البلاد – بيروت، دمشق
في ظل تصاعد التوتر على الحدود اللبنانية – السورية، إثر تسلل عناصر تابعة لحزب الله إلى داخل الأراضي السورية، واختطافهم لجنود سوريين قبل قتلهم في لبنان، اندلعت مواجهات مباشرة بين القوات السورية والحزب. ومع تصاعد الاشتباكات، ردّ الجيش اللبناني عسكريًا على مصادر النيران القادمة من الجانب السوري، مما زاد من تعقيد المشهد.

وفي هذا السياق، تطرح التساؤلات حول تداعيات تدخل حزب الله في سوريا، وتأثيره على مستقبل العلاقات بين بيروت ودمشق.
وفقًا للمعلومات الواردة من مصادر إعلامية وعسكرية وشهود عيان، فإن القوات السورية خسرت 6 عناصر خلال الاشتباكات، بينما أسفرت المعارك عن مقتل شخصين من الجانب اللبناني. وقد أفاد ماهر زيواني، قائد العمليات العسكرية على الحدود السورية اللبنانية، بأن مجموعة من حزب الله قامت باقتحام الحدود وقتلت عددًا من عناصر الجيش السوري، مشيرًا إلى أن الجثامين استُلمت من القوات اللبنانية وجرى إرسال تعزيزات عسكرية لتأمين النقاط الحدودية وفرض السيطرة على المنطقة. وأوضح زيواني أن عملية تأمين الحدود تهدف إلى منع أي محاولات تسلل مستقبلية من قبل حزب الله.

في المقابل، أكد الجيش اللبناني على قيامه باتصالات مع السلطات السورية لضبط الأمن عند المنطقة الحدودية، وأنه اتخذ تدابير استثنائية بعد وقوع الاعتداءات التي أودت بحياة سوريين، مشيرًا إلى رد الفعل المناسب باستخدام الأسلحة للتصدي لمصادر النيران القادمة من الأراضي السورية. كما بيّن الجيش اللبناني تسليمه لجثامين ثلاثة سوريين للسلطات السورية، في إطار محاولاته تفادي تصاعد الأزمة الأمنية على الحدود.
إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع السورية أن هذه التصرفات تُعدّ محاولة متعمدة من حزب الله لزعزعة استقرار المنطقة، مما دفعها لاتخاذ إجراءات عسكرية قوية، شملت قصف مستودع ذخيرة تابع للحزب داخل حدود لبنان. تأتي هذه الإجراءات في إطار استراتيجية الدفاع السورية الهادفة ردع التدخلات الخارجية وانتهاك السيادة الوطنية.
على الجانب اللبناني، لم يمر الأمر دون استنكار رفيع المستوى؛ فقد صرح الرئيس اللبناني جوزيف عون بأن ما يحدث على الحدود الشرقية والشمالية الشرقية “لا يمكن أن يستمر ولن نقبل باستمراره”. وأكد عون خلال على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يهدد أمن الدولة واستقرارها.
وبدوره، شدد رئيس الوزراء اللبناني فؤاد سلام على أهمية تعزيز التنسيق مع السلطات السورية بهدف وقف أي تصعيد عسكري، مؤكدًا على ضرورة وضع آلية واضحة لضبط ومراقبة الحدود لمنع حدوث مثل هذه الأحداث مستقبلًا.
ويرى محللون أن ما تشهده الحدود بين لبنان وسوريا ليس مجرد اشتباكات عسكرية عابرة، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لحزب الله تهدف إلى إحداث شقوق في العلاقات بين الإدارتين الجديدتين في البلدين. إذ تسعى كل من الحكومة اللبنانية والحكومة السورية إلى حصر السلاح بيد الدولة ومنع التدخلات الخارجية في شؤونهما الداخلية. وفي هذا السياق، يُنظر إلى تصرفات حزب الله على أنها محاولة لتصعيد الأزمة بما يُخدم أهدافه الخاصة، والتي تتعارض مع جهود الجانبين لتعزيز السيادة الوطنية والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
وتُسلّط الأحداث الأخيرة على الحدود السورية اللبنانية الضوء على معترك الصراعات الإقليمية التي تتداخل فيها الاعتبارات الأمنية والسياسية، وتُبرز تداعيات محاولات حزب الله المتكررة للتدخل في الشؤون الإقليمية وإفساد العلاقات بين لبنان وسوريا. ومع التصريحات الحازمة من المسؤولين السوريين واللبنانيين ورغبتهم في تعزيز التنسيق الثنائي، يبدو أن الحلول السلمية وتنظيم العلاقات على أساس سيادة الدولة ستظل في قلب الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة ومنع تفاقمها مستقبلًا.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: على الحدود حزب الله

إقرأ أيضاً:

عون يحذر مجددا من السلاح خارج إطار الدولة: لن يحمي لبنان إلا جيشه (شاهد)

حذّر الرئيس اللبناني جوزاف عون السبت من أن أي سلاح خارج إطار الدولة "يعرّض مصلحة لبنان إلى الخطر"، وذلك على وقع الجدل المرتبط بنزع سلاح حزب الله.

وقال عون في خطاب بمناسبة مرور 50 عاما على اندلاع الحرب الأهلية في لبنان "طالما أننا مجمعون على أن أي سلاح خارج إطار الدولة أو قرارها من شأنه أن يُعرّض مصلحة لبنان للخطر لأكثر من سبب، فقد آن الأوان لنقول جميعا: لا يحمي لبنان إلا دولته، وجيشه، وقواه الأمنية الرسمية".

جاء خطاب عون في وقت أفاد مصدر مقرّب من حزب الله فرانس برس السبت بأن معظم المواقع العسكرية التابعة للحزب جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني.

وذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن هناك "265 نقطة عسكرية تابعة لحزب الله، محددة في جنوب الليطاني، سلم الحزب منها قرابة 190 نقطة".

مع اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة إثر هجوم نفذته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، فتح حزب الله جبهة "إسناد" لغزة تصاعدت في أيلول/سبتمبر 2024 إلى حرب مفتوحة أضعفت قدراته وأدت إلى تصفية العديد من قادته على رأسهم الأمين العام السابق حسن نصرالله.

وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر نص على نشر قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني فقط في جنوب لبنان وانسحاب حزب الله الذي أضعفته الحرب إلى حد كبير إلى شمال نهر الليطاني، على بعد 30 كيلومترا من الحدود الإسرائيلية وتفكيك ما تبقى من بنيته التحتية في الجنوب.

وأكد مصدر أمني لفرانس برس هذا الأسبوع أن الجيش فكك "معظم" المواقع العسكرية التابعة لحزب الله في منطقة جنوب الليطاني بالتعاون مع قوة اليونيفيل في الجنوب.

وأشار المصدر الأمني إلى أن الجيش بات "في الخطوات الأخيرة لإنهاء الوجود الأمني أو السيطرة الأمنية على كل المواقع الحزبية الموجودة في جنوب الليطاني".

وخلال زيارة للبنان، قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط  مورغان أورتاغوس في تصريح للمؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناشونال ("إل بي سي آي") "نواصل الضغط على هذه الحكومة من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة الميليشيات".

ودعا الرئيس عون الذي انتُخب مع تراجع نفوذ حزب الله، في خطابه إلى الحوار، مضيفا "كلّما استقوى أحد بالخارج ضد شريكه في الوطن، يكون قد خسر كما خسر شريكه ايضا، وخسر الوطن".

وقال "مهما بلغت كلفة التسوية الداخلية بيننا، تبقى أقل بكثير علينا جميعا وعلى لبنان من أي ثمن ندفعه للخارج... لا ملاذ لنا إلا الدولة اللبنانية".

وكان حزب الله الفصيل العسكري الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1990 تحت شعار "المقاومة" في مواجهة إسرائيل.

ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، ما زالت إسرائيل تنفّذ غارات على أهداف تقول إنها تابعة لحزب الله في الجنوب، بينما أبقت على وجودها العسكري في خمسة مرتفعات "استراتيجية" عند الحدود.

رسالة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى اللبنانيين في الذكرى الخمسين للحرب في لبنان pic.twitter.com/GckPVSwMfq

— Lebanese Presidency (@LBpresidency) April 12, 2025

مقالات مشابهة

  • الجيش اللبناني يعلن ضبط شاحنة محملة بمعدات تصنيع حبوب الكبتاغون المخدرة
  • البعريني: لحل موضوع السلاح وحصره بيد الدولة
  • الجيش اللبناني يسيطر على مواقع عسكرية جنوب الليطاني
  • عون يحذر مجددا من السلاح خارج إطار الدولة: لن يحمي لبنان إلا جيشه (شاهد)
  • الجيش اللبناني يسيطر على مواقع حزب الله جنوب الليطاني
  • إصابة جندي إسرائيلي بانفجار لغم على الحدود.. الجيش اللبناني يسيطر على جنوب الليطاني
  • الجيش اللبناني بات يسيطر على معظم المواقع العسكرية لحزب الله جنوب الليطاني  
  • الجيش اللبناني يسيطر على معظم مواقع حزب الله جنوب الليطاني
  • الجيش اللبناني بات يسيطر على معظم المواقع العسكرية لحزب الله جنوب الليطاني
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جندي بجرو ح خطيرة خلال "نشاط عملياتي" قرب الحدود اللبنانية