مصر تسجن المعارض هشام قاسم رهن المحاكمة بتهمتين
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
قال محامي الناشر والناشط السياسي البارز هشام قاسم إن السلطات المصرية نقلت موكله إلى السجن يوم الأربعاء رهن المحاكمة في تهمتي السب والقذف وإهانة ضباط وأمناء شرطة.
وقاسم المتحدث باسم التيار الحر، وهو جماعة ليبرالية تشكلت في يونيو/ حزيران لمعارضة حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي المتوقع أن يترشح لولاية ثالثة بحلول أوائل 2024.
وقالت جميلة إسماعيل، زميلته في التيار الحر، إن التيار ينوي تقديم أو دعم مرشح للانتخابات، وأن الحكومة تضغط على الأعضاء منذ تشكيله.
وتشير تقديرات جماعات حقوقية إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص سُجنوا بسبب المعارضة السياسية في عهد السيسي الذي تولى السلطة بعد أن قاد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عام 2013.
واعتقل قاسم بعد أيام قليلة من الإفراج عن الناشط أحمد دومة الذي أمضى عشر سنوات في السجن، كما خرج الباحث باتريك زكي والمحامي الحقوقي محمد الباقر من السجن بعفو رئاسي في يوليو تموز.
ورحبت وزارة الخارجية الأمريكية بالإفراج عن المعتقلين لكنها حثت مصر على إطلاق سراح "جميع السجناء السياسيين المحتجزين ظلما".
ولم يصدر تعليق بعد من النيابة العامة.
اقرأ أيضاً
تضامن واسع مع المعارض المصري هشام قاسم بعد رفضه دفع كفالة إخلاء سبيله
وقال ناصر أمين، محامي قاسم، لرويترز إن إحالة قضيته بسرعة إلى المحاكمة قبل البت في طلب الإفراج عنه بكفالة كان استثنائي القسوة بالنسبة للجريمة. ومن المقرر محاكمته في الثاني من سبتمبر أيلول.
وقالت جميلة إسماعيل لرويترز إن قاسم نقل إلى سجن العاشر من رمضان.
وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية "الناشر هشام قاسم ارتكب جريمة السب والقذف والاعتداء على عضو لجنة العفو وموظفين حكوميين أثناء تأدية عملهم، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية معه مثل أي قضية، وتم عرضه على النيابة المختصة للتحقيق معه في حضور محاميه، وكل الإجراءات التي اتخذت ضده قانونية".
وانتقد قاسم في الأشهر القليلة الماضية السيسي وحكومته الغارقة في أزمة اقتصادية منذ عام ونصف.
وقال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في يوليو/ تموز "التحول اللي (الذي) لازم يحصل مش بس عدم استمرار الرئيس السيسي في السلطة، بل إعادة هيكلة للاقتصاد المصري يجب أن تتم ولن تتم مع وجود حكم عسكري".
اقرأ أيضاً
هشام قاسم لـ"الخليج الجديد": لن يترشح السيسي للانتخابات ما لم تُحل أزمة الاقتصاد (فيديو)
وسعت الحكومة إلى معالجة قضايا الحرية وحقوق الإنسان في السنوات القليلة الماضية وتضمن هذا المسعى فتح حوار وطني مع قيادات من المجتمع المدني ومنح العفو لبعض السجناء البارزين.
ورفض منتقدون هذه الإجراءات ووصفوها بأنها تجميلية ويقولون إن الاعتقالات لم تتوقف.
وكانت قضية السب والقذف الأولية ضد قاسم رفعها يوم الأحد كمال أبو عيطة، الوزير السابق في الحكومة وعضو اللجنة المكلفة بالتوصية بالعفو الرئاسي.
ورفض قاسم في البداية الكفالة النقدية، قائلا في تدوينات على إكس، تويتر سابقا، وفيسبوك يوم الأحد إنه شعر أن القضية سياسية.
وقال في تغريدة على إكس "النيابة أفرجت عني بكفالة 5000 جنيه، طبعا ده بعدهم (لن أدفع)، أنا انضف من عبدالفتاح السيسي، وكل رجالته وأجهزته وقررت عدم سداد الكفالة والبقاء محبوس".
وقال أمين إن محامي قاسم تقدموا بطلب الكفالة بصيغ مختلفة، لكنهم فوجئوا بقضية ثانية مقامة ضده تتهمه بالإهانة اللفظية لموظفين عموميين أثناء احتجازه، وهو ما قالوا أنه ملفق، وكذلك بإحالة القضيتين إلى القضاء.
المصدر | رويترزالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر هشام قاسم سجناء الرأي التيار الحر هشام قاسم
إقرأ أيضاً:
الإسلام المعتدل في مرآة الكلام المعكوس- دراسة في إشكالات الجوهر والتأويل بنقد هشام آدم
تحليل فلسفي لكتاب "المسلمون الجدد: في نقد الإسلام المعتدل"
يطرح كتاب هشام آدم إشكاليات نقدية تتجاوز التحليل السطحي للإسلام المعتدل، ليغوص في قضايا جوهرية تتعلق بماهية الإصلاح الديني وحدود التأويل في الخطاب الإسلامي المعاصر. إلا أن تناوله لهذه القضايا يكشف عن إشكالات فلسفية عميقة تتطلب قراءة أكثر تمعّنًا.
أولاً- إشكالية المفهوم والتأسيس الفلسفي
يقع الكتاب في قلب النقاش الفلسفي حول "إمكانية الإصلاح الديني". هشام آدم يتبنى، ولو ضمنيًا، موقفًا جوهريًا (Essentialist) من الإسلام، معتبرًا أن هناك ماهية ثابتة للدين لا يمكن تجاوزها عبر محاولات التأويل أو التوفيق التي يطرحها دعاة الاعتدال الإسلامي. هذا الموقف يعيد إنتاج ثنائية جامدة بين الجوهر والعرض، بين النصوص والتأويل، دون تقديم مقاربة تتجاوز هذه الإشكالية.
ثانيًا- المنهج بين التفكيك وإعادة البناء
يعتمد الكاتب على المنهج التفكيكي المستوحى من دريدا، لكنه يقع في مفارقة منهجية:
من ناحية، يفكك خطاب الاعتدال الإسلامي بمهارة، كاشفًا عن تناقضاته الداخلية.
من ناحية أخرى، يعيد إنتاج قراءة جبرية للإسلام كنسق مغلق، مما يتعارض مع المنطلقات التفكيكية نفسها.
هذه المفارقة تشبه ما أسماه دريدا "العنف الميتافيزيقي"، حيث يصبح النقد نفسه شكلاً من أشكال العنف الرمزي الذي يمارس إقصاءً معرفيًا شبيهًا بما ينقده.
ثالثًا- الدين بين التاريخية والجوهرانية
يتأرجح الكتاب بين رؤيتين متناقضتين:
الرؤية التاريخانية (كما في مدرسة فرانكفورت) التي ترى الدين كنتاج متغير عبر الزمن.
الرؤية الجوهرانية التي تفترض وجود ماهيات ثابتة لا تتغير.
هذا التذبذب المنهجي يظهر في انتقائية النصوص المستخدمة، حيث يسعى الكاتب لإثبات وجود جوهر إسلامي ثابت، بينما يستخدم أدوات النقد التاريخي لنقض قراءات المعتدلين، مما يجعله حبيس الإطار الذي يسعى إلى تفكيكه.
رابعًا- إشكالية البديل
يثير الكتاب سؤالًا فلسفيًا عميقًا: ما البديل عن الإسلام المعتدل؟ هنا يقع الكاتب في مأزق "النفي الديالكتيكي" الهيغلي، حيث يهدم دون تقديم بديل واضح. هذا الغياب للبديل يعكس أزمة الفكر النقدي العربي في التعامل مع التراث الديني، إذ يبدو أن الكتاب يعيد إنتاج إشكاليات الفكر ما بعد الحداثي التي تهدم دون تقديم إطار معرفي جديد.
خامسًا- النقد الذاتي وإشكالية السلطة
يفتقد الكتاب إلى نقد ذاتي واضح. وبينما ينتقد الإسلام المعتدل، لا يتساءل عن موقع خطابه الخاص داخل بنية السلطة والمعرفة. ألا يمكن اعتبار نقده نفسه شكلاً من أشكال الخطاب السلطوي؟ هذه الإشكالية تتماشى مع ما طرحه فوكو حول علاقة الخطاب بالسلطة، حيث يصبح أي تفكيك جزءًا من شبكة القوى التي يحاول نقدها.
بين النقد والعبثية
يذكرنا الكتاب بمفارقة العبث عند كامو: إنه يقدم نقدًا قويًا لكنه لا يقدم أفقًا أو حلًا. هذا يجعله أقرب إلى "الفلسفة السلبية" التي تكتفي بالهدم دون البناء. ربما تكمن قيمة الكتاب الحقيقية في كونه يعكس أزمة الفكر الديني المعاصر أكثر مما يقدم حلولًا لها.
التقييم النقدي
الجرأة النقدية- مرتفعة، حيث يتناول الكاتب قضايا حساسة ويهاجم مفاهيم راسخة دون تردد.
العمق الفلسفي- محدود، إذ يعتمد على تفكيك النصوص الدينية دون تأسيس واضح على نظريات فلسفية متماسكة.
الاتساق المنهجي- ضعيف، نظرًا للتناقض بين استخدام المنهج التفكيكي وإعادة إنتاج خطاب جوهري مغلق.
تقديم البدائل- غائب تقريبًا، حيث يركز الكاتب على الهدم دون طرح رؤية بديلة واضحة.
يمثل الكتاب مساهمة جريئة في تفكيك مفهوم الإسلام المعتدل، لكنه يظل محكومًا بثنائية النقد والنفي دون تجاوزها إلى أفق معرفي جديد. إنه خطاب ينقد ذاته بقدر ما ينقد ما يستهدفه، مما يضعه في مأزق ما بعد الحداثة، حيث يصبح الهدم غاية بحد ذاته، لا وسيلة نحو بناء رؤية بديلة.
zuhair.osman@aol.com