نعيمة السعدية
الوطن هو: المكان الذي يسكنه الإنسان ويقيم فيه، وله مدلولات كثيرة يحيا بها المرء بين أركانه مطمئنًا هانئًا منها: الاستقرار، والأمان، والانتماء، والطّمأنينة، والحبّ، والبذل، والعطاء.
الوطن هو: المكان الذي يتجذر حبّه في أرواحنا أينما كنّا وأينما ذهبنا، وكيف يحيا الإنسان دون الإحساس بوطن يسكن بين جانبيه؟
كيف له أن يعيش دون وطن يحميه ويأوي إليه؟ وكيف له أن يشعر بالأمان دون أن يكون تحت ظلال أرض الوطن؟
الوطن: هو الرّكيزة الّتي تبني قواعد الإنسان لبنة لبنة إلى أن يشتدّ هذا البناء ويقوى، وهو الجدار الذي يستند عليه بني البشر ليقوّم حياتهم ويصوّرها في أجمل الصّور، ويرسمها بأحلى الرّسوم، ويلوّنها بأروع الألوان.
الوطن ينثر أطيافًا من الحنان والسّعادة على قلوبنا؛ لنستمرّ بالعطاء الذي نقدّمه إلى كلّ شبر على أرضه ونحن في قمّة النّشوة؛ وذلك لأنّنا نستقي سعادتنا من إحساسنا بالسّعادة في أوطاننا؛ فلا معنى للسّعادة دون الشّعور بالانتماء إلى الوطن.
للوطن قدر كبير عميق متأصّل في جذور تربة الزّمن، وله معنى جميل متفرّد عن كلّ المعاني الّتي تضجّ بها قلوب البشر، ولاِسمه صدى طرِب في أرواحنا الّتي تهيم وجدّا وشغفًا به، ولحروفه رنين عذب في قلوبنا الّتي تفيض حبًّا وعشقًا لترابه.
الوطن ثروة ثمينة لا وزن لها ولا تقدّر بثمن؛ فنحن بالوطن وللوطن. فيه نعيش وبه نحيا.
وقد قال أحمد شوقيّ في ذلك:
وطني وإن شُغلتُ بالخُلد عنه // نازعتني إليه في الخُلد نفسي
لله درّه من وطن ينعش أرواحنا دفئًا، شغفًا، حبًّا، نقاءً، صفاءً، أملًا، نبلًا، حنانًا، وعشقًا!
الوطن كلمة تنغرس في القلب والرّوح، وهو كلمة لا يمكن أن نطلقها على أيّ مكان قد نشعر فيه بغير ذلك، وهو بصمة في أعمق أعماق القلب؛ فكيف للإنسان أن يظلّ بعيدًا عنه مهما أبعدته الظّروف؟ سيعود إليه مؤكّدًا؛ لأنّه الكيان الذي يمثّله، والنبض الذي ينبضه.
الوطن قوّة قويّة نابعة من أصول راسخة في سويداء القلوب تحيي النّفوس صدقًا وشعورًا وإحساسًا؛ هو أرض غالية نحب العيش على تربتها، وهواء عليل نعشق تنفّسه، وماء طاهر نحيا به، وسماء صافية تدثرنا بغطائها النّقيّ، وشمس دافئة تحمينا من برودة الحياة، وتفاصيل جميلة تحيا فينا، وذكريات بهيجة تسكننا.
الوطن حياة لا يمكن وصفها، وعشق لا يمكن تفسيره، وصورة لا قدرة لنا على رسمها. هو أسطورة خالدة في القلوب والعقول لا نستطيع إلّا أن نعيشها صدقًا خالدًا بين مكنونات نفوسنا التي تنطق حبًّا لمفردات كلمة وطن.
الوطن حياة الأفئدة الطّامحة إلى المضي قدمًا بآمال نابضة بالحياة، وهو شجرة النّفوس الّتي تمتد غصونها الحانية حاملة أوراقها حماية لها من أن تذبل، وتحافظ عليها خضراء وارفة بهيّة نضرة كي يستفيد بها الأبناء الذين يمثّلون ثمارها.
نحن الوطن، والوطن نحن؛ سواء أكنّا قريبين منه أم بعيدين عنه سيظلّ قابعًا في أرواحنا ومهج قلوبنا؛ فقد رسمنا حبّه بأحبار القلوب، ونسجنا ثوب بقائه بروح الحبّ. الوطن كيان يستوطن كلّ الجوارح بما فيه، ولا قدرة لنا على البعد عنه؛ فهو متربع وسط الرّوح.
وإذا رمت بك الحياة خارج ربوع وطنك؛ فلا تستسلم لذلك؛ بل ارجع إليه فلن تنعم بالرّاحة إلّا فيه، ومن أصعب الأمور ألا تجد مكانًا للعودة إليه، ومن أجملها أن تحاول جاهدًا كسر الحاجز الذي جعلك تبعد عن وطنك الذي لا مناص لك عنه؛ فهو معنى للدّفء الذي تنشرح نفسك به، ويسرّ خاطرك، ويهنأ به قلبك؛ فكيف لك أن نعيش دون وطن؟ وكيف لنا جميعًا أن نعيش دون وطن؟!
إنّه الوطن. وما أدراك ما الوطن؟!
وقد صدق الشّاعر حين قال:
وطني أحبّك لا بديل // أتريد من قولي دليل؟
سيظلّ حبّك في دمي // لا لن أحيد ولن أميل
حفظكم الله وحفظ لكم أوطانكم.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
معتمر مصري: فضل الله هو الذي جعل الحرمين في أيدٍ أمينة بيد السعوديين.. فيديو
مكة المكرمة
أشاد معتمر مصري بالجهود الكبيرة التي تبذلها القيادة؛ للحفاظ على أمن وسلامة الحجاج والمعتمرين والزوار من جميع أنحاء العالم.
وظهر المعتمر في مقطع فيديو وهو يقول :” فضل الله هو الذي جعل الحرمين في أيدٍ أمينة بيد السعوديين؛ فالحرمين أمانة عظيمة لا يحملها إلا من يستحقها.”
وأضاف:” السعوديون برهنوا على أنهم قادرون على رعايتها وحمايتها وخدمتها بكل تفانٍ وإخلاص .”
وتابع:” هذا الشعب من أنقى وأصفى القلوب، وتحيتي إلى سمو الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده ووزير الدفاع والداخلية، على هذا الجهد الكبير.”
https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/03/فيديو-طولي-119.mp4