موقع النيلين:
2025-05-02@14:52:41 GMT

عادل الباز يكتب: الخطة (ط): التطويق (2)

تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT

1 في الحلقة الأولى من هذا المقال، أوضحنا لماذا لجأت الإمارات إلى خطة التطويق، وقلنا إن السبب هو فشل خطط الاستيلاء على الدولة السودانية عشية 15 أبريل 2023. وبعدها بدأ التخبط والانتقال من خطة فاشلة إلى أخرى أكثر فشلًا، إلى أن وصلنا إلى خطة التطويق الشامل. ما هي تلك الخطة؟ وماذا فعلت الإمارات مع دول الطوق؟ وكيف جرى استقطابها؟
2
تقضي خطة التطويق بأن يُحاط السودان بدول معادية تسهل تجنيد المرتزقة فيها أو تيسر تنقلهم عبرها، كما حدث في ليبيا حيث عبر الكولومبيون إلى السودان من ليبيا حفتر.

وتتمثل مهمة الدول المستخدمة في تطويق السودان في أن تكون ممرًا لعبور الأسلحة إلى المليشيا في الداخل، وتوفير الإمدادات للقوات بكل ما تحتاجه. كما تعد هذه الدول ميدانًا خلفيًا لإخلاء الجرحى، وقد شهد بعضها إقامة مستشفيات (أم جرس/ أويل)، إضافة إلى إنشاء معسكرات للتدريب وقواعد لإطلاق المسيرات. فالمسيرات بعيدة المدى تُطلق الآن من داخل تشاد، وتحديدًا من أم جرس.!
كل ذلك يتم لدعم المجهود الحربي للمليشيا. ولإحكام الحصار على السودان، سارعت الإمارات إلى تمتين علاقاتها القائمة أصلًا مع دول الجوار (ليبيا حفتر، وإثيوبيا آبي أحمد)، ثم الإسراع في تأسيس علاقات جديدة مع الدول الحدودية أو القريبة من السودان مثل تشاد، وجنوب السودان، افريقيا الوسطى وكينيا، وأوغندا. لنرَى ماذا فعلت وتفعل الإمارات مع دول الطوق هذه.
3
إثيوبيا:
بدأت العلاقات الإماراتية الإثيوبية قبل سنوات كعلاقات تجارية، وتُعتبر إثيوبيا من أبرز الدول التي تستثمر فيها الإمارات، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية فيها 2.9 مليار دولار حتى نهاية عام 2022. وتم تأسيس 113 مشروعًا استثماريًا إماراتيًا في إثيوبيا في مجالات مختلفة.
كما شهدت مرحلة حكم آبي أحمد محاولة من أبو ظبي لتحويل البلاد إلى منصة سياسية لنفوذها في القرن الإفريقي، فبعد رعاية اتفاق السلام بين أديس أبابا وأسمرة، وعدت الامارات بتخصيص 3 مليارات دولار للاستثمار والمساعدات، منها مليار دولار وُضع في بنك إثيوبيا الوطني، إلى جانب العديد من المشروعات الاستراتيجية، كإنشاء خط أنابيب نفط يربط ميناء عصب الإريتري بإثيوبيا.
4
شهد التحالف الإثيوبي – الإماراتي تطورًا استراتيجيًا بعد اندلاع الحرب بين الحكومة الإثيوبية مع جبهة التقراي، حيث كان تدخل الإمارات فيها حاسمًا، إذ حُسمت الحرب لصالح الحكومة الإثيوبية بفضل مسيرات “بيرقدار” التركية التي تكفلت بها الإمارات لدعم الجيش الإثيوبي. اضافة إلى مسيرات صينية. فقد أكد خبر منشور على موقع Military Africa، استنادًا إلى صور أقمار صناعية ملتقطة في أغسطس/آب 2018، وجود طائرة مسيرة صينية من طراز Wing Loong 2 في القاعدة، مضيفًا أن أبو ظبي اشترت عددًا غير معلوم من هذا الطراز من الشركة الصينية المصنعة عام 2022.
5
تحاول الإمارات الآن تزويد المليشيا بطائرات مسيرة طويلة المدى من طراز “بيرقدار” عبر شرائها من تركيا وتسليمها للمليشيا، حيث يتم تشغيلها من تشاد، بالإضافة إلى المسيرات الصينية Wing Loong 2 الموجودة بحوزة الإمارات. وقد استُخدمت هذه الطائرات في قصف معسكر “سركاب” بأم درمان قبل ثلاثة أشهر. أي أنه يتم استخدام نفس الأسلحة التي ساهمت في هزيمة التقراي، لعلها وعسى أن تنقذ المليشيا، رغم أنها تدرك أن انتصار المليشيا على الجيش السوداني مستحيل ولو حشدت كل أسلحة الأرض. لو كان السلاح يقاتل ويحقق الانتصارات لانتصرت إسرائيل التي توفرت لها مخازن أسلحة أمريكية وغربية مفتوحة على غزة وهى 365 كيلو مترا فقط.!!
6
نتج عن تلك العلاقات التجارية والدعم العسكري توسع النفوذ الإماراتي في إثيوبيا. ونتيجة لذلك، منذ اندلاع الحرب في السودان، تبنّت إثيوبيا الموقف الإماراتي الداعم للمليشيا، وأعلنت عدم شرعية الحكومة، ودعت إلى وقف الحرب وإيقاف سلاح الطيران. كما فتحت أراضيها لكل المعارضين السياسيين للحكومة السودانية لدعم المليشيا، واستضافت مؤتمرات المليشيا وكل أعداء السودان على أراضيها.
إضافة إلى ذلك، بدأت إثيوبيا في الاستجابة لطلبات الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها مع بداية الحرب، لولا التحذير الشديد اللهجة من السودان، خاصة أن الخرطوم كانت قد غضت الطرف عن شحنات سلاح عبرت من إثيوبيا إلى جنوب السودان، حيث تم تسليمها للمليشيا في الأشهر الأولى للحرب.
7
هكذا، تم تجيير الموقف الإثيوبي لصالح المليشيا، وكانت إثيوبيا هي المدماك الأول في الطوق الأول حول السودان، الذي بدأ يعمل بفعالية لإنفاذ خطة التطويق الشامل، ثم استمر بناء الطوق كما سنرى.
نواصل…

عادل الباز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟

بقلم: حسن أبو زينب عمر

(1)

مع الظلام الدامس الذي ينيخ بكلكله على مدن السودان على مدار الأربعة والخمسة أيام ومع تزايد انين مرضى الكلى الذين توقفت أجهزة الغسيل المنقذة لحياتهم لانقطاع الكهرباء ومع عذابات الذين يتقلبون فوق الأسرة يكابدون النوم وسط الرطوبة الخانقة ومع توقف المستشفيات وتصدع دولاب العمل في الكثير من مرافق الخدمة بسبب الأعطال التي تشل الأجهزة الكهربائية ومع تزايد نبرة السخط وتعالى الاحتجاجات بعد نفاد الصبر تكون الرسالة (الخطأ) التي يسعى الكفيل وحامل الإقامة الذهبية ارسالها قد شبت عن النطفة وتجاوزت العلقة ودخلت طور المضغة وهي أجبار الزوجة (النشاز) للعودة الى بيت الطاعة صاغرة ذليلة مهانة بضغط جماهيري وبضغط دولي بإيقاف الحرب والجلوس الى طاولة تفاوض وصولا لتسوية يكون الدعم السريع جزء منها و(يرزقكم من حيث لا تعلمون).
(2)
البرهان وعد الجماهير الصابرة المحتسبة بأن الفعالية التخريبية والتدميرية لمسيرات آل دقلو ستكون خبرا لكان مع تسريبات تتحدث عن هبوط طائرة نقل ضخمة من طراز (انتيوف) حطت في مطار بورتسودان الأسبوع الماضي وفي جوفها شحنة ثقيلة من أجهزة متطورة من المسيرات المضادة .. أما الكفيل الاماراتي الذي تقول التقارير الصادرة منه وعلى استحياء انه يدافع عن مصالحه ومنها قطع شك ذهب جبل عامر ومشروع ميناء أبو عمامة (200 كيلومتر شمال بورتسودان ) يطالب علنا وبلغة كسيحة بإيقاف الحرب ولكنه يمارس بالفعل عكس ما يدعو له وهو تسخير امكانياته الضخمة حتى الرمق الأخير وتجييرها لصالح الدعم السريع ومده بآخر فنون تكنلوجيا التسليح مع إصرار يقف على رافعة مقدراته المالية باستكمال مخططه الى نهاياته مهما كانت التكاليف بعد أن أقنعه بأن هذا العالم غابة يأكل القوى فيها الضعيف وأن الكاش يقلل النقاش كما يقول الخواجات money talks and sometimes walks..أنه عالم واقعي مجرد من الأخلاق عديم المبادئ صفري القيم لا يؤمن بالمثاليات .
(3)
عالم براجماتي بوصلته فقط المصالح القومية national interests ولعل هذا يفسر الفظاعات غير المسبوقة التي ترتكبها الميلشيات دون أن يرف لها جفن ودون اعتبار لعواصف الاستنكارات التي جائت من أقرب أصدقائها ومن المتعاطفين معها عقب الأحداث الدامية. هذا يعني وبالعربي الفصيح ان السودان دخل الآن حلقة مفرغة من سباق تسلح سيكون تمويله من جيب محمد أحمد دافع الضرائب وسوف ينتهي باستنزاف يستهدف كل مقدرات السودان فالميلشيا التي لم يترك أفرادها ومنهم أعداد مقدرة من المرتزقة الأجانب اية موبقة منها التي تخطر على البال والتي لا تخطر على البال والا وارتكبوها سيستهدفون أي مرفق حيوي بما فيها المطارات والموانئ .
(4)
يؤكد هذا المنحى ركام من التجارب عاشها الوطن والمواطن على مدار حولين كاملين منذ اندلاع شرارة الحرب القذرة اللعينة في أبريل 2023 فتاريخ السودان ماضيه وحاضره لا يعرف قتلة يتلذذون بذبح مدنيين عزل لم يشهروا السلاح حتى للدفاع عن أنفسهم .. لا تعرف سجلات أعتى المجرمين قسوة ودناءة رجالا يتبادلون على اغتصاب نساء أمام أبنائهن وأزواجهن يمنعهن الخجل والحياء من الحديث مع الغريب الا بوجوه منكسة. لا يعرف تاريخنا لصوص لم يكتفوا بسرقة ماقل وزنه وثقلت قيمته بل انتزعوا الأبواب والنوافذ وحفروا عشرات الأمتار تحت الأرض لسرقة النحاس من كوابل الكهرباء.
(5)
من الطبيعي أن يذرف الكثيرون الدمع الهتون ويحتسبون ضياع البيوت (شقا العمر) والبنية التحتية التي تم تشييدها عبر عشرات السنين خلال فترة لا تتجاوز ال 24 شهرا بعد تعرضها لتدمير شامل بنوايا الغل والحسد والحقد فيها أكثر من النهب والسرقة ولكنها حرائق الحسرة والغضب التي اجتاحت النفوس بعد العبث بتراث ووثائق وتماثيل نادرة تاريخها ضارب في جذور الأرض تم تخريب بعضها وتهريب البعض الآخر وآخرها نيزك بوزن الطن كان مستقرا في المتحف القومي لا لسبب الا لطمس تاريخ وطن وإلغاء هوية أمة .. وهي حرائق لن تطفئها حتى مياه المحيطات.
(6)
يقولون ان المفاوضات وحدها وليست الحرب هي التي تصنع السلام وان اجترار المرارات ليست الا صبا لمزيد من الزيت على النيران المشتعلة ولكن تبقى النتيجة التي يخرج بها كل ذو بصر وبصيرة وهي أن ميليشيا الدعم السريع لم تترك حتى خط رجعة تصالح بها أهل السودان بل فتحت عليهم أبواب جهنم منذ فجر 15 أبريل 2023 وهي تستهدف الفلول والكيزان كما تزعم فهل سينتهي الوضع حتى عبر فرضية إحداث اختراق break through في جدار المستحيل بأسدال الستار على المشهد المأساوي على طريقة (عفا الله عما سلف) وهل ستنتهي الكارثة ب(التقادم) وكيف يسترد رصاص الموت الأعمى الذي انطلق يحصد الأروح البريئة وينتهي لمجازر بشرية غير مسبوقة .
(7)
بالطبع لا مجال هنا للمقارنة بين أسرة آل دقلو ومعاوني أدولف هتلر رغم الانتهاكات والجرائم المرتكبة المتماثلة هنا وهناك والتي تتوافق مع حرب الإبادة وتتعارض مع قوانين حقوق الانسان فالبرهان ليس بقوة وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني وقتها الذي رفض عرض رودلف هيس نائب هتلر الذي هرب الى بريطانيا لإبرام اتفاقية سلام من وراء الفوهرر وسلمه الى محكمة نورمبرج التي أصدرت بحقه السجن المؤبد كما ان حكومة السودان ليست بقوة دول الحلفاء التي أصدرت أحكاما متفاوتة بالسجن والاعدام ل 24 من قيادات الرايخ الثالث.
(8)
المجتمع الدولي وعلى رأسه أمريكا تنظر حتى الآن وحتى اشعار آخر على ان الحرب هي حرب جنرالين وهو يكتفي تارة بإصدار عقوبات بتجميد حسابات شركات وشخصيات تابعة للدعم السريع والحكومة وتارة بالتجاهل التام كما أن نفس المجتمع الدولي ممثلا في مؤسساته الخيرية لم يلتزم سوى بفتات لا يتجاوز 10% من الاحتياجات الإنسانية المطلوبة .. قضية بالغة التعقيد مع ندرة الأوراق التي يمكن اللعب بها ولكن هناك علامة استفهام تحتاج الإجابة عليها الكثير من الحكمة والواقعية والشجاعة والإرادة أمام الأفق المسدود وهي أوليست هناك إمكانية لفتح نافذة مع دولة الشر للتباحث والتفاوض معها بأن مصالحها الاستثمارية مصانة وموجودة وان تحقيقها وجنى ثمارها دانية القطف مع حكومة موجودة على أرض الواقع ولها عضوية في كل المنظمات الدولية والإقليمية حتى لو كانت حكومة أمر واقع بدلا على الرهان على ميليشيا تائهة مدانة فقدت الأرض ولن تجد اعترافا من أحد الآن والى قيام الساعة ؟؟؟.

oabuzinap@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • الجيش الأمريكي يتجه لتحديث أسلحته لأول مرة منذ الحرب الباردة: تعرف على الخطة
  • “وول ستريت جورنال”: الجيش الأمريكي يطلق أكبر عملية إعادة هيكلة له منذ الحرب الباردة
  • ألف طائرة مسيّرة لكل فرقة قتالية: الجيش الأميركي يطلق أكبر تحول عسكري منذ الحرب الباردة
  • أبناء الجالية السودانية: الإمارات الداعم الأكبر لبلادنا.. وأمنها خط أحمر
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم) 4
  • مالك عقار في حوار مع (المحرر): المسيرات تطلق من ام جرس و تدار بواسطة الإمارات
  • زيلينسكي: نريد أن تنتهي الحرب بشكل عادل..والكرملين يعتبر اتفاق سلام أمر معقد
  • الجيش السوداني لرويترز: السودان كشف تورُّط الإمارات الإجرامي وضلوعها في قتل السودانيين بدعمها ورعاية المليشيا.. والآن تحاول ذر الرماد في العيون وتختلق التهم الباطلة
  • هل تجلب المسيرات السلام الى السودان؟
  • مسؤول سوداني سابق لـ”سبوتنيك”: إعلان إثيوبيا عن قرب التشغيل الكامل لسد النهضة يتطلب تحركا غير مسبوق