الاتحاد الأوروبي يشدد موقفه تجاه المهاجرين.. ومقترح لإنشاء مراكز عودة
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
بروكسل "وكالات": كثف الاتحاد الأوروبي حملته القوية ضد الهجرة هذا الأسبوع، حيث اقترحت المفوضية الأوروبية تسريع وتيرة عمليات الترحيل وإنشاء مراكز عودة مثيرة للجدل، خارج حدود التكتل. وفي حين تمارس بعض الحكومات ضغوطا من أجل اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، يحذر منتقدون من أن الخطة قد تؤدي إلى انتهاكات حقوقية، ومعارك قانونية.
وأثارت مسألة إعادة طالبي اللجوء الذين لم تقبل طلباتهم نقاشا ساخنا في الاتحاد الأوروبي على مدار سنوات. وأدى توتر الرأي العام بشأن قضية الهجرة إلى تعزيز المكاسب الانتخابية لليمين المتطرف في العديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، مما عزز الضغوط على الحكومات لتشديد موقفها. وفي أكتوبر الماضي، دعا زعماء الاتحاد الأوروبي، بقيادة حكومات السويد وإيطاليا والدنمارك وهولندا، إلى إصدار تشريع جديد، على نحو عاجل، لتعزيز عمليات العودة وتسريع وتيرتها، ودعا المفوضية الأوروبية إلى تقييم طرق "مبتكرة" لمواجهة الهجرة غير الشرعية. واستجابت المفوضية مؤخرا، بخطط تهدف إلى تشديد قواعد الترحيل وفرض ضوابط أكثر صرامة - والتي سوف تخضع للتدقيق، وربما التعديل، من قبل عواصم الاتحاد الأوروبي، ومن البرلمان الأوروبي قبل إقرارها كي تصبح قانونا.
وبحسب المفوضية- الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- يعود حوالي 20% فقط من الأشخاص المطلوب منهم المغادرة بالفعل، إلى بلدانهم الأصلية. وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة واللجوء والشؤون الداخلية ماجنوس برونر للصحفيين في مدينة ستراسبورج بفرنسا: "في إطار نظام العودة الأوروبي الجديد، سوف نضمن إعادة من لا يحق لهم البقاء في الاتحاد الأوروبي بالفعل... ستعزز ذلك بشكل واسع الثقة في نظام اللجوء والهجرة الأوروبي المشترك." قواعد الترحيل المشتركة قيد الإعداد وقال المفوض برونر إن مجموعة التدابير تهدف إلى تطبيق قواعد مشتركة في أنحاء التكتل بشأن كيفية التعامل مع طالبي اللجوء المرفوضين، ومن تجاوزوا مدة تأشيرة الدخول.
ومن المنتظر أن تقر الدول الأعضاء الأخرى، بشكل تلقائي، أوامر الترحيل الصادرة عن أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لتجنب تكرار الإجراءات القانونية. وتسعى المفوضية إلى منح دول الاتحاد الأوروبي إمكانية معاقبة الأشخاص الذين لا يتعاونون مع السلطات، بعقوبات مالية، أو مصادرة وثائق الهوية، أو فرض حظر على الدخول. ورغم ذلك، حذر عدد من نواب الاتحاد الأوروبي من أن الاقتراح يفتقر إلى قوة ضغط أوسع على الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاستقبال المهاجرين الذين يتم ترحيلهم. وقال النائب في البرلمان الأوروبي نيكولا بارتشيك - الذي ينتمي حزبه "القسم" إلى تكتل "وطنيون من أجل أوروبا"، اليميني المتطرف والمناهض بشدة للمهاجرين في البرلمان الأوروبي - إن "الاقتراح لا يزال لينا للغاية"، مضيفا أنه يمكن للاتحاد الأوروبي ممارسة ضغوط على هذه الدول من خلال سياسة التأشيرات أو المساعدات التي يقدمها لهم. إضفاء الطابع الخارجي على الهجرة ويتمثل الأمر الأكثر إثارة للجدل في إنشاء "مراكز عودة" خارج الاتحاد الأوروبي حيث يمكن إرسال المهاجرين المرفوضين إلى خارج التكتل لحين نقلهم إلى بلادهم الأصلية. وليس هذا ممكنا بموجب القواعد الحالية للاتحاد الأوروبي، والتي تنص على أنه يمكن فقط نقل المهاجرين مباشرة إلى بلدانهم الأصلية، أو بلد مروا عبره، ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك. ومن شأن اللائحة المقترحة أن تسمح لدول الاتحاد بإبرام صفقات مع دول أخرى لإنشاء مثل هذه المراكز.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب بروتوكول تم توقيعه بين إيطاليا وألبانيا، والذي يعد مثالا يحتذى به داخل الاتحاد الأوروبي لإضفاء الطابع الخارجي على إجراءات السيطرة على الهجرة. وينص الاتفاق، الذي وقعته رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني ونظيرها الألباني إيدي راما في نوفمبر عام 2023، على إيواء ما يصل إلى 3000 طالب لجوء شهريا ممن يترقبون الفصل في أمرهم من إيطاليا، في ألبانيا. ويستثنى الاتفاق ذوي الاحتياجات الخاصة مثل كبار السن أو الأطفال أو النساء الحوامل.
ويقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي، رغم ذلك، إن مراكز العودة المقترحة هي مفهوم مختلف تماما- حيث تشمل طالبي اللجوء الذين لم يتمكنوا من الحصول على حق اللجوء، وليس الأفراد الذين مازالوا ينتظرون قرارا بشأن طلبهم الحماية الأوروبية. وفي ظل مخاوف قانونية وأخلاقية، يقول خبراء إن مراكز العودة فكرة مكلفة وغير عملية، وليس من المرجح أن تشهد إقبالا واسعا قريبا، رغم اقتراح المفوضية. وحذرت مارتا ويلاندر، من لجنة الإنقاذ الدولية، من أن الاقتراح من شأنه أن يؤدي على الأرجح إلى "تشتت شمل الأسر، واحتجاز الناس في ظروف تشبه السجون"، وزيادة خطر انتهاك الحقوق.
وقالت: "إبقاء الناس بعيدا عن العيون وعن الأذهان، بشكل متعمد، ليس حلا مستداما للتحديات التي تفرضها الهجرة في أوروبا". تراجع معدلات الهجرة غير الشرعية وفي خضم مطالبات صاخبة من حكومات الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، تشير الأرقام إلى تراجع حالات الدخول غير النظامية بالفعل في العديد من الدول. وبحسب وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس)، انخفضت عمليات عبور الحدود غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، والتي جرى اكتشافها، بنسبة 38% لتصل إلى 239 ألفا العام الماضي بعدما بلغت ذروتها خلال عشر سنوات في عام.2023 وعلى الرغم من ذلك، تتباين الأرقام في أنحاء الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة لطريق غرب البلقان، أشارت سلوفينيا إلى46 ألف حالة عبور غير شرعي للحدود العام الماضي، بتراجع نسبته نحو 25% مقارنة بعام.2023 وقال وزير الداخلية الكرواتي دافور بوزينوفيتش يوم الأربعاء الماضي إن بلاده تمكنت من تقليص حالات دخول المهاجرين غير الشرعيين بنحو 70% العام الماضي. وعلى النقيض من ذلك، بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى إسبانيا إلى مستوى قياسي في عام 2024، حيث بلغ عدد الوافدين 63970 مهاجرا، بحسب بيانات وزارة الداخلية. وتم تسجيل القسم الأكبر من الوافدين، بواقع 73.2% عبر جزر الكناري، وهي أرخبيل إسباني يقع قبالة سواحل شمال غرب أفريقيا.
وأظهر تقرير صادر عن منظمة "كاميناندو فرونتيراس" الإسبانية، غير الحكومية، أن ما لا يقل عن 10457 مهاجرا لقوا حتفهم، أو اختفوا، أثناء محاولتهم الوصول إلى إسبانيا عبر طريق البحر خلال الفترة من مطلع يناير وحتى 5 ديسمبر 2024 - معظمهم على طول طريق الهجرة عبر المحيط الأطلسي من أفريقيا إلى جزر الكناري. الجدران والأسوار الأوروبية تسعى غدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، وبينها إيطاليا وهولندا والدنمارك، إلى تشديد إجراءات الدخول على مستوى الاتحاد الأوروبي، بما يشمل تقوية الحدود الخارجية للتكتل. وتتشكل مبادرات رئيسية على طول الحدود بين بولندا وبيلاروس، وأيضا على الحدود بين اليونان وبلغاريا مع تركيا.
وشرعت بولندا عام 2022، في إقامة حاجز معدني بارتفاع خمسة أمتار، وطول 186 كيلومترا. وتنظر وارسو إلى محاولات الآلاف من مهاجري الشرق الأوسط وأفريقيا دخول بولندا على أنها عملية هجينة من قبل بيلاروس وروسيا لزعزعة استقرار بولندا والاتحاد الأوروبي. وتعتزم تركيا إقامة جدار بطول 5ر8 كيلومتر على حدودها الغربية، حيث شيدت كل من اليونان وبلغاريا بالفعل سياجا خاصا بها، حسبما قال حاكم محلي. وفي عام 2014، أقامت بلغاريا سياجا من الأسلاك الشائكة بطول 30 كيلومترا على طول حدودها مع تركيا، حيث كان المهاجرون يتجهون إلى هناك لتجنب عبور البحر لمتوسط المحفوف بالمخاطر. وأحبطت شرطة بلغاريا في عام 2024، أكثر من 52500 محاولة من المهاجرين لدخول البلاد بطريقة غير شرعية. وقال مدير شرطة الحدود أنطون زلاتانوف خلال اجتماع مع نظرائه من النمسا ورومانيا والمجر مؤخرا إن ضغوط الهجرة انخفضت بنسبة 70% على أساس سنوي. وأطلقت الدول الأربع عملية مشتركة على الحدود بين بلغاريا وتركيا في فبراير الماضي. وفي مطلع يناير، أصبحت بلغاريا عضوا كاملا في منطقة شينجن لحرية التنقل، حيث أزيلت الضوابط من جميع حدودها مع الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وهو أمر وضع عبئا إضافيا على صوفيا في إطار جهود منع تحول البلاد إلى بوابة لدخول التكتل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الاتحاد الأوروبی غیر الشرعیة فی عام
إقرأ أيضاً:
الطرابلسي: معالجة ملف الهجرة تتطلب تعاون الاتحادين الأفريقي والأوروبي
عقد وزير الداخلية المكلف في حكومة الدبيبة عماد الطرابلسي، اليوم الإثنين، اجتماعاً موسعاً ضم عدداً من السفراء والقائمين بالأعمال بسفارات الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لدى ليبيا، إلى جانب ممثلين عن بعثة الاتحاد الأوروبي، المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وبحسب بيان داخلية حكومة الوحدة، فأن الطرابلسي، أكد في كلمته، أن ليبيا لن تتحمل وحدها أعباء الهجرة غير الشرعية، ولن تكون بأي حال من الأحوال “منطقة توطين”، مشدداً على أن السيادة الليبية ومصلحة الأمن القومي فوق أي اعتبارات أخرى، على حد قوله.
وأوضح الطرابلسي، أن الأزمات التي تمر بها البلاد زادت من تعقيد هذا الملف، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 4 ملايين مهاجر داخل الأراضي الليبية، مما يمثل تحديًا أمنيًا واقتصاديًا بالغ الخطورة، محذرًا من أن استمرار تدفق المهاجرين دون ضوابط سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية والاجتماعية، ليس فقط في ليبيا، بل في المنطقة بأسرها، على حد تعبيره.
ودعا الطرابلسي، دول الاتحاد الأوروبي والدول المتضررة من هذه الظاهرة إلى تحمل مسؤولياتها وتقديم دعم فعلي لليبيا من خلال تعزيز أمن الحدود الجنوبية عبر توفير المعدات والتقنيات الحديثة لمراقبة التحركات غير الشرعية، والإسراع في عمليات الترحيل الطوعي للمهاجرين غير الشرعيين بالتنسيق مع المنظمات الدولية ، ومكافحة شبكات التهريب والاتجار بالبشر من خلال إجراءات صارمة واستهداف أوكار الجريمة المنظمة.
وتمسك الطرابلسي، بضرورة إطلاق مشاريع تنموية في دول المصدر للحد من دوافع الهجرة غير الشرعية من جذورها، مشيراً إلى أن ليبيا تكبدت خسائر ضخمة نتيجة تداعيات الهجرة غير الشرعية، ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من الأعباء دون وجود دعم دولي واضح وفعال، على حد وصفه.
ونوه بأن الفوضى الناجمة عن عدم تسجيل هويات المهاجرين، وارتفاع معدلات الجريمة، واستغلال الجماعات المسلحة التي تمتهن الاتجار بالبشر لهذه الظاهرة، تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الليبي والإقليمي، على حد تعبيره.
واختتم الطرابلسي، تصريحه بالتأكيد على أن ليبيا لن تسمح بأن تُستغل أراضيها لتمرير المخططات التي تهدد استقرارها، وأن المعالجة الفعالة لهذه الظاهرة تتطلب شراكة حقيقية قائمة على التوازن في الالتزامات بين ليبيا، الاتحاد الأوروبي، ودول الاتحاد الإفريقي، على حد قوله.