ما أسباب اندلاع التصعيد الحدودي بين لبنان وسوريا؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
تضاربت الروايات حول خلفيات المواجهات التي شهدتها الحدود اللبنانية السورية في الأيام القليلة الماضية من تصعيد أمني خطير، حيث اندلعت مواجهات مسلحة بين الجيش السوري وحزب الله اللبناني، ثم تطورت لقصف متبادل بين الجيش السوري ونظيره اللبناني، ويرجع بعض المحللين السياسيين ما وقع إلى تعقيدات الملف الحدودي بين البلدين.
وكانت المواجهات قد تطورات إلى قصف متبادل بين الجانبين السوري واللبناني، حيث تعرضت قرى وبلدات لبنانية في المنطقة لنيران مصدرها الأراضي السورية، في حين استهدف الجيش اللبناني مناطق سورية بالمدفعية، قبل أن تعلن وزارة الدفاع السورية أمس الاثنين أنها اتفقت مع نظيرتها اللبنانية على "وقف إطلاق النار على الحدود وتعزيز التنسيق والتعاون".
الجيش يرد والرئاسة تحذروقد اتخذ الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون موقفا حازما، مؤكدًا أن "ما يجري على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية لا يمكن أن يستمر"، مشددًا على أن الجيش لن يسمح باستمرار الفوضى. وأضاف "أعطيت توجيهاتي للقوات بالردّ على مصادر النيران".
ومن جهتها، أصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني بيانا جاء فيه "بتاريخ 16 آذار (مارس) 2025، وبعد مقتل سوريين اثنين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية-السورية في محيط منطقة القصر – الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات لكنه ما لبث أن فارق الحياة".
إعلانوأضاف البيان "على إثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل 16-17 آذار حتى ساعات الصباح الأولى حيث تم تسليم الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري".
كما أوضح الجيش أن "القرى والبلدات اللبنانية تعرضت للقصف من جهة الأراضي السورية، فردّت الوحدات العسكرية على مصادر النيران بالأسلحة المناسبة، وعمدت إلى تعزيز انتشارها لضبط الوضع الأمني"، مؤكدا أن الاتصالات بين قيادة الجيش والسلطات السورية مستمرة لضبط الأمن والحفاظ على الاستقرار في المنطقة الحدودية.
في سياق متصل، نقل وزير الإعلام اللبناني بول مرقص أمس الاثنين عن وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى تأكيده أن القتلى الثلاثة لم يكونوا من عناصر الجيش السوري بل كانوا مهربين، وأضاف الوزير منسى "أعطيت التعليمات اللازمة في التشدد بضبط الحدود، وتم تشكيل لجنة وزارية لضبط ومراقبة الحدود ومكافحة التهريب، ورفع التقارير إلى مجلس الوزراء".
تعقيدات الحدوديرى المحلل السياسي اللبناني توفيق شومان أن ما يجري على الحدود اللبنانية-السورية يعود إلى تعقيدات تاريخية وراهنة، تتوزع بين عوامل جغرافية واجتماعية من جهة، وأخرى سياسية وأمنية من جهة أخرى.
وأرجع شومان، في تصريح للجزيرة نت، السبب الأبرز لما جرى من اشتباكات حدودية إلى تراكمات تاريخية، من بينها عدم ترسيم الحدود بين البلدين.
كما لفت شومان إلى أن البلدات والقرى التي شهدت الأحداث الأخيرة هي أراضٍ تعود ملكيتها لمواطنين لبنانيين لكنها تقع ضمن الأراضي السورية.
وأوضح شومان أن تكرار الصدامات في أكثر من منطقة يثير القلق في بيروت، حيث تتصاعد المخاوف من ارتباط هذه الاشتباكات المتكررة بمطالب سورية تتجاوز ملف الحدود، لتشمل أيضا مسألة الودائع المالية السورية في المصارف اللبنانية، وهو موضوع أشار إليه الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، كما تطرق إليه سابقا الرئيس المخلوع بشار الأسد.
إعلان الاتهامات لحزب اللهوفي ما يتعلق بدور حزب الله، أشار شومان إلى أن اتهامه بالضلوع في الأحداث الأخيرة لا يستند إلى أدلة واضحة، تماما كما هو الحال مع الاتهامات التي طالت الحزب بشأن المواجهات التي شهدها الساحل السوري مؤخرا بأنه يقف وراءها.
واعتبر المحلل السياسي أن هذه الاتهامات لحزب الله لا تقوم على قرائن موضوعية، كما أنها لا تتوافق مع توجهات الحزب وأولوياته خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان.
أما بشأن توجهات الحزب، فيرى شومان أن الحزب يركز على مشروع إعادة الإعمار وبناء الدولة اللبنانية، في حين أن موقفه من التطورات في سوريا يقتصر على المتابعة دون اتخاذ موقف سلبي أو إيجابي.
وأضاف المحلل السياسي أن الحزب لا يضع الانخراط مجددا في الشأن السوري على جدول أعماله، لكنه لفت إلى أن تكرار الاتهامات الموجهة إليه، سواء في أحداث الساحل السوري أو في الصدامات الحدودية، قد يرتبط بعدم جهوزية بعض الأطراف في الحكم السوري الجديد لطيّ صفحة الماضي والانطلاق نحو بناء علاقات واضحة ومستقرة مع الحزب والدولة اللبنانية عموما.
الرواية السوريةبدأت أحداث التوتر بالقرب من قرية "حوش السيد علي" السورية التي يسيطر عليها حزب الله منذ بداية سنوات الثورة السورية والتي جعل منها الحزب نقاط تجمع وعبور لعناصره المقاتلين والذين كانوا داعمين لبشار الأسد، بالإضافة لجعل هذه المنطقة معبرا لتهريب السلاح والمخدرات من سوريا إلى لبنان في عهد نظام الأسد لتصديرها إلى دول العالم.
وقال مصدر عسكري في وزارة الدفاع السورية للجزيرة نت إن عناصر من حرس الحدود السوري التابعين للفرقة 52 أثناء تأديتهم مهام عملهم في بالقرب من قرية حوش السيد علي، والتي يسيطر عليها حزب الله تعرضوا للخطف من قبل مجموعة كبيرة من عناصر الحزب بقوة السلاح وجرى إدخالهم إلى الأراضي اللبنانية.
إعلانوأضاف المصدر نفسه أنه بعد تنفيذ عملية الخطف بحق عناصر وزارة الدفاع "قام عناصر حزب الله بتعذيبهم بشكل فظيع لا يمكن تقبله بأي شكل من الأشكال ومن ثم قتلهم بطريقة بشعة رميا بالحجارة، وتصوير ذلك ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي".
ولفت المصدر نفسه إلى أنه بعد نشر مقاطع الفيديو للجنود، تدخل الجيش اللبناني واستلم جثثهم من حزب الله وتم تسليمهم للصليب الأحمر اللبناني الذي بدوره سلمهم للهلال الأحمر السوري.
بعد ذلك استنفرت قوات الفرقة 52 في وزارة الدفاع السورية وحشدت على المنطقة الحدودية وخاضت اشتباكات عنيفة مع قوات حزب الله اللبناني استطاعت من خلالها طرد قوات الحزب من قرية "حوش السيد علي" وبسط السيطرة عليها وقامت بتمشيط المنطقة المحيطة والتي تعتبر منطقة تجمع لعناصر حزب الله وفلول نظام بشار الأسد.
مصدر عسكري سوري للجزيرة نت: خاضت قوات وزارة الدفاع السورية اشتباكات عنيفة مع حزب الله اللبناني استطاعت من خلالها طرد الحزب من قرية "حوش السيد علي" وبسط السيطرة عليها وقامت بتمشيط المنطقة المحيطة والتي تعتبر منطقة تجمع لعناصر حزب الله وفلول نظام الأسد
ليسوا مهربينويقول الراصد العسكري السوري أحمد خطاب -والذي يعمل برصد التحركات العسكرية البرية والجوية- للجزيرة نت إن العناصر التي قتلت على يد حزب الله من العسكريين، وكانوا يرتدون اللباس العسكري وهم تابعون لحرس الحدود السوري، نافيا رواية تقول إنهم كان من المهربين.
وأضاف خطاب أن حزب الله استخدم كل أنواع الأسلحة الثقيلة بينها صواريخ مضادة للدروع من نوع "كورنيت" و"كونغرس"، بالإضافة لاستخدام الطائرات المسيّرة الانتحارية خلال المعركة التي خاضتها معها وزارة الدفاع السورية، والتي نتج عنها مقتل عدد كبير من قوات حزب الله واستعادة السيطرة على قرية حوش السيد علي.
ويقول الراصد العسكري إن "حزب الله عمد مع انطلاق الثورة السورية إلى تعزيز استيطان الشيعة في هذه المنطقة لتبقى تحت سيطرتهم، لأنها تعد أكبر منطقة تهريب للسلاح والمخدرات بين سوريا ولبنان، وتعرف باسم وادي خالد والجوسية".
وتسعى الإدارة السورية الجديدة إلى ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وتعزيز قبضتها على الحدود مع دول الجوار ومنها لبنان، بما يشمل "ملاحقة مهربي المخدرات وفلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذين يثيرون قلاقل أمنية".
إعلانوتتسم الحدود اللبنانية السورية بتداخلها الجغرافي، إذ تتكون من جبال وأودية وسهول دون علامات أو إشارات تدل على الحد الفاصل بين البلدين، اللذين يرتبطان بـ6 معابر حدودية برية على طول نحو 375 كيلومترا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الحدود اللبنانیة السوریة وزارة الدفاع السوریة حوش السید علی بین البلدین على الحدود للجزیرة نت حزب الله من قریة إلى أن
إقرأ أيضاً:
خلاف القوات مع الرئيس حول سلاح الحزب
كتب كمال دبيان في" الديار": يستعجل حزب "القوات اللبنانية" نزع او تسليم حزب الله لسلاحه، خلال مهلة قريبة جداً لا تتعدى الاشهر الثلاثة او الستة، فيتلاقى مع المطلب الاميركي بان تقوم الحكومة اللبنانية بالمهمة، وهذا ما نقلته نائبة الموفد الرئاسي الاميركي الى الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس الى المسؤولين اللبنانيين في زيارتيها الى لبنان، وان كانت تفهمت الى حد ما الوضع الداخلي اللبناني وتركيبته الطائفية والسياسية. بدأ يظهر تباعد بين "القوات" ورئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يدعو الى حوار حول سلاح حزب الله واي سلاح آخر، من ضمن ما اعلنه في خطاب القسم عن استراتيجية الامن الوطني ، التي تدخل فيها خطة دفاعية عن لبنان، وهذا ما لم يرق "القوات " التي اعلنت عبر رئيسها وقياداتها، ان المطلوب هو عقد جلسة للحكومة او مجلس الدفاع الاعلى، لاتخاذ قرار بتحديد مهلة زمنية لحزب الله لتسليم سلاحه، او اللجوء الى القوة لنزعه، واذا لم يتمكن الجيش اللبناني من تنفيذ هذه المهمة، فان الجيش "الاسرائيلي" يقوم بذلك.وكان النائب غسان حاصباني صريحاً وواضحاً، عندما قال بان العدو الاسرائيلي جاهز لتدمير سلاح حزب الله في شمال الليطاني، ودعا جعجع حزب الله الى عدم التذاكي حول السلاح في جنوب الليطاني او شماله، كما انه دعا الحكومة الى الخروج من تضييع الوقت، واتخاذ قرار نزع سلاح حزب الله او تسليمه. هذا الكلام لم يلاق تجاوباً من رئيس الجمهورية ومن رئيس الحكومة نواف سلام ووزراء في الحكومة، فاعلن وزير الثقافة غسان سلامة ان موضوع سلاح حزب الله يجب ان يمر بمراحل قبل تسليمه، منها الحوار حول استراتيجية وطنية للدفاع واعادة الاعمار، مما دفع بالنائب جورج عدوان الى التنديد بموقفه، والسؤال اذا كان سلامة يعبر عن الحكومة، لان "القوات اللبنانية" تتجه الى طرح الثقة به في مجلس النواب، وهذا ما قد يفجر الحكومة من داخلها، ولم تمض ثلاثة اشهر على تشكيلها.
وتحدثت معلومات سياسية عن ان "القوات" قد تنسحب من الحكومة ويستقيل وزراؤها، اذا لم يتخذ قرار بازالة سلاح حزب الله.
"القوات اللبنانية" تمارس الضغط نفسه الذي تمارسه الادارة الاميركية على المسؤولين اللبنانيين، وسبق لاورتاغوس ان حددت ثلاثة اشهر ليكون لبنان اجتث مرض السرطان كما وصفت حزب الله، الذي لم يعلن اي مسؤول فيه موقفاً سلبياً واكد انه يقف وراء الدولة. ولا يمانع ان يكون السلاح بيد الجيش، لكن ذلك يجب ان يترافق مع خطة دفاعية.
وتكشف مصادر في محور المقاومة ان حزب الله على تواصل مع رئيس الجمهورية، الذي يثني على تجاوب الحزب بالالتزام بوقف اطلاق النار، وتسليم سلاحه الى الجيش في جنوب الليطاني، وحصل تقدم واسع في انتشاره وبسط سيطرته.
الضغوط التي تمارسها "القوات" على مؤسسات الدولة بشأن سلاح حزب الله، لن تعطي نتيجة امام طرح رئيس الجمهورية للحوار، لان "القوات" ستنقل لبنان الى الانفجار اذا خضع المسؤولون فيه للضغط الاميركي، الذي تلاقيه "القوات" في الداخل اللبناني، معتبرة ان فريقاً انهزم وهو "محور المقاومة"، وانتصر من يدعو الى نزع السلاح وابقائه في يد الدولة، التي عليها ان تمتلك قرار الحرب والسلم. وهذا ما تتخوف منه مصادر حزبية حليفة لحزب الله من ان يكون لبنان امام مرحلة خطرة جداً، اذا لم يتم الحوار حول آلية الدفاع عن لبنان، في ظل اطماع العدو "الاسرائيلي" بأرضه ومياهه من ضمن مشروعه "اسرائيل الكبرى".
وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وصف أيّ حوار حول تسليم سلاح حزب الله بأنه «مضيعة للوقت»، غامزاً من قناة رئيس الجمهورية جوزيف عون، ومشيراً إلى أن الأخير «طرح حواراً مع الحزب تحديداً لتسليم سلاحه».
وفي حديث الى Mtv امس قال ان «الجيش هو من يضع استراتيجية الأمن الوطني، ويطرحها على مجلس الوزراء حيث تُناقش ويُصوّت عليها هناك، وليس على طاولة حوار». وقال: «عندما نسمع عن حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، فهذا يعني على الدنيا السلام».
مواضيع ذات صلة أورتاغوس جددت "نصائح صديق": لا جدول زمنياً لنزع سلاح "الحزب" Lebanon 24 أورتاغوس جددت "نصائح صديق": لا جدول زمنياً لنزع سلاح "الحزب"