شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، الاثنين، الاجتماع التاسع لمؤتمر المانحين حول سوريا بمشاركة وزير خارجية السوري أسعد الشيباني ممثلا عن الحكومة السورية في القمة الدولية لأول مرة منذ دورتها الأولى عام 2017.

ويأتي المؤتمر الذي ينعقد لأول مرة بعد سقوط نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي تحت عنوان "للوقوف مع سوريا: تلبية احتياجات انتقال ناجح"، في ظل مساعي السلطات السورية الجديدة لرفع العقوبات الغربية المفروضة على البلاد خلال عهد النظام المخلوع من أجل دفع حركة الاقتصاد وإعادة الإعمار.



وتعاني سوريا من أزمات عديدة خلفتها الحرب التي عصفت بالبلاد عقب اندلاع الثورة عام 2011، بما في ذلك التدهور الاقتصادي والدمار الكبير في المدن والبنى التحتية.


وتعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين خلال مؤتمر المانحين في بروكسل بتقديم الاتحاد الأوروبي حوالي 2.5 مليار يورو (2.7 مليار دولار) من المساعدات إلى سوريا، في سياق جهوده الرامية إلى إعادة إعمار البلد بعد إطاحة الرئيس بشار الأسد.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إن "السوريين بحاجة إلى مزيد من الدعم، سواء إذا كانوا لا يزالون في الخارج أو قرروا العودة إلى ديارهم. لذا، نزيد اليوم في الاتحاد الأوروبي تعهداتنا إزاء السوريين في البلد والمنطقة إلى حوالى 2.5 مليار يورو لعامي 2025 و2026".

وأضافت أن "أحلام الشعب السوري أصبحت ممكنة التحقيق ويمكن أن تتحول إلى واقع"، مشددة على أن "الطريق إلى التعافي ما زال طويلا وهناك إشارات مبشرة كتوافق الحكومة الجديدة والأكراد"، في إشارة إلى الاتفاق الذي عقدته الحكومة السورية مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، والذي يقضي بدمج مؤسسات الأخيرة المدنية والعسكرية في الدولة السورية.

من جهتها، أوضحت وزير الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها تعتزم تقديم مساعدة مالية لسوريا بقيمة 300 مليون يورو (326 مليون دولار) من خلال الأمم المتحدة ومنظمات مختارة.

وأشار الوزيرة الألمانية إلى أن أكثر من نصف الأموال المقدمة سيستفيد منها الشعب السوري، كما سيتم تنفيذها دون وجود حكومة انتقالية في البلاد، لافتة إلى أن اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة في الأردن ولبنان والعراق وتركيا سيحصلون على الدعم أيضا.

كما تعهدت ممثلة سويسرا بمؤتمر بروكسل، بدعم سوريا بمبلغ 73 مليون يورو، مؤكدة التزام بلادها بدعم الشعب السوري على المدى الطويل.

من جهتها، قالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمرميريانا سبولياريتش، إن "سوريا تقف عند مفترق طرق تاريخي والسلام ممكن"، موضحة أن هناك "مصلحة ومسؤولية مشتركة لمساعدة سوريا على الخروج من الحرب المدمرة".

وأضافت أن مساعدة سوريا تتطلب التزاما من قادتها باحترام القانون الدولي، مشيرة إلى أنه "مع خفض حكومات مساعداتها الخارجية تبقى المشاركة الدولية مع سوريا أمرا مهما"، محذرة من أن "سحب الاستثمارات من سوريا الآن سيكون خطأ".

في السياق ذاته، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إن "علينا أن نتيح للشعب السوري الوصول إلى النظام المصرفي"، موضحة أن الاتحاد الأوروبي "سيمضي قدما في خطة تخفيف العقوبات على سوريا".


وحول أحداث الساحل السوري التي وقعت مطلع شهر آذار /مارس الجاري، قالت كالاس إن الاتحاد الأوروبي "سيتابع عن كثب الإجراءات التي تتخذها السلطات السورية ضد مرتكبي العنف"، مشيرة إلى أن لديهم  مقاربة من 4 خطوات بشأن سوريا لكنها "تعتمد على جاهزية السلطات هناك".

ولفتت المسؤولة الأوروبية إلى أن هناك "أطرافا لا تريد نجاح عملية المصالحة في سوريا كتنظيم الدولة الإسلامية والموالين لنظام الأسد"، فضلا عن وجود "جهات خارجية تسعى لتأجيج الصراعات بين السوريين"، مشددة على أن "الأوان قد آن لأن يعيش جميع السوريين بأمن وسلام".

الشيباني يطالب رفع العقوبات
في المقابل، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن حكومة بلاده تطالب برفع العقوبات المفروضة عليها، ودعم إعادة إعمارها "لأن العقوبات الأحادية تزيد من معاناة الشعب".

وأضاف في كلمته خلال افتتاحية المؤتمر، إن "مؤتمر المانحين في بروكسل اليوم فيه تمثيل سوري حقيقي لأول مرة"، مؤكدا أن "الشعب السوري احتفل بالخلاص من نظام الأسد، لكن المعاناة لا تزال مستمرة بسبب هذا النظام".

وأشار الشيباني إلى أن دمشق تطالب برفع العقوبات المفروضة على سوريا خلال عهد النظام المخلوع، ودعم إعادة إعمارها "لأن العقوبات الأحادية تزيد من معاناة الشعب".

وشدد على أن "سبب هذه العقوبات هو نظام الإجرام البائد، وها قد زال، واستمرارها اليوم يعني أن الشعب السوري هو المعاقب، ولا بد من رفعها لأنها تمنع نهضة البلاد"، حسب وكالة الأناضول.

وثمن وزير الخارجية السوري الخطوات الإيجابية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تعليق بعض العقوبات في قطاعات حيوية، مثل الطاقة والنقل، بهدف دعم عملية الانتقال السياسي والتعافي الاقتصادي، مؤكدا أن "هذه الإجراءات لم تصل بعد لمستوى طموحات الشعب السوري المتحمس لإعادة عجلة الحياة سريعا".

ومنذ سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي، أكدت الحكومة السورية على لسان كبار مسؤوليها على ضرورة رفع العقوبات الغربية بالكامل لانتفاء السبب الذي فرضته من أجل، وهو نظام الأسد.

والأربعاء، أقر البرلمان الأوروبي مشروع قرار يتيح استخدام الأصول المجمدة لنظام بشار الأسد لدعم عملية الانتقال السياسي وإعادة الإعمار في سوريا.

وفي 24 شباط  /فبراير الماضي، أقدم الاتحاد الأوروبي على خطوة إيجابية، حيث قررت دول الاتحاد تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا.

وفي اجتماعهم في العاصمة البلجيكية بروكسل، قرر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي تعليق العقوبات التي تستهدف قطاعات مثل البنوك والطاقة والنقل في سوريا.

كما تمت إزالة أسماء بعض البنوك السورية مثل "بنك الصناعة"، و"بنك التسليف الشعبي"، و"بنك التوفير"، و"بنك التعاون الزراعي"، وأيضا "الخطوط الجوية السورية" من قائمة العقوبات، وتم السماح بتمويل البنك المركزي السوري، وفقا لوكالة الأناضول.

وتم اعتماد بعض الاستثناءات المتعلقة بحظر العلاقات المصرفية بين البنوك والمؤسسات المالية السورية مع البنوك الأوروبية، والسماح بإجراء بعض المعاملات المتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل لأغراض المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار.


وسُمح أيضا بتصدير بعض السلع الفاخرة للاستخدام الشخصي إلى سوريا، مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على المسؤولين في نظام الأسد المخلوع ممن تورطوا في استخدام الأسلحة الكيميائية وتجارة المخدرات غير القانونية وتجارة الأسلحة.

وأكد الاتحاد الأوروبي، أنه سيقيّم ما إذا كان من الممكن تعليق المزيد من العقوبات في المستقبل، وأنه سيراقب الوضع في سوريا عن كثب، وأنه إذا حدث تطور سلبي فإنه قد يعود لتطبيق العقوبات.

تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر المانحين في بروكسل الهادف إلى دعم سوريا، يجري تنظيمه من قبل الاتحاد الأوروبي منذ عام 2017.

وخلال مؤتمر "بروكسل 8" الذي عقد عام 2024، تعهد الدول المانحة بتقديم مساعدات مالية بقيمة 7.5 مليار يورو في انخفاض عن تعهدات عام 2023 بقيمة 2.1 مليار يورو، إذ بلغ حجم التعهدات في العام الأخير ما قدره 9.6 مليار يورو.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية بروكسل سوريا الشيباني الاتحاد الأوروبي سوريا الاتحاد الأوروبي بروكسل الشيباني المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العقوبات المفروضة الاتحاد الأوروبی الشعب السوری المفروضة على ملیار یورو نظام الأسد فی سوریا إلى أن

إقرأ أيضاً:

«الأغذية العالمي»: نواجه نقص تمويل في سوريا

أحمد شعبان (دمشق، القاهرة)

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة: 1.4 مليون سوري عادوا إلى ديارهم الجيش اللبناني يسيطر على مواقع عسكرية جنوب الليطاني

أعلن نائب المدير التنفيذي ومدير العمليات في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، كارل سكاو، أن البرنامج يعاني من نقص في التمويل بسوريا، ودعا المجتمع الدولي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على هذا البلد، والاستثمار في برامج تحقق تغييراً سريعاً لصالح الشعب السوري.
وأوضح سكاو على هامش مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي 2025 المنعقد جنوبي تركيا بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وممثلين عن منظمات دولية، أن البرنامج يعمل في أنحاء سوريا عبر 7 مكاتب إقليمية، ويهدف حالياً إلى توسيع عملياته في ظل المرحلة الانتقالية، مؤكداً أن التعاون مستمر مع السلطات المحلية، رغم المعاناة من نقص شديد في التمويل.
وذكر أن البرنامج يقدّم حالياً مساعدات لنحو 1.5 مليون شخص، ويسعى إلى دعم نظم الحماية الاجتماعية، وفتح المخابز، وإعادة تأهيل منظومة الأمن الغذائي الوطني في البلاد. وأردف: «نظهر نشاطاً مكثفاً في سوريا، وندعو المجتمع الدولي إلى تخفيف العقوبات، والاستثمار في برامج تحدث تغييراً سريعاً لصالح الشعب السوري».
كما أوضح أن برنامج الأغذية العالمي يعتمد على المساهمات الطوعية من الحكومات والقطاع الخاص والأفراد، لكنه يواجه في الأشهر الأخيرة تراجعاً في التمويل، وهو ما يؤثر سلباً على عملياته حول العالم.
وتواجه سوريا أزمة إنسانية حادة، تعتبرها المنظمات الأممية والدولية واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم، حيث تفاقمت بشكل كبير جراء تداعيات 14 عاماً من الصراع.
وأوضح رئيس مكتب المنظمات والشؤون الإنسانية في سوريا، شيخموس أحمد، أن سوريا تشهد أزمة إنسانية معقدة منذ العام 2011، وتفاقمت بشكل كبير بسبب عدم التوصل لحلول سياسية واقتصادية لبعض القضايا والأزمات التي تعاني منها البلاد.
وقال شيخموس، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الحكومة السورية الجديدة مطالبة بأن تشارك في الفعاليات السياسية والاجتماعية في مختلف مناطق سوريا، وأن تتجاوب مع مطالب وقرارات منظمات المجتمع الدولي، موضحاً أن هناك تحديات عديدة تواجه البلاد، منها دمار هائل للبنية التحتية، وعقوبات دولية مستمرة، ومطالب أوروبية وعربية وأميركية باتخاذ خطوات جادة لتنفيذ القرارات الدولية. وذكر شيخموس أن حل الأزمات التي تعاني منها سوريا يجب أن يكون سياسياً بالدرجة الأولى، ومن خلال مشاركة شرائح المجتمع السوري كافة، إضافة إلى ضرورة التجاوب مع مطالب المجتمع الدولي حتى يتم رفع العقوبات.
ومن جهته، أوضح الخبير الاقتصادي السوري، محمد حفيد، أن الأزمة الإنسانية في سوريا لها أبعاد كثيرة ومتعددة، ولا يمكن الفصل بين الحلول السياسية والأمنية والاقتصادية. وذكر حفيد، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن الوضع الإنساني الراهن في سوريا يواجه تحديات معقدة، في ظل صعوبات اقتصادية، ونقص حاد في الدواء والغذاء والطاقة، وانخفاض التمويل الدولي، فضلاً عن التحديات الناجمة عن التغير المناخي، خاصة الجفاف وضعف الموارد المائية، ما أدى لانخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية المهمة.
وشدد على أن سوريا بحاجة لاتخاذ خطوات عاجلة على المدى القريب لمواجهة الأزمة الإنسانية، منها ضخ تمويلات مالية عاجلة ومباشرة عن طريق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لدعم القطاع الصحي والاقتصاد الوطني، والعمل على زيادة فرص العمل، والبدء في إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات، ورفع العقوبات على قطاعات الزراعة والطاقة والأدوية، إضافة لتطوير المؤسسات الحكومية، ومحاربة الفساد، والتوزيع العادل للموارد الوطنية، وإجراء الانتخابات العامة.

مقالات مشابهة

  • «الأغذية العالمي»: نواجه نقص تمويل في سوريا
  • ساكس: أوباما كان وراء حرب سوريا.. وأمريكا سبب الفوضى بالشرق الأوسط
  • السلطات السورية تضبط نحو 4 ملايين حبة كبتاغون داخل مستودع في اللاذقية
  • الشرع يشدد على تمسك سوريا بالحوار لحل النزاعات وتعزيز الاستقرار
  • رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا: الحكومة السورية الجديدة تريد الخير لمواطنيها ونحن مستعدون للتعاون معها 
  • المبعوث الأممي إلى سوريا يطالب بإلغاء العقوبات المفروضة على دمشق
  • البنك المركزي السوري يحجز على ممتلكات أحد أذرع النظام المخلوع
  • الدفاع التركية تؤكد ضرورة وقف إسرائيل هجماتها الاستفزازية على الأراضي السورية
  • هل تسهم التشكيلة الوزارية الجديدة في رفع العقوبات عن سوريا؟
  • تصاعدت هجماته.. تقرير أمريكي يحذّر من نمو تنظيم الدولة بسرعة في سوريا