البوابة نيوز:
2025-03-18@16:30:30 GMT

تحليل المشهد الإسرائيلي

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

   يمضي بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي، في نهج دموي لا يتوقف، مستندا إلى سياسة قائمة على القوة العسكرية المطلقة، دون اكتراث بالقوانين الدولية أو الأعراف الإنسانية، ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد حملة عسكرية تستهدف "حماس"، كما يروج في الخطاب الإسرائيلي الرسمي، بل هو محاولة ممنهجةٌ لإخضاع الفلسطينيين عبر القصف المكثف والحصار الخانق، في سياق استراتيجية تقوم على فرض سياسة الأرض المحروقة، وخلق واقع جديد لا يترك مجالًا للمقاومة أو حتى للحياة الكريمة.

  التصعيد في قطاع غزة ليس مجرد خطوة عسكرية عابرة، بل هو انعكاس لأزمة عميقة في السياسة الإسرائيلية، حيث يجد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه أمام مأزق داخلي معقد، لم يعد بإمكانه الهروب منه إلا عبر إشعال مزيد من المواجهات، فمنذ توليه الحكم، اعتمد نتنياهو على تصدير الأزمات الداخلية إلى الخارج، مستخدمًا التصعيد الأمني كأداة سياسية للهروب من إخفاقاته، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو حتى القانوني، حيث لا يزال يواجه اتهامات بالفساد تهدد مستقبله السياسي. ومع تزايد الغضب الشعبي داخل إسرائيل بسبب التدهور الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة، لم يجد سوى اللجوء إلى الخيار العسكري لتوحيد الجبهة الداخلية حوله، رغم إدراكه أن ذلك لن يكون حلًا مستدامًا.

   من الناحية الاقتصادية، تواجه إسرائيل واحدة من أسوأ أزماتها منذ عقود، حيث انخفض معدل النمو إلى 1% فقط في 2024، في حين ارتفع العجز المالي إلى 6.9% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب الإنفاق العسكري الهائل، الذي تجاوز 125 مليار شيكل (34.09 مليار دولار)، مما زاد من الأعباء على الاقتصاد. في الوقت ذاته، قفزت نسبة الدين العام إلى 69% بعد أن كانت 61.3% في 2023، وهو مؤشر على هشاشة الوضع المالي في ظل استمرار التصعيد، هذه الأرقام تعكس صورة قاتمة للوضع الاقتصادي، حيث فقدت إسرائيل قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية، التي تراجعت بنسبة 60% بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني، فيما زادت معدلات البطالة، خاصة بين المُهجّرين، إلى 20% نتيجة الاضطرابات الأمنية المتواصلة.

  على المستوى التاريخي، لطالما استخدمت الحكومات الإسرائيلية التصعيد في غزة كأداة لإعادة ترتيب الأولويات الداخلية، لكن هذه الاستراتيجية لم تؤدِ يومًا إلى تحقيق نتائج مستدامة، فمنذ عملية "الرصاص المصبوب" (2008-2009) وحتى "حارس الأسوار" (2021)، كانت النتيجة دائمًا واحدة: تصعيد مؤقت يعقبه هدوء هش، بينما يظل الواقع على الأرض على حاله.

إن العنف الإسرائيلي ليس وليد اللحظة، بل هو جزء أصيل من العقيدة الأمنية للدولة العبرية، التي تأسست على القوة والاحتلال وفرض الأمر الواقع، إسرائيل لم تكن يومًا دولة تبحث عن السلام، بل كيان يستمد وجوده من الصراعات، ويعتمد على التفوق العسكري لضمان استمراره، فيما تتحول أي محاولةٍ فلسطينية للمطالبة بالحقوق إلى ذريعةٍ لحروبٍ جديدة، هذه الاستراتيجية ليست خيارا عابرا، بل هي ركيزة ثابتة في الفكر الصهيوني، حيث يرى قادته أن أي توقف عن استخدام القوة قد يؤدي إلى انكشاف الطبيعة الحقيقية لهذا الكيان، باعتباره دولة قائمة على الاحتلال والاستيطان، وليست كيانا طبيعيا ضمن المنظومة الدولية.

لا يقتصر النهج الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، بل يمتد ليشمل سياسةً خارجية قائمة على التدخل، والتخريب، وإثارة الأزمات الإقليمية، فمنذ نشأتها، اعتمدت إسرائيل على توسيع نفوذها عبر إضعاف الدول المحيطة، سواء من خلال الحروب المباشرة، أو عبر تغذية الصراعات الداخلية، أو حتى عبر توظيف الدبلوماسية والأدوات الاستخباراتية لخلق بيئةٍ إقليمية مضطربة تخدم مصالحها.

  العداء الذي تصدره إسرائيل ليس موجهًا للعالم العربي فحسب، بل يتعداه إلى سياسات تقوم على التمدد في إفريقيا، وتعزيز النفوذ في مناطق النفط والغاز، ونسج تحالفاتٍ مع القوى الدولية لضمان دور في إعادة تشكيل النظام العالمي، في المقابل، تضمن تل أبيب لنفسها حصانة دائمة من أي مساءلة قانونية، مستفيدة من نفوذها المتزايد في المؤسسات الدولية، ومن علاقتها الاستراتيجية بالولايات المتحدة، التي تحولت إلى راع رئيسي للمشروع الصهيوني.

  الدعم الأمريكي لإسرائيل ليس مجرد سياسة خارجية عادية، بل هو التزام استراتيجي يتجاوز كل الاعتبارات الأخلاقية والسياسية، واشنطن، التي تتشدق دوما بمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، تنحاز بشكلٍ أعمى إلى تل أبيب، وتجهض أي مشروع أممي يسعى إلى محاسبتها أو حتى تقييد عدوانها، هذا الانحياز ليس نابعا فقط من المصالح السياسية، بل هو جزءٌ من عقيدة سياسية واقتصادية متجذرة، تجعل من إسرائيل شريكًا لا يمكن التخلي عنه.

 ولكن، هل تمتلك إسرائيل الاقتصاد الأمريكي؟ الحقيقة أن النفوذ الإسرائيلي في مراكز صنع القرار الأمريكية لا يقتصر على الدعم السياسي، بل يمتد ليشمل الاقتصاد والإعلام والتكنولوجيا، حيث تمارس الجماعات المؤيدة لإسرائيل تأثيرا هائلًا على الكونجرس، وتتحكم في توجهات كبرى الشركات الأمريكية، مما يجعل أي محاولة لإعادة النظر في العلاقة بين البلدين أمرا بالغ الصعوبة، اللوبيات الصهيونية لا تكتفي بدعم إسرائيل، بل تفرض أجندتها على السياسة الخارجية الأمريكية، بحيث تتحول واشنطن إلى أداةٍ في خدمة المشروع الإسرائيلي، دون أي حسابٍ لتداعيات هذا الدعم غير المشروط على الاستقرار العالمي.

 إن استمرار إسرائيل في سياساتها العدوانية، واستغلالها للدعم الأمريكي المطلق، لا يعني أن هذا الوضع سيظل قائما إلى الأبد، فالتاريخ يخبرنا أن الاحتلال، مهما بلغت قوته، لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، إسرائيل قد تمتلك التفوق العسكري، لكنها لا تستطيع أن تفرض شرعيةً زائفةً على شعبٍ يرفض الخضوع، ولا يمكنها أن تضمن بقاءها في بيئةٍ ترفض وجودها. أما الولايات المتحدة، فرغم قوتها الاقتصادية والسياسية، فإن دعمها المطلق لإسرائيل يمثل عبئًا أخلاقيًا واستراتيجيًا قد يؤدي على المدى البعيد إلى تآكل مكانتها الدولية.

    إسرائيل كيان قائم على الخوف، سلاحها الحقيقي ليس الطائرات ولا الدبابات، بل ترهيب الآخرين واستعراض القوة لإخفاء هشاشتها الداخلية، تظن أن القصف والحصار والاستيطان أدوات تضمن بقاءها، لكنها في الحقيقة تعيش في قلق دائم، مدركة أنها محاطةٌ بشعوب لا تعترف بها، وبأرض لم تكن يومًا ملكها، إنها دولة تخشى المستقبل، لأنها تعلم أن الزمن لا يسير في صالح المحتلين، وأن الشعوب التي تقهر قد تنحني مؤقتا، لكنها لا تستسلم أبدًا.

  المشهد الحالي، بكل تعقيداته، لا يغير من حقيقة واحدة، وهي أن الاحتلال لا يدوم، وأن الشعوب التي تدافع عن حقها في الوجود لا يمكن أن تهزم، مهما بلغ حجم المؤامرات أو حجم القوة التي تستخدم لإخضاعها.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المشهد الإسرائيلى بنيامين نتنياهو حماس غزة أو حتى

إقرأ أيضاً:

تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة

بعد مرور 85 يوما على اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة في 17 يناير/كانون الثاني 2025، نعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عددا من قادة العمل الحكومي في القطاع، إثر استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في 18 مارس/آذار 2025، وهم رئيس متابعة العمل الحكومي عصام الدعليس، ووكيل وزارة العدل في قطاع غزة المستشار أحمد الحتة، ووكيل وزارة الداخلية اللواء محمود أبو وطفة، والمدير العام لجهاز الأمن الداخلي اللواء بهجت أبو سلطان.

واستأنفت إسرائيل حربها على أنحاء عدة من قطاع غزة بعملية عسكرية سمتها "العزة والسيف" مدعيا أنها تستهدف حركة حماس، وتسبب باستشهاد 356 غزيا فضلا عن مئات الجرحى، فيما حملت حركة حماس رئيس الوزراء اللإسرائيلي بنيامين نتنياهو المسؤولية كاملة عن تداعيات العدوان على غزة.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن القوات الجوية شنّت موجة من الهجمات في جميع أنحاء قطاع غزة، وقالت إن نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس أصدرا تعليمات للجيش الإسرائيلي بالتحرك بقوة ضد حركة حماس في غزة.

كما نقل موقع أكسيوس الأميركي عن مكتب نتنياهو تأكيده أن إسرائيل استأنفت عملياتها العسكرية في غزة "بعد رفض حماس مرة تلو الأخرى إعادة مخطوفينا ورفض عروض الوسطاء".

عصام الدعليس رئيس لجنة متابعة العمل الحكومي بقطاع غزة (الفرنسية) عصام الدعليس

ولد عصام الدعليس عام 1966 في مخيم جباليا الواقع شمال شرق قطاع غزة، وينحدر من عائلة هُجرت من مدينة أسدود المحتلة.

إعلان

نشأ في مخيم النصيرات وسط القطاع، وهو متزوج وله 6 أبناء.

عمل الدعليس مديرا مساعدا في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكان عضوا في اتحاد الموظفين للوكالة، ورئيسا لقطاع المعلمين فيها.

شغل منصب المستشار السياسي لرئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية في الفترة بين عامي 2012 و2014.

كما كان عضوا في الهيئة التنفيذية لحركة حماس بين عامي 2009 و2013، وترأس الدائرة المالية والاقتصادية فيها. وتولى منصب نائب رئيس الدائرة السياسية للحركة من عام 2012 حتى 2020.

في مارس/آذار 2020، انتُخب الدعليس عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، وتسلّم رئاسة الدائرة الإعلامية، إلا أنه غادرها لاحقا بعد مصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني على قرار تعيينه رئيسا للجنة متابعة العمل الحكومي بالقطاع في يونيو/حزيران 2021.

اللواء محمود أبو وطفة مدير قوى الأمن الداخلي في غزة (الجزيرة) محمود أبو وطفة

أحد أبرز قيادات حركة حماس، والشخصية الرئيسية خلف العديد من القرارات الأمنية والسياسية فيها، وكان يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية في غزة.

أدى أبو وطفة دورا محوريا في إدارة الشؤون الأمنية للقطاع، خاصة في فترات التصعيد العسكري الإسرائيلي، وأشرف على حفظ الأمن والنظام في غزة، وأسهم في تنسيق العمليات الأمنية بين الأجنحة المختلفة التابعة للحركة، كما كان له دور بارز في ضمان استمرارية الحياة اليومية لسكان القطاع، ما جعله هدفا رئيسيا لإسرائيل.

في يناير/كانون الثاني 2025، وقبيل استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية، جال أبو وطفة في شوارع غزة، متفقدا انتشار قوات الأمن الداخلي وفق الخطة التي وضعتها وزارة الداخلية لتعزيز الأمن بعد حرب استمرت 471 يوما.

وأكد أثناءها التزام الوزارة بمواصلة خدمة المواطنين وتعزيز صمودهم، مع إصدار توجيهات لضمان استقرار الحياة اليومية في غزة.

المستشار أحمد الحتة وكيل وزارة العدل في قطاع غزة  (الصحافة الفلسطينية) أحمد الحتة

أحمد عمر الحتة، الملقب بـ"أبو عمر"، حصل على درجة الماجستير في القانون، ثم شغل منصب عميد كلية الرباط الجامعية الشرطية في قطاع غزة. وقد عُين وكيلا لوزارة العدل بغزة في ديسمبر/كانون الأول 2021، خلفا للمستشار محمد النحال.

إعلان

وأعلنت حركة حماس استشهاد الحتة إلى جانب عدد من قيادات العمل الحكومي جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي للقطاع في مارس/آذار 2025، وأوضحت مصادر أن الحتة استشهد مع زوجته فاطمة وأبنائه يسرى وعمر وهدى وهاجر وجنان وبنان.

مقالات مشابهة

  • جابر: لتضافر الجهود الدولية بشكل أفضل للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها
  • المؤتمر: إعادة الاحتلال الإسرائيلي إطلاق النار على غزة انتهاكا لكافة المواثيق الدولية
  • برلماني: تجدد العدوان الإسرائيلي تصعيد خطير وانتهاك غاشم للقوانين الدولية
  • الإفتاء تدين العدوان الإسرائيلي على غزة.. وتؤكد: انتهاك صارخ للقوانين الدولية
  • قطر: العدوان الإسرائيلي على غزة يشكل تحديا سافرا للإرادة الدولية
  • برلماني: خرق إسرائيل لقرار وقف إطلاق النار انتهاك صارخ للمواثيق الدولية
  • تعرف على القيادات الحكومية التي اغتالتها إسرائيل بعد استئناف العدوان على غزة
  • الجيل: تجدد العدوان الإسرائيلي على غزة انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية
  • وزير الداخلية الفرنسي: الجزائر لا تريد إحترام الإتفاقيات الدولية ويؤسفنا أن نشرع في تطبيق العقوبات