الضوضاء.. قاتل صامت وسم بطيء يهدد الصحة العامة في المدن الصاخبة
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
حذر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" من التأثيرات الصحية الخطيرة للضوضاء، مشيرا إلى أنها أصبحت "أزمة صحة عامة" غير مرئية، تؤثر على حياة الملايين حول العالم.
ويؤكد الخبراء أن الضجيج لا يقتصر تأثيره على الإضرار بالسمع، بل يمتد إلى رفع مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني، بل وربما الخرف أيضا.
ونقل التقرير عن البروفيسورة شارلوت كلارك، من جامعة سانت جورج في لندن، قولها إن الضوضاء "أزمة صحية يتعرض لها عدد هائل من الناس يوميا"، موضحة أن تأثيرها يتجاوز مجرد الشعور بالإزعاج، إذ تثير استجابة فسيولوجية داخل الجسم.
وأضافت "عندما تسمع الأصوات، تنتقل إلى الدماغ، حيث تقوم اللوزة الدماغية بتقييمها عاطفياً، ما يؤدي إلى استجابة من الجهاز العصبي"، موضحة أن هذه الاستجابة تُعرف باسم "القتال أو الهروب"، وهي آلية تطورت لمساعدتنا على التعامل مع الأخطار، لكنها عند التعرض للضوضاء لفترات طويلة تتحول إلى عامل ضار.
وتابعت كلارك قائلة "يرتفع معدل ضربات القلب، ويبدأ الجهاز العصبي بالنشاط، ويزداد إفراز هرمونات التوتر. هذا قد يكون مفيداً في حالات الطوارئ، لكنه يسبب أضراراً صحية مع مرور الوقت".
وأضافت أن التعرض المطول للضوضاء قد يؤدي إلى "زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع الثاني"، لافتة إلى أن هذا التأثير يحدث حتى أثناء النوم، حيث "تبقى الأذنان تعملان، ما يؤدي إلى استجابات جسدية حتى لو بدا أن الشخص معتاد على الضوضاء".
وأظهرت دراسات حديثة أن الضوضاء تعد أحد العوامل المؤثرة في الصحة العامة، وقد تكون خطورتها مماثلة لتلوث الهواء.
وأشارت الدكتورة ماريا فوراستر، الباحثة في منظمة الصحة العالمية، إلى أن الضوضاء تتسبب في "12 ألف حالة وفاة مبكرة سنويا في أوروبا، إلى جانب ملايين الحالات من اضطرابات النوم الشديدة"، وفقا للتقرير.
وأكدت فوراستر أن مستوى الضجيج الصحي للقلب يجب ألا يتجاوز 53 ديسيبل، موضحة أنه "كلما ارتفع مستوى الضوضاء، زادت المخاطر الصحية. هذا يعني أننا بحاجة إلى بيئة هادئة نوعاً ما خلال النهار، ومستويات أقل من الضوضاء أثناء الليل لضمان نوم صحي".
وترى فوراستر أن تأثير الضوضاء على الصحة "يعادل تلوث الهواء"، لكنها أوضحت أن التوعية بهذه المشكلة لا تزال غير كافية، مضيفة "اعتدنا على فهم تأثير المواد الكيميائية على صحتنا، لكن من الصعب تقبل فكرة أن عاملاً فيزيائياً مثل الضوضاء يمكن أن يؤثر على الجسم بهذه الطريقة".
وفي برشلونة، تعد الضوضاء مشكلة متفاقمة، حيث تُسجّل المدينة حوالي 300 نوبة قلبية و30 حالة وفاة سنوياً بسبب ضوضاء المرور فقط.
والتقت "بي بي سي" مع بكوكو، وهي من سكان منطقة فيلا دي غراسيا التاريخية، والتي عبّرت عن معاناتها اليومية قائلة إنه "صاخب جدا طوال الوقت… لا يوجد هدوء أبدا".
وأوضحت أن منزلها، الذي كان يفترض أن يكون ملاذا من ضغوط العمل، أصبح مصدر توتر مستمر بسبب ضوضاء الجيران وحفلات الموسيقى وأصوات نباح الكلاب في ساعات متأخرة من الليل.
وأضافت "لقد دخلت المستشفى مرتين بسبب آلام في الصدر، وأنا متأكدة أن الضوضاء لها علاقة بذلك".
وفي محاولة لمعالجة المشكلة، تم اقتراح إنشاء أكثر من 500 "حي فائق"، وهي مناطق صديقة للمشاة تهدف إلى تقليل الضوضاء وتحسين جودة الحياة.
وقالت الدكتورة ناتالي مولر، من معهد برشلونة للصحة العالمية، إن تطبيق هذه الفكرة "قد يمنع حوالي 150 حالة وفاة مبكرة سنويا بسبب الضوضاء"، لكنها أشارت إلى أن المشروع واجه عقبات، إذ تم تنفيذ ست مناطق فقط حتى الآن.
أما في دكا، عاصمة بنغلاديش، فقد صُنفت كواحدة من أكثر المدن ضوضاء في العالم بسبب الازدحام المروري واستخدام أبواق السيارات بشكل مكثف. هذا الوضع دفع الفنان مومينا رامان رويال إلى إطلاق احتجاجات صامتة ضد التلوث الضوضائي.
وقال رويال "كل يوم، أقف عند تقاطع طرق مزدحم وأرفع لافتة كبيرة تحمل رسالة للسائقين لوقف استخدام الأبواق. أريد أن أمنع جميع أنواع الأبواق، ليس فقط في دكا، بل في بنغلاديش كلها".
من جانبها، أكدت وزيرة البيئة البنغلاديشية، سيدة رضوانة حسن، أن الحكومة بدأت باتخاذ خطوات للحد من مستويات الضوضاء، مضيفة "نحن قلقون للغاية بشأن التأثيرات الصحية للضوضاء، ونعمل على تطبيق قوانين أكثر صرامة وحملات توعية. الأمر لن يُحل في عام أو عامين، لكنه ممكن على المدى الطويل".
وفي ظل تزايد التحضر وازدحام المدن، تتفاقم مشكلة الضوضاء، ما يجعل البحث عن حلول أكثر إلحاحا. ويرى الخبراء أن إيجاد بيئات حضرية أكثر هدوءاً ليس رفاهية، بل ضرورة للصحة العامة.
وأكد الدكتور مسرور عبد القادر، من جامعة المهنيين في بنغلاديش، أن الضوضاء هي "قاتل صامت وسم بطيء"، داعيا إلى تعزيز الوعي بهذه المشكلة وتوفير مساحات أكثر هدوءا في المدن لمساعدة السكان على الهروب من الضجيج.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة طب وصحة طب وصحة صحة الضوضاء أوروبا صحة أوروبا الضوضاء المزيد في صحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة طب وصحة صحة صحة صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إلغاء تأشيرات أكثر من 600 طالب دولي في أميركا بسبب مواقف مؤيدة لفلسطين
كشفت تقارير إعلامية أميركية عن أن أكثر من 100 جامعة وكلية في الولايات المتحدة أبلغت عن حالات إلغاء تأشيرات طلاب دوليين من قبل وزارة الخارجية الأميركية، التي غيّرت الوضع القانوني لأكثر من 600 طالب دولي وخريج حديث، وفقا لموقع "إن سايد هاير إد".
وقال "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" (ACLU) إن هذا التصعيد "يمثل اختبارا أيديولوجيا غير مقبول"، مضيفة: "لا يحق لأي رئيس أن يحدد من يبقى أو يُرحَّل بناء على آرائه السياسية".
ووفقا للجامعات المتضررة، فقد تفاجأ عدد من الطلاب بإلغاء تأشيراتهم من دون سابق إنذار، حيث اكتشف بعضهم الأمر عبر قاعدة بيانات فدرالية، أو من خلال رسائل نصية أو بريد إلكتروني مفاجئ. كما أشار محامو الطلاب إلى أن الغالبية لم تُمنح أي فرصة للرد أو الاستئناف، في حين لم تُبلّغ الجامعات رسميا بالأسباب.
وربطت منظمات حقوقية هذه الإجراءات بالمواقف المؤيدة لفلسطين، مشيرة إلى أن إدارة ترامب السابقة والتي لا تزال تواصل بعض سياساتها في ظل الإدارة الحالية، تتعامل مع حرية التعبير بانتقائية حينما تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وقالت منظمة "فاير" (FIRE) للدفاع عن حرية التعبير: "ما يحدث هو استبدال لحرية النقاش بالخوف، ويبدو أن تكميم الأصوات هو الهدف الفعلي".
إعلان مراقبة وتضييقمؤخرا، أعلنت وزارة الأمن الداخلي عن مراقبة حسابات المهاجرين على وسائل التواصل الاجتماعي لرصد ما وصفته بـ"المحتوى المعادي للسامية".
وقالت المسؤولة في الوزارة تريشيا ماكلوغلين: "لن نسمح لأي شخص بالاختباء خلف التعديل الأول للدستور لنشر الكراهية أو الترويج للعنف. أنتم غير مرحب بكم هنا".
وفي تصريحات مثيرة للجدل، صرّح وزير الخارجية ماركو روبيو أن أكثر من 300 تأشيرة تم سحبها، مدعيا أن المستهدفين شاركوا في أنشطة "تتناقض مع المصالح الوطنية"، مثل نشر مقالات رأي تنتقد الجرائم الإسرائيلية في غزة، أو الانضمام لاعتصامات طلابية تطالب بمقاطعة إسرائيل.
وقال روبيو: "كلما اكتشفت أحد هؤلاء المتطرفين، أسحب تأشيرته على الفور"، معتبرا أن التأشيرة الدراسية مخصصة فقط للتعليم، وليست للأنشطة السياسية.
وقد شجعت السلطات الطلاب على مغادرة البلاد طوعا بدلا من مواجهة الطرد عبر محاكم الهجرة، وهي إجراءات قد تنتهي بالاحتجاز. وكانت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم قد أصدرت تهديدًا مباشرًا في مارس الماضي، قالت فيه: "إذا لم يغادروا، سنجدهم، ونرحّلهم، ولن يسمح لهم بالعودة أبدا".
كما تعتزم الوزارة فرض غرامة يومية بقيمة 998 دولارا على من يتجاهل أوامر الترحيل، ما يضيف أعباء مالية كبيرة على الطلاب.
وكانت محكمة الهجرة الأميركية في ولاية لويزيانا قضت أمس الجمعة بإمكانية ترحيل الناشط في جامعة كولومبيا، محمود خليل، بسبب أنشطته السياسية السلمية ومعتقداته. ومنح القاضي محامي خليل مهلة حتى 23 أبريل/نيسان لتقديم طلب وقف ترحيله.
وقدمت الحكومة مذكرة موقعة من وزير الخارجية ماركو روبيو، تفيد بأنه يمكن ترحيل خليل من الولايات المتحدة بسبب أنشطته. ولم يتهم مسؤولو إدارة ترامب خليل بأي سلوك إجرامي، وهو مقيم دائم قانوني.
إعلانوفي ختام الجلسة، طلب خليل أن يُدلي ببيان رسمي، فنهض وتوجه مباشرة إلى المحكمة.
وقال: "أود أن أستشهد بما قلته في المرة السابقة، أنه لا شيء أهم لهذه المحكمة من حقوق الإجراءات القانونية الواجبة والعدالة الأساسية. من الواضح أن ما شهدناه اليوم لم يتوفر فيه أي من هذين المبدأين، سواء في هذه الجلسة أو طوال هذه العملية".
وأضاف: "هذا هو السبب تماما في أن إدارة ترامب أرسلتني إلى هذه المحكمة، على بُعد ألف ميل عن عائلتي. كل ما أتمناه هو أن تُمنح العجلة التي اعتبرتم أنها يجب أن تكون لي، "للآخرين" الذين قضوا هنا شهورا من دون سماع قضاياهم".
وفي بيان، لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، قال المدير التنفيذي نهاد عوض: "إن الحكم الخطير وغير الدستوري من قاضي الهجرة في لويزيانا الذي يسمح بترحيل مقيم دائم قانوني لأن الإدارة الحالية تريد معاقبته على ممارسة حقه في التعديل الأول لانتقاد إبادة الحكومة الإسرائيلية للفلسطينيين في غزة يجب ألا يُنفَّذ".
وتابع: "على الرغم من أن الحكم هو مجرد الخطوة الأولى في عملية قانونية طويلة، إلا أنه يجب أن يكون مقلقا لجميع الأميركيين الذين يعتزون بحقوقهم في وثيقة الحقوق والحريات الأساسية مثل حرية التعبير".
وأضاف: "نحن واثقون أن المحاكم الفيدرالية ستكتشف الهجوم غير القانوني لإدارة ترامب على حرية التعبير، وأن الحركة ضد إبادة الحكومة الإسرائيلية ستستمر في التوسع في بلادنا، رغم هذه المحاولات لقمع حرية التعبير".
غموض وقلقوفي ضوء هذه التطورات، وجّه مجلس التعليم الأميركي (ACE) ومعه 15 منظمة أكاديمية أخرى، طلبا عاجلا لعقد اجتماع مع وزارتي الخارجية والأمن الداخلي، لمناقشة آثار هذه القرارات على الطلاب الدوليين.
وقال رئيس المجلس تيد ميتشل: "هذه الإجراءات أوجدت حالة من الغموض والقلق، وأثّرت سلبا على قدرة مؤسساتنا على تقديم الدعم اللازم للطلاب".
من جانبهم، يرى مراقبون أن هذه السياسات تُستخدم كأداة لقمع الأصوات الناقدة للسياسات الإسرائيلية، خاصة داخل الجامعات الأميركية.