«زايد».. مواقف تاريخية للإنسانية والتسامح والعطاء حول العالم
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
إيهاب الرفاعي (العين)
سيظل تاريخ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ينبض بالكثير من المواقف الخالدة التي تعكس سمات شخصيته المتسامحة، التي تُعلي من شأن الإنسان، أياً كان لونه ودينه وثقافته، بجانب شخصية المؤسس الحكيمة، وقدرته على استشراف المستقبل، والقيادة البناءة، لتظل سيرته باقية رمزاً للحكمة والخير والعطاء على كل المستويات، ولا تزال مواقفه ومبادراته الملهمة، شاهدة على مكانته قائداً خالداً، يحظى بتقدير شعوب المنطقة ودول العالم.
وفي ليلة لاستذكار مآثر الشيخ زايد ومواقفه الخالدة التي ستظل باقية، تحكي تاريخ قائد عظيم أرسى دعائم الإنسانية والتسامح، قدم الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، محاضرة في مجلس محمد أحمد المحمود، بالتعاون مع مجالس أبوظبي بمكتب شؤون المواطنين والمجتمع، وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، وبحضور جمع كبير من أهالي مدينة العين.
مواقف زايد
وأوضح الدكتور خليفة مبارك الظاهري أن مواقف الشيخ زايد ستظل باقية وخالدة، يتعلم منها الجميع أرقى معاني الإنسانية والحكمة والعطاء والتفاني في الإخلاص وحب الوطن والتفكير في أبناء شعبه، ليبني وطناً ويحقق نهضة شاملة، ظلّت وما زالت تعلو وترتقي بفضل خير خلف لخير سلف.
وتناول الظاهري العديد من المواقف التي سلّط الضوء فيها على الشيخ زايد وقيادته الحكيمة، واستشرافه المستقبل، وإنجازاته، ورؤاه الاستثنائية، وجهوده على الصعيد الإنساني، واهتمامه بالمجتمع، وتنمية الإنسان باعتباره اللبنة الأساسية لكل تطوّر وتقدم، وجهوده في مجال التعليم والرعاية الصحية والثقافة، التي تؤهل الإنسان ليكون قادراً على خدمة وطنه، كما أعطى للأسرة اهتماماً كبيراً باعتبارها نواة المجتمع، والمؤثر الأكبر في شخصية الإنسان وتكوينه.
وأشار الظاهري إلى بعض مواقف الشيخ زايد التي يتذكرها الكثير من حوله، عندما كان في إحدى رحلاته العلاجية خارج الدولة قبل شهر رمضان، وتم اتخاذ الترتيبات كافة التي من شأنها تسهيل إقامة الشيخ زايد والفريق المرافق له طوال شهر رمضان، حتى اكتمال علاجه قبل أن يفاجأ الجميع قبل يوم من بدء شهر رمضان بقرار الشيخ زايد العودة إلى أرض الوطن، وعندما أخبره المرافقون أن بقاءه أفضل له من ناحية العلاج، ردد مقولته الخالدة لن أسمح بأن يقضي هؤلاء المرافقون والمصاحبون لي شهر رمضان بعيداً عن أبنائهم وأهلهم، وأمر بأن يتم اتخاذ اللازم فوراً حتى يتمكن الجميع من الإفطار أول يوم رمضان مع أبنائهم، فقد كان، طيب الله ثراه، يفكر في كل من حوله، ولا يدخر وسعاً في إسعاد الجميع، وتلبية احتياجاتهم.
الحكمة والعطاء
واستكمل الظاهري حديثه عن الشيخ زايد بأنه كان تاريخاً لا ينضب من الحكمة والعطاء والإخلاص، لذا يجب على جميع أبناء الشعب أن يكونوا عند حُسن ظن قيادتهم، وأن ينهلوا من تاريخ الشيخ زايد الخالد والعظيم، الذي سيظل كتاباً مفتوحاً يحكي تاريخ قائد أرسى دعائم العدل والتسامح والرحمة والحب والعطاء، ليس في داخل الدولة فقط، بل في جميع بقاع العالم، لذا يجب على الجميع أن يكونوا عناصر فعالة وإيجابية في المجتمع، تسعى بكل جهدها، وتشارك في أن تظل راية الوطن عالية خفاقة في كل الميادين.
استشراف المستقبل
واستهل محمد أحمد المحمود حديثه عن الشيخ زايد في ذكرى يوم زايد للعمل الإنساني، بأن الشيخ زايد كان مدرسة في البذل والعطاء والعمل والإخلاص والإنسانية والحكمة، ومن لم يستفد وينهل من تلك المدرسة، فقد خسر الكثير والكثير
وقال المحمود «إنني أفتخر بكوني تربيت في مدرسة الشيخ زايد، وتعلمت منها الكثير، ولي معه ذكريات لا تنسى، خاصة أن الوالد كان أحد المرافقين للشيخ زايد، ونلت أنا أيضاً هذا الشرف، لذا فإن ذكريات الشيخ زايد ومواقفه الخالدة التي عشتها منذ صغري معه لا تُعد ولا تحصى، وجميعها تعطي صورة واحدة لقائد عظيم ذي حكمة ونظرة ثاقبة وقدرة على استشراف المستقبل، والعمل بكل تفانٍ وإخلاص ليسعد شعبه ويلبي احتياجاتهم».
وتذكر المحمود كيف كان زايد يعطي التعليمات لمرافقيه لبذل المزيد من العطاء والخير لكل محتاج سواء كان من داخل الدولة وخارجها، بصرف النظر عن دينه وثقافته وعرقه، بل كانت الإنسانية والتسامح هي الأساس في تعاملاته، موضحاً أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان نهراً متدفقاً، لا ينقطع عطاؤه، يمد يد العون وقت الصعاب لمن يحتاج إليها، سواء طلب أو لم يطلب، لم يتوانَ يوماً عن نجدة ملهوف، أو إغاثة ضعيف، أو مساعدة محتاج، ولم يرد سائلاً، ولم يغلق بابه يوماً في وجه طالب عون، على العكس كان، طيّب الله ثراه، مهتماً بالإنسان أينما كان وكيفما كان.
وأضاف المحمود أن مواقف الشيخ زايد الخالدة في جولاته الخارجية تعكس مدى الحب الذي يفيض في قلوب الآخرين، سواء من التقى به أو سمع عنه، مستذكراً أحد المواقف للشيخ زايد خلال إحدى رحلات القنص، عندما التقى أحد مرافقي الشيخ زايد ببعض الأشخاص في إحدى الدول العربية يسألونه من أي دولة، فردوا من الإمارات، ليفاجأ الجميع بهؤلاء الأشخاص يثنون على الشيخ زايد، فقالوا هل تعرفونه، فقال أهل هذه الدولة لم نلتقِ به ولكن كيف لا نعرفه وله الفضل في وصول المياه العذبة إلينا، وله الفضل في الكثير من الخدمات المقدمة إلينا، والتي سيظل يحصد ثمارها أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا.
تجربة استثنائية
يشير الدكتور محمد الخشت، أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، إلى أن الشيخ زايد تجربة استثنائية غير مألوفة في تلك الفترة، ولن تتكرر في العصر الحديث، موضحاً أن تخصصه في دراسة كتب التاريخ السياسي تعكس الدور العظيم، والمجهود الكبير الذي قام به الشيخ زايد في بناء دولة على الحب والتلاحم بين القيادة والشعب، إنجازات متلاحقة رسمها الشيخ زايد بحكمة بالغة، وتفانى الشعب في إرضاء قائد عظيم حرص على إسعاد شعبه، وتقديم كل ما من شأنه الارتقاء بهذا الوطن.
التسامح
أجمع المشاركون في الجلسة على أن الإنسانية والتسامح كانت إحدى الركائز المحورية في فكر الشيخ زايد، رحمه الله، وفلسفته العامة في الحياة والحكم، واستندت رؤيته لهذه القيمة الإنسانية السامية وأهميتها إلى مجموعة من الأسس والأمور المهمَّة، أولها أن ترسيخ القيم الإنسانية السامية، وفي مقدمتها التسامح، في نفوس أفراد المجتمع، جزء أصيل من عملية بناء الإنسان الإماراتي، فالشيخ زايد، رحمه الله، كان يضع عملية بناء العنصر البشري وتنميته في قمة أولوياته، بصفته أداة تحقيق التنمية الشاملة وهدفها في الآن نفسه.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مجلس محمد المحمود الإمارات العين محمد المحمود خليفة الظاهري الشيخ زايد مجالس أبوظبي الشیخ زاید الله ثراه
إقرأ أيضاً:
جائزة زايد للأخوة الإنسانية تفتح باب التقديم للمشاركة في برنامج الزمالة
أعلنت جائزة زايد للأخوّة الإنسانية ومركز بيركلي للدين والسلام والشؤون العالمية بجامعة جورجتاون عن فتح باب التقديم للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج زمالة الأخوّة الإنسانية، وهو مبادرة دولية تجمع طلاب البكالوريوس والدراسات العليا من مختلف الجامعات حول العالم لتعزيز الحوار بين الثقافات والأديان.
يتضمن البرنامج جولة دراسية لمدة أسبوع في جاكرتا، بإندونيسيا، خلال شهر أغسطس 2025، حيث سيحظى أعضاء الزمالة المشاركون بفرصة التواصل مع طلابٍ جامعيين من خلفيات ثقافية ودينية متنوعة، إلى جانب لقاء صُنّاع السياسات، وشخصيات دينية بارزة، وقادة مجتمعيين، والمكرّمين بجائزة زايد للأخوّة الإنسانية. ويُعد برنامج الزمالة جزءًا من مشروع "ثقافة اللقاء" لمركز بيركلي للدين والسلام والشؤون العالمية بجامعة جورجتاون، وهو أحد المراكز الرائدة للدراسات البينية للدين وتعزيز التفاهم المشترك بين الأديان.
يدعوا البرنامج الطلاب المسجّلين حاليًا في البكالوريوس أو الدراسات العليا في مؤسسات التعليم العالي إلى التقديم قبل يوم الجمعة، الموافق ١٦ مايو ٢٠٢٥ عبر الرابط التالي من هنا
أُطلِق برنامج زمالة الأخوّة الإنسانية عام ٢٠٢٤ بهدف جمع طلاب الجامعات من مختلف أنحاء العالم في حوار يعزز التعاون حول التحديات التي تواجه الأخوّة الإنسانية بين الشباب. ويأتي هذا البرنامج ضمن رسالة جائزة زايد للأخوّة الإنسانية إحدى المبادرات المنبثقة عن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس، حيث يهدف البرنامج إلى تمكين الشباب من خلال تزويدهم بالمهارات والخبرات اللازمة لتعزيز قيم الأخوّة الإنسانية.
استضاف البرنامج في نسخته الأولى مجموعةً مختارة من ١١ طالبًا متميزًا في جولة دراسية تخللتها جلسات حوارية مباشرة في أبوظبي، خلال شهر فبراير ٢٠٢٤. وشملت التجربة مشاركتهم في النسخة الأولى من مجلس الأخوّة الإنسانية، وحضورهم حفل جائزة زايد للأخوّة الإنسانية لعام ٢٠٢٤. كما التقى أعضاء الزمالة المشاركون بفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبفخامة خوسيه راموس-هورتا، رئيس تيمور الشرقية وعضو لجنة تحكيم الجائزة لعام ٢٠٢٢.
وقبل الجولة الدراسية وخلالها وبعدها، عمل أعضاء الزمالة على تشخيص العقبات التي تعترض بناء مجتمعات جامعية أكثر شمولًا، وتحديد الممارسات الإيجابية القائمة، وصياغة مقترحات عملية لتعزيز ثقافة الالتقاء التي يمكن تطبيقها داخل الجامعات وفيما بينها حول العالم.
وقال المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لجائزة زايد للأخوّة الإنسانية: "إن الشراكة مع الجامعات العالمية من أجل إعداد الجيل القادم من القادة، وتمكينهم من أن يكونوا سفراء للسلام والتعايش في جامعاتهم ومجتمعاتهم ومساراتهم المهنية المستقبلية، تمثّل أولوية في مجالات تعزيز السلام والأخوّة الإنسانية، وتُقدّر الجائزة الشراكة المستمرة مع جامعة جورجتاون في هذا المجال."
وقال توماس بانشوف، مدير مركز بيركلي بجامعة جورجتاون: "يُمثل برنامج زملاء الأخوة الإنسانية فرصة فريدة لتعزيز قيم وثيقة الإخوة الإنسانية التي وقّّعها البابا فرنسيس والإمام أحمد الطيب عام ٢٠١٩ ومن المهم للغاية أكثر من أي وقتٍ مضى دعم الشباب الذين يلتزمون بالتعاون والحوار بين الأديان."
من جانبها، قالت عائشة الياسي، إحدى المشاركات في برنامج الزمالة لعام 2024 من دولة الإمارات العربية المتحدة: "ساهم برنامج زمالة الأخوّة الإنسانية في تطوّري الشخصي والروحاني. وحظينا بفرصة لقاء عدد من القادة الدوليين الذين شددوا على دور الشباب في عمليات صنع السلام وتعزيز الأخوّة الإنسانية. لقد ترك إيمانهم بقدراتنا أثرًا عميقًا في قلوبنا، ومنحنا إحساسًا عظيمًا بالمسؤولية تجاه بناء عالم أفضل للأجيال القادمة".