صحف إسرائيلية: إقالة رئيس الشاباك تحول خطير ينذر بحرب أهلية بإسرائيل
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
تُجمِع كبريات الصحف الإسرائيلية على أن إقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار، تمثل نقطة تحول خطِيرة في السياسة الداخلية لدولة الاحتلال.
ومع أن وجهات نظر هذه الصحف عن سياق هذا القرار ونتائجه تتباين، إلا أنها جميعها تتفق في أنه تسبب في أزمة ديمقراطية عميقة تهدد النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد.
وفي ظل الانقسامات المتزايدة داخل المجتمع الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية، يستمر رئيس الوزراء في اتخاذ خطوات توصف بأنها غير مسبوقة، تشمل إقالة كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية والقانونية، ما يثير مخاوف من تصاعد التوترات إلى حد يهدد استقرار الدولة.
ويجادل المحللون في هذه الصحف، بأن الصراع بين نتنياهو وبار يعكس أزمة أعمق داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
ويقول المحلل العسكري، ناحوم برنياع في مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت "إن هناك انقساما واضحا بين من يؤمنون بأن الوضع الحالي جزء من السياق الطبيعي للديمقراطية الإسرائيلية، وبين من يرون أنه خروج جذري على الأعراف والقوانين المعمول بها". وينتمي بار إلى الفئة الثانية، حيث يرى أن نتنياهو يسعى إلى تغيير قواعد اللعبة جذريا.
ووصف الكاتب ما حدث بأنه صراع خطير ينذر بدفع إسرائيل نحو نمط من حرب أهلية مسلحة لم يحن وقتها بعد، بل بتآكل الثقة داخل الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة ككل.
برنياع: الإقالة تعكس صداما غير مسبوق بين نتنياهو ورموز الدولة الذين يفترض أنهم يعملون لخدمة مصالحها وليس خدمة أي زعيم سياسي
وأوضح، أن الإقالة تعكس صداما غير مسبوق بين نتنياهو ورموز الدولة الذين يفترض أنهم يعملون لخدمة مصالحها، وليس خدمة أي زعيم سياسي.
إعلانوقال برنياع، إن نتنياهو يؤمن بوجود دولة عميقة في إسرائيل يتآمر عملاؤها عليه، إما لتدميره أو ابتزازه. لكنه أشاد، في الوقت ذاته، برئيس الشاباك رونين بار ووصفه بأنه يمتلك قدرات غير عادية.
أزمة الرشوة وتأثيرها
ومن القضايا التي تُثار كسبب محتمل لهذه الإقالة، هي فضيحة تلقي رشى من دولة أجنبية، وفي هذه المسألة ثمة تحقيق جارٍ بشأن دور مستشارين مقربين من نتنياهو في العمل لصالح تلك الدولة، طبقا ليديعوت أحرونوت وصحيفة "يسرائيل هيوم". ويزعم منتقدو نتنياهو، أن إقالة بار تهدف إلى دفن التحقيق ومنع كشف أي تفاصيل تُدين المقربين من رئيس الوزراء.
وفي نفس الوقت، يستغل نتنياهو هذا الصراع لتعزيز مطالبه بالولاء الشخصي، إذ أصبح واضحًا، أن ولاء رؤساء الأجهزة الأمنية للدولة فقط، وليس لشخصه، أمر غير مقبول بالنسبة له.
ومن جانبها، نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" مقالا انتقد فيه محللها العسكري يوآف ليمور إقالة بار واعتبرها عملا ممنهجا يقوده نتنياهو لإعادة صياغة النظام السياسي والأمني لصالحه.
وقال الكاتب، إن الإقالة تأتي في إطار عملية تطهير تستهدف مراكز القوى التي تعارض نهج الحكومة. وأضاف، أن حملات تطهير كبار المسؤولين هي من خصال الأنظمة الشمولية، وأن نتنياهو يستلهمها من الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتبرير تصرفاته.
ليمور: إقدام نتنياهو على إقالة بار يُعجِّل بإحداث شرخ داخلي، ويُقرِّب إسرائيل خطوة أخرى من الحرب الأهلية
وحذر من أن إقدام نتنياهو على إقالة بار يُعجِّل بإحداث شرخ داخلي، ويُقرِّب إسرائيل خطوة أخرى من الحرب الأهلية.
وورد في المقال، إن الإقالة تهدف إلى التخلص من الأصوات المعارضة داخل جهاز الشاباك، إلى جانب تكريس فكرة الولاء الشخصي لنتنياهو كشرط للبقاء في المناصب العليا.
ويعتقد ليمور، أن هذه الخطوة ستعمق الانقسامات في الشارع الإسرائيلي، وتعيد إحياء الاحتجاجات الشعبية على الحكومة، وتُقرِّب البلاد خطوة أخرى من الحرب الأهلية.
إعلانعلى أن تصرفات نتنياهو لم تتوقف عند هذا الحد. ووفقا لصحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض الامتثال لقرارات المحكمة العليا، ويحاول هو وحكومته إزاحة كل من يقف حائلا بينهم وبين البقاء في الحكم إلى الأبد.
نقطة تحول
وفي مقال له بصحيفة هآرتس اليسارية، وصف الدبلوماسي والكاتب الإسرائيلي ألون بينكاس قرار إقالة رونين بار بأنها نقطة تحول واضحة في تاريخ إسرائيل، وتعد إهانة للديمقراطية.
وقال إنه على الرغم من كثرة المقالات العلمية التي تناولت الجوانب القانونية والسياسية للحدث، فإن الصورة أوسع من ذلك بكثير؛ إذ إنها تكشف عن أزمة دستورية أساسية وليست حالة طوارئ سياسية إسرائيلية عادية.
ودعا أحزاب المعارضة في إسرائيل إلى تقديم استقالاتهم جماعيا احتجاجا على قرار نتنياهو إقالة بار.
وحذر بينكاس من أن استمرار نتنياهو في اتخاذ مثل هذه الإجراءات قد يؤدي ليس فقط إلى انهيار الديمقراطية، بل إلى تحول إسرائيل إلى نظام "شبه استبدادي"، واصفا رئيس الوزراء بأنه رجل مضطرب يحاول إعادة كتابة التاريخ.
وخلص الدبلوماسي في تحليله إلى أن الحفاظ على الديمقراطية ومستقبلها القريب أمر في يد الشعب الإسرائيلي أكثر مما هو في يد نتنياهو، محذرا من التهاون والاستسلام، ومؤكدا أنه لا مجال للتراجع عنها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الأجهزة الأمنیة رئیس الوزراء إقالة بار بین من
إقرأ أيضاً:
بعد زيارة نتنياهو الفاشلة للبيت الأبيض.. ذعر في إسرائيل من قرارات ترامب
كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو تشهد حالة من الترقب والقلق ومخاوف كبرى، في ضوء التحركات السياسية والدبلوماسية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإبرام اتفاق مع إيران.
وتابعت أنه من المتوقع ألا يراعي الاتفاق الأمريكي الإيراني النووي مصالح إسرائيل أو يعالج مخاوفها بينما لا تزال المفاوضات جارية، لا تملك إسرائيل في الوقت الراهن إلا الانتظار، في ظل أمل رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أن تفشل هذه المحادثات.
رجل المهام المتعددة
وأضافت الصحيفة أن نصف مشكلات العالم تتركز الآن على عاتق رجل واحد هو ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، الذي يجد نفسه مكلفًا في الوقت نفسه بمحاولة التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، واتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس إلى جانب سعيه لوضع حد للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا.
وأشارت إلى أن ويتكوف، الذي كان يعمل سابقًا في مجال العقارات والمحاماة قبل أن يتحول فجأة إلى دبلوماسي يتعامل مع أكثر الملفات تعقيدًا في العالم، يجد نفسه يقاتل على جبهات متعددة، في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأمريكي تقويض الاقتصاد الأمريكي، والتفاخر بانتصاراته في رياضة الغولف، إلى جانب اتخاذ قرارات متخبطة لا يمكن التنبؤ بها.
فراغ إداري داخل الإدارة الأمريكية
وأشارت الصحيفة إلى أن واحدة من أكبر المشكلات التي يواجهها ويتكوف، أن التغيير الأخير في الإدارة الأمريكية في يناير، وما تبعه من موجات إقالات واسعة، أديا إلى ترك الإدارة الجديدة بدون ما يكفي من الخبراء في الملفات المعقدة التي تحتاج إلى معرفة مهنية عميقة وذاكرة تنظيمية متراكمة.
وأوضحت أنه بسبب رغبة ترامب الجامحة في التخلص من الجنرالات والدبلوماسيين بمجرد عودته إلى البيت الأبيض، بات محاطًا بعدد محدود من المسؤولين رفيعي المستوى، في وقت بقيت فيه عشرات المناصب الحساسة شاغرة، وهو ما يثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل خاص، في ظل المحادثات الجارية بشأن الملفين الإيراني والغزي.
زيارة فاشلة لنتنياهو وقلق إسرائيلي متصاعد
وتابعت الصحيفة أنه بعد مرور أسبوع على الزيارة العاجلة التي أجراها نتنياهو من بودابست إلى واشنطن، بات واضحًا أن الزيارة لم تحقق أهدافها. فقد استدعى ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي في ظل سياسة الرسوم الجمركية الجديدة التي يطبقها، وحاجته لإظهار قادة الدول الحليفة لواشنطن وهم يتذللون أمامه.
وأمام عدسات الصحفيين، أعلن ترامب وبحضور نتنياهو قراره بفتح مفاوضات مباشرة، أو شبه مباشرة، مع الإيرانيين في سلطنة عمان.
وبعد عودته إلى إسرائيل، لم يجد نتنياهو سوى محاولة تلميع الأمور من خلال التأكيد على أن العلاقات بين البلدين لا تزال جيدة كما كانت، والادعاء بأن ترامب في طريقه لإجبار إيران على توقيع اتفاق نووي سيؤدي إلى تفكيك برنامجها النووي بالكامل، كما فعلت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش مع ليبيا في عام 2003، في ظل الغزو الأمريكي للعراق.
وأكدت الصحيفة أن الواقع مخالف تمامًا لما قاله نتنياهو، حيث يتطلع ترامب إلى إبرام اتفاق مع إيران، وأعطى التعليمات لويتكوف ببذل الجهد من أجل تحقيق هذا الهدف، ويبدو أن التطورات المقبلة ستتوقف بدرجة كبيرة على قدرة واشنطن وطهران على التوصل إلى تفاهمات، وليس على اعتراضات الحكومة الإسرائيلية.