تزايدت حالات تعثر إنجاز وإتمام بعض المشاريع الحكومية خلال العشر سنوات الماضية، مما أوجد ظاهرة جديدة في بنية الأعمال، وهي توقف المشاريع الحكومية التي كان يُراد لها أن تكون إضافة ذات قيمة على البنية الأساسية التي انطلقت مع نهضة سلطنة عُمان في عام 1970م.
عناصر متعددة أدت إلى بروز هذه الظاهرة، وللأسف لا تزال مستمرة وتتكرر، وتمثل عبئًا ماليًا على الحكومة.
تنبع أهمية وجود جهة ذات اختصاص ومرجعية واحدة للمشاريع الحكومية من كونها توفر الكثير من الضمانات، لعل أبرزها ضمان اكتمال المشروع، والالتزام بالوقت في التنفيذ، وتوفر العناصر ذات الاختصاص الفني في الإنشاءات، والاستفادة من الخبرة التراكمية لها في تحليل العروض والجوانب الفنية والإسناد والتوصيات بأفضل الشركات المتقدمة، ليس فقط من حيث عروض الأسعار، بل من جوانب سجل الالتزام والجودة.
هناك عوامل مؤثرة تجعل المشروع يتوقف عند مرحلة ما، منها أنه يتم إسناد بعض المشاريع إلى شركات من القطاع الخاص يكون المشروع أكبر من حجم إمكانياتها المالية والفنية، ولا تستطيع أن تكمل مراحله. نعم، قد تكون نجحت هذه الشركة في مشروع سابق أصغر حجمًا وأقل ميزانية مالية، لكن ذلك لا يعني أنها ستنجح في مشاريع أخرى.
أيضًا، اختيار بعض الشركات التي ليست لديها الخبرة الكافية من أجل إتاحة الفرصة لها ليس خيارًا جيدًا، فقد نفذت مشاريع لم يكن تنفيذها بالمستوى الفني والجودة المطلوبة.
لا تعني أقل أسعار العروض في تنفيذ مشاريع تدعم البنية الأساسية في الدولة والتي ستبقى لعشرات السنوات القادمة أنها الخيار الأنسب. فتجربة بعض الشركات التي توقفت مشاريعها لأكثر من 10 سنوات تكلف ميزانية الحكومة مبالغ إضافية بسبب هذا الاختيار. فالطرق لها شركات متخصصة بجودة عالمية، ومد شبكات المياه والصرف الصحي والاتصالات ومجاري الأمطار وبناء السدود وتشييد الجسور لها أيضًا شركات متخصصة في كل مجالها، مما يعطي نتائج إيجابية. وبالتالي، فإن وتيرة العمل تسير بشكل صحيح.
أيضًا، من العوامل التي تؤثر في توقف العمل في مثل هذه المشاريع عدم توفر السيولة المالية لدى هذه الشركات في حالة تأخر استلام الدفعات المالية من الحكومة، خاصة خلال الفترة من 2018 إلى 2022 أثناء الحالة الاقتصادية وتراجع العائدات النفطية وحالة كورونا، مما أدى إلى تعثر الاستمرار في مراحل الإنجاز.
أضف إلى بعض الإجراءات التي تستحدث خلال تنفيذ المشاريع، كالتأخر في الحصول على الأعداد الكافية من العمالة الوافدة وعدم قدرة الشركة المعنية على توظيف العدد المطلوب من المواطنين فيها.
سوق الإنشاءات والمشاريع في الدولة يحتاج إلى التجديد ودعم الشركات من القطاع الخاص، لإيجاد حالة حراك في التدوير المالي، وتعظيم دور هذه الشركات وإبراز وجوه جديدة في هذا السوق، إلا أن كل هذا لن يتحقق إن لم تكن هناك إرادة مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص لدعم الشركات الناشئة بشكل تدريجي في هذا المجال ورعايتها وتوفير سبل نجاحها، ليس فقط على المستوى المحلي، بل نحتاج إلى شركات من القطاع الخاص تعمل خارج حدود الدولة، ليكون الخيار أمامها أكثر تنوعًا ولإظهار أيضًا قدرات هذا القطاع في التفوق وتوفير فرص العمل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: القطاع الخاص
إقرأ أيضاً:
وزير "الاقتصاد" وأمين عام "المناقصات" يتفقدان المشاريع الإنمائية في الداخلية
نزوى- ناصر العبري
استقبل سعادة الشيخ هلال بن سعيد الحجري محافظ الداخلية، معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد وسعادة المهندس بدر بن سالم المعمري الأمين العام لمجلس المناقصات، خلال زيارة ميدانية تهدف إلى الاطلاع على سير العمل في المشاريع التنموية والاستثمارية بالمحافظة.
وتأتي الزيارة في إطار جهود وزارة الاقتصاد لتعزيز التنمية الاقتصادية في مختلف محافظات سلطنة عُمان ودعم تحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040" في مجالات التنمية المستدامة. وشملت الزيارة الاطلاع على مجموعة من المشاريع في المحافظة، منها مشروع ميدان الداخلية "بوليفارد الداخلية"، ومشروع محطة النقل العام التكاملية بالإضافة الى مشروع حديقة نزوى العامة، ومشروع تطوير مدخل الولاية. وتخللت الزيارة نقاشات ميدانية حول سبل تذليل التحديات التي تواجه تنفيذ المشاريع. وأكد سعادة الشيخ هلال بن سعيد الحجري أن الزيارة تأتي في إطار الجهود المستمرة للوقوف على سير العمل في المشاريع الإنمائية بالمحافظة، وذلك ضمن الخطة الخمسية الجارية وبرنامج تنمية المحافظات، بهدف تعزيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء سلطنة عُمان. وأشار سعادته إلى أن الزيارة تهدف إلى التعرف على متطلبات المشاريع الإنمائية ذات الأولوية، من خلال مناقشة المشاريع التي تستفيد من الميزات النسبية والتنافسية التي تتمتع بها محافظة الداخلية. وأوضح أن المحافظة تمتلك موارد طبيعية وثقافية غنية، مما يتطلب استغلالها بشكل فعال لتحفيز النمو الاقتصادي وتلبية احتياجات المجتمع المحلي.
وأكد سعادته أهمية دعم جهود المحافظة في مجالات التنمية المحلية، بما يتماشى مع الخطط والبرامج الوطنية، وأهمها رؤية "عُمان 2040" والبرامج الاستراتيجية للخطة الخمسية العاشرة. ولفت إلى أن الانخراط في هذه الرؤية يتطلب استراتيجيات متكاملة تشمل التعليم، الصحة، السياحة، والزراعة، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.
وأكد سعادة الشيخ هلال الحجري أهمية تكامل الأدوار بين محافظة الداخلية ووزارة الاقتصاد والأمانة العامة لمجلس المناقصات وكافة الجهات المعنية؛ حيث إن التعاون بين هذه الأطراف يُمثِّل ركيزة أساسية لتعزيز فعالية المشاريع الإنمائية. وأوضح أن هذا التعاون يمكّن الجهات المعنية من تنفيذ المشاريع بكفاءة وفق آلية تضمن تحقيق أعلى مؤشرات الأداء والتنافسية. وأضاف سعادته أن المحافظة تتمتع ببيئة خصبة للاستثمار، وتسعى إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية من خلال توفير بيئة عمل ملائمة، مؤكدًا أهمية تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لتطوير مشاريع مبتكرة ومستدامة تستهدف تحسين البنية الأساسية وتوفير فرص العمل.
وأكد سعادته حرص المحافظة على تعزيز التنمية المستدامة، داعيًا جميع الجهات المعنية للعمل بروح الفريق الواحد لتحقيق الأهداف التنموية المنشودة؛ بما يسهم في بناء مستقبل أفضل للمحافظة ولسلطنة عُمان بشكل عام.
وتخلَّلت الزيارة تقديم عدة عروض مرئية؛ حيث استعرض سعيد بن راشد القتبي مدير عام القطاعات الاجتماعية بوزارة الاقتصاد، الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية لمحافظة الداخلية، مشيرًا إلى المزايا النسبية للمحافظة وأبرز المشاريع الاستراتيجية مثل "واجهة الجبل الأخضر"، إضافة إلى المشاريع التراثية والسياحية التي تساهم في تحفيز الاستثمار في مجالات السياحة البيئية والاقتصاد المعرفي. وأكد القتبي أهمية تعزيز اللامركزية وتطوير دور المجالس البلدية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية المحلية؛ بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040".
وبيّن القتبي أن محافظة الداخلية تتمتع بمزايا عديدة تؤهلها لأن تكون مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا واعدًا؛ حيث ارتفع عدد زوار القلاع والحصون بنسبة 15.5%، من 270217 زائرًا في عام 2022 إلى 312243 زائرًا في عام 2023؛ مما يعكس تعافي القطاع بعد تأثيرات جائحة كورونا، كما جرى تنفيذ 68 مشروعًا خلال الفترة من 2021 إلى 2023، بقيمة إجمالية تجاوزت 18.68 مليون ريال عُماني، إضافة إلى27 مشروعا تقدمت بها المحافظة كقائمة لعام 2024.
من جانب آخر، قدَّمت الأمانة العامة لمجلس المناقصات عرضًا مفصلًا حول آلية إدارة المشاريع التنموية والبرنامج المالي المرتبط بها، إضافة إلى دور المجلس في دعم المشاريع المحلية وتعزيز المحتوى المحلي. كما قدم المختصون في محافظة الداخلية عرضًا تفصيليًا حول المشاريع التنموية المندرجة ضمن برنامج تنمية المحافظات وموقفها التنفيذي، مع تصنيف المصروفات حسب نوع المشروع، مؤكدين أن المحافظة ماضية في تنفيذ مشاريعها التنموية بخطى ثابتة.