عمر الأميري.. شاعر الإنسانية المؤمنة
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
ولد الشاعر الأميري في حلب الشهباء بسوريا عام 1914، ونظم ديوانه الشعري الأول وهو ابن 9 سنين وأحرقه وهو ابن 12 سنة، ورغم أن الناس لم تقرأ الديوان، فإنه يعد دليلا على موهبة ابن حلب.
تحلى الشاعر بصفات ظهرت في شعره، منها الإباء والشمم وحب الجمال والذوق الرفيع والبر والوفاء، وغيرته على دينه وأمته.
أطلق عليه قنصل ألمانيا في حلب اسم "شاعر الإنسانية المؤمنة"، حيث كتب له إهداء جاء فيه "إلى الإنسان المؤمن الذي استطاع أن يعبر في هذا الزمن المادي عن مشاعر الإنسانية المؤمنة بأسلوب غير محلي وبطريقة إنسانية عامة".
وتفرد الشاعر الأميري بتقديمه النثري لكثير من قصائده، ويقول الدكتور جابر قميحة "إذا أصر دعاة قصيدة النثر على ادعائهم، فإن مقدمات عمر بهاء الدين لقصائده هي المثال الحي لقصيدة النثر".
ويقول ابنه أحمد البراء في مقدمة كتابه "الأميريات" الذي جمع فيه روائع شعر والده "كنت أقول لوالدي رحمه الله، لا تنشر كل ما تنظم من الشعر بل انتخب أجوده، ولك في بعض عمالقة الشعراء أسوة. فيجيب: أحب أن يعرفني الناس كما أنا ولا أحب أن أزوّر لهم نفسي".
وبقي الشاعر الأميري مجاهدا بقلمه حتى أتاه اليقين في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض ونقل إلى المدينة المنورة وفيها دفن بالبقيع.
إعلانترك بعد رحيله عشرات الدواوين من أشهرها، " مع الله" و"ألوان طيف".
ومن أشعار بهاء الدين الأميري:
يا قلب هل خلت الأكوان من طرب.. أم هل عقدت مع الأحزان ميثاقا
يرنو طموحي إلى مجد، تناوُلُه.. صعب على غير أمر الله إطلاقا
ويستثير هوى نفسي الجمال وقد.. خلقت للحسن أنّى كان ذواقا
ومن تأجج في أعراقه دمه.. يظل في لهب الآمال تواقا
نفسي تثور على نفسي وتسألني.. هدى يفوق سجايا الناس أخلاقا
ألا تجليتَ يا ربي عليّ بما.. يزيل همي ويحبو الروح إشراقا!
18/3/2025المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
شافع عبد الهادي.. مسيرة شاعر وسياسي من جبل النارفي فلسطين
في العقدين الأوَّلَين من الاستعمار البريطاني اشتعلت الثورات في فلسطين، وشهدت البلاد نهضة سياسية ونضالية وأدبية هائلة. فشهدت الثورات الكبرى، مثل ثورة البراق وثورة القسام والثورة العربية الكبرى.. وفي السياسة شهدت المؤتمرات الفلسطينية والعربية والإسلامية وتشكُّل الهيئات والأحزاب والمؤسسات الفلسطينية الفاعلة. وفي الأدب، شهدت النهضة الأدبية والشعرية التي قادها إبراهيم طوقان وعبد الرحيم محمود ومَن حولهما، نهضة لا تخلو من الفاعل السياسي المتمثل برفض الاستعمار والوجود الصهيوني في فلسطين.
بين هذه الثورات والمؤتمرات والنهضة الشعرية، تحرّك شاعرنا المثقّف والمَلاّك والوجيه شافع عبد الهادي، سليل العائلة النابلسية السياسية التي برز منها عوني عبد الهادي وغيره في زعامة نابلس.
ترجمته
ولد الشاعر المناضل شافع عبد الهادي في مدينة نابلس (جبال النار) عام 1873. وتلقى علومه الأولية في مدينته، فدرس القرآن الكريم وحفظ أجزاء منه، وتلقى علوم الفقه واللغة العربية والحساب، كما أتقن اللغة التركية.
طوّر ذائقته الأدبية من خلال حضوره الندوات والحلقات التي كانت تعقد في ديوان أسرته لمدارسة العلم وتداول الأدب. وقد شهدت المدينة لاحقاً بروز شعراء النهضة.
شغل وظيفة حكومية بسيطة وهو في العشرين من عمره، وحين اشتدّ العمل الوطني الفلسطيني ضد الحكم التركي (الاتحاد والترقّي) عند اندلاع الثورة العربية (1916)، كان شافع أحد قادتها فاعتُقل شاعرنا، ونفته السلطة التركية في الشام إلى بلدة "قركيسيا" في الأناضول بسبب مواقفه السياسية، وظل منفياً لمدة عام. واستطاع العودة إلى نابلس في نهاية الحرب العالمية الأولى، وعمل مديراً لإدارة حصر الدخان، ثم عُيّن مديراً لإدارة الأوقاف في نابلس، حتى رحيله عام 1950 عن عمر يناهز 77 عاماً.
شارك في التنظيمات السياسية السرية المناوئة للسلطة التركية، وذهب إلى سورية ولبنان لهذا الغرض. وتابع نضاله في عهد الاستعمار، وشارك في عدو مؤتمرات، منها:
ـ المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث في حيفا (13-19 كانون الأول 1920). عن نابلس.
ـ المؤتمر العربي الفلسطيني الرابع في القدس (29 أيار 4 حزيران 1921). عن نابلس.
ـ المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس في نابلس (20 آب 1922).
ـ المؤتمر العربي الفلسطيني السادس في يافا (16 حزيران 1923). ممثلاً جنين.
ـ كان من ضمن 126 عضواً فلسطينياً في المؤتمر القومي العربي - مؤتمر بلودان الأول سنة 1937. وشارك بصفته ملاّكاً ووجيهاً.
الإنتاج الشعري:
بالإضافة إلى تضلّع شافع بالعلوم الدينية والعربية، فإنه كان من الشعراء البارعين، له قريض في أكثر الأغراض الشعرية، واشتهر بمطارحاته مع الشاعر عبد الحميد الرافعي.
له قصائد قليلة مبثوثة في عدد من الكتب الأدبية، وكان ينشر قصائده في الصحف الفلسطينية، والقصائد المتاحة فيها رقة وسماحة، ولغتها يسيرة وتحمل طابع المداعبة.
كما في قصيدة عاشق الرمان:
يا عاشق الرمَّان يا شيخَ الغرام ولا العهودْ
أحسنتَ فيما قد وصفــتَ، ومثل جودك مَن يجود
شبَّهْتَه في زهره مثلَ الورود على الخدود
وثماره في دوحها شبْه النهود على القدود
والحبّ منها ينجلي أبداً كمَرجان العقود
ماذا تركت لواصفٍ وصفًا به يوماً يجود
فعلى هواه قد انطوى مني الفؤادُ ولن يعود
وهنا ردّ عليه الرافعي بقوله:
جمال الغنيات هو الجمالُ
وسحر دلالها سحرٌ حلالُ
إذا خضّبتَ بالحِنّا بناناً
لطيفاً لا يُرام له مثالُ
نشبّهه بعنابٍ وهذا
إلى العنّاب فخرٌ لا يُطالُ
وقد كان شاعرنا يهوى ركوب الخيل والتجوّل في وديان نابلس مع صديقه الأديب أنور عمرو عرفات رحمهما الله، فكتب عن الخيول:
أصائل الخيول
إن الخيول بأسرها .. من أي شكلٍ زاهره
ولكل جنسٍ مدحةٌ.. لا تنتهي للآخره
فإذا اعتلاها فارسٌ .. أدركْنَ فيه مآثره
وإن اعتلاها جاهلٌ .. مزَّقْنَ منه مرائره
فالحمرُ منها كالعَرو.. سِ إذا بدت متفاخره
والزُّرقُ خُصَّت للأميـ.. ـرِ بها يُروِّح خاطره
والدُّهم يُخْبِئها الفوا .. رسُ لليالي الجائره
والشُّقُر في يوم الوغى .. مثل الطيور الطائره
فهي الأميرة في السِّبا .. قِ على الخيول الغائره
*كاتب وشاعر فلسطيني