محللون: إقالة بار سابقة تسرع خطوات تفكيك ديمقراطية إسرائيل المزعومة
تاريخ النشر: 18th, March 2025 GMT
لا تزال مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقالة رئيس (الشاباك) رونين بار تثير جدلا واسعا، وسط اتهامات له بالسعي لتعزيز سيطرته على المؤسسات الأمنية، في خطوة وصفها محللون بأنها تُسرّع من تفكيك الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة.
وتشهد إسرائيل انقساما حادا حول خلفيات القرار، حيث قدمت أحزاب المعارضة التماسا للمحكمة العليا لوقف الإقالة، معتبرة أنها جاءت بدوافع شخصية، لا سيما في ظل تحقيقات الشاباك مع موظفين في مكتب نتنياهو حول ملفات فساد مزعومة، في حين دافع نتنياهو عن قراره، بأن "انعدام الثقة المستمر" كان وراء إنهاء مهام بار.
ووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية، مهند مصطفى، فإن هذه الخطوة تشكل سابقة قانونية غير معهودة في تاريخ إسرائيل، إذ أنها المرة الأولى التي تتم فيها إقالة رئيس "الشاباك" بدلا من استقالته الطوعية.
واعتبر مصطفى في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" أن الإقالة تأتي ضمن مساعي نتنياهو لإعادة تشكيل أجهزة الدولة، وفرض الولاء الشخصي داخل المنظومة الأمنية.
وأضاف مصطفى أن بار كان قد أجرى تحقيقات جريئة حول هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلصت إلى تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية الإخفاق الأمني، وهو ما أثار غضب نتنياهو، الذي يسعى إلى "إسكات أي صوت يكشف تورطه في فشل المنظومة الأمنية".
إعلانويتقاطع هذا الطرح مع ما ذكره المراسل العسكري لهيئة البث الإسرائيلية، إيال عليما، الذي أوضح أن "الشاباك" لا يُعد مجرد جهاز أمني معني بمكافحة العمليات الفلسطينية، بل يمثل أحد أعمدة المنظومة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل.
وأشار عليما إلى أن قدرة بار على الوصول إلى معلومات حساسة جعلته عقبة أمام أجندة نتنياهو، الذي يسعى إلى التخلص من كل من قد يشكل خطرا على بقائه السياسي، حسب قوله.
ديمقراطية مزعومةمن جهته، اعتبر الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، مصطفى البرغوثي، أن الصراع الدائر بين نتنياهو وخصومه في المؤسستين الأمنية والقضائية يكشف عن "تسارع انهيار الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة".
وفي هذا السياق، يؤكد البرغوثي أن دولة الاحتلال لم تكن ديمقراطية في الأساس، إذ أنها "مارست التمييز العنصري ضد الفلسطينيين منذ تأسيسها، لكنها اليوم تتحول إلى نظام فاشي يلتهم ذاته".
وأشار إلى أن تصفية الحسابات الداخلية في إسرائيل تعكس فشلا مزدوجا لحكومة نتنياهو، يتمثل في عجزها عن تحقيق أهداف الحرب على غزة، وفشلها في استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة.
وأضاف أن المجتمع الإسرائيلي بدأ يدرك حجم الكارثة التي قادهم إليها نتنياهو، لكن بنية النظام السياسي تتيح له البقاء رغم تراجع شعبيته.
وفي هذا السياق، يلفت مهند مصطفى إلى أن الأزمة الحالية ليست سوى امتداد لمحاولة الانقلاب القضائي التي قادها نتنياهو عام 2023، حيث يسعى إلى إعادة تشكيل مؤسسات الدولة بما يخدم مصالحه الشخصية، مؤكدا أن إقالة بار ليست سوى محطة جديدة في مسار تفكيك إسرائيل من الداخل.
دكتاتورية مظلمةويستشهد مصطفى بتقارير صحفية إسرائيلية حذرت من أن إسرائيل باتت على أعتاب "ديكتاتورية شرق أوسطية مظلمة"، وفقا لوصف بعض المعلقين الإسرائيليين، في ظل إصرار نتنياهو على إحكام قبضته على القضاء والمؤسسات الأمنية.
إعلانوعلى المستوى القضائي، تواجه الإقالة معضلة قانونية، إذ حذرت المستشارة القضائية للحكومة من أن نتنياهو قد يكون متورطا في تضارب مصالح، نظرا إلى أن "الشاباك" كان يحقق في قضايا تتعلق بديوانه.
واعتبرت أن إقالة بار في هذا التوقيت قد تكون محاولة للتغطية على تحقيقات حساسة، مما قد يدفع المحكمة العليا للتدخل.
أما عسكريا، فقد حذّر عليما من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تصدع في الجيش والأجهزة الأمنية، خاصة في ظل حالة الغضب المتزايدة بين قيادات الاحتياط، الذين هددوا سابقا بالتوقف عن أداء الخدمة العسكرية احتجاجًا على سياسات الحكومة.
من جهة أخرى، يرى البرغوثي أن نتنياهو قد يلجأ إلى تصعيد الحرب على غزة كوسيلة لصرف الأنظار عن أزماته الداخلية، محذرا من أنه "كلما اشتدت الضغوط الداخلية، زادت وتيرة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين".
وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى تصدير أزمتها إلى الخارج عبر توسيع دائرة القصف والاغتيالات في الضفة الغربية ولبنان وسوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف وصفت أوساط الاحتلال إقالة نتنياهو لرئيس جهاز الشاباك؟
هزة سياسية عاشتها دولة الاحتلال في الساعات الماضية، وما زالت تعيش تردداتها العنيفة، عقب إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار، بعد خلافات طاحنة بين الطرفين.
وتتفاوت التقديرات الاسرائيلية بين كون هذه الخطوة تضاف فعلا للانقلاب القانوني، أم اتخذت في أعقاب فضيحة "قطر- غيت"، أم أنها انبثقت تحديدا من مقابلة رئيس الشاباك السابق نداف أرغمان الذي حذر من نشر أسرار خطيرة عن نتنياهو.
القناة 12 رصدت في تقرير ترجمته "عربي21" ردود فعل مراسليها ومحلليها للشؤون الأمنية والعسكرية، على هذه الخطوة المفاجئة، ومحاولة التعرف على فرص تنفيذ هذه الإقالة، ومن أبرز المرشحين لخلافته.
عاميت سيغال مراسل الشئون السياسية، أكد ان "احتمال الإقالة كان قائما منذ أسابيع، فقد كان لدى بار خط دفاع مختلف عن رئيس الأركان هآرتسي هاليفي، صحيح أن الفشل يوم السابع من أكتوبر رافق الجهازين، لكن الشاباك يزعم أنه كان متيقظا، وطالما أن بار لم يستقل بنفسه، ففقد أعلن نتنياهو ذلك بعد اجتماعه به لمدى 14 دقيقة فقط".
وأضاف أنه "يجب أن يتخذ قرار إقالة بار في اجتماع مجلس الوزراء، لأن الحكومة هي التي تعين رئيس الشاباك، ويجب أن تقرر إقالته، أما من الناحية القانونية، فإن إعلان إقالة بار يأتي على خلفية قضية "قطر-غيت"، وبالتالي فإن النقاش الرئيسي حول هذا الموضوع ليس جزءا من الانقلاب القانوني، بل من انعدام الثقة الكبير بين الاثنين، ورغم أن بار يعرف نفسه بأنه "حارس البوابة"، لكن تمت إقالته، وسط تقدير بأن يكون خليفته من خارج الجهاز".
ديفنا ليئيل مراسلة الشئون الحزبية، أكدت أن "نتنياهو أراد أن يعود بار إلى منزله "لوحده"، وقد حاول مؤخرا أن يدله على الطريق للخروج من المنزل برسائل تحريضية، متهما إياه بابتزازه حتى يترك المفاتيح، ويعود إلى منزله، لكنه لم يفعل، ومع ذلك، فإننا أمام خطوة معقدة، إذ يجري الشاباك حاليا تحقيقا في قضية "قطر غيت"، وهناك مخاوف أن نتنياهو سيواجه عقبة قانونية، عقب إعلان المستشارة القضائية أنها تتوقع منه التشاور معها بشأن هذا النوع من الخطوات، مما يعني إشارة واضحة إلى الاتجاه الذي تسلكه ضد القرار".
وأضافت أن "نتنياهو قرر قبل أسبوعين أنه إذا لم يستقل بار ذاتيا، فإنه سيقيله بنفسه، وهو لا ينوي إبقاء مَن يعتقد أنه يجب عليهم إنهاء مناصبهم حوله، ويبدو أن الضغط عليه كان جزءا من قرار إقالة بار، مع العلم أن أنها ليست خطوة منفردة، حيث تسعى الحكومة أيضا لإقالة المستشارة القضائية، وتنضم هذه الخطوات لخطوات أخرى في الكنيست، مثل تغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، ولعل نتنياهو، العائد مؤخرا من الولايات المتحدة يرغب في "مجاراة ترامب"، ويتقدم سريعا في هذه الخطوات".
رونين مانليس المتحدث السابق باسم الجيش، ذكر أنه "في عالم طبيعي، كان رئيس الوزراء سيتصل برئيس الشاباك، ويتحدث معه عن صفقة التبادل، لكن جزءا من إعلان الإقالات يهدف لتحويل الرأي العام عنها، وبالتالي فإن كلمة عار لا قيمة لها مقارنة بما يحدث، لقد انحرف نتنياهو عن مساره، وأصبح غير كفؤ، إنه يتصرف ضد جميع حراس الأمن في الدولة، ويهددهم بالابتزاز والتهديد، ويقول إنهم سيفصلون من مناصبهم إذا لم يتصرفوا وفقا لرغباته".
وأشار إلى أن "نتنياهو يتصرف ضد مؤسسات الدولة في وقتٍ بالغ الأهمية، ومنخرط في سياساتٍ تافهة تهدف لحماية نفسه، رغم أن رئيس الشاباك ليس مجرد منصب أمني، بل تعتبر إقالته تهديدا للنظام السياسي في الدولة، وإذا كان نتنياهو يفتقر للثقة، فعليه أن يتحرك لتشكيل لجنة تحقيق، والتوجه للانتخابات".
نير دفوري مراسل الشئون العسكرية، ذكر أن "إقالة بار خطوة دراماتيكية، ولا تشبه خطوات أخرى مثل إقالة وزير الحرب يوآف غالانت، أو أي أحد آخر، فالشاباك جهازٌ مكلَفٌ بمكافحة مخططات أعداء الدولة، وإحباطها، ومسؤول أيضا عن حماية الدولة، ومؤسساتها، وهنا يحاول نتنياهو فصل الجهاز الذي يثق به عن رئيسه، وهذه الخطوة تؤثِر بالتأكيد على الجهاز".