مفتاح الخيرات.. علي جمعة يوضح كيف تتغير حياتك كلها بهذه النصيحة
تاريخ النشر: 24th, August 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه ترك لنا سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- دين الله نراقب فيه أنفسنا ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى بعد عصياننا « كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ».
مفتاح الخيراتوأوضح «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه جعل النقد الذاتى مفتاحاً للخير بل وأصلاً من أصول الدين فقال : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ، فالدين لا يكون فى حياة المسلمين ولا تعز هذه الأمة إلا بالنصيحة ، والنصيحة والتوبة من دين الله نحاول فيها أن نغير أنفسنا من الخطيئة إلى الحق ، ومن الخطأ إلى الصواب ، ومن التقصير إلى الهمة.
وأضاف أن « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » ومن أجل ذلك رأينا علماء المسلمين على مر العصور يتناصحون ويراجعون أمتهم وأنفسهم ، رأينا فى القرن الخامس الهجرى حجة الإسلام الإمام الغزالى رحمة الله بعد أن رأى همة الناس قد فترت ، يألف كتابه الماتع الذى بقى حتى الأن يدرس بين المسلمين " إحياء علوم الدين ".
وأشار إلى أنه سمى الكتاب بإحياء علوم الدين ، لأنه ينصح للأمة أن تعود إلى ربها ، وإلى نيتها الصالحة فى درسها والى أخلاقها القويمة التى تركها لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وينبه الناس بعد أن اشتغلوا بالرسوم والشعائر دون الخشوع فى الصلاة ، ودون إدراك أسرار العبادات، إلى هذا المعنى إلى العودة وإلى تخلية القلب من القبيح وإلى تحليته بالصحيح ، كان واجب وقته رضى الله تعالى عنه أن ينبه المسلمين إلى هذا.
وتابع: بعد ذلك وفى القرن الثانى عشر قام جماعة من المفكرين يراجعون أنفسهم كان منهم عبدالقادر البغدادى ، وعبدالقادر البغدادى رأى أنه لابد أن نعود إلى اللغة العربية التى كادت تهجر ، ولابد علينا من أن نعود اليها حتى يستقيم فكرنا وحتى نسير على الفكر المستقيم وحتى نفهم مراد ربنا سبحانه وتعالى من كتابه ، فألف كتبه كلها فى هذا المعنى ، وألف كتابه الماتع الجامع " خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب " .
وأفاد بأنه قام عبدالقادر رحمة الله تعالى فى هذه الديار وفى غيرها بإنشاء مدرسة تعيد إلى العربية رونقها ، وتعيد إلى العربية جانبها الفكرى ، وتعيد إلى العربية أصولها التى أندثرت أو كادت ، قام عبد القادر بمدرسة تربى عليها فيما بعد " المرتضى الزبيدى " فألف كتابه الماتع فى شرح القاموس المحيط " تاج العروس فى شرح كلمات القاموس " حتى يحيى اللغه فى قلوب الناس .
واستطرد: وألف الكتاب الثانى " إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين " للغزالى ، يشير بذلك إلى أنه يتبنى النهضة من طريقين ، من طريق عودة المسلمين إلى اللغة العربية التى بها فهم الكتاب والسنة وبها التفكير المستقيم ، وأن يعودوا إلى طريق الله سبحانه وتعالى وإلى التربية ، لابد علينا من أن نراجع أنفسنا فى هذا العالم .
وأكد أنه يجب علينا أن نعود سريعاً إلى حصوننا ؛ فحصوننا مهددة من داخلها إذا لم نرجع إلى اللغة العربية من ناحية، وإلى التربية الإحسانية من ناحية أخرى ، يجب أن نعود إلى مشروع النهضة الذى بدأه عبدالقادر البغدادى منذ ثلاثمائة عام ولم يتم ، أتدرون لما لم يتم ؟ لقد جاءت الحملة الفرنسية الغاشمة لتقتل كل يوم خمسة من علماء الأزهر الشريف من تلامذة المرتضى الزبيدى ومن تلامذة مدرسة عبدالقادر البغدادى ، على مر سنة قضاها نابليون فلما أنهاهم جسدياً ذهب وولى وذهب إلى بلاده ليرى شأنه .
ونوبه بأن هذا هو الذى حدث فى تلك الديار وهو الذى يحدث الأن بصور مختلفة تتناسب مع العصر الذى نعيش فيه ، يجب علينا أن نهتم باللغة العربية ، وإهتمامنا باللغة العربية يجب أن يكون فى بيوتنا قبل أن يكون فى مدارسنا ، فإن لم تحظى اللغة العربية بالمدارس مكانتها المرجوه فعلينا أن نعلم أبناءنا هذه اللغة ، نحواً وصرفاً ودلالات الألفاظ وسياقاتها وصياغاتها ، نعلمهم نثرها وشعرها ، ونحيى الكتب التى ألفت فى ذلك تمهيداً لتعليمها إلى الأولاد مع القرآن الكريم.
واستشهد بما قال تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ } نعم أنظر لو ناداك أحدهم من مكان بعيد ، فإنك لا تكون متأكداً وعلى يقين أن النداء يخصك ، وتكون متشككاً هل سمعت أو لم تسمع فأنت فى تيه ، فلو خرجت عن العربية وصلت إلى ذلك التيه .
ونبه إلى أن اللغة العربية هى بداية الحماية وهى بداية الحصن الحصين وهى بداية صد الهجمة من المعتدين ، والسلوك فى طريق الله هو الذى يجعلنا فى محل نظر الله سبحانه وتعالى ، هو الذى يجعلنا فى مآثر السلف الصالحين ، هو الذى يجعلنا نتعلم السباحة فى هذا الفيضان القذر الذى يحيط بنا فى كل مكان.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة اللغة العربية
إقرأ أيضاً:
ترامب وحلم السطوة
ظهر «ترامب» ملتحفا بحلم القوة الذى ظل يراوده منذ أن اعتلى سدة الرئاسة فى الولايات المتحدة الأمريكية. ومع فوزه بفترة ثانية تعمق الحلم وتعامل مع نفسه وكأنه القوة التى تهيمن على العالم وتفرض سطوتها على دوله. ولهذا خرج مؤخرا ليدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم فى قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن. نسى «ترامب» نفسه وظن أن بإمكانه فرض ما يراه على الآخرين. نسى أن الدول التى اختارها هى دول مستقلة وذات سيادة، وبالتالى لا يمكن أن تكون تابعة له لكى يفرض عليها سطوته. ولعل ما أراده هو أن يخلى الأرض الفلسطينية من أجل إسرائيل الكيان الغاصب الذى يتماهى معه ويحاول بقدر الإمكان تحقيق كل تطلعاته، بل يذعن لنزواته.
نسى «ترامب» أن الفلسطينيين لا يريدون الرحيل عن أرضهم ووطنهم، وأنهم رفضوا التهجيرلأن أحلامهم تظل مرتبطة بأرض الوطن. غاب عن « ترامب» أن يشاهد الفيديوهات التى أظهرت عودة أهل غزة إلى شمالها وهم يقبلون أرض الوطن، فهم يأبون الرحيل عن أرضهم. واليوم نقول لو أنصف «ترامب» فعليه أن يلوذ بالصمت وينسحب من المشهد بعد أن منيت مغامراته بالهزيمة.
لربما أراد «ترامب» أن يتظاهر بالإنسانية فخرج يقترح نقل نحو مليون ونصف المليون من سكان غزة إلى كل من الأردن ومصر لتكون تلك الخطوة وفق تصوره مقدمة ضرورية نحو الحل الدائم والعادل. تظاهر «ترامب» بالإنسانية، وأنه حريص على أن يعيش سكان غزة فى منطقة أكثر أمانا واستقرارا. نسى أن الجانب الآخر من مقترحه سيؤدى فيما إذا تم تنفيذه إلى إفراغ قطاع غزة من أغلبية سكانه ليكون ساحة مباحة أمام إسرائيل، وبالتالى يمكنها وقتئذ إعادة احتلالها له وتحويله إلى بؤر استيطانية للمتطرفين الصهاينة الذين يتحينون الفرصة للسطو على الأرض الفلسطينية. بل إن الخطوة إذا تحققت ستكون مقدمة لتشجيع الصهاينة على تنفيذها فى الضفة الغربية وتهجير سكانها إلى الأردن الذى لا يزال اليمين الإسرائيلى المتطرف ينظر له بوصفه الوطن البديل.
إن ما يقترحه «ترامب» هو نفسه مخطط التهجير الذى يحلم الكيان الصهيونى بتنفيذه لكى تؤول إليه الأرض الفلسطينية كاملة ويتم التخلص من الفلسطينيين بشكل كامل. لقد أسقط « ترامب» من اعتباره الأسس والثوابت الرئيسية والتى ترتكز على الالتزام بالقانون الدولى والمواثيق الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية والسياسية. لقد أراد «ترامب» بأطروحته تصفية القضية الفلسطينية بما يعنى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عنوة ليتم ذلك تحت ذرائع واهية.
وحسنا ما فعلته مصر إذ شكلت حائط صد ضد التهجير سواء أكان قسرا أم طوعا. بل إن موقفها أماط اللثام عن المؤامرة التى رسمتها إسرائيل وشاركت الولايات المتحدة فى نسجها. فكان العدوان الإسرائيلى على غزة لكى يتم عبره استهداف الفلسطينيين بالتهجير، وهو مخطط جابهته مصر برفضها له بوصفه مشبوها لا يمكن تنفيذه لكونه يعنى عملية إحلال وتبديل يجرى بمقتضاها ترحيل الفلسطينيين من أرضهم ليتم ترسيخ الصهاينة فى الأرض الفلسطينية. ولقد عبرت مصر قيادة وشعبا عن رفض مخطط أمريكا الإجرامى الذى يحاول الزج بمصر فى مستنقع التهجير ليحملها آثامه. فمصر كانت وستظل حريصة على الفلسطينيين وعلى قضيتهم، وعلى أن ينال الفلسطينيون حقوقهم المشروعة كاملة ويأتى فى صدارتها حق تقرير المصير، وحق إقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية وذلك تحقيقا للأمن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة.