسية