استدراج ترامب لينطح جبال اليمن: من المستفيد ولماذا؟
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
كتب / أزال عمر الجاوي
منذ اللحظة التي قررت فيها إدارة ترامب التورط في العدوان على اليمن، كان واضحًا أن الحسابات السياسية والاستراتيجية لم تكن نابعة فقط من رغبة ترامب في فرض رؤيته على المنطقة، بل كانت هناك أيادٍ أخرى تدفع بهذا الاتجاه، كلٌّ لأسباب خاصة. لم يكن القرار ضمن خطط استراتيجية أمريكية واضحة، بل كان مزيجًا بين نزوة انفعالية لاستعراض القوة ومحاولة لإظهار الولاء لإسرائيل وايضاً نتيجة لضغوط ومصالح متشابكة، توافقت جميعها على توريط ترامب في مستنقع لا يستطيع الخروج منه دون إصابات قاتلة لمشاريعه وأطروحاته السياسية.
أطراف تدفع نحو الفخ:
1. الدولة العميقة في أمريكا
اللوبيات الكبرى وصناع القرار الحقيقيون في واشنطن لم يكونوا مرتاحين لفكرة “التغيير الفوضوي” الذي جاء به ترامب، ومحاولته تفكيك النظام التقليدي الذي تستفيد منه هذه القوى. ولأن الإطاحة به مباشرة كانت خيارًا صعبًا، فقد كان من مصلحتهم أن يُجرّ إلى حرب عبثية تستنزف طموحاته وتفقده السيطرة على ملفات السياسة الخارجية، ليبقى مجرد رئيس عابر محاصر بالفشل.
2. كندا والمكسيك
باعتبارهما من أكثر الدول التي تأثرت بسياسات ترامب الاقتصادية، خصوصًا بعد إعادة التفاوض حول اتفاقيات التجارة وفرض التعريفات الجمركية الباهظة، لم تكن خسارته في حرب خارجية أمرًا سيئًا بالنسبة لهما. كلما انشغل ترامب بملف شائك ومعقد، قلت قدرته على فرض إرادته داخليًا، مما يمنحهما هامشًا أكبر للمناورة والتملص من ضغوطه الاقتصادية.
3. أوروبا
العواصم الأوروبية، التي رأت في ترامب تهديدًا مباشرًا لمصالحها بسبب سياساته العدوانية والابتزازية تجاه الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، كانت تدرك أن تورطه في حرب غير محسوبة في اليمن سيضعفه دبلوماسيًا وسياسيًا واقتصاديًا، مما يمنحها فرصة لإعادة ترتيب أوراقها في مواجهة الضغوط الأمريكية.
4. روسيا
موسكو، التي لطالما استفادت من المغامرات العسكرية الأمريكية الفاشلة، ستجد في تورط ترامب في حرب جديدة فرصة ذهبية. كلما غرقت أمريكا في مستنقع جديد، كلما ساعد ذلك في حسم صراعها في أوكرانيا، وازداد النفوذ الروسي عالميًا، تمامًا كما حدث بعد الغزو الأمريكي الفاشل للعراق وأفغانستان، حيث كانت بدايات ضعف النفوذ الأمريكي وفتحت الأبواب أمام روسيا لفرض رؤيتها على المسرح الدولي ضمن عالم متعدد الأقطاب تسعى لإيجاده.
5. الصين
في ظل الحرب التجارية التي يهدد ترامب بشنها على بكين، لم تكن الصين بحاجة إلا إلى مزيد من الوقت لتقوية اقتصادها والاستعداد لمواجهة الضغط الأمريكي. حرب طويلة ومكلفة في اليمن تعني انشغال واشنطن وتراجع قدرتها على فرض عقوبات أو ممارسة ضغوط اقتصادية فعالة، كما أن استنزاف أمريكا في الشرق الأوسط سيؤدي إلى تراجع هيبتها ونفوذها هناك لصالح بكين، التي تطرح نفسها كبديل واقعي صاعد في المنطقة.
6. السعودية
على الرغم من أنها ليست شريكًا علنيًا في العدوان، إلا أن الرياض لم تكن تمانع أن يُستنزف ترامب في هذه الحرب، فبذلك تبقى أمريكا بحاجة دائمة إليها. كما أن ذلك يساعدها على التملص من الضغوط الأمريكية في ملفات أخرى تحت ذريعة خوفها من ردود أفعال صنعاء التي تعجز أمريكا عن ترويضها. كلما تعثرت أمريكا في اليمن، زادت حاجة واشنطن للحليف السعودي، مما يمنح الرياض مساحة أكبر للمناورة والابتزاز.
7. المرتزقة المحليون
القوى الداخلية، التي ارتبطت بمشاريع خارجية، رأت في الحرب فرصة لإدامة نفوذها، حتى لو كان الثمن هو استمرار الأزمة وإطالة أمدها على حساب الشعب اليمني. هذه القوى لم تكن تبحث عن نصر حاسم، بل عن حالة مستمرة من الفوضى، تسمح لها باللعب على التناقضات والاستمرار في الاستفادة من الدعم الخارجي.
حرب بلا نصر.. وفخ بلا مخرج
ما لم يدركه ترامب هو أن اليمن ليست ساحة سهلة لتحقيق نصر سريع، بل هي مقبرة لكل من يغامر بالعدوان عليها. فبدلًا من تحقيق أهدافه، سيجد نفسه محاصرًا بضغوط داخلية وخارجية، وعاجزًا عن تقديم انتصار يُسوّقه لشعبه. كانت حرب اليمن، بالنسبة لخصومه، الطريقة المثلى لتقليم أظافره وإضعاف مشروعه السياسي.
ختامًا: من يضحك أخيرًا؟
ما بدأ كمحاولة لاستعراض القوة، سيتحول حتمًا إلى ورطة استراتيجية لترامب، حيث سيجد نفسه في مواجهة خصومه في الداخل والخارج، بينما سيظل اليمن صامدًا، لأنه ليس لديه ما يخسره في هذه المواجهة. بل على العكس، فإن مواجهة العدوان وكسر معادلاته على الأرض سيعزز من نفوذ اليمن ومكانته على المستوى الإقليمي والدولي. وفي النهاية، سيكتشف ترامب أنه كان يناطح جبلًا، وكلما نطح بقوة أكبر، تكسر رأسه اكثر..
من حساب الأستاذ أزال عمر الجاوي على منصة x
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
ترامب: المفاوضات مع بوتين بشأن أوكرانيا كانت جيدة ومثمرة للغاية
وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الجمعة، الاجتماع الذي عُقد الخميس الماضي بين المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه كان "جيداً ومثمراً للغاية".
وكتب ترامب في منشور على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال": "أجرينا نقاشات جيدة ومثمرة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، وهناك احتمال كبير جداً أن تنتهي هذه الحرب الدموية الرهيبة أخيراً.
كما أشار ترامب إلى أن الآلاف من الجنود الأوكرانيين محاصرون من قبل القوات الروسية، مؤكداً أنه "طلب بشدة" من بوتين الحفاظ على حياتهم، واصفاً النتيجة المحتملة بأنها قد تكون "مذبحة مروعة".
وقال الرئيس الأمريكي في منشوره: "لقد أجرينا مناقشات جيدة ومثمرة للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأمس، وهناك فرصة جيدة للغاية لإنهاء هذه الحرب الدموية الرهيبة أخيراً. ولكن في هذه اللحظة بالذات، هناك الآلاف من الجنود الأوكرانيين محاصرون بالكامل من قبل الجيش الروسي، وهم في وضع سيء للغاية ومهددون. لقد طلبت بشدة من الرئيس بوتين أن يحافظ على حياتهم. ستكون هذه مذبحة مروعة، مذبحة لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. حفظهم الله جميعاً".
كما أكد الرئيس الأمريكي أن موقف بوتين يبشر بالخير، لكنه لا يزال غير مكتمل، مشيراً إلى أنه ناقش مع الجانب الأوكراني مسألة الأراضي التي قد تحتفظ بها روسيا.
من جهته، قال الكرملين إن الرئيس الروسي استقبل المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، الخميس الماضي، حيث نقل إليه معلومات ورسائل موجهة إلى الرئيس ترامب.
وأوضح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن بوتين يدعم موقف ترامب بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية، لكنه طرح أسئلة تحتاج إلى إجابات بمشاركة كلا الجانبين.
وأضاف بيسكوف أن التفاؤل الحذر الذي تبديه واشنطن بشأن التسوية الأوكرانية مبرر في ضوء تصريحات بوتين الأخيرة.
وفي تعليقه على زيارة ويتكوف إلى موسكو، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب سيحدد مسار المرحلة القادمة بعد عودة المبعوث الأمريكي من العاصمة الروسية. وأشار روبيو إلى أن واشنطن لديها "تفاؤل حذر، لكننا في وضع أفضل الآن" فيما يتعلق بأوكرانيا.
وشدد روبيو على أن المسألة الأهم ليست المدة التي ستستغرقها مفاوضات وقف إطلاق النار، بل أن تكون هذه المفاوضات في المسار الصحيح. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى الانخراط في هذه المفاوضات، مؤكداً أن الرئيس ترامب لم يعبر عن أي موقف يمنح روسيا حقوقاً في الأراضي الأوكرانية.